04-27-2010, 12:30 AM
|
#8
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 347
|
تاريخ التسجيل : Oct 2009
|
أخر زيارة : 05-23-2013 (12:26 AM)
|
المشاركات :
241 [
+
] |
التقييم : 1094
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
رد: قريباً على صفحة هذا المنتدى...
الحلقة الثانية:
جرت معركة الجسر التي قادها أبو عبيد بن مسعود رضي الله عنه، في الربع الأول من السنة الثالثة عشرة من الهجرة، وعمر المختار إذ ذاك اثني عشر عاماً، وتضن علينا المصادر ببلدة نشأته، وتذكر المصادر أن أمه واسمها دومة, رافقت أباه إبان تلك المعارك، ولا شك أن المختار كان معها، فقد جرت عادة قادة الفتوحات اصطحاب نسائهم وصبيتهم، وبعد مقتل والده، من المرجح أن المثنى بن حارثة أخذهم معززين مكرمين وأسكنهم الكوفة، أو وجههم إلى المدينة، وأميل إلى انه وجهه وأسرته إلى المدينة المنورة، ولذلك شبهات توحي بذلك، أولاها أنه تزوج ابنة الصحابي الجليل سَمُرة بن جذب الفزاري، الثانية أن عبد الله ابن عمر تزوج أخته صفية، وإذا نظرنا إلى أبيه وإلى من حوله، زوجه وصهره نتساءل كيف تزل القدم بمثله فيعتقد البداء والحلول والرجعة، وجميع هذه المعتقدات من مفاسد عبد الله بن سبأ، وهي ذات أساس يهودي، فالبداء عند أصحابه، أن تبدو لله عز وجل فكرة لم تسبق إلى علمه، وهذا القول فيه كفر صريح، معاذ الله أن يجهل الله مثقال ذرة، كانت أو ستكون أو لم تكن، فكل ذلك في علمه ابتداء، وفي علمنا حال تكون أو تنزل لنا، بمشيئته وإرادته جل وعلا فنعلمها، إن الله تبارك اسمه قد علم كل شيء، فما شاء أن يكون قال له كن، وما لم يقل له كن ظل في واسع علمه المحيط، فالبداء للمخلوق لا للخالق، أما الحلول فزعمهم أن روح الله تحل في خلقه، وذلك قول اليهود والنصارى، وذلك من نفث الشيطان ونفخه، فالله جل وعلا قال لموسى عليه السلام لن تراني، وتجلى للجبل فلم يستقر مكانه وكان دكاء، أما الرجعة فهي عند اليهود والنصارى والشيعة، تعني عودة أرواح أئمتهم إلى الحياة بعد الموت، فهم يزعمون أن علياً رضي الله عنه ارتفعت روحه إلى السحاب والرعد صوته، وهو متصرف في أمر توجيه السحاب حيث يشاء، لا أدري كيف يقرأون قوله تعالى: { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسول أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين} . [ آل عمران: آية 144].
أيكتب الله الموت على عموم أنبيائه ورسله، ويستثنى من ذلك ابن أبي طالب، وليس بنبي ولا رسول!!.
الذي رمى المختار بهذه التهم الدكتور محمد أحمد الخطيب في كتابه الحركات الباطنية وأظن الدكتور محمد أحمد بالغ قليلاً في حكمه، وأخطأ حين زعم أن المختار قتل على أيدي بني أمية، والصواب أنه قتل على يدي مصعب بن الزبير، وهذا يدل على تعجل في الحكم، وأنا لا أدافع هنا عن تشيع المختار، بل أريد أن أبين لم كان ذلك التشيع، وتشيعه بالحتمية لم يكن اعتقادياً بقدر ما كان غاياتياً مصلحياً، والتشيع في زمن المختار كان في الغالب سياسياً، والتشيع الأيديولوجي الإعتقادي نشأ بعد ذلك، حين توالت على الشيعة الهزائم، وحين غلب بنو أمية على أقطار العرب كافة, فاحتال الشيعة برجال من أهل البيت لتقويض حكم بني أمية, فتأدلج التشيع, ونسي الناس التشيع السياسي, وكان بنو العباس إلى الوثوب على الحكم أسرع!.
لقد وضع عبد الله بن سبأ بذرة التشيع، وقد بينت في مقالي "مؤامرة دولية وراء مقتل عثمان بن عفان" ما كان من هذا الرجل في إفساد الناس، أما في زمن المختار فقد تناقصت أعداد السبائيين، وظل لها بين الموالي الفرس والأسيويين تواجد، فكان للفرس دور بارز في إفساد التشيع، وتحويله من رأي سياسي، بأحقية أهل البيت في الخلافة، إلى أقوال تمس الاعتقاد، وتنقض عرى الدين عروة عروة، وهي أكثر من أن نحصيه في هذا المقال، حتى أن بعض فرقهم بلغ بها الحمق أن تدعي أن جبريل أخطأ في تبليغ الرسالة، وأن الرسالة كانت موجهة لعلي كرم الله وجهه، متناسين أن الله جل وعلا لا يرسل الصبية، إنما يرسل الرجال ذوي العزم، وكان علي زمن البعثة صبياً في التاسعة، وكما مالت السبائية إلى العمل السري في تقويض دولة الخلافة، وقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه, انتهج الشيعة نفس المنهاج السري، وكانت أهدافهم سياسية صرفة، ذلك أن أهل العراق بعد أن تنازل الحسن بن علي رضي الله عنه لمعاوية، لم يقبلوا أن يحكموا من قبل الشام، فقد كان القطران زمن علي قطبين متضادين، ورأي العراقيون في تنازل الحسن هزيمة لهم، فمالوا إلى العمل السري، وادعاء أحقية أبناء على بن أبي طالب بالخلافة دون سائر المسلمين، ولكنهم بدلاً من أن يدعوا إلى مبايعة الحسين, اتفقوا مع عبيدالله بن زياد ويزيد بن معاوية, على استدراج الحسين وقتله, بصورة أنكرها عموم المسلمين، لقد كان كيد عبيدالله ويزيد بن معاوية والشيعة الخائنين محكماً, فلم يجد الحسين بداً من تصديقهم, وسنلمس ذلك في الحلقات اللاحقة.
في هذه الأجواء عاش المختار، وسعى إلى الولاية بأسلوب حسن فلم يظفر بها، فاحتال للوصول إليها بالتشيع وادعاء الكهانة، وكان أعداؤه وأصدقاؤه يعلمون كذب تكهنه، وقد تصادف بعض كذباته حادثة فيتغنى بها، ويظل أصدقاؤه على ريبتهم، كل ذلك سيتضح لنا خلال هذا البحث، وقد يستغرب البعض أن أقول التشيع السياسي والتشيع الأيديولوجي، فالسياسي ما يتعلق بولاية الأمر وقصرها على أبناء علي، والأيديولوجي ما اختلط بالتشيع من فلسفات من الديانات اليهودية والنصرانية وحتى من الهندوسية، وهذه الفلسفات دخلت التشيع ابتداء من عبد الله بن محمد بن الحنفية المتوفي سنة 97هـ أول من قال إن للقرآن ظاهراً وباطناً، فالظاهر ما يعلمه الناس، والباطن ما يدخلونه في الدين من فلسفات منافية للإسلام، لا يبوحون بها إلا لأتباعهم، المهيمن عليهم بوسائل قذرة, بينها أحد قضاة اليمن زمن القرامطة الصليحيين, انظر من ابن من جاء الإفساد؟؟, إنه ابن محمد بن علي بن أبي طالب!!!.
لقد كانت الفترة التي اكتهل فيها المختار فترة مضطربة، آثر فيها الناس الدنيا على الآخرة، واختفت فيها حروب المبدأ والعقيدة، وسادت الحروب الارتزاقية، وأول من سن هذه الحروب بنو أمية في الشام، وتبعهم عبيد الله بن زياد في العراق، وسبب ذلك أن الأمر وسد إلى اُناس، لاحظ لهم من علم بالكتاب والسنّة، فيزيد بن معاوية يرسل جيشاً قوامه اثني عشر ألف رجل، وضع في كف كل واحد منهم قبل أن يتحرك من الشام، مائة دينار، أي أنه فرق عليهم مبلغ مليون ومائتي ألف دينار، انظر إلى هذا المبلغ بمقياس ذلك الزمان، وقيل كان عدد ذلك الجيش عشرين ألفاً، وولى يزيد ذلك الجيش رجلاً من مرة اسمه مسلم بن عقبة، استباح دماء أهل المدينة وأموالهم ثلاثاً، لا أدري بأي منطق وبأي شرع استحل أموال أبناء المهاجرين والأنصار، واستباح مدينة جعل رسول الله حرمتها كحرمة مكة، رضي الله عن أبي الحسن، سئل بعد معركة النهروان عن أموال الخوارج فقال إخواننا بغوا علينا، أما عبيد الله بن زياد والي العراق ليزيد فقد جاء بما لم يأته العرب في جاهليتهم بله إسلامهم، لقد اتفق ونفر من أدعياء التشيع على استدراج الحسين إلى العراق وقتله، بأسلوب ينافي إباء الرجال!, ومروءة العرب!!, وبارك يزيد بن معاوية ذلك الكيد وتلك الخطة، وبعد تنفيذ هذه الخطة ذهب أدعياء التشيع يدبجون قصائد المديح في الحسين، ويدعون أنه خرج على الظلم، وما خرج والله بملء إرادته، بل أخرجته مكيدة شيعية أموية، وشاهدي على هذا القول يزيد بن معاوية نفسه، وقد أثرت حادثة مقتل الحسين على المختار بن أبي عبيد، فثار مطالباً بدمه رغم أنه ليس من أهله ولا قبيلته، بل لا يمت لقريش بصلة نسب, وسوف أورد في الحلقة القادمة قصة مقتل الحسين التي تمثل الخسة والوضاعة، وتتنافى مع الرجولة.
أما عبد الله بن الزبير وله دور في ذلك الاختلاف, فإني أعجب ممن يصفه بالدهاء، لقد استعرضت قصته ومواقفه وسيرته فوجدته ضعيف الهمة، متردد لا يقطع في أمر برأي، لم يوجه إلى خصومه في الشام جيشاً ولو من الصعاليك، اكتفى من الدنيا بمكة والطائف، وجاءته العراق طائعة دون حرب، فاكتفى منها بذلك، ولو جند منها ومن الحجاز جيشاً لحرب الشام لانتصر على بني أمية!، واكتفى من كل ذلك بنفر سيرهم إلى فلسطين، ثم ظل ينتظر كتائب الشام، حتى علقوا أخاه مصعب بن الزبير على أبواب البصرة، واكتفى بالحزن عليه ولطم الخدود، وظل ينتظر حتى غزاه عبد الملك بن مروان في مكة، بجيش يقوده الحجاج، وعلقه على أبواب الحرم، ولم يحارب في غير مكة، في الأولى انتصر، لأن نجدة بن عامر الحنفي الخارجي والمختار ابن أبي عبيد نصراه، وأنقذه من هزيمة محققة, موت يزيد وعودة جيشه عن مكة إلى الشام، فلما جاءه جيش الحجاج ظن اليوم كأمس لا تغيير، لقد ظلمه من وصفه بالدهاء.
في هذه الأجواء من اختلاف بني أمية في العراق والشام، مع ابن الزبير في مكة والطائف، وخروج عبد الله بن حنظلة الغسيل في المدينة المنورة على يزيد وخلعه البيعة، وتمكن الخوارج من اليمامة والأهواز، عاش المختار بن أبي عبيد نزيل السجن، مخافة خطره, لا يخرج منه إلا ليعاد فيه، والسبب في معظم سجنه لسانه وكذباته.
يتبع.... مؤامرة استدراج الحسين وقتله..
هادي بن علي بن أحمد أبو عامرية..
|
|
|