السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخطاء تحكيمية بالجملة أحرقت نيرانها القاصي قبل الداني... وامتدت ألسنتها إلى جميع أنحاء العالم... أخطاء لم تقف عند حدود المنافسات المحلية بل تعدت ذلك إلى الدولية والعالمية، وهو الأمر الذي جعل الأصوات تتعالى مطالبة بضرورة استخدام التكنولوجيا لتفادي الأخطاء التحكيمية التي أفقدت الكثيرين فرصة المنافسة.
ومن أبرز المطالبات وضع كاميرا داخل مرمى كل فريق لحسم الجدل حول الأهداف المشكوك في صحتها واستخدام الكرة الذكية وأمور أخرى بعضها لا يزال تحت الدراسة وبعضها الآخر خضع للتجربة مثل استخدام السماعات المحمولة، بالإضافة إلى المطالبة بوضع جهاز أمام الحكم الرابع لمشاهدة بعض الألعاب الجدلية من حالات تسلل ومخاشنات وغيرها يتم الرجوع إليها من قِبل الحكم الأساسي.
ومع كثرة الأخطاء التحكيمية في دوري زين السعودي للمحترفين وارتفاع درجة حدة توتر التصريحات الإعلامية ضد قضاة الملاعب طرحت «شمس» تساؤلا على عدد من الحكام ما إذا كانت تكنولوجيا التحكيم ستقضي على الأخطاء والسلبيات أم أن تطبيقها سيقتل متعة كرة القدم.
في البداية أوضح الحكم السابق ورئيس اللجنة الفرعية بمدينة الرياض الحكم محمد النوفل أن الأخطاء التحكيمية واردة مهما أدخلنا عليها من تكنولوجيا: « لكي تبقى المتعة والإثارة لا بد من وقوع الأخطاء التي لا نتمنى حدوثها إلا أن الحكم بشر ومعرض للأخطاء».
وبين النوفل أن أفضل الحكام أقلهم أخطاء، مشيرا إلى أن النجومية في التحكيم تقتضي تكثيف التدريبات والاستفادة من الأخطاء ومعالجتها مما يقلل الإشكاليات وأوضح: «التكنولوجيا من وجهة نظري غير مفيدة وتفقد اللعبة متعتها، حيث إنها ستوقف المباراة أكثر من مرة وتجلب الملل للجمهور والمتابعين وهنا سنستهلك وقتا أطول».
أما الدولي الإماراتي علي حمد فيرى أنه من الصعب القضاء على الأخطاء التحكيمية كليا لأنه لا توجد حياة مثالية تماما أو عالم كرة مثالي مطلق: «توجد أخطاء تحكيمية متفاوتة على مدار كل البطولات العالمية والقارية وعلى الرغم من حرص الاتحاد الدولي «فيفا» على اختيار أفضل الحكام للمشاركة في المناسبات العالمية وأولها كأس العالم وتحمل تكاليف باهظة لإعداد الحكام إلا أن الأخطاء تقع ولن تنتهي مهما تطورت التكنولوجيا في التحكيم».
وأضاف: «التطوير مطلب الجميع من أجل تحقيق أقصى درجات العدالة، ولكن لا بد أن نكون منطقيين عندما نتحدث عن التكنولوجيا، لأنها ستكون محدودة أيا كانت متطورة مقارنة بأداء الحكم الأساسي داخل الملعب، وعندما نطبق العدالة بوجود الكاميرا الخاصة باحتساب الكرة هدفا من عدمه، فإنه لا بد من أن تكون هذه الكاميرا في جميع الملاعب، والمراحل السنية، وليست مقتصرة على بطولات معينة، لأن العدالة التحكيمية تتطلب وجودها في كل الملاعب، وأيضا ليس من المنطقي أن تكون موجودة في دوري مثلا، وغير موجودة في دوري آخر غير قادر ماديا على جلب هذه التقنية العالية، وتطبيقها على دولة واستثناء أخرى، بسبب الفقر مثلا، وهذا الأمر سيكون فيه ظلم كبير من فيفا على الدول الفقيرة.
وأكد علي حمد أن تنفيذ هذه التقنية مكلف للغاية مقارنة بالواقعة التي تحدث: «طوال الموسم الماضي لم يحدث في دورينا للمحترفين واقعة شك في احتساب هدف من عدمه، وبالتالي فإن وجود الكاميرا داخل الشباك لتصيد أخطاء الحكم في احتسابها ستكون دون جدوى، وفي كأس العالم الأخيرة الحالات كانت قليلة جدا».
وأضاف: « استخدام السماعات الحالية في الملاعب «محمول التحكيم» يكلف في المباراة الواحدة نحو «7500» دولار للطاقم الواحد، وهو مبلغ متاح في دول دون أخرى لا تستطيع توفيره، ثم إن الاتحاد الدولي لا يتحمل هذه التكاليف، وبالتالي فإن المصاريف المادية في هذه الحالة ستكون على الاتحادات الأهلية، ويصعب تطبيق تقنية المحمول في كل الملاعب، حيث لا نشاهدها إلا في الدوريات الممتازة، ففي الإمارات مثلا الأجهزة المحمولة، لا توجد في دوري الدرجة الأولى والمراحل السنية المختلفة».
وبين أن المطالبة بالعودة إلى الحكم الرابع لحسم الجدل حول التسلل سيفقد متعة اللعبة: «ليس منطقيا أن تقف المباراة حتى يحضر الحكم الأساسي لزميله خارج الملعب لمشاهدة حالة تسلل عبر شاشة خاصة بالحكم على حدود الملعب».
وأضاف: «أنا ضد هذه التكنولوجيا المتطورة التي تفسد المتعة الكروية ويمكن الاستغناء عنها بعدد من الحلول البديلة التي تساهم في تقليل الأخطاء من قِبل الحكام مثل تطوير القدرات البشرية للحكام بواسطة زيادة المحاضرات والتدريبات والتركيز وتفريغ الحكام من خلال فتح المجال لاحترافهم، ووضع العديد من الحوافز أمامهم».
أما الدولي السعودي السابق عبدالله القحطاني والمقيم الحالي في لجنة الحكام الحالية فأيد استخدام السماعات التي يستخدمها الحكام حاليا رافضا أي تقنية أخرى مثل الكرة الذكية والإضاءة الإلكترونية وغيرها من وسائل التكنولوجيا التي يسعى الاتحاد الدولي لتطبيقها: «أرى أن بعض وسائل التكنولوجيا غير مجدية وعديمة الفائدة حتى لو تعالت الأصوات المطالبة بتطبيقها وأجزم أنها ستفقد اللعبة متعتها، وستقلل من شعبيتها ولنا في لعبة كرة اليد خير دليل، حيث إن كثرة توقفاتها قللت من شعبيتها مع احترامي للاعبيها واتحادها».
ووافق الدولي المعتزل علي المطلق من سبقه من الحكام الرأي: « لا أختلف مع الإخوان فيما ذكروه حول تطبيق التكنولوجيا التي لن تحل المشكلة سواء كانت الكرة الذكية أو الشاشات، والحكم الناجح هو من يؤدي تدريباته، ويسمع كلام الخبرات سواء من المدربين أو المراقبين أو المقيمين، ويستفيد من أخطائه ويعالجها في المباريات مع إدراكنا جميعا أن الحكم بشر ومعرض للخطأ ومهما قدم من وسائل تكنولوجية أعتقد أنها لن تكون ذات فائدة، فقد شاهدنا في كأس العالم أخطاء كوارثية ارتكبها نخبة من حكام القارات لهم خبرات دولية في إدارة المباريات وفي القارات ولهم خبرة دولية في إدارة المباريات ولا أدري هل تريدوننا أن نقارن هؤلاء بحكامنا الذين منهم حكام درجة أولى والذين سيكون لهم حضور قوي بحكم احتكاكي بهم ولن يصبحوا كذلك إلا إذا واجهوا الضغوطات سواء من الجماهير أو مسؤولي الأندية والإعلام ».
ويشير المحاضر في الاتحادين الآسيوي والدولي هاني طالب بلان إلى أن الحكم بشر ومعرض للخطأ أيا كانت درجة الحذر لديه: « لكي ينجح الحكم لا بد أن يكون ذا شخصية قوية.. والحكم الناجح هو أقل الحكام أخطاء والحكم الذي يتدرب ويؤدي المهام ويطبق القانون، هو الذي سينجح وإن حصل أخطاء فهذه طبيعة البشر والتكنولوجيا جميلة لكنها في الحقيقة ستفقد اللعبة متعتها».
أما الحكم المعتزل والمقيم في لجنة القصيم عبدالرحمن الجروان فيؤكد أنه طالب منذ زمن بتطبيق التكنولوجيا وأوضح: «طالبت بتطبيق السماعات المطبقة من الموسم الماضي أما غيرها فأنا ضده لأنها غير مفيدة وأجزم أن الكل وأولهم منتقدو الحكام يرون أن التكنولوجيا ستفقد اللعبة متعتها وقد سبق وطبقت في دول ولم تحقق الفائدة المرجوة منها، ولدينا حكام ناجحون بدرجة امتياز والحكم يجب أن يكون صاحب شخصية قوية، فشخصية الحكم هي التي تحدد خروج المباراة من دون أخطاء مؤثرة، ولها دور كبير في الوصول إلى بر الأمان، ويجب على من ينتقد التحكيم أن يكون ملما بالقانون وأغلب أخطاء الحكام لدينا تقديرية، وهي التي ليس لها نص في القانون إنما تعود للحكم الذي يقدرها كما أن الأخطاء تقع في جزء من الثانية».
وأيد الجروان تطوير قدرات الحكام مثل تنظيم دورات ومعسكرات خارجية إلى جانب فتح المجال للاحتراف