![]() |
لو سمحت لا تنصحنـــــــــــــي!!
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد ،
: : ذاتَ صباح مِن عُمري قبل سنين .. كُنت أتمشّى معها ، .. نَصحتها و قرّعتها على خطئ ٍ ما - لا أذكره الآن - فصفعتني - ليس بيدها ! - وإنما بِلسانها عندما قالت لي - ثائرة ً - : " ما بدي إياكِ تنصحيني ! بتحسسيني إنو أنا فاسقة أو كافرة " ثمَّ ولّت ذاهبة .. وتركتني وحدي في مُنتصف الساحة ! ... رغم أن هذه الحادثة كانت قبل عدّة سنوات ! لكنّ كلمات زميلتي تلك لازالت تتردد عليّ بين حين وحين .. تصفعني لتُفيقني قبل أن أُعيد الكرّة مرّة أخرى ~ .. يومها ، والأيام التي بعدها عَرفُتُ أن ثمَّة خَلل في طَريقةِ نُصحي ! وبدأت مَشروعَ إصلاحٍ وحِساب .. وأدركت أنه " ما هكذا تورد الإبل " : [ زاوية أولى ] / [ لنتجنب مواقف كتلك في حياتنا .. ولِتكون النصيحة فاعِلة ] انتقيت لكم أموراً لا بد أن نعيها : 1 { لا تُبادِر إلى النصح حتى تتثبت مما قيل . يقول الله عزّ وجل : " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم " 2 { قدِّر طبيعة النفس البشرية ! يقول الله - عزّ وجل - : " و خُلق الإنسان ضعيفاً " قال الشافعي : ما أحد من المسلمين يطيع الله ولا يعصيه ، ولا أحد يعصي الله ولا يطيعه ، فمن كانت طاعته أغلب من معاصيه فهو عدل . إذاً .. فحريٌ بنا أن نُقدِّر أن البشر الذين ننصحهم ليسوا معصومين من الخطأ ، وأننا مثلهم نُخطئ ، ولِكلٍ منا هفواته و زلاته ، لذا فلنترفق . 3 { إذا احتمل الكلام وجهين فانتقِ أحسنهما ! ومثال ذلك : قالت بنت عبد الله بن مطيع لزوجها طلحة بن عبد الرحمن بن عوف – وكان أجود قريش في زمانه - : ما رأيت قوماً ألأم من إخوانك ! قال لها : مه ! ولم ذلك ؟ ، قالت : أراهم إذا أيسرت لزموك ، وإذا أعسرت تركوك ، فقال لها : هذا والله من كرم أخلاقهم ، يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم ، ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقِّهم . فانظروا إلى حاله ، فرُغم أنَّ الأمر ظاهره القبح والغدر ، أخذه طلحة على أحسن المحامل واعتبره كرم أخلاق ! 4 { احذر أن تحكم على الخطأ من و جهة نظرك فقط ! بل انظر إليه من وجهة نظر صاحبه ، وافهم رأيه ، فقد يكون مجتهداً فيما اعتقد من رأي ، متحرياً الخير ، فلا تسارع بالإنكار إذا كان لصاحبك وجه حق . فمن شروط النهي عن المنكر : أن لا يكون محلّ اجتهاد واختلاف بين العلماء ، وأرى أنه من جميل النصح أن تُبيِّن الأمر لمن تنصحه ، حتى ولو كان مختلفاً عليه ، فتريه الآراء ، وبذاك تكون قد أقمت عليه الحجة و أبرأت ذمتك و أعلمته . 5 { بعد سابِق الخطوات .. قدِّم النصيحة .. ولا تفضح ! واقتدِّ بالنبي – صلى الله عليه وسلّم – فقد كان يقول : " ما بال أقوام يفعلون كذا " فيعرف المُخطئ ذنبه .. ويبقى في سترٍ ! وإيّاك أن تشهِّر بالعيب بين الناس ، ولكن .. إن نصحت فلم يرعوي ، فلا بأس أن تنبه الناس لئلا يتبعوه .. مرّة أخرى : احذر [ لا تُشهِّر ] فالتشهير يؤدي للبغضاء ، ويُصعِّب على المخطئ تصحيح خطأه .. وتمثَّل في ذلك قول الله – عزّ وجل - : " فإن عَصوكَ فقل إنّي بريء مما تعملون " بريء مم ؟ بريءٌ مما تعملون ! لم يتبرأ منهم ، وإنما من عملهم .. : [ زاوية ثانية ] : / [ تكبير الصورة ! ] لقد اختلّت موازين النصح عِند الناس .. فعادت النصيحة تشهيراً .. وحُوِّلت المُداراة إلى تملّق ! النصيحة .. نعرفها .. والتشهير فضيحة .. فما المداراة ؟ المدارة نستخدمها حين لا تُجدي النصيحة ، أو حين ينشأ عنها ما هو أكبر ضرراً وفساداً .. فنلجأ للصمت إلى أن يستقيم الحال أو تواتي الفرصة لتقديم النصح وهذا تعقلٌ وحكمة . و التملق ما يكون ؟ هي أن تنقلب مُشجِّعاً على الشر ، متظاهراً لمن يعمله بالتأييد وهذه خسَّة وجبن ! فحاذِر .. أن تُحوِّل نصيحتك إلى تشهير بِالمُخطئ ! وحاذِر .. أن تتحوّل مُداراتُكَ إلى تملُّق ! : : [ زاوية ثالثة ] / [ تحذير ! .. ] يقول الله – عزّ وجل - : " لُعنِ الذين كفروا من بيني إسرائل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر ٍ فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " وفي قَولِه - تعالى - " : كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه " .. مسألتان : الأولى : قوله تعالى : " كانوا لا يتناهون " أي : لا ينهى بعضهم بعضا . " لبئس ما كانوا يفعلون " : ذم لتركهم النهي . ويُذمُّ من يفعل فعلهم مِن الناس . عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل أول ما يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض . ثم قال : " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون " إلى قوله : " فاسقون " ثم قال - صلى الله عليه وسلّم - : كلا والله لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يدي الظالم ، ولتأطرنه على الحق ، ولتقصرنه على الحق قصراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض وليلعننكم كما لعنهم . [ خرجه الترمذي وأبو داود ] ومعنى لتأطرنه : لتردنه . الثانية : قال ابن عطية : والإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمن أطاقه وأمن الضرر على نفسه وعلى المسلمين ; فإن خاف فينكر بقلبه ويهجر ذا المنكر ولا يخالطه . وقال حذاق أهل العلم : وليس من شرط الناهي أن يكون سليماً عن معصية بل ينهى العصاة بعضهم بعضاً ، وقال بعض الأصوليين : فرض على الذين يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضاً . واستدلوا بهذه الآية ; قالوا : لأن قوله : كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمهم على ترك التناهي . وفي الآية دليل على النهي عن مجالسة المجرمين وأمر بتركهم وهجرانهم ، وأكد ذلك بقوله في الإنكار على اليهود : " ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا " . : : [ زاوية رابعة ] .. / [ شرطٌ مهم ] هناك شرطٌ مهم في النصيحة : ألا تؤدي لشرٍ أكبر منها ! ( كـ إيقاع فتنة ، أو إيغار الصدور ، أو ازدياد المعصية ، أو تفرقة الجماعة ! ) وتمثّل في ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم – لعائشة – رضي الله عنها – : " لولا أن قومك حديثو عهد بالإسلام لبنيت الكعبة على قواعد إسماعيل ، ولجعلت لها بابين باباً يدخل منه الناس ، وباباً منه يخرجون " ===> إذاً .. فدرء المفاسد مُقدّم على جلب المصالح ! فـ ( ادع إلى ربِّك بالحكمة والموعظة الحسنة ) : : [ زاوية أخيرة .. همسة في آذان المُتميِّزين ] كان عمر – رضي الله عنه – يوماً مع أصحابه ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين اتق الله ، فقال بعض الحاضرين لذلك الرجل : أتقول لأمير المؤمنين ذلك ؟ فقال عمر : دعوه فليقلها .. لا خير فيكم إذا لم تقولوها ، ولا خير فينا إذا لم نقبلها ! نعم .. المتميز من ينتقي منفعته من ناصحه ولو تأذى منه ، و لو كانَ أسلوبه على غيرِ ما يُحب ، و لو لم يُراعِه ولم يُقدِّر أحواله ! لا تثر .. بل تقبّل كلام ناصحك واشكره ، وانظر لنفسِك ، فإن كان رأيه صادقاً وكُنتَ على خطأ ، فخذ بنصيحته ، واحمد الله أن رزقك من يدلّك .. وإن كان قد ظلمك ، فأحسن ظنك فيه - حرصه عليك - ، وسامحه ، وحاذِر أن تتهجّم عليه ، و من ثمّ بلطف أخبره بما لديك - إن كنت تريد - } كُن رفيقاً على كُلّ أحوالك .. رفيقاً في نُصحكَ ! رفيقاً في تقبّل نصيحةَ ناصحك .. ] : فِي هذه الحياة .. الناسُ صنوف ! إنها تُشبه سوقاً كبيراً .. فيه مِن كُلِّ نوعٍ وحالٍ وخُلق .. فَتَجد المُتملِّق المُنافق ، وتَجد فيها الناصح الصادق .. ويَبقى عليكَ أن تَختار .. ! فَحاذِر .. وانظر مَن حولك ؟ حفظكم ربي .. } منقوووول للفائدة |
رد: لو سمحت لا تنصحنـــــــــــــي!!
منتهى الرقه
لك كل الشكر على الموضوع الرائع والجميل ومن ابداع الى ابداع وبارك الله في جهودك |
رد: لو سمحت لا تنصحنـــــــــــــي!!
اسيرالصمت
اشكرك على التواجد الدائم بمواضيعي الف شكر ,,, |
الساعة الآن 07:53 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
SEO by vBSEO
sh22r.com