09-23-2011, 05:21 PM | #1 |
|
وأين مكوكبها ؟
بسم الله الرحمن الرحيم مراقبةُ الله حال الخلوة أعظم ، ولذا قال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) ولهم المغفرة ( إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَوَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ) ولهؤلاء أُزلِفت الجنات : ( وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ) وعلى النقيض من ذلك من انتهكوا محارم الله وهتكوها قال عليه الصلاة والسلام : لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاً ،فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا. قال ثوبان : يا رسول الله صفهم لنا ، جلِّهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم . قال : أما إنهم إخوانكم ، ومن جلدتكم ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها. رواه ابن ماجه . فالتعبير بـ " إذا " يدلّ على الكثرة والاستمرار ، وأن هذا هو شأنهم وديدنهم مع محارم الله فجعلوا الله أهون الناظرين إليهم . ولفظ " إذا " يدلّ على الكثرة كما في صفة المنافق : إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان . وهذا كحال المنافقين الذين قال الله عزوجل عنهم : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَيَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ) قال رجل لوهب بن الورد : عظني فقال له : اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك . وكان بعض السلف يقول : أتراك ترحم من لم يقرّ عينيه بمعصيتك حتى علم أن لا عين تراه غيرُك . وقال بعضهم : ابن آدم إن كنت حيث ركبت المعصية لم تَصْفُ لك من عينٍ ناظرةٍ إليك ، فلما خلوت بالله وحده صفت لك معصيته ، ولم تستحي منه حياءكمن بعض خلقه ، ما أنت إلا أحدُ رجلين : إن كنت ظننت أنه لا يراك فقد كفرت . وإن كنت علمت أنه يراك فلم يمنعك منه ما منعك من أضعف خلقه لقد اجترأت عليه . وكان بعض السلف يقول لأصحابه : زهدنا الله وإياكم في الحرام زهد من قدر عليه في الخلوة ، فَعَلِمَ أن الله يراه فتركه من خشيته . وقال الشافعي : أعزالأشياء ثلاثة : الجود من قلة ، والورع في خلوة ، وكلمة الحق عند من يُرجى أو يخاف . وكتب ابن السماك الواعظ إلى أخ لـه : أما بعد أوصيك بتقوى الله الذي هو نجيّك في سريرتك ورقيبك ، فاجعل الله من بالك على كل حال في ليلك ونهارك ، وخف الله بقدرقربه منك وقدرته عليك ، واعلم أنك بعينه ليس تخرج من سلطانه إلى سلطان غيره ، ولامن ملكه إلى ملك غيره ، فليعظم منه حذرك وليكثر منه وجلك ، والسلام . وكان ابن السماك ينشد : يا مدمن الذنب أما تستحي = والله في الخلوة ثانيكا غـرّك من ربك إمهالُـه = وستره طولَ مساويكا ومراقبة الله عز وجل حال الخلوة أعظم وفي قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار ... فقال أحدهم : اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إليّ ، فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ، ففعلت ، حتى إذا قدرت عليها قالت : لا أُحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه ،فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحب الناس إليّ وتركت الذهب الذي أعطيتها . اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها ... الحديث . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية لمسلم : فلما وقعت بين رجليها قالت : يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه ، فقمت عنها ، فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة ، ففُرِج لهم . فلما ذكرته بالله تذكّر وانتفض وتذكّر أن الله مطّلع عليه ناظر إليه . ودخل رجل غيضة فقال : لو خلوت ها هنا بمعصية من كان يراني ؟ فسمع صوتا ملأ ما بين لابتي الغيضة ( أَلا يَعْلَمُ مَنْخَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )؟ ولقي رجل أعرابية فأرادها على نفسها فأبت ، وقالت : أي ثكلتك أمك أمالك زاجر من كرم ؟ أمالك ناه من دين ؟ قال : والله لا يرانا إلا الكواكب ! قالت : ها بأبي أنت ! وأين مكوكبها ؟ . رواه البيهقي في الشعب . قال محمد بن إسحاق : نزل السَّرِيُّ بن دينار في درب بمصر وكانت فيه امرأة جميلة فتنت الناس بجمالها ، فعلمت به المرأة ، فقالت : لأفتننه ؛ فلما دخلت من باب الدار تكشفت وأظهرت نفسها ، فقال : مَالَكِ ؟! فقالت : هل لك في فراش وطي ، وعيش رخي ، فأقبل عليها وهو يقول : وكم ذي معاص نال منهن لذة = ومات فخلاّها وذاق الدواهيا تصرمُ لذّات المعاصي وتنقضي = وتبقى تِباعاتُ المعاصي كما هيا فيا سوءتا والله راءٍ وسامع = لعبدٍ بعين الله يغشى المعاصيـا كان لسليمان بن عبد الملك مؤذّن يؤذنه في قصره بأوقات الصلاة ، فجاءته جارية له مولّدة فقالت : يا أميرالمؤمنين إن فلاناً المؤذن إذا مررت به لم يُقلع ببصره عني ، وكان سليمان أشد الناس غيرة ، فهمّ أن يأمر بالمؤذّن ، ثم قال : تزيني وتطيبي وامضي إليه فقولي له : إنه لم يخفَ عني نظرك إليّ ، وبقلبي منك أكثر مما بقلبك مني ، فإن تكن لك حاجة فقد أمكنك مني ما تُريد ، وهذا أمير المؤمنين غافل ، فإن لم تُبادر لم أرجع إليك أبدا . فمضت إلى المؤذن وقالت له ما قال لها فرفع طرفه إلى السماء وقال : يا جليل أين سترك الجميل ؟ ثم قال : اذهبي ولا ترجعي ، فعسى أن يكون الملتقى بين يدي مَن لا يخيّب الظنّ . فرجعت إلى سليمان وأخبرته الخبر فأرسل إليه ، فلما دخل على سليمان قال له الحاجب : إن أمير المؤمنين رأى أن يهب لك فلانة ، ويحمل إليك معها خمسين ألف درهم تنفقها عليها . قال : هيهات يا أمير المؤمنين ! إني والله ذبحت طمعي منها من أول لحظة رأيتها ، وجعلتها ذخيرة لي عند الله ، وأنا أستحيي أن أسترجع شيئا ادّخرته عنده . فجهد به سليمان أن يأخذ المال والجارية فلم يفعل ، فكان يعجب منه ، ولا يزال يُحدّث أصحابه بحديثه . يقول أبو محمد عبد الله بن محمدالأندلسي القحطاني في نونيته : وإذا خلوت بريبة في ظلمة = والنفس داعية إلى الطغيانِ فاستحي من نظر الإله وقل لها : = إن الذي خلق الظلام يراني قال ثعلب النحوي : كنت أحب أن أرى أحمد بن حنبل ، فدخلت عليه ، فقال لي : فيم تنظر ؟ فقلت : في النحو والعربية والشعر ، فأنشدني أحمد بن حنبل رحمة الله تعالى عليه : إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل = خلوت ولكن قل عليّ رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة = ولا أنما يخفى عليه يغيب عن قيس بن عباد قال : صلى عمار بن ياسر بالقوم صلاة أخفها ، فكأنهم أنكروها ، فقال : ألم أتم الركوع والسجود؟ قالوا : بلى . قال : أمَـا إني دعوت فيها بدعاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به : اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ،وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي ، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وكلمة الحق في الرضا والغضب ، وأسألك نعيما لا ينفد ، وقرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضاء بالقضاء، وبرد العيش بعد الموت ، ولذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقائك ، وأعوذ بك من ضراء مضرة ، وفتنة مضلة . اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين . رواه الإمام أحمد وغيره . فاللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة .كتبه عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
|
09-23-2011, 07:53 PM | #2 |
|
رد: وأين مكوكبها ؟
أبومااااجد
دررْ " إمتعتناا بجمآال عبيرهآا بوركت |
<IFRAME height=250 src="http://im20.gulfup.com/2012-05-23/1337728630772.swf" width=600 quality="high" loop="false" menu="false" TYPE="application/x-shockwave-flash" AllowScriptAccess="never" nojava="true"></IFRAME>
|
09-27-2011, 01:08 PM | #6 |
|
رد: وأين مكوكبها ؟
بارك الله فيك على طرح هذا الموضوع
المفيد والقيم بوركت جهودك وجعل ذلك في موازين حسناتك سلمت الأيادي على هذه الطرح الراقي تقبل أعطر وأرق التحايا |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|