12-06-2012, 09:49 AM | #3631 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم ذاكرا:
كان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس ذكرا لربه، حياته كلها ذكر لمولاه، فدعوته ذكر وخطبه ذكر ومواعظه ذكر وعبادته ذكر وفتاويه ذكر، وليله ونهاره وسفره وإقامته بل أنفاسه كلها ذكر لمولاه عز وجل، فقلبه معلق بربه، تنام عينه ولا ينام قلبه، بل النظر اليه يذكّر الناس بربّهم، وكل مراسيم حياته ومناسباته وذكر لخالقه جلّ في علاه. وكان صلى الله عليه وسلم يحث الناس على ذكر ربهم، فيقول:"سبق المفردون: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات" أخرجه مسلم 2676 عن أبي هريرة رضي الله عنه، ويقول:" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحيّ والميت" أخرجه البخاري 6407 ومسلم 779 عن أبي موسى رضي الله عنه. ويقول:" لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله" أخرجه أحمد [ 17227، 17245] والترمذي 3375 وابن ماجه 3793 انظر المشكاة 2279. وأخبر أن أفضل الناس أكثرهم ذكرا لربه، وروى عن ربّه عز وجل قوله:" أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت شفتاه" أخرجه البخاري معلقا في كتاب التوحيد، باب قول الله { لاتحرك به لسانك}، وأحمد[10585، 10592] زابن ماجه3792 عن أبي هريرة رضي الله عنه. ويقول:" من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" أخرجه البخاري 7405 ومسلم 2675 عن أبي هريرة رضي الله عنه. وله عليه الصلاة والسلام عشرات الأحاديث الصحيحة التي تحث على الذكر وترغّب فيه، والتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير والحوقلة والاستغفار والصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. وكان يذكّر الناس بأجر الذكر وما يترتب على ذلك من ثواب، وذكر الأعداد في ذلك مع ذكر المناسبات، وعمل اليوم والليلة، فهو صلى الله عليه وسلم الذاكر الشاكر الصابر، وهو الذي ذكّر الأمة بربها وعلمها تعظيمه وتسبيحه، وبيّن لها فوائد الذكر ومنافعه. فهو أسعد الناس بذكر ربه، وأهنؤهم عيشا بهذه النعمة، وأصلحهم حالا بهذا الفضل، فكان له أوراد من الأذكار مع حضور قلب وخشوع وخضوع وهيبة وخوف ومحبة ورجاء وطمع في فضل ربه |
|
12-06-2012, 09:51 AM | #3632 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم داعيا:
يقول تعالى:{ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} غافر 60، ويقول:{ وَإِذَا سَأَلَكَعِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} البقرة 186، ويقول صلى الله عليه وسلم:" الدعاء هو العبادة" أخرجه أحمد [ 17888، 17919] وأبو داود 1479 والترمذي [ 2969، 3247] عن النعمان بن بشير وصححه. ويقول:"من لم يسأل الله يغضب عليه" أخرجه البخاري في الأدب المفرد 658 والترمذي 3373 عن أبي هريرة رضي الله عنه وصححه. وكان عليه الصلاة والسلام لاهجا بدعاء ربه في كل حالاته، قد فوّض أمره لمولاه، وأكثر الإلحاح على خالقه يناشده رحمته وعفوه، ويطلب برّه وكرمه، وكان يختار جوامع الدعاء الكامل الشامل كقوله:" اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" أخرجه البخاري [ 4522، 6389] ومسلم 2688 عن انس رضي الله عنه. وقوله:" اللهم إني أسألك العفو والعافية" أخرجه أحمد 4770 وأبو داود 5074 وابن ماجه 3871 والحاكم 1902 عن ابن عمر رضي الله عنهما وصححه. وكان يكرر الدعاء ثلاثا، ويبدأ بالثناء على ربه، وكان يستقبل القبلة عند دعائه، وربما توضأ قبل الدعاء، وكان يعلم الأمة أدب الدعاء، كالبداية بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله، ودعاء الله بأسمائه الحسنى، والإلحاح في الدعاء، وتوخّي أوقات الإجابة كأدبار الصلوات، وبين الأذان والإقامة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، ويوم عرفة، وفي حالة السجود والصوم والسفر، ودعوة الوالد لولده، وكان عليه الصلاة والسلام وقت الأزمات يلحّ على ربه ويناشده، ويكرر السؤال مع تمام الذلّ والخوف والحب وحسن الظن، وتمام الرجاء، كما فعل يوم بدر ويوم الخندق ويوم عرفة. وكان الله يجيب دعوته ويلبّي طلبه، كما حصل له على المنبر يوم استسقى فنزل الغيث مباشرة، ويوم شق له القمر، وبارك له في الطعام والمال، ونصره في حروبه، ورفع دينه وأيّد حزبه وخذل أعداءه، وكبت خصومه، حتى حقق الله له مقاصده وأكرم مثواه وجعل له العاقبة صلى الله عليه وسلم |
|
12-06-2012, 09:53 AM | #3633 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم طموحا:
ولدت همته عليه الصلاة والسلام معه يوم ولد، فمنذ طفولته زنفسه مهاجرة الى معالي الأمور ومكارم الخلق، لا يرضى بالدون ولا يهوى السفاسف، بل هو الطموح والسبّاق المتفرّد والمبرز المحظوظ، ولقد ذكر أهل السير أنه عليه الصلاة والسلام وهو طفل كان لجده عبدالمطلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه إلا هو لمنزلته، فجاء محمد صلى الله عليه وسلم فنازع الخدم حتى جلس عليه، وأبى أن يجلس دونه. وكان فيه قبل النبوة من سمات الريادة والزعامة والقيادة ما جعل قريش يسمونه الصادق الأمين، ويرضون حكمه ويعودون اليه في أمورهم. فلما منّ الله عليه بالبعثة تاقت نفسه إلى الوسيلة، وهي أعلى درجة في الجنة، فسأل الله إياها، وعلّمنا ان نسألها له من ربه، بلغ سدرة المنتهى، وحاز الكمال البشري المطلق، والفضيلة الإنسانية. ومن علوّ همّته رفضه للدنيا وعدم الوقوف مع مطالبها الزهيدة لولاياتها ومناصبها وقصورها ودورها. |
|
12-06-2012, 09:54 AM | #3634 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن { يا أيها النبي حسبك الله} حسبك الله فهو ناصرك على كل عدو، ومظهرك على كل خصم، ومؤيدك في كل أمر، ويعطيك إذا سألت، ويغفر لك إذا استغفرت، ويزيدك إذا شكرت، ويذكرك إذا ذكرت، وينصرك إذا حاربت، ويوفّقك إذا حكمت. حسبك الله فيمنحك العز بلا عشيرة، والغنى بلا مال، والحفظ بلا حرس، فأنت المظفّر لأن الله حسبك! وأنت المنصور لأن الله حسبك، وأنت الموفق لأن الله حسبك، فلا تخف من عين حاسد ولا من كيد كائد، ولا من مكر ماكر، ولا من خبث كافر، ولا من حيلة فاجر لأن الله حسبك. وإذا سمعت صولة الباطل، ودعاية الشرك، وجلبة الخصوم، ووعيد اليهود، وتربّص المنافقين، وشماتة الحاسدين، فاثبت لأن حسبك الله. إذا ولّى الزمان، وجفا الإخوان، وأعرض القريب، وشمت العدو، وضعفت النفس، وأبطأ الفرج، فاثبت لأن حسبك الله. إذا داهمتك المصائب، ونازلتك الخطوب، وحفّت بك النكبات، وأحاطت بك الكوارث، فاثبت لأن حسبك الله، لا تلتفت الى أحد من الناس، ولا تدع أحدا من اليشر، ولا تتجه لكائن من كان غير الله.. لأن حسبك الله. إذا ألمّ بك مرض، وأرهقك دين، وحلّ بك فقر، أوعرضت لك حاجة، فلا تحزن لأن حسبك الله. إذا أبطأ النصر، وتأخر الفتح، واشتد الكرب، وثقل الحمل، وادلهمّ الخطب، فلا تحزن لأن حسبك الله، أنت محظوظ لأنك بأعيننا، وأنت محروس لأنك خليلنا، وأنت في رعايتنا لأنك رسولنا، وأنت في حمايتنا لأنك عبدنا المجتبى ونبيّنا المصطفى |
|
12-06-2012, 09:56 AM | #3635 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
{لا تحزن إن الله معنا} لا نُغلب، لا نُهزم، لا نضل، لا نضيع، لا نيأس، لا نقنط، لأن الله معنا، النصر حليفنا، الفرج رفيقنا، الفتح صاحبنا، الفوز غايتنا، الفلاح نهايتنا لأن الله معنا. من أقوى منا قلبا، من أهدى منا نهجا، من أجلّ من مبدأ، من أحسن منا سيرة، من أرفع مان قدرا؟! لأن الله معنا. ما أضعف عدوّنا، ما أذلّ خصمنا، ما أحقر من حاربنا، ما أجبن من قاتلنا، لأن الله معنا. لن نقصد بشرا، لن نلتجئ الى عبد، لن ندعو إنسانا، لن نخاف مخلوقا، لأن الله معنا. نحن أقوى عدة وأمضى سلاحا، وأثبت جنانا وأقوم نهجا، لأن الله معنا. نحن الأكثرون الأكرمون الأعلون الأعزّون المنصورون، لأن الله معنا. يا أبا بكر اهجر همّك، وأزح غمّك، واطرد حزنك، وأزل يأسك، لأن الله معنا. يا أبا بكر ارفع رأسك، وهدئ من روعك، وأرح قلبك، لأن الله معنا. يا أبا بكر أبشر بالفوز، وانتظر النصر، وترقّب الفتح، لأن الله معنا. غدا سوف تعلو رسالتنا وتظهر دعوتنا وتسمع كلمتنا، لأن الله معنا. غدا سوف نُسمع أهل الأرض روعة الأذان وكلام الرحمن ونغمة القرآن، لأن الله معنا. غدا سوف نخرج الإنسانية ونحرر البشرية من عبودية الأوثان، لأن الله معنا. |
|
12-06-2012, 09:57 AM | #3636 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
{وإنك لعلى خلق عظيم} والله إنّك جمّ الحياء، حيّ العاطفة، جميل السيرة، طاهر السريرة. والله إنك قمة الفضائل، ومنبع الجود، ومطلع الخير، وغاية الإحسان. وإنك لعلى خلق عظيم.. يظلمونك فتصبر، يؤذونك فتغفر، يشتمونك فتحلك، يسبّونك فتعفو، يجفونك فتصفح. { وَإِنَّكَ لَعَلىخُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} القلم.. يحبّك الملك والمملوك، والصغير والكبير، والرجل والمرأة، والغني والفقير، والقريب والبعيد، لأنك ملكت القلوب بعطفك، وأسرت الأرواح بفضلك، وطوّقت الأعناق بكرمك. {وَإِنَّكَ لَعَلىخُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} ..هذبّك الوحي، وعلمك جبريل، وهداك ربك، وصاحبتك العناية، ورافقتك الرعاية، وحالفك التوفيق. {وَإِنَّكَ لَعَلىخُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} .. البسمة على محياك، البِِشر على طلعتك، النور على جبينك، الحب في قلبك، الجود في يدك، البركة فيك، الفوز معك. من زار بابك لم تبرح جوارحه تروي احاديث ما أوليت من منن فالعين عن قرّة والكف عن صلة والقلب عن جابر والسمع عن حسن {وَإِنَّكَ لَعَلىخُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} .. لا تكذب ولو أن السيف على رأسك، ولا تخون ولو حزت الدنيا، ولا تغدر ولو أعطيت الملك، لأنبي نبيّ معصوم، وإمام قدوة، وأسوة حسنة. { وَإِنَّكَ لَعَلىخُلُقٍ عَظِيمٍ (4)}.. صادق ولو قابلتك المنايا، وشجاع ولو قاتلت الأسود، وجواد ولو سئلت كل ما تملك، فأنت المثال الراقي والرمز السامي. {وَإِنَّكَ لَعَلىخُلُقٍ عَظِيمٍ (4)}.. سبقت العالم ديانة وأمانة وصيانة ورزانة، وتفوقت على الكل علما وحلما وكرما ونبلا وشجاعة وتضحية. |
|
12-06-2012, 09:59 AM | #3637 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
{ما أنت بنعمة ربك بمجنون} {مَا أَنتَبِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)} القلم.. وكيف يكون ذلك وأنت أكملهم عقلا، وأتمّهم رشدا، وأسدهم رأيا، وأعظمهم حكمة، واجلذهم بصيرة! وكيف تكون مجنونا وأنت أتيت بوحي يكشف الزيغ، ويزيل الضلال، وينسف الباطل، ويمحو الجهل، ويهدي العقل، وينير الطريق. لست مجنونا أنك على هدى من الله، وعلى نور من ربك، وعلى ثقة من منهجك، وعلى بيّنة من دينك، وعلى رشد من دعوتك، صانك الله من الجنون، بل عندك كل العقل وأكمل الرشد وأتم الرأي وأحسن البصيرة، فأنت الذي يهتدي بك العقلاء، ويستضيء بحكمتك الحكماء، ويقتدي بك الراشدون المهديّون. كذب وافترى من وصفك بالجنون وقد ملأت الأرض حكمة والدنيا رشدا والعالم عدلا، فأين يوجد الرشد إلا عندك؟ وأين تكون الحكمة إلا لديم؟ وأين تحلّ البركة إلا معك؟ أنت أعقل العقلاء، وأفضل النبلاء، وأجلّ الحكماء. كيف يكون محمد مجنونا وقد قدّم للبشرية أحسن تراث على وجه الأرض، وأهدى للعالم أجلّ تركة عرفها الناس، وأعطى الكون أبرك رسالة عرفها العقلاء: |
|
12-06-2012, 10:00 AM | #3638 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
{ وإنك لتهدي الى صراط مستقيم} أنت يا محمد مهمّتك الهداية، ووظيفتك الدلالة، وعملك الإصلاح.. أنت تهدي الى صراط مستقيم، لأنك تزيل الشبهات وتطرد الغواية وتذهب الضلالة، وتمحو الباطل وتشيد الحق والعدل والخير. أنت تهدي الى صراد مستقيم، فمن أراد السعادة فليتبعك، ومن أحبّ الفلاح فليقتد بك، ومن رغب في النجاة فليهتد بهداك. أحسن صلاة صلاتك، وأتمّ صيام صيامك، وأكمل حجّ حجك، وأزكى صدقة صدقتك، وأعظم ذكرك لربك. وأنت تهدي الى صراط مستقيم.. من ركب سفينة هدايتك نجا، من دخل دار دعوتك أمن، من تمسّك بحبل رسالتك سلم. فمن تبعك ما ذلّ، وما ضلّ وزلّ وما قل، وكيف يذلّ والنصر معك؟ وكيف يضل وكل الهداية لديك؟ وكيف يزل والرشد كله عندك؟ وكيف يقلّ والله مؤيدك وناصرك وحافظك؟ وإنك لتهدي الى صراط مستقيم لأنك وافقت الفطرة وجئت بحنيفية سمحة، وشريعة غرّاء، وملة كاملة، ودين تام. هديت العقل من الزيغ، وطهّرت القلب من الريبة، وغسلت الضمير من الخيانة، وأخرجت الأمة من الظلام، وحرّرت البشر من الطاغوت. وإنك لتهدي الى صراط مستقيم، فكلامك هدى، وحالك هدى، وفعلك هدى، و مذهبك هدى، فأنت الهادي الى الله، الدال على طريق الخير، المرشد لكل برّ، الداعي الى الجنة |
|
12-06-2012, 10:10 AM | #3639 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
{ يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك} بلّغ ما أنزل إليك فهي أمانة في عنقك سوف تُسأل عنها، فبلغها بنصّها وروحها ومضمونها. بلّغ ما أنزل إليك من الوحي العظيم والهدى المستقيم والشريعة المطهّرة، فأنت مبلّغ فحسب، لا تزد في الرسالة حرفا، ولا تضف من عندك على المتن، لا تُدخل شيئا في المضمون، لأنك مرسل فحسب، مبعوث ليس إلا، مكلف ببلاغ، مسؤول عن مهمة. فمثلما سمعت بلغ، ومثلما حُمّلت فأدّ. بلّغ ما أنزل إليك، عرف من عرف، وأنكر من أنكر، استجاب من استجاب وأعرض من أعرض، أقبل من أقبل وأدبرمن أدبر. بلغ ما أنزل إليك، بلّغ الكل وادع الجميع، وانصح الكافة، الكبراء والمستضعفين، السادة والعبيد، والإنس والجن، الرجال والنساء، الأغنياء والفقراء، الكبار والصغار. بلّغ ما أنزل إليك.. فلا ترهب الأعداء ولا تخف الخصوم، ولا تخش الكفار، ولا يهولك سيف مصلت، أو رمح مشرع، أو منية كالحة، أو موت عابس، أو جيش مدجج، أو حركة حامية. بلّغ ما أنزل إليك فلا يغريك مال، ولا يعجبك منصب، ولا يزدهيك جاه، ولا تغرّك دنيا، ولا يخدعك متاع، ولا يردّك تحرّج. وشبّ طفل الهدى المحبوب متّشحا بالخير متّزرا بالنور والنار في كفّه شعلة تهدي وفي دمه عقيدة تتحدّى كلّ جبّار وفي ملامحه وعد وفي يده عزائم صاغها من قدرة الباري { وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته}: إذا لم تؤد الرسالة كاملة فكأنك ما فعلت شيئا، وإن لم توصلها تامّة فكأنك ما قمت بها حق القيام، ولو كتمت منها مقالة أو عطلت منها نصا أو أهملت منها عبارة فما بلّغت رسالة الله وما أدّيت أمانة الله، نريد منك أن تبلّغ رسالتنا للناس كما أُلقيت عليك، وكما نزل بها جبريل وكما وعاها قلبك. { وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته}: إذا لم تؤد الرسالة كاملة فكأنك ما فعلت شيئا، وإن لم توصلها تامّة فكأنك ما قمت بها حق القيام، ولو كتمت منها مقالة أو عطلت منها نصا أو أهملت منها عبارة فما بلّغت رسالة الله وما أدّيت أمانة الله، نريد منك أن تبلّغ رسالتنا للناس كما أُلقيت عليك، وكما نزل بها جبريل وكما وعاها قلبك. {والله يعصمك من الناس}: بلغ الرسالة كاملة ولا تخف أحدا، وكيف تخاف من أحد ونحن معك نحفظك ونمنعك ونحميك ونذبّ عنك؟! لن يقتلك أحد لأن الله يعصمك من الناس، ولن يطفئ نورك أحد لأن الله يعصمك من الناس، ولن يعطّل مسيرتك أحد لأن الله يعصمك من الناس، اصدع بما تؤمر، وقل كلمتك صريحة شجاعة قوية لأن الله يعصمك من الناس. اشرح دعوتك، وابسط رسالتك، وارفع صوتك، وأعلن منهجك، وما عليك لأن الله يعصمك من الناس. كل قوة في الأرض لن تستطيع لك، كلّ جبروت في الدنيا لا يهزمك، كل طاغية في المعمورة لن يقهرك، لأن الله يعصمك من الناس. ظنّوا الحمام وظنّوا العنكبوت على خير البريّة لم ينسج ولم يحم عناية الله أغنت عن مضاعفه من الروع وعن عالٍ من الأطم |
|
12-06-2012, 10:13 AM | #3640 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
{ألم نشرح لك صدرك} أما شرحنا لك صدرك فصار وسيعا فسيحا لا ضيق فيه، ولا حرج ولا همّ ولا غمّ ولا حزن، بل ملأناه لك نورا وسرورا وحبورا. أما شرحنا لك صدرك وملأناه حكمة ورحمة وإيمانا وبرا وإحسانا. وشرحنا لك صدرك فوسعت أخلاق الناس، وعفوت عن تقصيرهم، وصفحت عن أخطائهم، وسترت عيوبهم، وحلمت على سفيههم، وأعرضت عن جاهلهم، ورحمت ضعيفهم. شرحنا لك صدرك فكنت كالغيث جوادا، وكالبحر كرما، وكالنسيم لطفا، تعطي السائل، وتمنح الراغب، وتكرم القاصد، وتجود على المؤمّل. شرحنا لك صدرك فصار بردا وسلاما يطفئ الكلمة الجافية، ويبرد العبارة الجارحة، فإذا العفو والحلم والصفح والغفران. شرحنا لك صدرك فصبرت على جفاء الأعراب، ونيل السفهاء، وعجرفة الجبابرة، وتطاول التافهين، وإعراض المتكبرين، ومقت الحسدة، وسهام الشامتين، وتجهّم القرابة. شرحنا لك صدرك فكنت بسّاما في الأزمات، ضحّاكا في الملمّات، مسرورا وأنت في عين العاصفة، مطمئنا وأنت في جفن الردى، تداهمك المصائب وأنت ساكن، وتلتفّ بك الحوادث وأنت ثابت، لأنك مشروح الصدر، عامر الفؤاد، حيّ النفس. شرحنا لك صدرك فلم تكن فظا قاسيا غليظا جافيا، بل كنت رحمة وسلاما وبرا وحنانا ولطفا، فالحلم يُطلب منك، والجود يُتعلّم من سيرتك، والعفو يؤخذ من ديوانك. {ووضعنا عنك وزرك}: حططنا عنك خطاياك وغسلناك من آثار الذنوب. فأنت مغفور لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وأنت الآن نقيّ طاهر من كل ذنب وخطيئة، ذنبك مغفور، وسعيك مشكور، وعملك مبرور، وأنت في كل شأن من شؤونك مأجور، فهنيئا لك هذا الغفران، وطوبى لك هذا الفوز، وقرة عين لك هذا الفلاح. {الذي أنقض ظهرك}: أثقل هذا الوزر كاهلك، وأضنى ظهرك حتى كاد ينقضه ويوهنه، فالآن أذهبنا هذا الثقل وأزلنا هذه التبعة، وأعفيناك من هذا الخطب، وأرحناك من هذا الحمل، فاسعد بهذه البشرى، وتقبّل هذا العطاء، وافرح بهذا التفضّل. {ورفعنا لك ذكرك}: لا أُذكر إلا تذكر معي، يقرن ذكرك بذكري في الأذان والصلاة والخطب والمواعظ، فهل تريد شرفا فوق هذا؟ يذكرك كل مصلّ وكل مسبّح وكل حاجّ وكل خطيب، فهل تطلب مجدا أعلى من هذا؟ أنت مذكور في التوراة والإنجيل، منوّه باسمك في الصحف الأولى والدواوين السابقة، اسمك يشاد به في النوادي، ويُتلى في الحواضر والبوادي، ويُمدح في المحافل، ويُكرر في المجامع. رفعنا لك ذكرك فسار في الأرض مسير الشمس، وعبر القارات عبور الريح، وسافر في الدنيا سفر الضوء، فكل مدينة تدري بك، وكل بلد يسمع بك، وكل قرية تسأل عنك. رفعنا لك ذكرك فصرت حديث الرّّكب، وقصة السّمر، وخبر المجالس، وقضية القضايا، والنبأ العظيم في الحياة. رفعنا لك ذكرك فما نُسي مع الأيام، وما مُحي مع الأعوام، وما شُطب مع قائمة الخلود، وما نُسخ من ديوان التاريخ، وما أغفل من دفتر الوجود، نُسي الناس إلا أنت، وسقطت الأسماء إلا اسمك، وأغفل العظماء إلا ذاتك، فمن ارتفع ذكره من العباد عندنا فبسبب اتّباعك، ومن حُفظ اسمه فبسبب الاقتداء بك. ذهبت آثار الدول وبقيت آثارك، ومُحيت مآثر السلاطين وبقيت مآثرك، وزالت أمجاد الملوك وخلّد مجدك، فليس في البشر أشرح منك صدرا، ولا أرفع منك ذكرا، ولا أعظم منك قدرا، ولا أحسن منك أثرا، ولا أجمل منك سيرا. إذا تشهّد متشهّد ذكرك معنا، وإذا تهجّد متهجّد سمّاك معنا، وإذا خطب خطيب نوّه بك معنا، فاحمد ربّك لأننا رفعنا لك ذكرك. { فإن مع العسر يسرا* إن مع العسر يسرا}: إذا ضاقت عليك السبل وبارت الحيل، وتقطعت الحبال وضاق الحال، فاعلم أن الفرج قريب وأن اليسر حاصل. لا تحزن، فإن بعد الفقر غنى، وبعد المرض شفاء، وبعد البلوى عافية، وبعد الضيق سعة، وبعد الشدّة فرحا. سوف يصلك اليسر أنت وأتباعك، فترزقون وتنصرون وتكرمون ويفتح عليك، ولكن ليس يسر واحد بل يسران. إنها سنة ثابتة وقاعدة مطّردة أن مع كل عسر يسرا، بعد الليل فجر صادق، وخلف جبل المشقة سهل الراحة، ووراء صحراء الضيق روضة خضراء من السعة، إذا اشتد الحبل انقطع، وإذا اكتمل الخطب ارتفع، سوف يصل الغائب، ويشفى المريض، ويعافى المبتلى، ويفكّ المحبوس، ويغنى الفقير، ويشبع الجائع، ويروى الظمآن، ويسرّ المهموم، وسيجعل الله بعد عسر يسرا. وهذه السورة نزلت عليه الصلاة والسلام وهو في حال من الضيق، وتكالب الأعداء، واجتماع الخصوم، وإعراض الناس، وقلة الناصر، وتعاظم المكر، وكثرة الكيد، فكان لا بد له من عزاء وسلوة وتطمين وترويح، فنزلت هذه الكلمات له ولأتباعه الى يوم القيامة وعدا صادقا وبشر طيبة، وجائزة متقبّلة: اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ايلك بالبلج {فإذا فرغت فانصب}: إذا انتهيت من أعمالك الدنيوية وأشغالك الشخصية فانصب لنا بالعبادة، وتوجّه لنا بالطاعة، وأكثر من ذكرنا ودعائنا. إذا فرغت من الناس وقضايا الناس وأسئلة الناس فقم في محراب عظمتنا، وانطرح على بابنا، واقرب منا، ومرّغ جبينك لنا، لتلقى الفوز والفلاح والأمن والنجاة. إذا فرغت من الأهل والولد والقريب والصاحب فاجعل لك وقتا معنا، ارفع فيه سؤالك، اعرض فيه حاجتك، أكثر فيه دعاءك، ادعنا وسبّحنا واطلبنا واستغفرنا واشكرنا واذكرنا. إذا فرغت من الأحكام والقضايا والموعظة والفتيا والتعليم والإرشاد والجهاد والنصيحة، فتعال لتزداد من قوتنا قوة، ومن مددنا عونا، ومن رزقنا زادا، ومن فتحنا بصيرة وذخيرة. نحن أولى بك منك، وأحق بفراغك من غيرنا، ويا له من توجيه له ولأتباعه عليه الصلاة والسلام في صرف الفراغ في العبودية، وملء هذا الزمن بذكره وشكره جلّ في علاه، ليحصل المقصود من الرضا والسكينة والفرج والعاقبة الحسنة وصلاح الحال والمال، وعمار الدنيا والآخرة. {وإلى ربّك فارغب}: إلى ربك وحده فارغب، ولا ترغب من غيره شيئا، وإليه وحده فاتجه وعليه توكّل، وفيه فأمل، فإن الرغبة والرهبة لا تكون إلا إليه لأنه صاحب الثواب لمن أطاعه والعقاب لمن عصاه، والرغائب الجليلة لا يملكها إلا الله، فعنده مفاتح الخزائن ومقاليد الأمور، فهو أهل أن يدعى وأن يسأل وأن يؤمل وأن يقصد جلّ في علاه: إليك وإلا لا تشدّ الركائب ومنك وإلا فالمؤمّل خائب وفيك وإلا فالغرام مضيّعٌ وعنك وإلا فالمحدث كاذب وقد تنزلت هذه الكلمات على رسولنا صلى الله عليه وسلم في فترات عصيبة، وفي لحظات حاسمة عاشها صلى الله عليه وسلم وتجرّع غصصها وحسا مرارتها. |
التعديل الأخير تم بواسطة ام ياسر ; 12-06-2012 الساعة 10:16 AM
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 117 ( الأعضاء 0 والزوار 117) | |
|
|
|