02-10-2011, 08:08 AM | #1 |
|
عقبة بن نافع
عقبة بن نافع
كان والده من المسلمين الأوائل الذين جاهدوا في سبيل الله، فلم يكن غريبًا أن يشب (عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري) وحب الجهاد يجري في عروقه، وتمنى أن يكون أحد أبطال مكة وفرسانها،تعلم المبارزة، وتدرب مع الشباب المسلم على حمل السلاح، وازدادعقبة حبًّا واشتياقًا للجهاد من سماعه لقصص البطولة التي قامبها المسلمون أثناء حروبهم ضد أعداء الإسلام، حكاها له ابن خالته عمرو بن العاصولما بلغ عقبة مبلغ الشباب أصبح يجيد المبارزة وكل فنون الحربوالقتال، منتظرًا اللحظة المواتية ليدافع عن دين الله، وجاءت الفرصة عندما أسند الخليفة العادلعمر بن الخطاب فتح بعض بلاد الشام إلى عمرو بن العاص، وجعل عمروعقبة بن نافع في مقدمة الجيش وهو لم يبلغ بعد سن العشرين،وكان عقبة عند حسن ظن عمرو بن العاص، فقد أظهر مقدرة بطوليةعلى اختراق صفوف الأعداء، ونجح نجاحًا كبيرًا في أول امتحان له في الجهاد في سبيل الله. وفي أثناء فتح عمرو بن العاص لمصر أظهر عقبة تفوقًا ملحوظًا،واستطاع بمهارته الحربية أن يساعد عمرو بن العاص في هزيمةالروم، وكان كل يوم يمر على عقبة يزداد حبًّا للجهاد في سبيلالله، وشغفًا بنشر دين الإسلام في كل بقاع الأرض؛ حتى ينعمالناس بالأمن والعدل والرخاء، وظل عقبة بن نافع جنديًّا فيصفوف المجاهدين دون تميز عن بقية الجنود، على الرغم من براعته في القتال وشجاعته التي ليس لها حدود في مقاتلة أعدائه، إلى أنكلفه عمرو بن العاص ذات يوم أن يتولى قيادة مجموعة محدودة منالجنود يسير بهم لفتح فزان (مجموعة الواحات الواقعة في الصحراءالكبرى شمال إفريقياوانطلق عقبة إلى (فزان) وكله أمل ورجاء في النصر على أعدائه،وعندما وصل عقبة إليها دارت معارك عنيفة بين البربر والمسلمين أظهر فيها عقبة شجاعة نادرة حتى فرَّ البربر من أمامه ورفعواراية الاستسلام، وأراد عمرو بن العاص فتح إفريقيةكلها، لكنه كان في حاجة إلى عدد كبير من الجنود، فبعث إلى الخليفةعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستأذنه في فتحها، لكن الخليفةعمر -رضي الله عنه- كان من رأيه الانتظار عدة سنوات حتى يرسخ المسلمون في مصر وتثبت إمارتهم ويزداد جيش المسلمين ويقوى عدةًوعتادًا. انتقل عقبة -رضي الله عنه- إلى برقة (منطقة في ليبيا) بأمر من عمرو بن العاص رضي الله عنه ؛ لِيُعَلِّمَ المسلمين فيها أموردينهم، وينشر الإسلام في هذه المنطقة، ومكث -رضي الله عنه- مخلصًا في نشر نور الإسلام،وتدعيم شعائره في نفوس الذين أقبلوا على تعلم لغة القرآن .. فأسلم على يديه كثير منهم، وأحبوه حتى استطاع عقبة أن يكتسب خبرة واسعة بكل أحوال البربر. وتمر الأيام والسنون وعقبة يواصل جهاده في سبيل الله، حتى كانتسنة (40هـ) وهي السنة التي تولي فيها معاوية بن أبي سفيانالخلافة، وعاد عمرو بن العاص واليًا على مصر، وحين أراد عمروبن العاص أن يستكمل الفتوحات الإسلامية التي كان قد بدأها فيبرقة رأى أن خير من يقوم بهذه الفتوحات عقبة بن نافع؛ لإقامته بين البربر لسنوات عديدة، فأصبح من أكثر الناس معرفة بحياةالبربر وعاداتهم وتقاليدهم. وبدأ عقبة الجهاد في سبيل الله، ونشر الإسلام بين قبائل البربر، وكانت برقة آنذاك قد تغيرت معالمها بعد أن اعتنق أهلهاالدين الإسلامي، وانتشرت المساجد في كل مكان فيها، وظل عقبةواليًا على برقة يدعو إلى الإسلام إلى أن جاءته رسالة من الخليفة يخبره فيها بأنه قد اختاره لفتح إفريقية وأن جيشًاكبيرًا في الطريق إليه، ووصلالجيش الذي أرسله الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وكان يبلغ عددهعشرة آلافجندي، وكان في انتظاره جيش آخر من البربر الذين أسلموافحسن إسلامهم. انطلق عقبة بجيشه المكون من العرب والبربر يفتتح البلاد،ويقاتل القبائل التي ارتدت عن الإسلام دون أن يقتل شيخًاكبيرًا، ولا طفلاً، ولا امرأة، بل كان يعاملهممعاملة طيبة، حسب تعاليم الإسلام في الحروب، واستطاع عقبة أنيستولي على منطقة (ودان) وبعدها قام بالسيطرة على (فزان) ثماتجه ناحية مدينة (خاوار) التي كانت تقع على قمة جبل شديدالارتفاع، فكان من الصعب على الجيشأن يتسلقه، فوصل عقبة إلى أسوار المدينة، ولكن أهلها دخلواحصونهم فحاصرها حصارًا شديدًا. وهنا تظهر عبقرية عقبة الحربية، فحين علم أن دخول المدينة أمرصعب، تراجع بجيشه مبتعدًا عن المدينة، حتى ظن أهلها أن جيشالمسلمين قد انسحب، ففتحوا أبواب مدينتهم آمنين، ولم يكن تراجع عقبة إلا حيلة من حيله الحربية، فقد علم أن هناك طريقًا آخرللوصول إلى هذه المدينة فسار عقبة فيه، ولكنه فوجيء بأن هذاالطريق لم يسلكه أحد من قبل وليس فيه عشب ولا ماء، وكاد جيش عقبة يموت عطشًا، فاتجه إلى الله يسأله ويدعوه أن يخرجه من هذاالمأزق الخطير. فما كاد ينتهي من دعائه حتى رأى فرسه يضرب الأرض برجليه بحثًاعن الماء من شدة العطش، وحدث ما لم يكن في الحسبان، فقد استجاب الله دعاء عقبة وانفجر الماء من تحت أقدام الفرس، وكبَّر عقبةُومعه المسلمون، وأخذوا يشربون من هذا الماء العذب، ولما شربالجيش وارتوى؛ أمر عقبة جنوده بأن يحفروا سبعين حفرة في هذاالمكان علَّهم يجدون ماء عذبًا، وتحققت قدرة الله وأخذ الماءيتفجر من كل حفرة يحفرها المسلمون، ولما سمع البربر المقيمون بالقرب من هذه المنطقة بقصة الماء أقبلوا من كل جهة يشاهدون ماحدث، واعتنق عدد كبير منهم الإسلام. وانطلق عقبة ومعه جنوده إلى مدينة (خاوار) ودخلوها ليلاً، ولماعاد عقبة فكر في بناء مدينة يعسكر فيها المسلمون، فاختارمكانًا كثيف الأشجار يسمي (قمونية) جيد التربة، نقي الهواء ليبني فيه مدينته التي أسماها فيما بعد (القيروان) فقال لأصحابه: انزلوا بسم الله. وانشغل عقبة ببناء مدينة القيروان عن الفتح الإسلامي، وطلب (مسلمة بن مخلد الأنصاري) وكان واليًا على مصر والمغرب من الخليفة معاوية بن أبي سفيان عزل عقبة وتعيين (أبي المهاجر بن دينار) وبالفعل تمَّ عزله، وفي عهد الخليفة يزيد بن معاوية عاد عقبة إلى قيادة الجيش في إفريقية وأقام عقبة عدةأيام في القيروان يعيد تنظيم الجيش حتى أصبح على أتم الاستعدادللغزو والفتح، ثم انطلق إلى مدينة الزابوهي المدينة التي يطلق عليها الآن اسم قسطنطينة بالجزائريسكنها الروموالبربر، والتحم الجيشان، وأظهر عقبة في هذه المعركة شجاعةنادرة، فكان يحصد رءوس أعدائه حصدًا، أما الجنود المسلمون فقداستبسلوا في القتال حتى تم لهم النصر بإذن الله تعالى، واستراح عقبة بن نافع وجيشه أيامًا قليلة، ثم أمر الجيش بالانطلاق إلى (طنجة) في المغرب الأقصى فدخلوها دون قتال، حيث خرج ملكها (يليان) لاستقبال جيش المسلمين وأكرمهم ووافق على كل مطالبهم. وظل عقبة يجاهد في سبيل الله يتنقل من غزو إلى غزو ومن فتح إلىفتح حتى وصل إلى شاطئ المحيط الأطلنطي، فنزل بفرسه إلى الماء،وتطلع إلى السماء وقال: يا رب .. لولا هذا المحيط لمضيت في البلاد مدافعًا عن دينك،ومقاتلاً من كفر بك وعَبَدَ غيرك.. وظن القائد البطل عقبة بن نافع أن البربر مالوا إلى الاستسلاموأنهم ليس لديهم استعداد للحرب مرة أخرى، فسبقه جيشه إلى القيروان، وبقي هو مع ثلاثمائة مقاتل في مدينة طنجة ليتم فتح عدد من الحاميات الرومية، ولما علم بعض أعداء الإسلام منالبربر أن عقبة ليس معه إلا عدد قليل من رجاله، وجدوا الفرصةملائمة للهجوم عليه، وكان على رأس هؤلاء البربر (الكاهنة) ملكةجبال أوراس (سلسلة جبال بالجزائر) وفوجئ البطل عقبة بن نافع عند بلدة (تهودة) بآلاف الجنود من البربر يهجمون عليه فاندفع بفرسه متقدمًا جنوده يضرب الأعداء بسيفه، متمنيًا الشهادة فيسبيل الله، حتى أحاط البربر به وجنوده من كل جانب، فاستشهدواجميعًا، واستشهد معهم (عقبة بن نافع) فرحمه الله رحمة واسعة،جزاء ما قدم للإسلام والمسلمين. وكان استشهاد عقبة في مدينة تهودة سنة 64هـ (من أرض الزاب) بعدأن خاض كثيرًا من المعارك، وذاق حلاوة النصر، ورفع رايةالإسلام، ويُعَد استشهاد عقبة هزيمة عسكرية لكنه كان نصرًارائعًا للإيمان، وتناقلت الألسن ملحمة عقبة بن نافع الفارس المؤمن الذي حمل رسالة دينه إلى أقصى المعمورة، وأبى إلا أن يستشهد بعد أن حمل راية دينه فوق الثمانية آلاف كيلو متر منقول |
التعديل الأخير تم بواسطة عاشق الجنوب ; 02-10-2011 الساعة 10:07 PM
|
02-10-2011, 09:49 PM | #4 |
|
رد: عقبة بن نافع
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|