![]() |
#1 |
مجلس الادارة
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() ![]() بسم الله الرحمن الرحيم ![]() ![]() هذا قَسَم من الله -جل وعلا- بالتين وهو الفاكهة المعروفة، وبالزيتون وهو الذي يستخرج منه الزيت وهو أيضا معروف، وهذا هو الأظهر من كلام العلماء -رحمهم الله جل وعلا- لأن الله -جل وعلا- خاطبنا باللسان العربي المبين. والزيتون ورد ذكره في القرآن كثيرا، ويراد به هذه الشجرة المعروفة شجرة الزيتون، وأما التين فلم يرد إلا هاهنا، كونهما مقترنين هذا يدل على أن المراد بهما شجر التين أو التين المعروف، والزيتون المعروف، وهذا قسم من الله -جل وعلا- بخلقه، والله -جل وعلا- يقسم بمن شاء وبما شاء. قوله -جل وعلا-: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ثم قال -جل وعلا-: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وهذا البيت -وهو البيت الحرام- وصفه الله -جل وعلا- بأنه بيت أمين، وهذا من خصائص هذا البيت، ولهذا لما كان هذا البيت أمينا كانت أفئدة الناس تهوي إليه ببركة دعاء إبراهيم عليه السلام: ![]() ![]() وما قال إبراهيم -عليه السلام-: "واجعل الناس يهوون إليهم" ولكن قال: ![]() ![]() وهذا البيت جعل الله -جل وعلا- له من الخصائص شيئا عظيما، قد يشركه فيه غيره، وقد لا يشركه فيه غيره، ومن ذلك أن هذا البيت هو أحب البقاع إلى الله وخيرها وأفضلها، كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: وهذا البيت لِعِظَمِه جعل الله -جل وعلا- فيه شعائر من الطاعات ليست في غيره، فجعله -جل وعلا- قبلة المسلمين، وجعل الكعبة مكانا يطَّوف عليه المسلمون، فليس هناك مكان يجوز أن يطوف به إلا هذا البيت العظيم وهو الكعبة، فلا يحل لمسلم أن يطوف بقبر، ولا بحجرة، ولا بأي شيء إلا بهذا البيت. وجعل الله -جل وعلا- الصلاة فيه بمائة ألف صلاة، وأوجب على العباد حجه واعتماره في العمر مرة واحدة، فما زاد فهو تطوع، وحرم الله جل وعلا -لِأَمنه- أن يدخله الدجال في آخر الزمان، فالدجال يطوف الدنيا إلا الكعبة والمدينة، فإنه لا يدخلهما، على أنقابهما -وهي المداخل- ملائكة، كلما أراد الدخول ضربوه، معهم السيوف المصلتة. ولهذا أيضا في آخر الزمان إذا خرج جيش يريد البيت، فإن الله -جل وعلا- يخسف بهذا الجيش إذا كانوا ببيداء من الأرض، وذلك لحرمة هذا البيت وعظمته. وكذلك من خصائص هذا البيت: أن الإنسان لا يريد فيه سيئة إلا عاقبه الله عليها، في غيره من البلاد إذا هم بسيئة فلم يفعلها كتبها الله -جل وعلا- حسنة، وأما في البيت الحرام إذا هم بسيئة وأرادها، فإن الله -جل وعلا- يعاقبه، كما قال تعالى: ![]() ![]() ولهذا كان شأن المعاصي فيه عظيما، فإذا كان الإنسان يستمع الغناء خارج الحرم، والمراد بالحرم ليس الكعبة، وليس المحاط بالجدران الآن، وإنما المراد به الحرم كله، المعلم عليه بالنُّصب، وهو كبير، يدخل فيه منى ومزدلفة وغيرها، فحدوده كبيرة، فهذا من أوقع فيه سيئة، من هَمَّ فيه بسيئة عاقبه الله، فكيف بمن أوقع فيه سيئة؟ فالجرم يعظم إذا عظم الزمان أو عظم المكان، ولهذا لما عظم البيت الحرام عظم جرم هذه السيئة. ولهذا يقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لو أن رجلا بِعَدَن أبين هم بسيئة لعاجله الله بالعقوبة". هَمَّ بسيئة في البيت لعاجله، أو لأراد بالبيت سوءا لأخذه الله، ولهذا كان عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- له فسطاطان -أي خيمتان- إحداهما داخل الحرم، والأخرى خارج الحرم، إذا أراد أن يصلي دخل الحرم، وإذا قضى صلاته خرج خارج الحرم -وعبد الله بن عمرو أفقه منا وأعلم منا- لئلا يقع منه شيء فيعاقبه الله -جل وعلا-. ولهذا كان هذا البيت حتى معظما في الجاهلية، يقول عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-: " إن كانت الأمة من بني إسرائيل لتأتي البيت، فإذا كانت بذي طوى خلعت نعالها تعظيما للبيت". وذو طوى هو مكان كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم مكة بات به، فإذا أصبح اغتسل ودخل، فهو على حدود مكة. ومن تعظيم الله -جل وعلا- لهذا البيت أن حرمه -جل وعلا-، أن حرمه على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة، وحرم في ذلك اليوم سفك الدماء، فلا يُسفك دم في مكة، ولا يُقطع الشجر في مكة، ولا يعضد الشوك -يعني يقطع الشوك-، ولا تنفر الطيور أو الصيد عن مكانه. ولا تحل لقطته إلا لمنشد، فإذا وجد فيه الإنسان شيئا لا يجوز له أن يأخذه عن سبيل التعريف، ولو بقي عنده دهورا عديدة، أما في خارج مكة فإنه إذا وجد لقطة وجب عليه أن يعرفها سنة، ثم بعد ذلك يمتلكها، وأما في مكة فإذا وجد شيئا وجب أن يعرفه حتى يجد صاحبه، أو يظل في تعريفه أبدا. وهذا من خصائص البيت الحرام، فهذا البيت جعله الله -جل وعلا- بلدا آمنا، وأقسم الله -جل وعلا- في هذه الآية به، وبالتين والزيتون، وطور سنين. وقد جاء حديث، أو روي حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ننبه عليه لئلا يقع فيه بعض الناس، وهو حديث لم يذكره أهل التفسير، وإنما ذكره الحافظ ابن رجب في كتابه "فضائل الشام " هذا الحديث هو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مكة البلدة أو البلد، والمدينة النخلة، وبيت المقدس التين، ودمشق الزيتون". وهذا حديث لا يصح، بل مكذوب على النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما نبهنا عليه لئلا يتوهمه بعض الناس صحيحا. فالله -جل وعلا- أقسم بهذه الأشياء على قوله -جل وعلا-: ![]() ![]() ثم قال -جل وعلا-: ![]() ![]() ![]() ![]() جاء في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ![]() ![]() وقد فسر بعض العلماء قوله -جل وعلا-: ![]() ![]() ![]() ![]() فدل على أن الرد إلى أسفل سافلين هو الرد إلى العذاب الأليم الذي هو جهنم، ثم إن تفسير ![]() ![]() ثم إن التفسير بأرذل العمر هذا يترتب عليه مخالفة الحس والواقع؛ لأن هناك كثيرا من الكفار يموتون قبل أن يُردوا إلى أرذل العمر، وهناك بعض المسلمين لا يموتون إلا وقد ردوا إلى أرذل العمر، فدل ذلك على أن الرأي الأظهر في هذه الآية هو أن قوله -جل وعلا-: ![]() ![]() والله -جل وعلا- قدم هؤلاء، واستثنى أهل الإيمان لقلة أهل الإيمان في أهل الكفر، كما أخبر الله -جل وعلا: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() فدل ذلك على أن الله -جل وعلا- بدأ بهؤلاء الكفار، وبين مصيرهم؛ لأنهم هم الكثرة، ثم استثنى الله -جل وعلا- ![]() ![]() وقول الله -جل وعلا-: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() فدل قوله -جل وعلا-: ![]() ![]() والله -جل وعلا- لم يرد أشخاصا بعينهم -أو بأعينهم-، وإنما أراد المتلبسين، وهم الظلمة والجهلة، أي: فمن يكذبك بعد هذا البيان والإيضاح من خلق الإنسان الذي يُستدل به على ربوبية الله وألوهيته، وعلى قدرته -جل وعلا- على البعث؟ ومن يكذبك بعد ذلك بعدما سمع من مصير المؤمنين ومصير الكافرين؟ وهذا الاستفهام إما أن يكون للتعجب، كما في قوله -جل وعلا-: ![]() ![]() ثم قال -جل وعلا-: ![]() ![]() بل فضله -جل وعلا- واسع، فهو -جل وعلا- قد يغفر لمن آمن به ومات عاصيا لأول وهلة، وقد يعذبه بسيئاته ثم يخرجه، وهذا من عدله -جل وعلا-، فعدله -جل وعلا- شامل لنوع العذاب، وشامل لسبب العذاب، أما الحاكم من الخلق فقد يعذِّب عذابا أكبر من الإجرام. لذلك من تمام حكمه كما قال تعالى: ![]() ![]() ![]() ![]() وإنما قلنا: إن المراد أحكم الحاكمين أي: أنه جل وعلا أعدل من يحكم ويقضي؛ لأن الله -جل وعلا- قبل ذلك ذكر حكمه على الكافرين وعلى المؤمنين، فصيَّر الكافرين إلى أسفل سافلين، وصَيَّر المؤمنين إلى أجر لا ينقطع أبدًا، فناسب أن يكون بعد ذلك هو أحكم الحاكمين -جل وعلا - والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. ![]() |
![]() ![]() ![]() ![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|