08-23-2012, 04:02 PM | #1 |
|
إسكبوا الأمل في قلوبْ الآخرينْ فقليلاً منه .. يفعلْ الكثيرْ.
بسم الله الرحمن الرحيم بملامحه التي ظهَرَت عليها أَمَاراتُ اليأس والإحباط، توجَّه الشاب الضرير " أمجد" إلى قطار الدرجة الثانية بصُحبة أخيه، والذي أجلسَه في مقعد خالٍ، مُستعينًا بمصباح هاتفه ؛ حيث ساد القطار المُتهالك ظلامٌ سائد، ثم ودَّعه وانصرَف . وحَتمًا لَم يَدْرِ أمجد أنه يَجلس بجانب رجلٍ يبدو من هيئته أنَّه قد تجاوَز عقده الخامس، يَجلس في مقعده وابتسامة عَذبة قد ارْتَسَمت على مُحَيَّاه، حال الظلامُ والعمى بين أمجد وبين رؤيتها. جرس الهاتف يدقُّ، فيُخرج أمجد هاتفه من جيب مِعطفه، وظهَر أنَّ المُتَّصل هو والده، والذي حادَثه قليلاً، ثم ردَّ عليه أمجد: لا تَقلق يا والدي، فابن عمي سيَنتظرني كما تعرف في محطة بني سويف، لا تَخَف، وضَحِك ضحكة مُتهالكة ساخرة، قائلاً: حتى إن حدَث لي مكروهٌ ، فلن يضرَّ العالَم وجودي من عدمه ، أنا أعيش كالحيوانات ، أتناوَّل طعامي وأُخرجه، وأنام لا أختلف عن السرير الذي أنام عليه ، كيف لا أقول ذلك الكلام يا أبي؟ أليستْ هذه حقيقة ؟ إنني أتمنَّى الموت في كلِّ دقيقة، حسنًا يا أبي، سأتَّصل عليك بمجرَّد وصولي. انْتَهَت المكالمة الهاتفيَّة، فإذا بيدٍ حانية تأخُذ طريقها إلى كتف أمجد ، تَبِعتها كلمات ذلك الشيخ الذي يَجلس إلى جواره: لماذا كلُّ هذا القَدْر من التشاؤم يا ولَدي؟ الحياة جميلة ، أجملُ مما تَعتقد ! أمجد وهو يَكبت ضيقَه: جميلة؟ وما الجميل فيها يا والدي؟ الشيخ: أنَّك موجود فيها، أثارَت الكلمة انتباه أمجد، فردَّ باهتمامٍ : كيف؟ الشيخ : لأنها من أجْلك، هكذا خُلِقت، من أجْلك أنتَ كانت الشمس والنجوم، والشجر والبحار والأنهار؛ لأنَّك خليفة في الأرض. أمجد: قلْ هذا الكلام لِمَن يرون الحياة، ويُشاهدون ما تتحدَّث عنه، الذين يشاهدون جمال الطبيعة كما تُشاهدها أنت تمامًا. قاطعَه الشيخ: لكنَّ تلك المشاهد حيَّة في كِيانك، في حسِّك، فقط دَعْ عنك اليأْسَ والإحباط، فسترى جمال الحياة كما أراها، سترى مَشهد الغروب عندما تُعانق الشمس صفحةَ المياه، وتَغيب في أحضانها. بدا أمجد مَشدوهًا من تلك العبارات التي بدَتْ وكأنَّ صاحبها يَرسم بها لوحة شعريَّة ، لكنَّه تابَع الإنصات والشيخ يَستطرد: سترى مع تفتُّح الزهرة أملاً جديدًا في الحياة ، سترى سَرَيان ماء النيل يَنتقل بك بين القرون السابقة واللاحقة في نهر الزمن ، قاطعَه أمجد باهتمامٍ: سيِّدي، هل أنت شاعر؟ ابْتَسِم الشيخ ابتسامة عريضة مُجيبًا: لا يا ولَدي، ولكنني أرى جمالَ الحياة ، وحطَّم جمالُها كلَّ ذرَّة يأسٍ قد تَدبُّ إلى نفسي. أمجد: ليتني كنتُ متفائلاً مثلك، ولكن كما يُقال: يدك في الماء ، ويدي في النار، ولن تَشعر بمرارتي. الشيخ: يا ولَدي، إن كان الله قد أخَذ بصرَك، فلم يَحرمك من البصيرة ، وإن كان قد سَلَب منك نعمةً، فقد أنعَم عليك بما لا تُحصيه عددًا، لماذا تَنظر إلى ما أُخِذ منك، ولا تنظر إلى ما أُعطيتَ ؟! لا تَستصغر نفسك وتَحتقرها على حالها، وانظر إلى ما ذخرَ به العالم ممن سُلِبوا نعمة البصر، وصاروا فخرًا لأن يَذكرهم التاريخ ، لماذا ترى نفسك أقلَّ من هؤلاء؟ أمجد: أتعرف أنني لَم يُسبق لي أن حدَّثني أحدهم بهذا الشكل ، كلامك أجدُ له أثرًا عميقًا في نفسي. الشيخ: إذًا فلتَطوِ صفحات الماضي، واعْتَبر هذه اللحظات بداية حياتك وولادتك الجديدة ، وعاهِدْني على أن تستثمرَ كلَّ موهبة وطاقة لديك في أن تسيرَ إلى الأمام. تَهَلَّل وجه الشاب وهو يقول: لقد فجَّرتَ في نفسي مشاعرَ كنتُ أظنُّ أنها ماتَت، إنني أشعر الآن بقوَّة لَم أعْهدها، وأرجوك كنْ على صِلة بي دائمًا، وتفقَّدْ أحوالي؛ فأنا أحتاج لمثل هذه الرُّوح التي بَعَثت فيّ الأمل من جديد. ربَّتَ الشيخ على كتف الشاب في حنان وهو يقول: إنَّك لستَ بحاجةٍ إليّ، فأنا على يقينٍ من أنه قد وُلِد فيك العزم من جديد، سأنزلُ في المحطة القادمة، في رعاية الله يا ولَدي. وفي سرعة سألَه أمجد: هل كنتَ في عملٍ؟ أجاب مُبتسمًا: نعم ، عمل يومي، أستقلُّ القطار يوميًّا من الجيزة التي أُقيم فيها إلى بنها، وأعود في أوَّل قطارٍ. تعجَّب الشاب، وقال: لماذا؟ اتَّسعت ابتسامة الشيخ وهو يقول: أزْرَع الأمل في قلوبٍ ماتَ فيها الأمل . قالها وهو يَنهض ؛ حيث توقَّف القطار في محطة الجيزة، وودَّعه: في رعاية الله يا ولدي ، في رعاية الله، فأجاب الشاب مُمْتَنًّا: في أمان الله يا زارع الأمل ، ولكنَّه سَرعان ما اتَّسعت حَدَقتاه دَهشةً ؛ إذ سَمِع صوتًا مألوفًا لَدَيه من قِبَل الشيخ، صوتَ عصًا طويلةٍ رفيعة، يَملِك أمجد أُختها ، يتحسَّس بها الأعمى الطريقَ ! OOO إسكبوا الأمل في قلوبْ الآخرينْ فقليلاً منه .. يفعلْ الكثيرْ مما راقت لي
|
للتـوآصل تَوَاضَعْ تَكُنْ كالنَّجْمِ لاح لِنَاظـِـــرِ . على صفحـات المــاء وَهْوَ رَفِيــعُ ولا تَكُ كالدُّخَانِ يَعْلُـــو بَنَفْسـِـــهِ . على طبقــات الجـوِّ وَهْوَ وَضِيــعُ (`*•.¸(`*•.¸ A ¸.•*´)¸.•*´) ˜”*°•˜..♥..(-->♥ عابرسبيل♥<-- )♥..˜ •°*”˜ (¸.•*´(¸.•*´ A `*•.¸)`*•.¸) تقييم منتديات قبيلة ال شراحيل بفيفاء زوروني هنا
•
رسالة لمن غابوا عنا اين انتم
• ██▓▒░( ♥-.♪¸ بوح ـآلنبضآتـ¸لـع ـابرسبيل♪.-♥ )░▒▓██ • طلباتكم وآرائكم أوامر قيد التنفيذ.
التعديل الأخير تم بواسطة عابرسبيل ; 08-23-2012 الساعة 04:07 PM
|
08-23-2012, 08:47 PM | #2 |
|
رد: إسكبوا الأمل في قلوبْ الآخرينْ فقليلاً منه .. يفعلْ الكثيرْ.
.ســلمت يداكـ ..على الإنتقآءوالطرح..
..الأكثر من رووووعـه .. ..بإنتظآر جديدك المميز .. تقديري لك |
|
08-27-2012, 07:20 PM | #3 |
|
رد: إسكبوا الأمل في قلوبْ الآخرينْ فقليلاً منه .. يفعلْ الكثيرْ.
مروركم زادني بهجه
شكراً من الاعماق وفقكم الله لكل خير عابرسبيل |
للتـوآصل تَوَاضَعْ تَكُنْ كالنَّجْمِ لاح لِنَاظـِـــرِ . على صفحـات المــاء وَهْوَ رَفِيــعُ ولا تَكُ كالدُّخَانِ يَعْلُـــو بَنَفْسـِـــهِ . على طبقــات الجـوِّ وَهْوَ وَضِيــعُ (`*•.¸(`*•.¸ A ¸.•*´)¸.•*´) ˜”*°•˜..♥..(-->♥ عابرسبيل♥<-- )♥..˜ •°*”˜ (¸.•*´(¸.•*´ A `*•.¸)`*•.¸) تقييم منتديات قبيلة ال شراحيل بفيفاء زوروني هنا
•
رسالة لمن غابوا عنا اين انتم
• ██▓▒░( ♥-.♪¸ بوح ـآلنبضآتـ¸لـع ـابرسبيل♪.-♥ )░▒▓██ • طلباتكم وآرائكم أوامر قيد التنفيذ. |
09-02-2012, 05:04 PM | #4 |
|
رد: إسكبوا الأمل في قلوبْ الآخرينْ فقليلاً منه .. يفعلْ الكثيرْ.
عابر سبيل
مشكووووور ويعطيك العافيه دمت بخير بقايا إنسان |
|
09-27-2012, 04:59 PM | #5 |
|
رد: إسكبوا الأمل في قلوبْ الآخرينْ فقليلاً منه .. يفعلْ الكثيرْ.
شكرا لكم من القلب على هذا المرور الطيب
والتعليق الاكثر من رائع بارك الله فيكم ونفع بكم يااااارب ولكم ودي وعبير وردي عابرسبيل |
للتـوآصل تَوَاضَعْ تَكُنْ كالنَّجْمِ لاح لِنَاظـِـــرِ . على صفحـات المــاء وَهْوَ رَفِيــعُ ولا تَكُ كالدُّخَانِ يَعْلُـــو بَنَفْسـِـــهِ . على طبقــات الجـوِّ وَهْوَ وَضِيــعُ (`*•.¸(`*•.¸ A ¸.•*´)¸.•*´) ˜”*°•˜..♥..(-->♥ عابرسبيل♥<-- )♥..˜ •°*”˜ (¸.•*´(¸.•*´ A `*•.¸)`*•.¸) تقييم منتديات قبيلة ال شراحيل بفيفاء زوروني هنا
•
رسالة لمن غابوا عنا اين انتم
• ██▓▒░( ♥-.♪¸ بوح ـآلنبضآتـ¸لـع ـابرسبيل♪.-♥ )░▒▓██ • طلباتكم وآرائكم أوامر قيد التنفيذ. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|