سيرة الشيخ يحيى بن ناجع الشراحيلي الفيفي.

05-17-2014, 09:39 PM

الشيخ يحيى بن ناجع الشراحيلي الفيفي .

إنَّ من نِعَمِ الله تعالى على الرَّجُلِ بعد موتهِ الذِّكرُ الطيّب الذي يبقى في نفوس الناس من مُحبيهِ ومعارِفهِ طوال حياته ، فلا يكاد يُذكر اسمه حتى تَسمَعَ الألسن تلهَجُ له بالدعاء والرحمة من الله عز وجل ، ويُصبح هذا الذِّكر رحمةً له من خالقه في الدنيا فكما جاء في الأثر( أنَّ الناسَ شهودُ الله في أرضه ) ، ونحن الآن نتحدثُ عن رجلٍ وَقَفَ نفسه لمساعدةِ الآخرين والوقوف معهم في أحزانهم وأتراحهم قبل الوقوف معهم في مَسّرَّاتهم وأفراحهم ، رجلٌ خلَّد ذِكرَه بمواقفه وتعامله مع الناس من عَرَفَ ومن لم يعرِف ، صقلته الظروف والتجارب حتى تميَّـز عن غيره بعدَّةِ صفاتٍ تـؤهِّله أن يكونَ من أفاضِل الناس في زمنه ، في وقتٍ قلَّ أن تَجِدَ فيه الصَّديق الصَّدوق والناصح المُخلص والمُنجِد المُساعد بعد الله ، عِصِامِيٌّ اعتمد على نفسه مُنذ نشأته وحتى وفاته - فنفسُ عِصامٍ سوَّدت عِصَاما – يتطلع للأفضل ويسعى إليه ولا يرضى بغيره أحبَّ العِلمَ وبحث عن الثقافة بشتَّى أنواعها ذو لسانٍ سؤول وقلبٍ عقول فيما أشكل عليه لا يقنع بالغموض بل يُحبّ الوضوح في كل شيء حتى يكون على بيّنةٍ من أمره ولا نبالغ أن نقول أنَّه أصبح كالعُملةِ النادرة لما اتـَّصفَ به من شمائلٍ وصفات إنَّه :

المرحوم بإذن الله تعالى / يحي بن ناجع جبران الشراحيلي الفيفي

اسمه ونسبه ومولده : هو يحي بن ناجع بن جبران جابر سلمان جبران علي سيلان علوان محمد علي ريدان المصيلي الشراحيلي الفيفي

من قبيلة آل شراحيل العريقة بفيفاء ومن أصول عشائر القبيلة عشيرة آل مّصيل - بتشديد الميم .

وأمُّه السيدة الفاضلة المرحومة بإذن الله / خيرة بنت أحمد زاهر الغرِّي الشريفي الفيفي .

ولد عام 1365 هـ في منزل والده ( شريفن ) بجبل آل شراحيل بفيفاء .

تُوفِّيَ والده ناجع جبران وعمره حوالي الشهرين فقط فعاش مع والدته يتيم الأب مُتنقلاً معها حيثُ عاشت ، عانى الأمرَّين اليُتمُ والجوع ولكنَّ ذلك على كونِ صعَابتهِ صَقَلَ شخصيَّته وجعله صابراً مُثابراً في كلِّ أموره لا يستسلم ولا يرضى بالأدنى بل الأفضل غايته .

تعليمه :

تلقَّى تعليمه رحمه الله وهو صغير السِّن وذلك في منزل عمِّه متعب حيان حسن الشراحيلي الفيفي زوج أمّه حينها في قرية ( الثواهر) المعروفة بتغبن وذلك في كتاتيب القرعاوي وقتها ( المِعلامَة )حسب المُسمَّى الدارج ، وكان أصغر المتعلمين سِنّاً وكانوا جميعًا يتلقون تعليم قراءة وتلاوة القران الكريم وحفظه ومبادئ الكتابة البسيطة على الألواح الخشبية , ولكنّه رحمه الله كان عاشقـًا للقراءة ومولعًا بها مُحبًا للكتابة وممارستها حتى أنّه رغم حداثة سِنِّه كان كاتبًا معروفـًا لجماعته في تلك الجهة يكتب لهم الضِّنات والحجج و الأسناد و الوصايا وغيرها وسبق الكثير من أبناء جيله وحتى ممن يكبُرُه سِنـًا في مجال القراءة والكتابة والتعبير الجيّد المُتقن , ثم قرَّر بعد دخوله الوظيفة العسكرية أن يلتحق بالمدرسة النـّظامية والحصول على شهادةٍ دراسيّة رسمية وفعلا ً التحق بمدرسة عمار بن ياسر الليلية وذلك في تبوك عام 1393 هـ وله موقف في ذلك ( حيث أنّه تقدَّم للمقابلة عند التسجيل و أجرت له اللجنة التي قابلت معه اختبارًا في القراءة والكتابة والحساب وعند نهاية الاختبار ذُهلوا لتفوق الرجل في ذلك فشكلَّوا له لجنةً استثنائية مكوّنة من عدّة معلمين لتقدير المستوى الحقيقي الذي يستحقه لأنّهم رأوا أنـّه من الظلم له أن يبدأ مرحلةَ تعليمه من الصف الأول على هذا المستوى المُتقدِّم عنده و تمَّ اختبارُه وقدَّروا له أن يجتازَ الصفوف الثلاثة الأوليَّة ويدرُس الصف الرابع مباشرةً وذلك حسب النظام المسموح به حينها ) وفعلاً أ كمل الدراسة وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1395هـ من نفس المدرسة بتقدير ممتاز وأحد العشرة الأوائل على المنطقة ، ثم بعد ذلك واصل في مجال عمله إلى عام 1407هـ وقرَّر أن يواصل تعليمه وذلك بمدينة شرورة ، فالتحق بالمدرسة المتوسطة الليلية لمدة عام وحصل على شهادة الصف الأول المتوسط ولكنَّ الظروف لها الأثر البالغ في حياة الإنسان حيث تمَّ نقله لمدينة خميس مشيط وحصلت له ظروفٌ صحيَّة كانت عائقـًا له في مواصلة الدراسة ، ولكنَّ تلك السنة التي قضاها في المرحلة المتوسطة أكسبته بعض المبادئ التي لا بأس بها في اللغة الانجليزية كالقراءة لبعض الكلمات و الجمل وكتابتها فكانت عوناً له في بعض مواقف حياته رحمه الله , لذا فقد أحبَّ العلمَ وبحثَ عنه وكان مُعظم تعليمه ذاتياً مُعتمداً على نفسه في التحصيل والاطِّلاع ، ودائماً مايـُردِّد :

واقـرأوا آدابَ من قبلـَكُــمو * رُبَّــما عـلّـــــَمَ حـــيًّا مَنْ غَــبَر

واغتنموا مَا سَخَّرَ الله لكُــم * مِنْ جَمالٍ في المَعانِي و الصُّوَر

واطلـبوا العِلمَ لذاتِ العِلمِ لا * ِلشــَـــهــاداتٍ و آرَابٍ أُخـــَـــر

الحالة الاجتماعية :

تزوَّج من السَّيدة المُربيَّة الفاضِلة / شوقة بنت جبران ترابي حردان الشراحيلي الفيفي ، وكان لها بالغُ الأثر في حياته من حيث الاستقرار والوقوف معه في ظروفه التي مرَّت عليه في معترك الحياة ، وظلَّت معه مُخلصَةً وفيَّةً قنوعة إلى آخر لحظةٍ في حياته رحمه الله تعالى فجزاها الله خيرَ الجزاء وأمَدَّ في عُمُرها على طاعته ، وقد رُزِقَ منها بثمانيةٍ من الأبناءِ والبنات هُم :

1- احمديحيى ناجع الشراحيلي الفيفي مدرس وله من الابناء(4)

2- محمديحيى ناجع الشراحيلي الفيفي موظف في تحلية الشقيق

3- عبدا لله يحيى ناجع الشراحيلي الفيفي كلية العلوم الطبيه التطبقيه

4- حسن يحيى ناجع الشراحيلي الفيفي طالب بلمرحله الثانويه

5- سهله يحيى ناجع الشراحيلي الفيفي

6- معجبه يحيى ناجع الشراحيلي الفيفي (متزوجه)

7- فاطمه يحيى ناجع الشراحيلي الفيفي(متزوجه)

8- رضيه يحيى ناجع الشراحيلي الفيفي طالبه بلمرحله الثانويه

المجال الوظيفي : دخل السّلك العسكري عام 1388هـ بالطائف ثم انتقل إلى تبوك وبعدها انتقل إلى الأردن مع القوات السعودية التي أمر بها الملك فيصل في ذلك الوقت ِلتـُقاتلَ إلى جانبِ الأشقاء العرب ضد اليهود وعُدوانهم ثم عاد إلى تبوك ثم إلى مدينة خميس مشيط وشرورة متنقلاً بينهما في [ اللواء 11 ] ثم إلى كتيبة راجمات الصواريخ 13

حتى أُحيل إلى التقاعد برتبة رقيب أول في 1/ 7 / 1417هـ .

صفاته وميزاته :

تربَّى رحمه الله تعالى على الصِّدق و الأمانة و الأخلاق العالية الرفيعة التي تلقَّاها من والدته رحمها الله فكان قدوةً يُقتدى به في الصِّدق والأمانة وحُسن التعامل مع الناس طوال حياته , وكان ذكيًّا متوقِّد الذكاء ذو حكمةٍ وحنكةٍ وتجربةٍ في شتَّى شؤون الحياة مُقدَّماً بين جماعته ومُستشارًا لهم ذو رأيٍ سديد وقولٍ رشيد كان

( عريفة ً) على عشيرته ال مّصيل عِدَّةَ سنوات وملجأً لهم عند الشدائد بعد الله ولعامَّةِ قبيلته ومعارِفهِ ممَّن أراد المساعدة أو الاستشارة في أيّ أمر وذلك ليس بغريب عليه لأنَّ والده ناجع بن جبران كان ( عريفةً ) قبله ومن أعيان وعقلاء القبيلة ومن أهلِ الحلِّ والربط في شؤونها قارئاً كاتباً مُتعلِّماً على يد القاضي حسن بن جبران السنحاني وبالرغم من أنَّ صاحبِ هذه السِّيرة لم يدرك والده كما أسلفنا إلاَّ أنََّّ الوراثة لها دورها ، وقدكان رحمه الله متواضعًا لا يردَّ أحداً ولا يتكبر على أحدٍ مع الصغير كما مع الكبير وكان مع ذلك ذو وقارٍ وهيبةٍ ونظرةٍ عميقةٍ و فراسةٍ في كل أمر ، و دائمًا ما يتمثَّل قول الفاروق عمر رضي الله عنه ( لستُ بالخبِّ و لا الخبُّ يخدعني ) – أي المخادع - كان مشهورًا بحسن الخط و الإملاء والتعـبير ذو ثقافةٍ عاليةٍ و معلوماتٍ واسعة وذلك لكثرة اطِّلاعه على الكتب وجودة الحفظ فلا يجدُ المللُ طريقاً لمُجالسيه لأنَّ الرجلَ موسوعة يستفيد منه كلَّ من عرفه وصَاحَبَه ، وكان كذلك هاويًا للشِّعر الفصيح والعَامِّي ناقدًا جيدًا له ولقائلهِ ، وكان يقرِض الشعر وينظِمُه في بداياته وشبَابه ولازال شِعرُه محفوظًا و مُتداولًا بين عارفيهِ إلى الآن ويشهد له بذلك كبار شعراء جماعته كالشاعر / يحي بن جابر الملقب بابن المعبول رحمه الله و الشاعر سلمان أسعد بن اهل رحبان و اخوه ترابي أسعد و حسن يحي مريع وساعده على ذلك الكمُّ الكبير من الشعر الذي يحفظه ويُجيدُه مُتمتِّعًا بملكـةِ حفظٍ فذَّه فلا يكادُ تُلقى عليهالقصيدة إلا وحفظها وفهم معناها من المرَّةِ

الأولى رحمه الله تعالى.

بعض الشهادات والأوسمة و الدورات التي حصل عليها :

1- منح شهادة خدمة بالأردن الشقيق من تاريخ 23/9/1390هـ إلى 10/3/1392هـ .

2- دورة التربية البدنية بتقدير ممتاز 1391هـ .

3- دورة خاصة رقم 3 على المدفعية 105 بدرجة ممتاز 1393هـ .

4- دورة رؤساء الأقسام 1394هـ .

5- شهادة دورة توجيه نيران ضبّاط صف بدرجة ممتاز 1395هـ .

6- دورة الإشارة العامة بتقدير ممتاز 1403هـ .

7- دورة من المعهد الوطني بخميس مشيط في الطباعة على الآلة الكاتبة بواقع 25 كلمة بالدقيقة بتقدير ممتاز .

8- براءة وسام تحرير الكويت عام 1413 هـ .

9- ثلاث شهادات شكر و تقدير لحصوله على المركز الأول في رماية البندقية ج 3 في كتيبة راجمات الصواريخ لثلاث سنوات على التوالي 1414هـ - 1415هـ - 1416 هـ .

10- خطاب شكر و تقدير من رئاسة هيئة الأركان العامة بوزارة الدفاع والطيران لتميُّزه و انضباطه في أداء أعماله العسكرية و أخلاقه السلوكية سواءً مع كبار الضُّباط والمسؤولين أو الأفراد وجَعلِهِ قدوةً يُقتدى به في كل أعماله وذلك عام 1414هـ .

11- حصوله على نوط الخدمة العسكرية ثلاث مرات .

وفاته :

عانى في أُخريات حياته رحمه الله مما لا يسلمُ منه مؤمنٌ في هذه الدنيا فقد مرَّ بظروفٍ صحيّةٍ مُتعبة حتى عام 1422هـ فقرّر التَّوجُه إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج تطوعًا ورغبةً في الأجر مع مجموعةٍ من الجماعة و بعد إحرامهم في الميقات وأداء صلاة المغرب قدَّرَ الله عليهم حادث سيرٍ في منطقة الشعيبة المعروفة بمكة المكرمة حيث نُقل إلى مستشفى الملك عبدالعزيز بجده في حالةٍ حرجة و في صباحِ يوم الأحد الموافق 12/12/1422هـ فاضت روحُه الطاهرة إلى بارئها ودُفن في مدينة جده بثيابِ إحرامه مواصلاً حجَّهُ إلى ربِّه حتى يوم لُقياه عن عمر يناهز السابعة و الخمسين عامًا فرحمهُ الله رحمةً واسعةً و اسكنه فسيحَ جِنانه و جميع المسلمين .

الشكر لله اولاً ثم الشكر موصول لولده الأستاذ احمد يحيى ناجع الشراحيلي الفيفي

فهوا الذي زودني بجميع ماتم جمعه عن حياة المرحوم بذن المولى جل شانه

جمعه لكم / مفرح اسعد جبران الشراحيلي الفيفي
25شعبان 1433هــ

وصلي الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلَّم .

نقله لكم اخوكم في الله
عابرسبيل