12-06-2012, 09:33 AM | #3621 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم رسولا:
فهو النبأ العظيم، والحدث الهائل، والخبر العجيب، والشأن الفخم، والأمر الضخم {عَمَّيَتَسَاءلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِالْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِمُخْتَلِفُونَ (3)} النبأ، فمبعثه حقيقة هو أروع الأنباء وأعظم الأخبار الذي سارت به الأخبار، وتحدّث به السمّار، ورعاه الركبان، واندهش منه الدهر، وذهب منه الزمن، فقد استدار له التاريخ ووقفت له الأيام، فقصة إرساله عليه الصلاة والسلام لا يلفها الظلام ولا تغطيها الريح ولا يحجبها الغمام، فإنما هي قصة عبرت البحار واجتازت القفار، ونزلت على العالم نزول الغيث، وأشرقت إشراق الشمس، فهو بإختصار نور، وهل يخفى النور؟ {يُرِيدُونَلِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْكَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)} الصف. وصحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث" أخرجه البخاري 79، ومسلم 2282 عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. عدوّك مذمومٌ بكل لسان وإن كان أعداءك القمران ولله سرٌّ في علاك وإنما كلام الورى ضرب من الهذيان فهو عليه الصلاة والسلام بعث ليعبد الله وحده لا شريك له، بعث ليوحد الله، بعث ليقال في الأرض: لا اله إلا الله محمد رسول الله، بعث ليحقّ الحق ويبطل الباطل، بعث بالمحجة البيضاء والملة الغرّاء والشريعة السمحاء، بعث بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، بعث بالخير والسلام والبرّ والمحبة والسعادة والصلاح، والأمن والإيمان، بعث بالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بعث بمعالي الأمور ومكارم الأخلاق ومحاسن الطباع ومجامع الفضيلة، بعث لدحض الشرك وسحق الأصنام وكسر الأوثان وطرد الجهل ومحاربة الظلم وإزهاق الباطل ونفي الرذيلة، فما من خير إلا دلّ عليه، وما من شرّ إلا حذّر منه. وأما خلقه عليه الصلاة والسلام فإن الله هو الذي أدّبه فأحسن تأديبه، فهو أحسن الناس خلقا، وأسدّهم قولا، وأمثلهم طريقة، وأصدقهم خبرا، وأعدلهم حكما، وأطهرهم سريرة، وأنقاهم سيرة، وأفضلهم سجايا، وأجودهم يدا، وأسمحهم خاطرا، وأصفاهم صدرا، وأتقاهم لربه، وأخشاهم لمولاه، وأعلمهم بالأمة، وأوصلهم رحمة، وأزكاهم منبتا، وأكرمهم محتدا، وأشجعهم قلبا، وأثبتهم جنانا، وأمضاهم حجة، وخيرهم نفسا ونسبا وخلقا ودينا. فهو جميل الصفات مشرق المحيّا، قريب من القلوب، حبيب الى الأرواح، سهل الخليقة، ميسّر الطريقة، مبارك الحال، تعلوه مهابة وترافقه جلالة، على وجهه نور الرسالة، وعلى ثغره بسمة المحبة، حيّ القلب، ذكي الخاطر، عظيم الفطنة، سديد الرأي، ريان المشاعر بالخير، يسعد به جليسه، وينعم به رفيقه، ويرتاح له صاحبه، يحبّ الفأل ويكره الطيرة، يعفو ويصفح، ويسخو ويمنح، أجود من الريح المرسلة، وأكرم من الغيث الهاطل، وأبهى من البدر، وسع الناس بأخلاقه وطوّق الرجال بكرمه، وأسعد البشرية بدعوته، من رآه أحبّه، ومن عرفه هابه، ومن داخله أجلّه، كلامه يأخذ بالقلوب، وسجاياه تأسر الأرواح. ثبّت الله قلبه فلا يزيغ، وسدّد كلامه فلا يجهل، وحفظ عينهفلا تخون، وحصّن لسانه فلا يزل، ورعى دينه فلا يضل، وتولى أمره فلا يضيع، فهو محفوظ مبارك ميمون {وَإِنَّكَ لَعَلىخُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} القلم، { فَبِمَا رَحْمَةٍمِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ} آل عمران159.يقول عليه الصلاة والسلام:" إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا" أخرجه البخاري 20 عن عائشة رضي الله عنها. ويقول:" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله" أخرجه الترمذي 3895 والبيهقي في السنن 15477 عن عائشة. ويروى عنه أنه قال:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 20571. فسبحان من اجتباه واصطفاه وتولاه وحماه ورعاه وكفاه، ومن كل بلاء حسن أبلاه |
|
12-06-2012, 09:35 AM | #3622 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
وأما كتابه:
فهو القرآن، أفضل الكتب وأجلّ المواثيق، وأحسن القصص وأحسن الحديث، فهو الحق المهيب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، كتاب فصّلت آياته ثم أحكمت، مبارك في تلاوته وتدبره والاستشفاء به والتحاكم اليه والعمل به، كل حرف منه بعشر حسنات، شافع مشفّع، وشاهد صادق، أنيس ممتع، وسمير مفيد، وصاحب أمين، معجز مؤثر، له حلاوة وعليه طلاوة، يعلو ولا يعلى عليه، ليس بسحر ولا شعر ولا بكهانة ولا بقول بشر، بل هو كلام الله، منه بدا وإليه يعود، نزل به الروح الأمين على قلب رسول ربّ العالمين ليكون من المرسلين، بلسان عربي مبين، فهو الكتاب الذي بزّ فصاحة، وفاقها بلاغة، وعلا عليها حجة وبيانا، وهو هدى ورحمة وموعظة وشفاء لما في الصدور، ونور وبرهان ورشد وسداد ونصيحة وتعليم، محفوظ من التبديل، محروس من الزيادة والنقص، معجزة خالدة، عصمة لمن اتبعه ونجاة لمن عمل به، وسعادة لمن استرشده، وفوز لمن اهتدى بهديه، وفلاح لمن حكمه في حياته. يقول عليه الصلاة والسلام:" اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه" أخرجه مسلم 804 عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، وقال:" خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه" أخرجه البخاري 5027 عن عثمان رضي الله عنه، وقال:" إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين" أخرجه مسلم 817 عن عمر رضي الله عنه. وهو الكتاب الذي أفحم الشعراء، وأسكت الخطباء، وغلب البلغاء، وقهر العرب العرباء، وأعجز الفصحاء، وأعجب العلماء وأذهل الحكماء {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} الإسراء 9. |
|
12-06-2012, 09:36 AM | #3623 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم صادقا:
فهو أصدق من تكلم، كلامه حق وصدق وعدل، لم يعرف الكذب في حياته جادّا أو مازحا، بل حرّم الكذب وذمّ أهله ونهى عنه، وقال:" إنّ الصدق يهدي الى البر، وإن البرّ يهدي الى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا.." الحديث أخرجه البخاري 6094 ومسلم 2607 عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. وأخبر ان المؤمن قد يبخل وقد يجبن، لكنه لا يكذب أبدا، وحذر من الكذب في المزاح لإضحاك القوم، فعاش عليه الصلاة والسلام والصدق حبيبه وصاحبه، ويكفيه صدقا صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن الله بعلم الغيب، وائتمنه الله على الرسالة، فأداها للأمة كاملة تامة، لم ينقص حرفا ولم يزد حرفا، وبلّغ الأمانة عن ربه بأتمّ البلاغ، فكل قوله وعمله وحاله مبني على الصدق، فهو صادق في سلمه وحربه، ورضاه وغضبه، وجدّ وهزله، وبيانه وحكمه، صادق مع القريب والبعيد، والصديق والعدو، والرجل والمرأة، صادق في نفسه ومع الناس، في حضره وسفره، وحلّه وإقامته، ومحاربته ومصالحته، وبيعه وشرائه، وعقوده وعهوده ومواثيقه، وخطبه ورسائله، وفتاويه وقصصه، وقوله ونقله، وروايته ودرايته، بل معصوم من أن يكذب، فالله مانعه وحاميه من هذا الخلق المشين، قد أقام لسانه وسدّد لفظه، وأصلح نطقه وقوّم حديثه، فهو الصادق المصدوق، الذي لم يحفظ له حرف واحد غير صادق فيه، ولا كلمة واحدة خلاف الحق، ولم يخالف ظاهره باطنه، بل حتى كان صادقا في لحظاته ولفظاته وإشارات عينيه، وهو الذي يقول:" ما كان لنبي أن تكون له خائنة أعين" أخرجه أبو داود 4359 والنسائي 4067، وذلك لما قال له أصحابه: ألا أشرت لنا بعينك في قتل الأسير؟! بل هو الذي جاء بالصدق من عند ربه، فكلامه صدق وسنّته صدق، ورضاه صدق وغضبه صدق، ومدخله صدق ومخرجه صدق، وضحكه صدق وبكاؤه صدق، ويقظته صدق ومنامه صدق {لِيَسْأَلَالصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ} الأحزاب8، {يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} التوبة، {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ (21) } محمد. فهو صلى الله عليه وسلم صادق مع ربه، صادق مع نفسه، صادق مع الناس، صادق مع أهله، صادق مع أعدائه، فلو كان الصدق رجلاً لكان محمداً صلى الله عليه وسلم، وهل يُتعلم الصدق إلا منه بأبي هو وأم؟ وهل ينقل الصدق إلا عنه بنفسي هو؟ فهو الصادق الأمين في الجاهلية قبل الإسلام والرسالة، فكيف حاله بالله بعد الوحي والهداية ونزول جبريل عليه ونبوّته وإكرام الله له بالإصطفاء والاجتباء والاختيار؟! |
|
12-06-2012, 09:37 AM | #3624 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم صابرا:
فلا يعلم أحد مرّ به من المصائب والمصاعب والمشاق والأزمات كما مرّ به صلى الله عليه وسلم، وهو صابر محتسب {وَاصْبِرْ وَمَاصَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ} النحل 127، صبرعلى اليتم والفقر والعوز والجوع والحاجة والتعب والحسد والشماتة وغلبة العدو أحيانا، وصبر على الطرد من الوطن والإخراج من الدار والإبعاد عن الأهل، وصبر على قتل القرابة والفتك بالأصحاب وتشريد الأتباع وتكالب الأعداء وتحزّب الخصوم واجتماع المحاربين وصلف المغرضين وكبر الجبارين وجهل الأعراب وجفاء البادية ومكر اليهود وعتوّ النصارى وخبث المنافقين وضرواة المحاربين، وصبر على تجهّم القريب وتكالب البعيد، وصولة الباطل وطغيان المكذبين.. صبر على الدنيا بزينتها وزخرفها وذهبها وفضتها، فلم يتعلق منها بشيء، وصبر على إغراء الولاية وبريق المنصب وشهوة الرئاسة، فصدف عن ذلك كله طلبا لمرضاة ربه، فهو صلى الله عليه وسلم الصابر المحتسب في كل شأن من شؤون حياته، فالصبر درعه وترسه وصاحبه وحليفه، كلما أزعجه كلام أعدائه تذكّر {فَاصْبِرْ عَلَىمَا يَقُولُونَ} طه 130، وكلما بلغ به الحال أشدّه والأمر أضيقه تذكّر {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} يوسف 18، وكلما راعه هول العدو وأقضّ مضجعه تخطيط الكفار تذكّر{فَاصْبِرْ كَمَاصَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} الأحقاف 35. وصبره صلى الله عليه وسلم صبر الواثق بنصر الله، المطمئن الى وعد الله، الراكن الى مولاه، المحتسب الثواب من ربّه جلّ في علاه، وصبره صبر من علم أن الله سوف ينصره لا محالة، وأن العاقبة له، وأن الله معه، وأن الله حسبه وكافيه، يصبر صلى الله عليه وسلم على الكلمة النابية فلا تهزه، وعلى اللفظة الجارحة فلا تزعجه، وعلى الإيذاء المتعمّد فلا ينال منه. مات عمه فصبر، وماتت زوجته فصبر، وقتل حمزة فصبر، وأبعد من مكة فصبر، وتوفي ابنه فصبر، وتوفي ابنه فصبر، ورميت زوجته الطاهرة فصبر، وكُذّب فصبر، قالوا له شاعر كاهن ساحر مجنون كاذب مفتر فصبر، أخرجوه، آذوه، شتموه، سبّوه، حاربوه، سجنوه.. فصبر، وهل يتعلّم الصبر إلا منه؟ وهل يُقتدى بأحد في الصبر إلا به؟ فهو مضرب المثل في سعة الصدر وجليل الصبر وعظيم التجمّل وثبات القلب، وهو إمام الصابرين وقدوة الشاكرين صلى الله عليه وسلم. |
|
12-06-2012, 09:38 AM | #3625 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم جوادا:
فهو أكرم من خلق الله، وأجود البرية نفسا ويدا، فكفّه غمامة بالخير، ويده غيث الجود، بل هو أسرع بالخير من الريح المرسلة، لا يعرف "لا" إلا في التشهد: كا قال "لا" قط إلا في تشهدّه لولا التشهد كانت لاؤه نعم يعطي عليه الصلاة والسلام عطاء من لا يخشى الفقر؛ لأنه بعث بمكارم الأخلاق، فهو سيد الأجواد على الإطلاق، أعطى غنما بين جبلين، وأعطى كل رئيس قبيلة من العرب مائة ناقة، وسأله سائل ثوبه الذي يلبسه فخلعه وأعطاه، وكان لا يردّ طالب حاجة، قد وسع الناس برّه، طعامه مبذول وكفه مدرار، وصدره واسع، وخلقه سهل، ووجه بسّام: تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله ينفق مع العدم ويعطي مع الفقر، يجمع الغنائم ثو يوزعها في ساعة، ولا يأخذ منها شيئا، مائدته صلى الله عليه وسلم معروضة لكل قادم، وبيته قبلة لكل وافد، يضيف وينفق ويعطي الجائع بأكله، ويؤثر المحتاج بذات يده، ويصل القريب بما يملك، ويواسي المحتاج بما عنده، ويقدّم الغريب على نفسه، فكان صلى الله عليه وسلم آية في الجود والكرم، حتى لا يقارن به أجواد العرب كحاتم وهرم ابن جدعان؛ لأنه يعطي عطاء من لا يطلب الخلف إلا من الله، ويجود جود من هانت عليه نفسه وماله وكل ما يملك في سبيل ربه ومولاه، فهو أندى العالمين كفا، وأسخاهم يدا، وأكرمهم محتدا، قد غمر أصحابه وأحبابه وأتباعه، بل حتى أعداءه ببرّه وإحسانه وجوده وكرمه وتفضله، أكل اليهود على مائدته، وجلس الأعراب على طعامه، وحفّ المنافقون بسفرته، ولم يُحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه تبرّم بضيف أو تضجّر من سائل أو تضايق من طالب، بل جرّ أعرابي برده حتى أثّر في عنقه وقال له: أعطني من مال الله الذي عندك، لا من مال أبيك وأمّك، فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم وضحك وأعطاه، وجاءته الكنوز من الذهب والفضة وأنفقها في مجلس واحد ولم يدّخر منها درهما ولا دينارا ولا قطعة، فكان أسعد بالعطية يعطيها من السائل، وكان يأمر بالإنفاق والكرم والبذل، ويدعو للجود والسخاء، ويذمّ البخل والإمساك، فيقول:" من كان بؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" أخرجه البخاري [ 6018، 6136، 6138] ومسلم 47 عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقال:" كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس" أخرجه ابن خزيمة في صحيحه 2431، وابن حبان في صحيحه 3310. وقال:" ما نقصت صدقة من مال" أخرجه مسلم 2588 عن أبي هريرة رضي الله عنه |
|
12-06-2012, 09:40 AM | #3626 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم شجاعا:
هذا مما تناقلته الأخبار وسار مسير الشمس في رابعة النهار، فكان أثبت الناس قلبا، وكان كالطود لا يتزعزع ولا يتزلزل، ولا يخاف التهديد والوعيد، ولا ترهبه المواقف والأزمات، ولا تهزه الحوادث والملمّات، فوّض أمره لربه وتوكل عليه وأناب إليه، ورضي بحكمه واكتفى بنصره ووثق بوعده، فكان عليه الصلاة والسلام يخوض المعارك بنفسه ويباشر القتال بشخصه الكريم، يعرّض روحه للمنايا ويقدّم نفسه للموت، غير هائب ولا خائف، ولم يفرّ من معركة قط، وما تراجع خطوة واحدة ساعة يحمي الوطيس وتقوم الحرب على ساق وتشرع السيوف وتمتشق الرماح وتهوي الرؤوس ويدور كأس المنايا على النفوس، فهو في تلك اللحظة أقرب أصحابه من الخطر، يحتمون أحيانا وهو صامد مجاهد، لا يكترث بالعدوّ ولو كثر عدده، ولا يأبه بالخصم ولو قوي بأسه، بل كان يعدل الصفوف ويشجع المقاتلين ويتقدم الكتائب. وقد فرّ الناس يوم حنينن وما ثبت إلا هو وستة من أصحابه، ونزل عليه {فَقَاتِلْ فِيسَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} النساء 84، وكان صدره بارزا للسيوف والرماح، يصرع الأبطال بين يديه ويذبح الكماة أمام ناظريه وهو باسم المحيا، طلق الوجه، ساكن النفس. وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الرّدى وهو نائم تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمة ووجهك وضّاح وثغرك باسم وقد شُجّ عليه الصلاة والسلام في وجهه وكسرت رباعيته، وقتل سبعون من أصحابه، فما وهن ولا ضعف ولا خار، بل كان أمضى من السيف. وبرز يوم بدر وقاد المعركة بنفسه، وخاض غمار الموت بروحه الشريفة. وكان أول من يهبّ عند سماع المنادي، بل هو الذي سنّ الجهاد وحثّ وأمر به. وتكالبت عليه الأحزاب يوم الخندق من كل مكان، وضاق الأمر وحلّ الكرب، وبلغت القلوب الحناجر، وظن بالله الظنون، وزلزل المؤمنون زلزالا شديدا، فقام صلى الله عليه وسلم يصلي ويدعو ويستغيث مولاه حتى نصره ربّه وردّ كيد عدوّه وأخزى خصومه وأرسل عليهم ريحا وجنودا وباؤوا بالخسران والهوان. ونام الناس ليلة بدر وما نام هو صلى الله عليه وسلم، بل قام يدعو ويتضرّع ويتوسل الى ربه ويسأله نصره وتأييده، فيا له من إمام وما أشجعه! لا يقوم لغضبه أحد، ولا يبلغ مبلغه في ثبات الجأش وقوة القلب مخلوق، فهو الشجاع الفريد والصنديد الوحيد الذي كملت فيه صفات الشجاعة وتمّت فيه سجايا الإقدام وقوة البأس، وهو القائل:" والذي نفسي بيده لوددت أنني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل" أخرجه البخاري [36،2797] ومسلم 1876 عن أبي هريرة رضي الله عنه. |
|
12-06-2012, 09:42 AM | #3627 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم زاهدا:
كان زهده صلى الله عليه وسلم زهد من علم فناء الدنيا وسرعة زوالها وقلة زادها وقصر عمرها، وبقاء الآخرة وما أعدّه الله لأوليائه فيها من نعيم مقيم وأجر عظيم وخلود دائم، فرفض صلى الله عليه وسلم الأخذ من الدنيا إلا بدقر ما يسدّ الرمق ويقيم الأود، مع العلم أن الدنيا عرضت عليه وتزيّنت له وأقبلت إليه، ولو أراد جبال الدنيا أن تكون ذهبا وفضة لكانت، بل آثر الزهد والكفاف، فربما بات جائعا ويمرّ الشهر لا توقد في بيته نار، ويستمر الأيام طاويا لا يجد رديء التمر يسدّ به جوعه، وما شبع من خبز الشعير ثلاث ليال متواليات، وكان ينام على الحصير حتى أثّر في جنبه، وربط الحجر على بطنه من الجوع، وكان ربما عرف أصحابه أثر الجوع في وجهه عليه الصلاة والسلام. وكان بيته من طين، متقارب الأطراف، داني السقف، وقد رهن درعه في ثلاثين صاعا من شعير عند يهودي، وربما لبس إزارا ورداء فحسب، وما أكل على خوان قط، وكان أصحابه ربما أرسلوا له الطعام لما يعلمون من حاجته إليه، كل ذلك إكراما لنفسه عن أدران الدنيا، وتهذيبا لروحه وحفظا لدينه ليبقى أجره كاملا عند ربه، وليتحقق له وعد مولاه { وَلَسَوْفَيُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} الضحى، فكان يقسم الأموال على الناس ثم لا يحوز منها درهما واحدا، ويوّزع الإبل والبقر والغنم على الأصحاب والأتباع والمؤلفة قلوبهم ثم لا يهب بناقة ولا بقرة ولا شاة، بل يقول عليه الصلاة والسلام:" لو كان لي كعضاة ـ أي شجر ـ تهامة مالا لقسمته ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذابا ولا جبانا". أخرجه مالك في الموطأ 977، والطبراني في الأوسط 1864 والكامل لابن عدي 3\97. وراودته الجبال الشمّ من ذهب عن نفسه فأراها أيما شمم بل وكان عليه الصلاة والسلام الأسوة العظمى في الإقبال على الآخرة وترك الدنيا وعدم الإلتفات إليها أو الفرح بها أو جمعها أو التلذذ بطيباتها أو التنعم بخيراتها، فلم يبن قصرا، ولم يدّحر مالا، ولم يكن له كنز ولا جنة يأكل منها، ولم يخلف بستانا ولا مزروعة، وهو القائل:" لا نورّث، ما تركناه صدقة" أخرجه البخاري [3039، 3712] ومسلم برقم 1758، وكان يدعو بقوله وفعله وحاله الى الزهد في الدنيا والاستعداد للآخرة والعمل. ما نظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو إمام المسلمين وقائد المؤمنين وأفضل الناس أجمعين يسكن في بيت طين وينام على حصير بال ويبحث عن تمرات تقيم صلبه، وربما اكتفى باللبن. بل خُيّر بين أن يكون ملكا رسولا أو عبدا رسولا فاختار أن يكون عبدا رسولا، يشبع يوما ويجوع يوما، حتى لقي الله عز وجل. ومن زهده في الدنيا سخاؤه وجوده كما تقدم، فكان لا يرد سائلا ولا يحجب طالبا ولا يخيّب قاصدا، وأخبر أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وقال:" كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل" أخرجه البخاري 6416 عن ابن عمر رضي الله عنهما. ويروى عنه أنه قال:" ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس" أخرجه ابن ماجه 4102 والطبراني في الكبير 10522 والحاكم 7833 عن سهل بن سعد الساعدي. وقال:" مالي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل رجل قال في ظل شجرة ثم قام وتركها" أخرجه أحمد [3701، 4196] والترمذي 2377، وابن ماجه 4109 عن عبدالله بن مسعود وقال الترمذي حسن صحيح، وقال:" الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما أو متعلما" أخرجه الترمذي 2322 وابن ماجه 4112 عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقال:" ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت" أخرجه مسلم 2958 |
|
12-06-2012, 09:44 AM | #3628 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم متواضعا:
كان صلى الله عليه وسلم عجيبا في ذلك، فتواضعه تواضع من عرف ربّه مهابة، واستحيا منه وعظمه وقدّره حقّ قدره، وتطامن له وعرف حقارة الجاه والمال والمنصب، فسافرت روحه الى الله وهاجرت نفسه الى الدار الآخرة، فما عاد يعجبه شيء مما يعجب أهل الدنيا، فصار عبدا لربه بحق: يتواضع للمؤمنين، يقف مع العجوز ويزور المريض ويعطف على المسكين، ويصل البائس ويواسي المستضعفين ويداعب الأطفال ويمازح الأهل ويكلم الأمة، ويواكل الناس ويجلس على التراب وينام على الثرى، ويفترش الرمل ويتوسّد الحصير، قد رضي عن ربّه، فما طمع في شهرة أو منزلة أو مطلب أرضي أو مقصد دنيوي، يكلم النساء بلطف، ويخاطب الغريب بودّ، ويتألف الناس ويتبسّم في وجوه أصحابه يقول:" إنما أنا عبد: آكل كما يأكل العبد واجلس كما يجلس العبد" أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد 1\6، وابن سعد في الطبقات 1\371 وانظر كشف الخفاء 1\17 ، ولما رآه رجل ارتجف من هيبته قال:"هوّن عليك، فإني ابن امرأة كانت تاكل القديد بمكة" أخرجه ابن ماجه 3312، والحاكم 4366 عن ابن مسعود، وانظر الكامل لابن عدي 6\286. وكان يكره المدح، وينهى عن إطرائه ويقول:" لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبدالله ورسوله، فقولوا عبدالله ورسوله" أخرجه البخاري 3445 عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكان ينهى أن يقام له، وأن يوقف على رأسه، وكان يجلس حيثما انتهى به المجلس، وكان يختلط بالناس كأنه أحدهم، ويجيب الدعوة ويقول:" لو دعيت الى كراع لأجبت، ولو أهدي إليّ ذراع لقبلت" أخرجه البخاري [2568، 5178]. وكان يحب المساكين، ويروى عنه قوله:" اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين" أخرجه الترمذي 2352 عن أنس رضي الله عنه، وابن ماجه 4126 والحاكم 7911 عن أبي سعيد الخدري وصححه. وكان يحرّم الكبر وينهى عنه، ويبغض أهله ويقول:" يحشر المتكبرون يوم القيامة في صورة الذر، يغشاهم الذل من كل مكان" أخرجه أحمد 6639، والترمذي 2492، انظر كشف الخفاء 3236. ويروي عن ربه أنه قال:"الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منها قذفته في النار" أخرجه مسلم 2620 وأبو داود 4090 واللفظ له. فكان صلى الله عليه وسلم محببا الى القلوب: تأخذه الجارية بيده فيذهب معها، ويزور أم أيمن وهي مولاة. ولما مدحه وفد عامر بن صعصعة وقالوا: أنت خيرنا وأفضلنا وسيدنا وابن سيدنا قال لهم:" يا أيها الناس! قولوا بقولكم أو ببعض قولكم، لا يستجريّنكم الشيطان" أخرجه أحمد 15876 وأبو داود 4806، وغضب لما قال له رجل: ما شاء الله وشئت، وقال:" ويحك! أجعلتني والله عدلا؟ بل ما شاء الله وحده" أخرجه أحمد [1842، 2557] والنسائي في السنن الكبرى 10825 عن ابن عباس رضي الله عنهما. وكان يحمل حاجة أهله ويخصف نعله ويرقع ثوبه ويكنس بيته ويحلب شاته ويقطع اللحم مع أهله، ويقرّب الطعام لضيفه، ويباسط زوّاره ويسأل عن اخبارهم، ويتناوب ركوب الراحلة مع رفيقه، ويلبس الصوف ويأكل الشعير، وربما مشى حافيا، وينام في المسجد، ويركب الحمار، ويردف على الدابة، ويعاون الضعيف ويتفقد السرية، ويكون في آخرهم فيساعد من احتاج، ويرافق الوحيد منهم.. فصلى الله عليه وسلم ما تحرّك بذكره اللسان، وسارت بأخباره الركبان، وردّد حديثه الإنس والجان. |
التعديل الأخير تم بواسطة ام ياسر ; 12-06-2012 الساعة 09:45 AM
|
12-06-2012, 09:47 AM | #3629 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم حليما:
ما دام أنه رسول الله فلا بد أن يكون أحلم الناس وأوسعهم صدرا، وألينهم عريكة وأدمثهم خلقا وألطفهم عشرة، فقد كان يطظم غيظه ويعفو ويصفح ويغفر لمن زلّ، ويتنازل عن حقوقه الخاصة ما لم تكن حقوقا لله. وقد عفا عمن ظلمه وطره من وطنه وآذاه وسبّه وشتمه وحاربه، فقال لهم يوم الفتح:" اذهبوا فأنتم الطلقاء" أخرجه الشافعي في الأم 7\361، والطبري في تاريخه 2\161 والبيهقي في السنن الكبرى 18055 انظر صحيح الجامع 4815. وعفا عن ابن عمّه سفيان بن الحارث يوم الفتح لما وقف أمامه وقال له: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين، فقال عليه الصلاة والسلام:{ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُالرَّاحِمِينَ (92)} يوسف. وقد واجهه الأعراب بالجفاء وسوء الأدب، فحلم وصفح، وقد امتثل أمر ربه في قوله:{ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)} الحجر، فكان لا يكافئ على السيئة بالسيئة، بل يعفو ويصفح، وكان لا ينفذ غضبه إذا كان لنفسه، ولا ينتقم لشخصه، بل إذا غضب ازداد حلما، وربّما تبسّم في وجه من أغضبه، ونصح أحد أصحابه فقال:"لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب" أخرجه البخاري 6116. وكان يبلغه الكلام السيء فيه، فلا يبحث عمن قاله ولا يعاتبه ولا يعاقبه. وورد عنه أنه قال:" لا يبلغني أحد منكم ما قيل فيّ، فإني أحب أن أخرج إليك وأنا سليم الصدر" أخرجه احمد 3750 وأبو داود 4860 والترمذي 3896 عن عبدالله بن مسعود. وبلّغه ابن مسعود كلاما قيل فيه، فتغيّر وجهه وقال:" رحم الله موسى، أوذي بأكثر من هذا فصبر" أخرجه البخاري [ 3150، 3405] ومسلم 1062. وقد أوذي من خصومه في رسالته وعرضه وسمعته وأهله، فلما قدر عليهم عفا عنهم وحلم عليهم، وقال:" من كف غضبه كف الله عنه عذابه" أخرجه أبو يعلى 4338 والبيهقي في الشعب 8311 وانظر العلل لابن أبي حاتم 1919 ومجمع الزاوئد 10\298. وقال له رجل: اعدل، فقال:" خبت وخسرت إذا لم أعدل" أخرجه البخاري 3138 ومسلم 1063 واللفظ له عن جابر بن عبدالله، ولم يعاقبه بل صفح عنه. وواجه بعص اليهود بما يكره، فعفا وصفح، وقد وسع بخلقه وتسامحه الناس، وأطفأ بحلمه نار العداوات ممتثلا قول ربه:{ ادْفَعْ بِالَّتِيهِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96)} المؤمنون. وكان مع أهله أحلم الناس، يمازحهم ويلاطفهم ويعفو عنهم فيما يصدر منهم، ويدخل عليهم باسما ضحاكا، يملأ قلوبهم وبيوتهم أنسا وسعادة، يقول خادمه أنس بن مالك: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ما قال لي في شيء فعلته: لم فعلت هذا؟ ولا شيء لم أفعله: لم لم تفعل هذا؟ وهذا غاية الحلم ونهاية حسن الخلق، وقمة جميل السجايا ولطيف العشرة، بل كان كل من رافقه أو صاحبه أو بايعه يجد من لطفه وودّه وحلمه ما يفوق الوصف، حتى تمكن حبّه من القلوب فتعلقت به الأرواح ومالت له نفوس الناس بالكلية |
|
12-06-2012, 09:48 AM | #3630 |
مجلس الادارة
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
محمد صلى الله عليه وسلم رحيما:
وصفه ربه بقوله:{ وَمَاأَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)}الأنبياء، فهو رحمة للبشرية.. ورد عنه أنه قال:" إنما أنا رحمة مهداة" أخرجه الدارمي 15 مرسلا، والحاكم موصولا عن أبي هريرة برقم 100 وصححه. ورأى ولد إحدى بناته تفيض روحه، فبكى، فلما سئل عن ذلك قال:" هذه رحمة يضعها الله في قلب من يشاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباه الرحماء" أخرجه البخاري [ 1284، 6655] ومسلم 923 عن أسامة بن زيد رضي الله عنه. وكان رحمة على القريب والبعيد، عزيز عليه أن يدخل على الناس مشقة، فكان يخفف بالناس مراعاة لأحوالهم، وربما أراد أن يطيل في الصلاة فيسمع بكاء الطفل فيخفف لئلا يشق على أمه. ولما بكت أمامة بنت زينب ابنته حملها وهو يصلي بالناس، فإذا سجد وضعها، وإذا قام رفعها. أخرجه البخاري 516، ومسلم543 عن أبي قتادة رضي الله عنه. وسجد مرة فصعد الحسن على ظهره، فأطال السجود، فلما سلّم اعتذر للناس وقال:" إن إبني هذا ارتحلني، فكرهت أن أرفع رأسي حتى ينزل" أخرجه أحمد 27100 والنسائي 1141 عن شداد بن الهاد رضي الله عنه. وقال:" من أمّ منكم الناس فليخفف، فإن فيهم الكبير والصغير والمريض وذا الحاجة" أخرجه البخاري 703 ومسلم 467 عن أبي هريرة رضي الله عنه. وقال لمعاذ لمّا طوّل بالناس:" أفتّان أنت يا معاذ؟" أخرجه البخاري [ 705، 6106] ومسلم 465 عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه. وقال:" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" أخرجه البخاري 887 ومسلم 252 عن أبي هريرة رضي الله عنه. وربما ترك العمل خشية أن يفرض على الناس، وكان يتخوّل أصحابه بالموعظة... كل ذلك رحمة منه صلى الله عليه وسلم، وكان يقول:" والقصد القصد تبلغوا" أخرجه البخاري 6463 عن أبي هريرة رضي الله عنه. ويقول:" بُعثت بالحنيفية السمحة" أخرجه أحمد 21788 عن أبي أمامة رضي الله عنه. ويقول:" خير دينكم أيسره" أخرجه أحمد 15506 وانظر مجمع الزوائد 3\308. ويقول:" عليكم هدياً قاصداً" أخرجه أحمد [ 22454، 22544] والبيهقي في السنن الكبرى 4519 عن بريدة الأسلمي، وانظر البيان والتعريف 2\109. ويقول: خذوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا" أخرجه البخاري 5862 ومسلم 782 عن عائشة رضي الله عنها. وما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، وأنكر على الثلاثة الذين شدّدوا على أنفسهم في العبادة، وقال:" والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، ولكنني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، فمن رغب عن سنتي فيس مني" أخرجه البخاري 5063 ومسلم 1401 عن أنس بن مالك رضي الله عنه. وأفطر في سفر في رمضان، وقصر الرباعية، وجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في السفر، ونادى مؤذنه في المطر أن صلوا في رحالكم، وقال:" هلك المتنطعون" أخرجه مسلم 2670 عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. وقال:" ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه" أخرجه مسلم 2594 عن عائشة رضي الله عنها. وأنكر على عبدالله بن عمرو بن العاص إرهاق نفسه بالعبادة، ويقول:" إيّاكم والغلو" أخرجه أحمد [ 1854، 3238] والنسائي 3057، وابن ماجه 3029 وابن أبي عاصم في السنة 1\46 عن ابن عباس رضي الله عنهما وصححه. ويروى عنه قوله:" أمتي أمة مرحومة" أخرجه أحمد [ 19179، 19253] وأبو داود 4276 والحاكم 8372 عن أبي موسى رضي الله عنه وصححه.، وقال:" إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" أخرجه البخاري 7288 ومسلم 1337 عن أبي هريرة رضي الله عنه. وهذا اليسر في حياته عليه الصلاة والسلام يوافق يسر الملة وسهولة الشريعة، وهو امتثال منه صلى الله عليه وسلم لقول ربه:{ وَنُيَسِّرُكَلِلْيُسْرَى (8)} الأعلى، {لاَ يُكَلِّفُاللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} البقرة 286، {فاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} التغابن 16،{ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} القرة 185،{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} الحج 78.. وغيرها من الآيات. فهو صلى الله عليه وسلم سهل ميسّر رحيم في رسالته ودعوته وعبادته وصلاته وصومه وطعامه وشرابه ولباسه وحله وترحاله وأخلاقه، بل حياته مبنية على اليسر؛ لأنه جاء لوضع الآصار والأغلال عن الأمة، فليس اليسر أصلا إلا معه، ولا يوجد اليسر إلا في شريعته، فهو اليسر كله، وهو الرحمة والرفق بنفسه، صلى الله عليه وسلم |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 145 ( الأعضاء 0 والزوار 145) | |
|
|
|