العودة   -*™£ منتدى آل شراحيل بفيفاء£™*- > «۩۞۩- الــأقــســام الــإســــــــــلامــــــــية -۩۞۩» > 【 منتدى الـقـرءآن الـكـريـم 】
【 منتدى الـقـرءآن الـكـريـم 】 يختص بالقرءآن الكريم وجميع علومه
التسجيل روابط مفيدة

الملاحظات

الإهداءات


الطعام والطيبات في القرآن الكريم

【 منتدى الـقـرءآن الـكـريـم 】


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-05-2013, 03:13 PM   #1
مجلس الادارة


الصورة الرمزية ام ياسر
ام ياسر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1878
 تاريخ التسجيل :  Jun 2012
 أخر زيارة : 09-03-2020 (09:44 PM)
 المشاركات : 54,004 [ + ]
 التقييم :  637
 SMS ~
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي حِرْزِكَ وَحِفْظِكَ وَجِوَارِكَ وَتَحْتِ كَنَفِك.
 اوسمتي
المراقبة المميزة .  مراقبة القسم المميز  أوفياء المنتدى  وسام العطاء 
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الطعام والطيبات في القرآن الكريم



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين
(أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر - 36
مقدمة: هذه سلسلة من المقالات، التي أود من خلالها محاولة فهم الإسلام – دين الله القيم بشكل حنيف قريب الى المراد الإلهي الذي نبتغيه في بحثنا عن الحق، من منطلق عالميته واتساعه لنواميس الكون وسننه والتغيرات التاريخية في المجتمعات منذ نزوله حتى اليوم.

وأنوه أن فهمي لما ورد هنا هو نتاج تدبر خالص لله تعالى مني لكتابه العزيز فقط، حيث أنني لا أعرف غيره مرجعا لي ومصدراً لعلمي وفكري في دين الله تعالى ، وأنا أعرض على الكتاب كل صغيرة وكبيرة حسب جهدي وما أوسعنيه الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو عبارة عن رأي – أراء لي في بعض المسائل في الكتاب، التي لم يتعرض لها الكثير ، وهي نتاج آنيّ في زمننا هذا وفي وقتنا هذا ، ولا يلزم كونه الحقيقة بل هو نسبي بحكم أن الحقيقة لله وحده تعالى عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، وهي ما نبحث عنه ونرجوا الوصول اليه.

وأكرر ما قاله تعالى – يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. وبعد،

بدايةً علينا فهم تفصيل الله تعالى لكلمة "طعام" :
وهي في قوله تعالى :
(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)
البقرة - 249
ومنها بكل بيان نرى ان الماء من الطعام - العام - لقوله تعالى "وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ" ، فالطعام هو الذي يتم دخوله الفاه فالجوف
فتحس بطعمه ثم تأخذ منه كمية كافية لك !

وفي هذه الآية وضع لهم طالوت ثلاث خيارات :
1. من شرب منه (أي من ارتوى منه - أي طعمه)
2. النقيض لها - من لم يطعمه - أي لم يرتوي منه ولم يشرب منه ابدا
3. حالة إستثنائية للعطشى - بأن يشربوا مقدار ما تحمل يدهم منه (غرفة بيده)
فجائت كلمة يطعمه نقيضا لمن لا يشربه ابدا
ومنه نفهم ان الطعام ما يدخله الإنسان في جوفه من ماء او نبات او لحوم أو غيره.

**********
قال تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) البقرة - 61

ومنه نرى بكل بيان أن كل ما ذكر هنا هو طعام، وتم "صفته" بالعدد – أي أنه أنواع وأصناف.
وقول موسى عن أنواع الطعام بأن هناك خير وهناك أدنى عائد إلى كون طعامهم الذي رفضوه كان من السماء وليس من طعام الأرض، فكان ارتباطه بالله تعالى - فاطلق عليه صفة الخير لهذا السبب، وأطلق على طعام الأرض صفة "أدنى" لكونه لا يسموا لطعام السماء الذي لا بد يحتوي على كل ما يلزم الإنسان من فوائد وفيتامينات وطاقة ... الخ - فهم أكلوا صنفين فقط، وكانا كافيين لتزويد أجسادهم بما يلزمها من طاقة وفوائد أخرى!

**********
الطعام والشراب صنفان من نوع الطعام
( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة - 259

في هذه الآية لا تعارض مع مورد البقرة - 249 – حيث طالوت ومن معه، فهنا تم فصل الشراب عن الطعام، ولم يتم ذكر ماهية الشراب، فالطعام هو الإسم العام لكل ما يطعمه الإنسان - أي يدخل فاه وجوفه بغض النظر عن طبيعته، وحين يلزم التفصيل نقول أن السوائل تُشرب، والطعام يُؤكل، فأنت لا تأكل الماء بل تشربه أو تطعمه، فيكون الطعام من مصدر فعل (طَعـَم) بفتح الطاء والعين.

**********
الفرق بين الطعام والأكل
الطعام من طعم يطعم أي مما يدخل الفاه فتطعمه، وهو مفهوم شامل عام لكل ما يؤكل ولا يؤكل، من ماء أو شراب أو ما يدخل الفاه إجمالا!
وهو غير الأكل، فالأكل هو من الإنقاص في الشيء عامة
، ومنه هو الإنقاص من الطعام مما هو من البحر أو في الأرض أو من الأرض.
ولهذا تم ذكر الأكل في الصيام، فقد يدخل فانا ما لا نأكله بل نطعمه فقط، حين السهو مثلاً.

ومنه كلمة أكل قد تحمل معنى الإنقاص من مال اليتيم، فنحن نأكل الطعام أي ننقص منه بطعمه ودخوله أجوافنا، ونأكل مال اليتيم فننقص منه، وأن نأكل نارا في بطوننا كما قال تعالى ليس أن نطعمها، بل أن تكون تلك الأموال المنقوصة أو كتم العلم والآيات كما هو النار في البطون، فالأكل هو الإنقاص كما قلنا وليس دخول الشيء للبطن فقط، أي دخول الطعام فقط، فيمكننا أن نأكل ناراً وأموالاً بالباطل بل يمكننا أن نأكل آيات بينات بكتمها – أي بإنقاصها بكتمنا لها – وهذا سأذكر فيه أدناه آيات كثيرة تدل على أن عملية الأكل ليست في الطعام فقط كما الطعم – يطعم!

نأكل الطيبت مما حلل الله تعالى لنا بإنقاصنا إياها، فعملية أكل الطعام تنقص منه :
(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) البقرة – 172

أكل النار هو كتم آيات الله تعالى، أي الإنقاص منها وعدم إظهارها كلها:
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) البقرة – 174

أكل الأموال هو في سرقتها وأخذها باطلا بين بعضنا البعض باستخدامها في الرشوة :
(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة – 188
وفي كثير من الآيات نقرأ ونفهم أنه يتم أكل الأموال، أي الإنقاص منها، بالخير أو الباطل، ولكن أكل المال هو استخدامه والإنقاص منه باستخدامه.

وما أكل السبع – أدناه تفصيله – أي ما أنقص السبع منه حين اصطياده له، وقد يكون فتك به فمات، وقد نستطيع تذكيته.

وأكل عيسى وأمه من الطعام هو أن ينقصا منه بأكله وليس طعمه فقط:
(
مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)المائدة – 75

والأكل من الثمر هو الإنقاص منه حين أكله :
(وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)الأنعام – 141

وخير مثال في الإنقاص حين الأكل هو ما أوله يوسف عليه السلام في البقرات السبع وغيرها :
(ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ) يوسف – 48

وتم دائماً ربط الأكل بالطعام والرزق والطيبات والحلال منه أو الخبيث، بينما تم ربط التحريم والتحليل بالطعام فقط
(وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) الأنبياء - 8

**********
قضايا الطعام التاريخية في القرآن
لكي نفهم قضايا الطعام التاريخية في القرآن، سنفصلها إلى جزئين، أو مرحلتين، شئنا أم أبينا، الجزء الخاص بشرعة الإصر والأغلال على اليهود ذوي المعجزات الحسية، والجزء الثاني الخاص بشرعة التخفيف الممثلة بالقرآن الكريم الرسالة الكونية:

أولا - شرعة الإصر والأغلال
كما بلغنا من القرآن الكريم عن بني إسرائيل، أنهم أتتهم من الله تعالى آيات معجزة كثيرة حسية، هم ومن بعثوا إليهم - قوم فرعون، وذلك بسبب الواقع التاريخي والإجتماعي الحسي ذاته الذي كان يسود ذلك الوقت من سحر وعلم في البناء وطغيان لفرعون في ظلمه.

وبالتالي، كان الله تعالى يعاقبهم عقاباً نكالاً منه، مباشر، على عدم تصديقهم لتلك المعجزات الخارقة للعادة البشرية، وكفرهم بها ونقضهم لمواثيقهم مع الله تعالى، فكان ينزل بهم العقاب، واحد تلو الآخر، تبعا للمعجزات المتتالية لهم، ولم يكن يمهلهم، وهذه هي الصورة الإجتماعية والتاريخية لهم من القرآن كما نراها، وكما جاء بها الكتاب المهيمن بتصديقه لما كان في التوراة، بإحتوائه إياه، مصححاً له من كل تحريف من حوله من الموروثات الروحية المحرفة للتوراة والإنجيل - الإسرائليات - ، ومنه نحن نرى ان الله تعالى نسخ آياته - التوراة والإنجيل - وبدلها بالقرآن المهيمن المجيد الكريم، وهذا له باب نقاش آخر ليس وقته هنا.

في شرعة الإصر والأغلال نرى أن الله تعالى حرم عليهم "بداية" فقط ما حرمه إسرائيل - جدهم - على نفسه:
(كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) آل عمران - 93
وهذا التحريم لنفسه كان من قبل التوراة – أمر مسلم به - لأن بني إسرائيل ينتسبون إلى إسرائيل نفسه، ممن حملهم الله تعالى مع نوح.

ثم - منطقياً - لا بد ان ننتقل إلى مرحلة أخرى، ففي هذه المرحلة - مرحلة ما قبل التوراة - حيث لم يكن محرم عليهم الكثير من الطعام، بل أغلبه حلال، أتت التوراة ، وبدأوا بالجحود والكفر والعصيان الظالم الظاهر لآيات الله تعالى البينات، فتم تحريم كثير مما كان حلالاً عليهم أصلا
(فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا) النساء - 160

وهنا للمرة الأولى نواجه كلمة "طيبات" ، وسنعود إليها لاحقاً إن شاء الله تعالى.

وبلغ ظلمهم وكفرهم درجة كبيرة، أن الله تعالى فصل لهم تفصيلا ما يمكن أكله وما لا يحل لهم أكله حتى من المتقارب من اللحم :
(وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) الأنعام - 146
ويجب ان نلاحظ هنا بدقة أن "كل ذي ظفر" كان حلالاً لهم ثم حرمه الله تعالى عليهم "نكالاً"، وهو ليس محرم على جميع البشر كما ادخلوا علينا الإسرائيليات - وسنناقش هذا لاحقا.

وهناك آيات كثيرة تفصل ما حرم الله تعالى عليهم من طعام مختلف، ولن نتعرض لها هنا، لأن كل هذا تم نسخه بالقرآن الكريم المخفف للإصر!

**********
ثانيا - شرعة التخفيف والرحمة
لا بد لنا من التعرض للحظة التي تم فيها التبشير بعيسى ومحمد عليهما السلام، وهي لقاء الطور أو الجبل الذي تم فيه ميقات موسى ومن معه مع الله تعالى:

(وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ

وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف - 155:158

فمن بعد نقضهم لعهد الله تعالى، بعبادتهم العجل، حيث تركهم موسى ليتلقى الألواح، وبمجرد مغادرته إياهم، فمن بعد أن آتى الله تعالى موسى التوراة – والتي هي عبارة عن ألواح يستطيع حملها رجل واحد معه! – ثم رؤية موسى ما حصل معهم، عاد موسى إلى الوادي المقدس ليستغفر قومه ربهم، على ما عبدوا وأشركوا، فاختار سبعين رجلا منهم، فمن القرآن نفهم ان الإستغفار والتوبة النصوح تحتاج إلى سبعين مرة، كما قال تعالى للرسول في القرآن الكريم أنه لن لهم - فئة من منافقين المدينة - حتى لو استغفر لهم الرسول سبعين مرة (التوبة - 80)، ومنه اختار موسى ذلك العدد من قومه الذي ظلم نفسه لميقات ربه، فلما اقتربوا من الجبل، اخذتهم الرجفة بسبب غضب الله تعالى عليهم بما عبدوا وأشركوا أثناء تلقي موسى التوراة ، فبدأ موسى يستغفر لهم، ويطلب من الله تعالى أن يخفف عنهم الإصر والأغلال بقوله لله تعالى ان يكتب لهم في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وأنهم هادوا إليه - أي عادوا وتابوا وأنابوا كما يفهم من قوله! ولكن الله تعالى لم يقبل بأن يخفف عنهم إلا بشرط واحد، هو أن ينتظروا النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة "والإنجيل"، وهو من سيحل لهم "الطيبات" ويحرم عليهم "الخبائث" ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ....

ومن هنا بكل بيان نفهم انهم لن يزالوا تحت حكم تلك الأحكام حتى يأتي نبي برسالة تكون هي "رسالة التخفيف ووضع الإصر والأغلال" - وهي رسالة القرآن.

ثم علينا ملاحظة ذكر الإنجيل لهم في التوراة بل أثناء الميقات، وهذا مهم جداً، لكي لا يكون هناك خلط بين عيسى ومحمد عليهما السلام، فالله تعالى بشرهم بعيسى ومعه الإنجيل أثناء لقاء الجبل، ثم بمحمد ومعه شرعة التخفيف والرحمة.

وأخيراً تلا كل هذه الآيات آية تدل على عمومية الرسالة الأخيرة المخففة لكل الناس قاطبة. أي أن الإسلام هو دين التخفيف ودين الناس كافة!
وهذا الأمر فقهه بني إسرائيل جيدا، ومن بعدهم فهمه اليهود جيداً جداً بل استخدموه ضد الإسلام نفسه!!!

فالقرآن جاء يحوي التوراة والإنجيل بداخله، ليس عبثا، بل لغاية تصحيح الموروث الديني القديم المحرف، فقام العرب او غيرهم ممن تأسلم وادعى الإسلام بإعادة هذا الموروث وإضافة موروث جديد عليه ( الإسرائيليات - السنة - الشيعة - من بخاري ومسلم وكافي ).

وهذا أمر مهم جدا علينا فقهه والتنبه له، فعملية إعادة رسالة القرآن إلى دين إصر وأغلال، هي عملية تحريف هادفة لنفي صفة الرسالة الأخيرة عن القرآن بكونه لم يخفف الإصر والأغلال ومن هنا، هو ليس الذي بشروا به، ونهاية، هو ليس من عند الله تعالى. فقاموا بنشر كثير من التراث القديم والجديد الذي يزيد الأغلال على الناس ولا يضع عنهم إصرا بل يزيد الإصر عليهم فيرهقهم، وهذا ما نراه اليوم ومن قبل في كثير من الحركات الإسلامية التي جعلت من دين الله تعالى شيئا غير ما نراه في القرآن أبداً، فحتى العبادات لم يتركوها وشأنها فزادوا فيها بحجة الخير ولم تعد كما نقرأها من القرآن الكريم، وهذه حرب ضروس ضد دين الله تعالى القيم المخفف للإصر والأغلال، ونسوا ان الله تعالى، شاؤوا أم أبوا، سيظهر دينه على الدين كله وسيتم نوره، بحركة تاريخية جدلية وتطور إجتماعي وفكري وثقافي، خارج عن إرادتهم وقدراتهم في السيطرة عليه، لأن الله تعالى لم يجعل للشياطين سلطان على عباده المخلصين.

والآن، ما علاقة كل هذا بالطيبات والطعام؟
هنا نبدأ بحثنا في شرعة التخفيف عن الطعام، وسنجد العلاقة من خلال فهم الشرعة التي نزلت للناس كافة، وليس للعرب أو لفئة معينة من البشر كما في السابق، فقد أصبح الخطاب إنساني حتى في الحج وغيره، بخطاب "الناس"، وليس العرب أو المؤمنين، في كثير من جوانب الدين القيم، بكل تفرعاته !

**********
من الضروري جداً، بل من علامات الإيمان الصادق، أن نقرأ القرآن ولا نخلط بين شرعتين، إحداهما نسخت، وبقيت الأخرى مهيمنة على كل ما سبق، ومنه، لا يحق لنا أن نعيد التراث القديم الذي جاء القرآن ليصححه، فنأخذ بالإسرائليات أو بموروث منسوب كذبا على رسول الله محمد - الرسول الموقر - عليه السلام والرحمة.

الآية الفاصلة المحكمة في التحريم والتحليل للطعام بكل أشكاله وأنواعه في القرآن هي ما قاله تعالى :
(قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الأنعام - 145

وهنا نلاحظ إستخدام كلمة "طاعم" وكلمة "يطعمه"، اللاتي هي أعمق وأشمل من "أكل" أو "شرب"، فهي كما أوردنا أعلاه تحوي الأكل والشرب معا!
ولذلك كان الدم المسفوح - الذي هو سائل نوعا ما بطبيعته - من ضمن ما ذكر هنا من بين انواع الأطعمة.

ولهذا .... لا يحق لأحد تحليل أو تحريم شراب او طعام لم يذكر هنا أبداً إلا إن جاء فيه نص صريح خارج هذه الآية المحكمة الشاملة العامة!
فالرسول عليه السلام بذاته لم يجد غير ذلك محرماً عليه، وبالتالي – منطقياً - علينا!
وأكرر أن هذه آية محكمة لا شبهة فيها إلا لمن أراد المعاجزة فقط أو تحريف الإسلام جوهراً، وكما قلت وتكلمت، عن تحريفهم لشرعة التخفيف بجعلها شرعة أغلال وإصر!

والآن، وبناءا على هذه القاعدة المحكمة نبدأ البحث عن الطعام وفهم الطيبات منه من الخبائث!

في شرعة التخفيف الإنسانية العالمية ذكر حالتان او بدقة أكثر أربع حالات عن أحكام الطعام.
نستثني منها حالة الإكراه - فهي بينة (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
) البقرة – 173
وأترك نقاش حالة الخمر كطعام (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
) المائدة - 93، فليس محلها هنا.
فيبقى أمامنا حالتان هما :
1. وضعية الإحرام في الأشهر الحرم وخاصة الحج – حرمة الصيد.
2. الوضع اليومي العام للإنسان والمجتمع.

**********
الصيد
بالنسبة لوضع الحج فأمره خاص من العام، أي هو إستثناء من الوضع العام الذي يعيشه الإنسان في يومه العادي، فهو كذلك حالة إستثنائية مؤقتة بإعلان الرغبة في الحج أو العمرة، وتنتهي بالتحلل من ذلك الإعلان، فيعود الفرد إلى سابق عهده، من طعام وصيد وغيره، ومن هنا، كانت الآية المحكمة الفصل في هذا الأمر هو قوله تعالى :
(أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) المائدة - 96
والتي كما نراها محكمة بينة لا جدال حولها.
فالصيد بحد ذاته هنا هو موضوع التحليل والتحريم وليس الطعام، وهذا مما يجب ان نتنبه له! وليس كل الصيد بل صيد البر فقط بكل أشكاله وعمومه فالحكم عام بين واضح لمن اتقى.
وذكر الصيد هنا لم يرتبط بالكعبة أو البيت الحرام كما يدعي او يرى البعض بل بعملية السفر ذاتها، فكثيرا ما يجادلون في الصيد وكأن مكة هي مكان للصيد فقط ! ولا يتدبرون قوله تعالى "مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ" ، والتي نفهم منها ارتباط الصيد أثناء السفر إلى مكة في الطريق، وكان – في ذلك الوقت أو من يحج راجلا حتى اليوم - ولا بد، من انهم كانوا يصطادون أثناء سفرهم لكي يقتاتوا!
وورد هذا في آية أخرى "بنفس" التخصيص للصيد في السفر، بكلمة " آمِّينَ" البيت الحرام، أي متجهين إليه، وسنراها لاحقاً إن شاء المولى.
وهذا كله بلاء وامتحان "صغير" من الله تعالى لمن أراد الحج لبيته
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) المائدة – 94

وكذلك تأكيدا لكون الحج غير مرتبط بالصيد أبداً هو قوله تعالى :
(
إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) التوبة – 36

فلم يتم ذكر الصيد هنا أبداً، بل منع القتال فيهن إلا على من إعتدى، بل وعظنا الله تعالى فيهن أن لا نظلم أنفسنا ابداً، ولم يتم ذكر الصيد فيهن أو في غيرهن!
ولمن لا يعلم علاقة الصيد بالغيب بالكفارات عليه البحث وسيجد في ذلك الكثير.وينتهي هذا التحريم الخاص بكونهم ليسوا حرماً أي بمجرد تحلل حرمتهم.

**********
صيد البحر
سألني أحد الأخوة سؤالا يريد أن ينبهني به إلى أمور فاتتني في البحث السابق:
ما المقصود بصيد البحر في الاية ؟ وهل كان محرما فاصبح حلالا ؟ وميتة السمك ؟ هل اصبحت حلالا لنا ؟ وهي ميتة ؟

فكان لا بد هنا من تفصيل لبعض الأمور المتعلقة بصيد البحر والتي اغفلت عنها في دراستي الأولى، فتم تذكيري بها من أصدقائي ممن حولي من المهتمين بالأمر، ومنها تحديد مدلول صيد البحر والميتة من البحر!

قال تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) المائدة – 96

والفعل (أُحِلَّ) يدل على الماضي وليس الحاضر، أي انه حلال منذ القدم، لا نعلم من متى، ولكن نعلم انه تم تعداده كحلال ولم يقل الله تعالى من بعد ذلك شيء أو غيره، فنأخذ الفعل كما هو لأنه لم يرد فيه شروط وتفصيلات تعليلية من بدء أو نهاية.
وهنا ذكر الله تعالى كلمة صيد البحر وطعامه، وكنا تعرضنا لكلمة طعم ، يطعم أعلاه، ومنه طعام البحر يشمل كل ما هو ينمو داخل جوف البحر من عشب ومخلوقات مختلفة الأنواع والأشكال بل وماء أيضا وما يمكن أن نستفيد من الماء من أملاح وغيرها!
وأنا استخدمت كلمة جوف البحر بسبب اللسان العربي في القرآن الذي يحمل معنى آخر لكلمة (في البحر).

وصيد البحر لم يتم تفصيله في القرآن الكريم أو طريقة الصيد بحد ذاتها، وهذا من تخفيف الله تعالى علينا العليم الخبير الذي يعلم أنه سيأتي يوم تكثر فيه أساليب الصيد في البحر، ومنها الصنارة والشبكة والرمح وطرق أخرى نعلمها او قد لا نعلمها!
ولكن هل الحيتان (السمك وغيرها من البحر) التي تموت وتطفوا على سطح البحر حلال أم حرام؟
لنتدبر الآيات التي تتكلم عن صيد البحر أو ما في جوفه!
لإزالة اللبس، نستخدم اللسان العربي المبين في القرآن، ونفقه معنى (في) و (من) من الآيات البينات:
(وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) الأنعام – 59
فها هنا الحديث عما في بطن الأرض وجوف البحر؟ بل هو عما فوقهن من فلك يجري (في) البحر او ورق يسقط (في) الأرض، وليس عن الجوف منهما!
(هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) يونس – 22
(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ) إبراهيم – 32
وآيات كثيرة تحمل نفس المدلول باستخدام كلمة (في)، بل كل الآيات تدل على نفس المدلول.

ومنها نرى بكل بيان أن استخدام كلمة (في)، في اللسان العربي المبين تعني "فوق ، على، سطح" البحر وليس كما نحن نستخدمها، في الفاظنا اللغوية العامة!
أما ما أحله لنا تعالى فهو (من) البحر فقط، بدلالة الآيات التالية:
(وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة – 96
(وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) فاطر – 12

ففي القرآن – اللسان العربي المبين - استخدم الله تعالى كلمة (في البحر) لتدل على كوننا على ظهره، وفي هاتين الآيتين استخدم الله تعالى كلمة (من) لتدل على ما في جوفه. ومنها نرى ان الله تعالى لم يحلل ما (في) البحر أي على سطحه! فكل ما مات من سمك ومما في جوف البحر فطفا فوق سطحه فليس هو بحلال لنا، وهو من الميتة.


 
 توقيع : ام ياسر




رد مع اقتباس
قديم 09-09-2013, 07:00 PM   #2
مجلس الادارة


الصورة الرمزية ام ياسر
ام ياسر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1878
 تاريخ التسجيل :  Jun 2012
 أخر زيارة : 09-03-2020 (09:44 PM)
 المشاركات : 54,004 [ + ]
 التقييم :  637
 SMS ~
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي حِرْزِكَ وَحِفْظِكَ وَجِوَارِكَ وَتَحْتِ كَنَفِك.
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الطعام والطيبات في القرآن الكريم



الرفع


 
 توقيع : ام ياسر




رد مع اقتباس
قديم 09-09-2013, 07:22 PM   #3


الصورة الرمزية حنان الكون
حنان الكون غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 50
 تاريخ التسجيل :  May 2009
 أخر زيارة : 01-18-2021 (10:32 PM)
 المشاركات : 18,746 [ + ]
 التقييم :  176912559
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 SMS ~
اانٍآ يًگــَفٍيًنٍيً لآمٍنٍيً رٍحِلتِ آتِرٍگ صِدُىٍ آسِمٍـيً ...!!
لوني المفضل : Brown
افتراضي رد: الطعام والطيبات في القرآن الكريم



جزاك الله كل خير
انتقـآءْ رآئــع, وطرح جميــل كجمآل روحك
دآئمـآ مآنرى الإبدآع والتميز يلآمس انتقآئك
لآحرمنـآ الله من روعة طروحآتكـ
دمتي بكَل خير وسعادهـ


 
 توقيع : حنان الكون





رد مع اقتباس
قديم 09-09-2013, 09:28 PM   #4


الصورة الرمزية عابرسبيل
عابرسبيل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  May 2009
 أخر زيارة : 10-27-2024 (12:13 AM)
 المشاركات : 37,350 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkred
افتراضي رد: الطعام والطيبات في القرآن الكريم




..||..
يعطيك العافيه..
على هذا
الطرح الرآئع..
وتسلم الايادي
المتألقه دوماً..
ودي وشذى الورد ..
~
||..|| عابرسبيل ||..
||
||....||




 
 توقيع : عابرسبيل

للتـوآصل
تَوَاضَعْ تَكُنْ كالنَّجْمِ لاح لِنَاظـِـــرِ . على صفحـات المــاء وَهْوَ رَفِيــعُ
ولا تَكُ كالدُّخَانِ يَعْلُـــو بَنَفْسـِـــهِ . على طبقــات الجـوِّ وَهْوَ وَضِيــعُ
(`*•.¸(`*•.¸ A ¸.•*´)¸.•*´)
˜”*°•˜..♥..(-->♥ عابرسبيل♥<-- )♥..˜ •°*”˜
(¸.•*´(¸.•*´ A `*•.¸)`*•.¸)
تقييم منتديات قبيلة ال شراحيل بفيفاء


زوروني هنا
مواضيع : عابرسبيل



رد مع اقتباس
قديم 09-09-2013, 10:25 PM   #5
مجلس الادارة


الصورة الرمزية ام ياسر
ام ياسر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1878
 تاريخ التسجيل :  Jun 2012
 أخر زيارة : 09-03-2020 (09:44 PM)
 المشاركات : 54,004 [ + ]
 التقييم :  637
 SMS ~
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي حِرْزِكَ وَحِفْظِكَ وَجِوَارِكَ وَتَحْتِ كَنَفِك.
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: الطعام والطيبات في القرآن الكريم



جزاكم الله خيرعلى مروركم


 
 توقيع : ام ياسر




رد مع اقتباس
إضافة رد

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



Loading...


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
SEO by vBSEO sh22r.com