"المظهرية" حوَّلت السائح السعودي لـ"كبش" سهل اصطياده.

سبق– جدة

قال خبراء إن ثقافة المظهرية وحب البذخ التي يعتمد عليها السائح السعودي في الخارج جعلته لقمة سائغة للمحتالين والنصابين، ولاسيما عن طريق الغواية النسائية.

لكنّ مختصين يؤكدون أن السائح السعودي أصبح أكثر وعياً من الفترات السابقة، مشيدين بدور السفارات في تذليل العقبات أمام السائح.

ومع بداية إجازة نصف العام، والاستعداد للسفر إلى الخارج، طالب المختصون الهيئة العامة للسياحة بإصدار مطبوعات لتحذير المسافرين السعوديين، ولاسيما "الضلع الأعوج" منهم، من خطر الانزلاق في مشكلات غير مأمونة العواقب.

واشتكى مواطن - تحتفظ "سبق" باسمه - قائلاً: "هناك العديد من الدول العربية – للأسف - تتعامل مع السائح السعودي وكأنه بنك متحرك؛ حيث نجد ارتفاعاً مبالغاً فيه في الأسعار عن العادة؛ فنجد الشيء يزيد أربعة أضعاف على سعره طالما أن السائح سعودي"، وطالب السائحين بعدم السماح باستغلالهم، ورفض كل هذه الأنواع من السرقة، كما وصفها.

وقصت لـ"سبق" "أم زياد" ما حدث مع أسرتها من نصب من قِبل إحدى الشركات لبيع شاليهات وهمية وصكوك مزوّرة من خلال "التايم شير"، وقالت: "حكت لي صديقة عن اشتراكها في نظام التايم شير الذي يسمح لها بقضاء أسابيع سنوياً في كثير من الدول الجميلة، وبالفعل طلبتُ من زوجي أن نشترك، وبدأنا نسأل عن الشركات والمواصفات والعروض".

وأضافت: "استطاعت شركة أن تغرينا بعروضها إلى أن دفع زوجي مبلغ 50 ألف ريال، واكتشفنا وقتها أنه عرض وهمي لغرض النصب والسرقة ليس إلا".

ليالٍ حمراء
وحكى لـ"سبق" مواطن - رفض ذكر اسمه - عن "استغلال النساء في بعض الدول لسرقة السائح، وخصوصاً في الفنادق الكبيرة، من خلال سهرات ماجنة وليال حمراء، الغرض منها سرقة السائح، ودائماً ما يقع السائح فريسة لهذا النوع من النصب المغلف بالنساء".

وعن حوادث النشل والسرقة قال "أبو فهد": "تعرَّضت لحادثة نشل عن طريق المشرط في إحدى الدول المعروفة، وللأسف هذا النوع من السرقة منتشر في العديد من الدول العربية".

ونصح السائح بعدم حَمْل مبالغ مالية كبيرة داخل محفظته، وجعل الفيزا بدلاً منها؛ حتى يحمي نفسه.

وقال: "للأسف، هناك الكثير من السعوديين بدؤوا في تغيير ملابسهم بأي زي آخر؛ حتى يخفي أنه سعودي حفاظاً على نفسه من أساليب النصب المتعددة".

حب المظهرية
وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الحميد العمري أن تقمص المظهر الاجتماعي الذي فيه بذخ من السائح السعودي خارج بلده جزء منه راجع إلى ثقافة خاطئة موجودة عند العديد من أفراد المجتمع.

وقال: "نجد البعض ينفق ببذخ في السهرات والحفلات، ربما لأسباب كثيرة، منها نفسية واجتماعية؛ ما ساهم بقدر كبير في ترسيخ صورة سلبية عن المواطن السعودي".

وأعرب عن أسفه من كون "السائح السعودي بات لقمة سائغة للنصابين والمحتالين؛ ما انعكس بالسلب على نظرة الآخر له"، مرجعاً السبب إلى "ترسبات مرتبطة بالتربية والوضع الاجتماعي".

وكشف العمري نفسه أنه يواجه مشكلة كبيرة عند سفره للخارج من خلال نظرات المحتالين والنصابين إليه، باعتبار أنه مواطن سعودي.

كبش يسهل اصطياده
وشدَّد الخبير الاقتصادي على أن تصرفات البعض من السياح جعلتهم مطمعاً لغيرهم، كما أنها تساهم بشكل كبير في لفت انتباه من حولهم إليهم.

وقال: "للأسف، السائح السعودي دائماً ما يضع نفسه في منطقة الخطر؛ ما يجعله يتعرض للنصب"، مشيراً إلى أنه "صار كبشاً يسهل اصطياده، بالرغم من التحذيرات والتجارب السابقة كلها، إلا أنه لا يزال يتعامل بالثقافة نفسها وحب الظهور والمظهرية؛ حيث يحاول أن يقدم نفسه من خلال تصرفات تنقص من قيمته بدلاً من أن تعلو منها".

وأفاد العمري بأن شركات السياحة زادت من عمليات النصب عليه، سواء داخلية أو خارجية.

لكنه قال: "إن الوضع اختلف كثيراً في الجيل الجديد، الذي بات أكثر وعياً وثقافة عما قبله"، مؤكداً "ضرورة الاهتمام بالسائح الجديد وتعريفه كيف يحمي نفسه وحقوقه وواجباته في الخارج".

زيادة الوعي
ورأى العمري من خلال متابعته لوسائل التواصل الحديثة وجود ثقافة جديدة ومختلفة لدى الكثير، وهناك تعليقات تشير إلى زيادة الوعي السياحي، بيد أنه لا يزال هناك فئات لن تستوي؛ حيث صارت كالضلع الأعوج؛ حيث أدمنوا الصرف والبذخ، إلا أنهم بدؤوا يتلاشون.

وقال العمري: إن تعميم هذه النظرة من قِبل المجتمعات التي نزورها، التي تقول إن السائح السعودي يسهل النصب عليه، ساهم فيها بشكل كبير المواطن السعودي، وسوف يتحقق التغيير إذا قمنا بالفعل بتغيير أنفسنا، إلا أن الأمر سيأخذ بعض الوقت، وعلى المجتمع أن يعي حقوقه وواجباته في الخارج؛ حتى لا يصبح لقمة سائغة للمحتالين والنصابين.

برامج وهمية
من جهته رأى الخبير السياحي مهيدب المهيدب أن الوعي السياحي لدى السعودي ارتقى في السنوات الخمس الأخيرة.

وأوضح أن "السائح السعودي أصبح على معرفة تامة بالبرنامج السياحي الذي تقدمه شركة الطيران، وكيفية استغلال عروض السفر"، مشيراً إلى أهمية خبرة السعودي بالبلد الذي ينوي السفر إليه في مواسم الإجازات.

ولحماية المواطن من الاستغلال لفت "المهيدب" إلى ضرورة التأكد من ترخيص المكتب السياحي داخل السعودية؛ حتى لا يشتري برامج وهمية من شركات غير معترف بها.

وحذَّر من الثقة الزائدة في التعامل مع الغرباء في السفر؛ كي لا يصبح فريسة سائغة للمستغلين، وطالب بتسجيل بيانات السائح في السفارة السعودية بالبلد المقيم فيه فترة إجازته.

فنادق خمس نجوم
ونصح"المهيدب" باختيار فنادق آمنة للإقامة، وقال: "يجب الاحتفاظ بالمبالغ النقدية والأشياء الثمينة في الخزانة الخاصة بالفندق"، مؤكداً أن 90% من السعوديين يسكنون في فنادق خمس نجوم، لديها كاميرات مراقبة لحماية النزلاء من السرقة.

ونصح السائح السعودي باختيار شركات معروفة لتأجير السيارات، وشدد على ضرورة شراء شريحة جوال خاصة بالبلد المقيم فيها؛ للإبلاغ عن أي طارئ.

وشدّد على ضرورة استخدام "الفيزا كارد" بدلاً من المبالغ النقدية؛ حتى لا يتعرض للسرقة.

وبسؤاله عن دور السفارات السعودية في حماية مواطنيها في الخارج أجاب: "تنفيذاً لتعليمات خادم الحرمين الشريفين فقد بدأت سفارات السعودية في الخارج في تذليل الصعوبات، ومعالجة المشكلات التي يتعرض لها السائح السعودي في الخارج".

وأشاد بتعيين السفارة مستشاراً قانونياً على نفقتها الخاصة؛ للدفاع عن السعودي إذا تعرض للاحتيال أو السرقة، أو لاتهامات باطلة.

انطباع خاطئ
وحذر الكاتب محمد العصيمي من استغلال بعض وكالات السفر والسياحة الإقليمية والدولية المواطن السعودي، مرجعاً ذلك لضعف خبرته السياحية، وسهولة تعرف الآخرين عليه بزيه الوطني ووجوده مع أسرته.

وشدّد على دور الجهات الرقابية في منع استغلال السعودي عندما يسافر إلى الخارج، رافضاً وصف السعودي بالبذخ في الإنفاق.

وقال العصيمي: هناك انطباع خاطئ أن كل السعوديين ينفقون ببذخ على المتعة والترفيه في الخارج. مبيناً أن هذه فئة محدودة للغاية، لا تمثل سوى 5% من السعوديين.

ورأى العصيمي أن غالبية السعوديين يسافرون مع عائلاتهم في مناخ آمن، وينفقون باعتدال، مبدياً تفاؤله من تنامي الوعي السياحي لدى السعودي في الفترة الأخيرة.

وقال: "لقد أصبح الفرد أكثر حذراً في التعامل مع الغرباء في خارج وطنه، وأكثر معرفه بحقوقه لدى شركة الطيران أو في الفنادق".

وطالب الهيئة العليا للسياحة بإصدار "مطبوعات" لتحذير المسافرين من خطر الانزلاق في مشكلات غير مأمونة العواقب، كما طالبها بأن يكون الوعي الذهني والشخصي للمواطن السعودي هدفها؛ حتى يقضي وقتاً ممتعاً آمناً في الخارج.
......
عابرسبيل