03-27-2010, 03:55 AM | #1 |
|
لو سمحت لا تنصحنـــــــــــــي!!
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد ،
: : ذاتَ صباح مِن عُمري قبل سنين .. كُنت أتمشّى معها ، .. نَصحتها و قرّعتها على خطئ ٍ ما - لا أذكره الآن - فصفعتني - ليس بيدها ! - وإنما بِلسانها عندما قالت لي - ثائرة ً - : " ما بدي إياكِ تنصحيني ! بتحسسيني إنو أنا فاسقة أو كافرة " ثمَّ ولّت ذاهبة .. وتركتني وحدي في مُنتصف الساحة ! ... رغم أن هذه الحادثة كانت قبل عدّة سنوات ! لكنّ كلمات زميلتي تلك لازالت تتردد عليّ بين حين وحين .. تصفعني لتُفيقني قبل أن أُعيد الكرّة مرّة أخرى ~ .. يومها ، والأيام التي بعدها عَرفُتُ أن ثمَّة خَلل في طَريقةِ نُصحي ! وبدأت مَشروعَ إصلاحٍ وحِساب .. وأدركت أنه " ما هكذا تورد الإبل " : [ زاوية أولى ] / [ لنتجنب مواقف كتلك في حياتنا .. ولِتكون النصيحة فاعِلة ] انتقيت لكم أموراً لا بد أن نعيها : 1 { لا تُبادِر إلى النصح حتى تتثبت مما قيل . يقول الله عزّ وجل : " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم " 2 { قدِّر طبيعة النفس البشرية ! يقول الله - عزّ وجل - : " و خُلق الإنسان ضعيفاً " قال الشافعي : ما أحد من المسلمين يطيع الله ولا يعصيه ، ولا أحد يعصي الله ولا يطيعه ، فمن كانت طاعته أغلب من معاصيه فهو عدل . إذاً .. فحريٌ بنا أن نُقدِّر أن البشر الذين ننصحهم ليسوا معصومين من الخطأ ، وأننا مثلهم نُخطئ ، ولِكلٍ منا هفواته و زلاته ، لذا فلنترفق . 3 { إذا احتمل الكلام وجهين فانتقِ أحسنهما ! ومثال ذلك : قالت بنت عبد الله بن مطيع لزوجها طلحة بن عبد الرحمن بن عوف – وكان أجود قريش في زمانه - : ما رأيت قوماً ألأم من إخوانك ! قال لها : مه ! ولم ذلك ؟ ، قالت : أراهم إذا أيسرت لزموك ، وإذا أعسرت تركوك ، فقال لها : هذا والله من كرم أخلاقهم ، يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم ، ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقِّهم . فانظروا إلى حاله ، فرُغم أنَّ الأمر ظاهره القبح والغدر ، أخذه طلحة على أحسن المحامل واعتبره كرم أخلاق ! 4 { احذر أن تحكم على الخطأ من و جهة نظرك فقط ! بل انظر إليه من وجهة نظر صاحبه ، وافهم رأيه ، فقد يكون مجتهداً فيما اعتقد من رأي ، متحرياً الخير ، فلا تسارع بالإنكار إذا كان لصاحبك وجه حق . فمن شروط النهي عن المنكر : أن لا يكون محلّ اجتهاد واختلاف بين العلماء ، وأرى أنه من جميل النصح أن تُبيِّن الأمر لمن تنصحه ، حتى ولو كان مختلفاً عليه ، فتريه الآراء ، وبذاك تكون قد أقمت عليه الحجة و أبرأت ذمتك و أعلمته . 5 { بعد سابِق الخطوات .. قدِّم النصيحة .. ولا تفضح ! واقتدِّ بالنبي – صلى الله عليه وسلّم – فقد كان يقول : " ما بال أقوام يفعلون كذا " فيعرف المُخطئ ذنبه .. ويبقى في سترٍ ! وإيّاك أن تشهِّر بالعيب بين الناس ، ولكن .. إن نصحت فلم يرعوي ، فلا بأس أن تنبه الناس لئلا يتبعوه .. مرّة أخرى : احذر [ لا تُشهِّر ] فالتشهير يؤدي للبغضاء ، ويُصعِّب على المخطئ تصحيح خطأه .. وتمثَّل في ذلك قول الله – عزّ وجل - : " فإن عَصوكَ فقل إنّي بريء مما تعملون " بريء مم ؟ بريءٌ مما تعملون ! لم يتبرأ منهم ، وإنما من عملهم .. : [ زاوية ثانية ] : / [ تكبير الصورة ! ] لقد اختلّت موازين النصح عِند الناس .. فعادت النصيحة تشهيراً .. وحُوِّلت المُداراة إلى تملّق ! النصيحة .. نعرفها .. والتشهير فضيحة .. فما المداراة ؟ المدارة نستخدمها حين لا تُجدي النصيحة ، أو حين ينشأ عنها ما هو أكبر ضرراً وفساداً .. فنلجأ للصمت إلى أن يستقيم الحال أو تواتي الفرصة لتقديم النصح وهذا تعقلٌ وحكمة . و التملق ما يكون ؟ هي أن تنقلب مُشجِّعاً على الشر ، متظاهراً لمن يعمله بالتأييد وهذه خسَّة وجبن ! فحاذِر .. أن تُحوِّل نصيحتك إلى تشهير بِالمُخطئ ! وحاذِر .. أن تتحوّل مُداراتُكَ إلى تملُّق ! : : [ زاوية ثالثة ] / [ تحذير ! .. ] يقول الله – عزّ وجل - : " لُعنِ الذين كفروا من بيني إسرائل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر ٍ فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " وفي قَولِه - تعالى - " : كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه " .. مسألتان : الأولى : قوله تعالى : " كانوا لا يتناهون " أي : لا ينهى بعضهم بعضا . " لبئس ما كانوا يفعلون " : ذم لتركهم النهي . ويُذمُّ من يفعل فعلهم مِن الناس . عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل أول ما يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض . ثم قال : " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون " إلى قوله : " فاسقون " ثم قال - صلى الله عليه وسلّم - : كلا والله لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يدي الظالم ، ولتأطرنه على الحق ، ولتقصرنه على الحق قصراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض وليلعننكم كما لعنهم . [ خرجه الترمذي وأبو داود ] ومعنى لتأطرنه : لتردنه . الثانية : قال ابن عطية : والإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمن أطاقه وأمن الضرر على نفسه وعلى المسلمين ; فإن خاف فينكر بقلبه ويهجر ذا المنكر ولا يخالطه . وقال حذاق أهل العلم : وليس من شرط الناهي أن يكون سليماً عن معصية بل ينهى العصاة بعضهم بعضاً ، وقال بعض الأصوليين : فرض على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضاً . واستدلوا بهذه الآية ; قالوا : لأن قوله : كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي . وفي الآية دليل على النهي عن مجالسة المجرمين وأمر بتركهم وهجرانهم ، وأكد ذلك بقوله في الإنكار على اليهود : " ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا " . : : [ زاوية رابعة ] .. / [ شرطٌ مهم ] هناك شرطٌ مهم في النصيحة : ألا تؤدي لشرٍ أكبر منها ! ( كـ إيقاع فتنة ، أو إيغار الصدور ، أو ازدياد المعصية ، أو تفرقة الجماعة ! ) وتمثّل في ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم – لعائشة – رضي الله عنها – : " لولا أن قومك حديثو عهد بالإسلام لبنيت الكعبة على قواعد إسماعيل ، ولجعلت لها بابين باباً يدخل منه الناس ، وباباً منه يخرجون " ===> إذاً .. فدرء المفاسد مُقدّم على جلب المصالح ! فـ ( ادع إلى ربِّك بالحكمة والموعظة الحسنة ) : : [ زاوية أخيرة .. همسة في آذان المُتميِّزين ] كان عمر – رضي الله عنه – يوماً مع أصحابه ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين اتق الله ، فقال بعض الحاضرين لذلك الرجل : أتقول لأمير المؤمنين ذلك ؟ فقال عمر : دعوه فليقلها .. لا خير فيكم إذا لم تقولوها ، ولا خير فينا إذا لم نقبلها ! نعم .. المتميز من ينتقي منفعته من ناصحه ولو تأذى منه ، و لو كانَ أسلوبه على غيرِ ما يُحب ، و لو لم يُراعِه ولم يُقدِّر أحواله ! لا تثر .. بل تقبّل كلام ناصحك واشكره ، وانظر لنفسِك ، فإن كان رأيه صادقاً وكُنتَ على خطأ ، فخذ بنصيحته ، واحمد الله أن رزقك من يدلّك .. وإن كان قد ظلمك ، فأحسن ظنك فيه - حرصه عليك - ، وسامحه ، وحاذِر أن تتهجّم عليه ، و من ثمّ بلطف أخبره بما لديك - إن كنت تريد - } كُن رفيقاً على كُلّ أحوالك .. رفيقاً في نُصحكَ ! رفيقاً في تقبّل نصيحةَ ناصحك .. ] : فِي هذه الحياة .. الناسُ صنوف ! إنها تُشبه سوقاً كبيراً .. فيه مِن كُلِّ نوعٍ وحالٍ وخُلق .. فَتَجد المُتملِّق المُنافق ، وتَجد فيها الناصح الصادق .. ويَبقى عليكَ أن تَختار .. ! فَحاذِر .. وانظر مَن حولك ؟ حفظكم ربي .. } منقوووول للفائدة |
هناك اناس رسموا في قلوبنا وسام لايتغير بتغير الاحوال فهو ثابت ثبوت الجبال ومهما هبت العواصف والرياح فهو راسخ لايتغير ولايتبدل بتبدل الزمان فهى كالعقيدة الراسخة في النفوس والجذور المتشعبة في الاعماق |
03-27-2010, 01:42 PM | #2 |
|
رد: لو سمحت لا تنصحنـــــــــــــي!!
منتهى الرقه
لك كل الشكر على الموضوع الرائع والجميل ومن ابداع الى ابداع وبارك الله في جهودك |
|
03-27-2010, 07:39 PM | #3 |
|
رد: لو سمحت لا تنصحنـــــــــــــي!!
اسيرالصمت
اشكرك على التواجد الدائم بمواضيعي الف شكر ,,, |
هناك اناس رسموا في قلوبنا وسام لايتغير بتغير الاحوال فهو ثابت ثبوت الجبال ومهما هبت العواصف والرياح فهو راسخ لايتغير ولايتبدل بتبدل الزمان فهى كالعقيدة الراسخة في النفوس والجذور المتشعبة في الاعماق |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|