|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
فمنها : حرمان العلم , فإن العلم نور يقذفه الله في القلب , والمعصية تطفيء ذلك النور . ولما جلس الإمام الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه أعجبه ما رأى من وفور فطنته , وتوقد ذكائه , وكمال فهمه , فقال : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية
وقال الشافعي : شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي وقال : اعلم بأن العلم فضلٌ ... وفضلُ الله لا يؤتاه عاصِ |
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
ومنها حرمان الرزق : ..... وكما أن تقوى الله مجلبة للرزق فترك التقوى مجلبة للفقر , فما استجلب رزق الله بمثل ترك المعاصي
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
ومنها وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله , لاتوازنها ولاتقارنها لذة أصلاً , ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تَفِ بتلك الوحشة , وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة ........ وما لجرح بميت إيلامُ ,
فلو لم تترك الذنوب إلا حذراً من وقوع تلك الوحشة , لكان العاقل حرياً بتركها . وشكى رجل إلى بعض العارفين وحشة يجدها في نفسه , فقال له : إذا كنت قد أوحشتك الذنوب *** فدعها إذا شئت واستأنسِ . وليس على القلب أمَرُّ من وحشة الذنب على الذنب فالله المستعان |
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
ومنها الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس , ولاسيما أهل الخير منهم , فإنه يجد وحشة بينه وبينهم , وكلما قويت تلك الوحشة بَعُدَ منهم ومن مجالستهم , وحُرِمَ بركة الانتفاع بهم , وقَرُبَ من ح** الشيطان
بقدر ما بَعُدَ من ح** الرحمن , وتَقْوَى هذه الوحشة حتى تستحكم , فتقع بينه وبين إمرأته وولده وأقاربه , وبينه وبين نفسه فتراه مستوحشا من نفسه , وقال بعض السلف إني لأعصي الله فأرى ذلك في خُلُق دابتي وإمرأتي . |
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
ومنها تعسير أموره عليه ؛ فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقاً دونه , أو متعسراً عليه ؛ وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا , فمن عَطَّلَ التقوى جعل الله له من أمره عسرا .
ويالله العجب ! كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لا يعلم من أين أُتيَ . |
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
ومنها ظلمةٌ يجدها في قلبه حقيقة : يُحِسُّ بها كما يُحِسُّ بظلمة الليل البهيم , إذا ادلهم , فتصيرُ ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره , فإن الطاعة نور والمعصية ظلمة , وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته , حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر , كأعمى أخرج في ظلمة الليل يمشي وحده وتَقوى هذه الظلمة حتى تظهر في العين ثم تقوى حتى تعلو الوجه وتصير سواداً فيه حتى يراه كل أحد .
قال عبد الله بن عباس : إن للحسنة ضياءً في الوجه , ونوراً في القلب وسعة في الرزق , وقوة في البدن , ومحبة في قلوب الخلق , وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القلب , ووهناً في البدن , ونقصاً في الرزق وبغضة في قلوب الخلق . |
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
ومنها ان المعاصي توهن القلب والبدن : أما وهنها للقلب فأمر ظاهر , بل لا تزال توهنه حتى تزيل حياته بالكلية , وأما وهنها للبدن فإن المؤمن قوته من قلبه , وكلما قوى قلبه قوى بدنه ,
وأما الفاجر فإنه وإن كان قوى البدن فهو أضعف شيء عند الحاجة فتخونه قوته عند أحوج ما يكون إلى نفسه .وتأمل قوة أبدان فارس والروم كيف خانتهم , أحوج ما كانوا إليها , وقهرهم أهل الإيمان بقوة أبدانهم وقلوبهم . |
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
ومنها : حرمان الطاعة ؛ فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أنه يصد عن طاعة تكون بَدَلَه , ويقطع طريق طاعة أخرى , فينقطع عليه بالذنب طريق ثالثة , ثم رابعة وهلم جرا , فتنقطع عنه بالذنب طاعات كثيرة , كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها , وهذا كرجل أكل أكلة أوجبت له مرضة طويلة منعته من عدة أكلات أطيب منها والله المستعان
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
ومنها : أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته ولابد , فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور يقصر العمر .
|
رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
فقالت طائفة : نقصان عمر العاصي هو ذهاب بركة عمره ومحقها عليه . وهذا حق وهو بعض تأثير المعاصي .
وقالت طائفة : بل ينقص حقيقة , كما ينقص الرزق فجعل الله سبحانه للبركة في الرزق أسبابا كثيرة تكثره وتزيده , وللبركة في العمر أسبابا تكثره وتزيده . قالوا ولا تمنع زيادة العمر بأسباب كما ينقص بأسباب - فالأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة والصحة والسقم والمرض والغنى والفقر وإن كانت بقضاء الله عز و جل فهو يقضي ما يشاء بأسباب جعلها موجبة لمسبباتها مقتضية لها . وقالت طائفة أخرى : تأثير المعاصي في محق العمر إنما هو بأن تفوته حقيقة الحياة , وهي حياة القلب . ولهذا جعل الله سبحانه الكافر ميتا غير حي , كما قال تعالى ( أمواتٌ غيرُ أحياء ) النحل 12 – فالحياة في الحقيقة حياة القلب وعمر الإنسان مدة حياته , فليس عمره إلا أوقات حياته بالله , فتلك ساعات عمره , فالبر والتقوى والطاعة تزيد في هذه الأوقات التي هي حقيقة عمره ولا عمر له سواها . وبالجملة فالعبد إذا أعرض عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية التي يجد غِبَّ ( ثمرة ) إضاعتها يوم يقول ( يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ) الفجر 24 – فلا يخلوا إما أن يكون له مع ذلك تطلع إلى مصالحه الدنيوية والأخروية أو لا ؟ فإن لم يكن له تطلع إلى ذلك فقد ضاع عليه عمره كله , وذهبت حياته باطلاً , وإن كان له تطلع إلى ذلك طالت عليه الطريق بسبب العوائق , وتعسرت عليه أسباب الخير بحسب اشتغاله بأضدادها , وذلك نقصان حقيقي من عمره . وسر المسألة أن عمر الانسان مدة حياته ولا حيوة له إلا باقباله على ربه والتنعم بحبه وذكره وإيثار مرضاته . ...... . ـــــــ كتاب الداء والدواء لابن القيم رحمه الله بتحقيق الشيخ علي الحلبي حفظه الله ... ( ص 85 - 90 . |
الساعة الآن 06:15 AM |
|
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
SEO by vBSEO
sh22r.com