03-07-2010, 05:36 PM | #1 |
مطلع الشمس .
|
حديث الأطلال ..
حديث الأطلال
وقفت عليها بعد حين من الدهر ، فجالت في ذاكرتي تلك الذكريات الجميلة ، وعدتُ في الزمن الغابر ردحاً . عاد كل شيء فيَّ .. ذاكرتي ... روحي ... نفسي .. وكل شيء عاد لتلك الفترة الغابرة عدا هيكل جسدي ، فلم يعد سوى تمثالاً منصوباً في ناحية من الطلل البالي ، من يراني قال : ماذا يُمَثل ذلك النُصُب ؟! لما يرى من سكون الجسد الواقف هناك . أنا في تلك اللحظات هائم وسارح بفكري ومخيلتي فيما مضى من زمن ، روحي تتنقل هنا وهناك ، في كل مكان وقفت فيه ونشأ لي فيه حدث ، يرشدها في ذلك بصري الذي لم يعد سواه يتحرك في تمثال جسدي الواقف . أسمع الحديث في داخلي تارة يستلهم حديثاً دار بيننا في مكان ما ، وتارة تشتعل منه جوانحي بشرارة ذلك الحديث الصامت الخفي . وتتجول روحي في أرجاء ذلك الطلل البالي ، عبر زمنٍ قد خلا وولى ، وتتحدث إلى وتذكرني ... أتذكر هذا المكان ؟ جلستم هنا ! أتذكر ما دار بينكم من حديث ؟! وأتذكر .. أتذكر .. إلى أن دبت حياة الماضي في أوصالي وكأنها النار في الهشيم .. ذكريات ، وجوى ، وكل ما في تلك الحقبة من الزمن . فأعود في ذلك الزمن لحظة بلحظة وكأني بتلك الأطلال قد عادت للحياة من جديد لأنني أعيش تلك الأيام في لحظة عابرة استوقفتني الأطلال رغماً عني عندما مررت بها ، ولكنها لم تكن سوى لحظة حلم وقد مضى . وكأنني عندما أفقت منه كالفتية الذين أووا إلى كهفهم ولبثوا فيه - ثلاثمائة سنينَ وازدادوا تسعاً - حيث أووا إليه وقريتهم بالأمس عامرة فلما أفاقوا وجدوها قد صارت خراباً وتحولت إلى أثر بعد عين . وهذا هو حالي عندما أفقت من تلك اللحظة ، ومن ذلك التأمل وجدت أنه لم يكن هناك سواي أتحدث مع نفسي عن زمن قد مضى وولى وفتحت عيني وإذا بي أرى تلك الأماكن أصبحت أطلالاً بالية وقفراً بلاقعاً . وأجيل ببصري في الأرجاء لمحاً دون التفات بهدوء رهيب كلمح الذي يخشى أن ينفر طائراً من فوق غصنه ، فلم ارَ سوى أزهاراً شاحبة قد ذبلت .. تتحرك بهدوء يملؤه الحزن والأسى ، وهي مع اهتزازاتها يهتز لها خافقي وتتحرك المشاعر من جديد فتمر على جراح كانت قد هدأت ولكنها لم تندمل فتثيرها من جديد وتلهبها فتثور الآلام والأحزان وتعود الأنات ولها حنين كحنين بازل قام بحمله . وأصيخ بسمعي لتلك الأصوات المتداخلة في الأنحاء فكانت أصوات العصافير المغردة ، كأنها تعزف لي الألحان الحزينة وتذكرني وتهيج لواعجي بتلك الشقشقات والنغمات الحزينة بالنسبة لي ، وتهيج أشجاناً كان القلب قد نسيها واختفت لبعض الوقت تنتظر من يهيجها لتثور من جديد . أسمع صوت الرياح تضرب في ذلك الوادي ولها صوت دؤوب تارة تبعث الخوف ، وتارة تثير الحزن ، وتارة تتحول إلى نسمة حزينة تمر على هيكلي بسلام المفارق ، وعزاء المكابد . تتسلل خلسة بين الأغصان والأعشاب وكأنها تدغدغها فتحركها حتى جعلت منها أداة تصلي بها ناراً في أعماقي . ولا زلتُ واقفاً .. كأنني تمثال ... أريد أن أقول شعراً فلم استطع لأن الحدث أكبر من الكلمات ، وأغوار الزمن الماضي أعمق من أن تحيط بها العبارات ، فاكتفيتُ بالاحتراق في داخلي حتى ذابت تلك الكلمات والعبارات في أعماقي فأصبحت رماداً تختزن تحتها النار ، تثيرها النسمة الآتيه من تلك الأطلال فتعود لتشتعل من جديد . فأدير دفة سفينة الزمن إلى لجج بحر الذكريات سنين مضت وأخوض غمارها .. وقودها الشوق والحنين ، فسمعت حديث الأطلال كأنها تعاتبني وتسألني أين أنتم ؟ ومذا حل بكم ؟ ومن فعل هذا بكم ؟ فأجيبها وأنا أكاد أختنق . أتجرع الغصص ... لا تلوميني فلست السبب في كل هذا وما أنا إلا ضحية واشٍ أو تقليد اجتماعي بغيض ، كتب عليَّ فيه أن أشقى بذلك الحب التليد حتى أصبحت حياتي أطلالاً كما صرتي أنت أطلالاً فلا تعذليني . ( وللأطلال حديث مستمر ) |
التعديل الأخير تم بواسطة رجل وادي القمر ; 03-07-2010 الساعة 06:24 PM
|
03-07-2010, 05:46 PM | #2 |
|
رد: حديث الأطلال ..
اشكرك اخي رجل القمر
حديث اطلال فعلاً جميل اهنئك على جمال كلامك وحسن صياغته فأنت تتجول بنا في بحور الخيال الجميله تقبل مروري المتواضع.. |
|
03-07-2010, 05:57 PM | #3 |
مطلع الشمس .
|
رد: حديث الأطلال ..
أشكركِ : حياة الروح على مشاركتكِ وتعليقكِ
لم يعد لنا سوى الخيال يا سيدتي لعل فيه متسع من الحرية لأنه عالم خفي لا يستطيع أحد أن يكتسحه سوى النفس تتجول فيه فهو عالمها الخاص . أتمنى لك التوفيق وحياة هادئة هنيئة . |
|
03-07-2010, 06:10 PM | #4 |
|
رد: حديث الأطلال ..
كلمات رائعه
يعطيك الف عافيه ..... |
هناك اناس رسموا في قلوبنا وسام لايتغير بتغير الاحوال فهو ثابت ثبوت الجبال ومهما هبت العواصف والرياح فهو راسخ لايتغير ولايتبدل بتبدل الزمان فهى كالعقيدة الراسخة في النفوس والجذور المتشعبة في الاعماق |
03-08-2010, 12:22 AM | #6 |
|
رد: حديث الأطلال ..
تكتسحنى الحيره بمتصفحك
بماذا ارد وماالذي يجب الا ارد عليه باخد لفه سريعه واتنقع هنا حتى ارد زين |
[web]http://dc07.arabsh.com/i/02621/5irmxwjhq8b0.jpg[/web]
|
03-08-2010, 12:25 AM | #7 |
مطلع الشمس .
|
رد: حديث الأطلال ..
( هههههه )
أشكركِ سيدتي ... وردة .... إطلالتك وتواجدكِ في مواضيعي يكفيني شرفاً . دمتِ بخير ودامت إطلالتكِ البهية . |
|
03-08-2010, 06:49 PM | #8 |
|
رد: حديث الأطلال ..
دوم البسمه يارب
لماذا ذكريات ماضيك تؤرقك تتعبك تهدُ كاهلك ارميها خلفك سطرها بحبرك ع الاوراق وشاهدها وانت تمزقها عش اليوم بيومه ابحث عن السعاده وعمر مستوطنك به ان مامررت به يعيش بين اسوار الماضي ابحث عن الحب وعندما تجده اعلم بان ماعشته ربما كان وهم الحب عشت للحظات بين اطلالك تألمت عند القراءه فما حالك انت ايها الرجل!! اترك واترك الماضي بسفينه يشق طريقه بين الامواج حتى يقوى الموج فتتلاطم المركبه وتتهاوى وعندها ستريح نفسك مما انت فيه اعتذر لنصحي فربما انت بمعاناتك تعيش بقمة السعاده اترك صفحتك وانا حزينة ع حالك تقبل مرورى لك من العود اطيبه |
[web]http://dc07.arabsh.com/i/02621/5irmxwjhq8b0.jpg[/web]
التعديل الأخير تم بواسطة ورده في مهب الريح ; 03-08-2010 الساعة 06:54 PM
|
03-08-2010, 08:33 PM | #9 |
مطلع الشمس .
|
رد: حديث الأطلال ..
وردةٌ في مهب الريح ..
كانت مداخلتك إثراءاً جميلاً للموضوع ، وإضافة تتسم بالمناقشة والمناصحة أشكركِ كل الشكر على كل حرف كتبتيه . يا عزيزتي : قد يتوقع الآخرون - غير المحبين - أن المحب يعيش في كبد ، ومعاناة يتظجر ويأنف منها في نظرهم ، بينما هو يرى أنه يعيش في جنات وحبور ، يتباهى بحبه ، عندما يمشي بخيلاء ووقار قد ألقته عليه صفات الحب وأخلاقياته ، ومبادئه ، يشعر بالسعادة عندما يتذكر أن هناك من منحه قلبه وحياته ، وسيهبه نفسه ويهديه كيانه كاملاً . وكفاه بذلك سعادة وفخراً يكون ذلك بالوفاء والإخلاص ، ومع ذلك إن تعرض لخيانة وغدر فهو سيبقى شامخاً عند مبادئه في الحب لأنها أصبحت معتقد لديه فإن تخلى عنها فهو يتخلى عن وقاره وأدبياته . أقتصر على هذا الرد المقتضب يا غاليتي ولو أنني أجبت على ردكِ كاملاً للزمني أن أرد على كل كلمة فيه رداً مفصلاً وسيطول ذلك ، بل يحتاج ذلك إلى مواضيع مطولة مستقلة . اشكركِ فقد أسعدتني زيارتكِ ومداخلتكِ . ودامت ورودكِ عطرة ندية . |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|