المواثيق في القرآن ::
ذكر الله في كتابه العزيز عدة مواثيق قد أخذها على عباده لكي يقيم عليهم الحجة والبينة يوم القيامة. وهذه المواثيق هي:
1- ميثاق الذر :
قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [ الأعراف: 172 ] . يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم وأنه لا إله إلا هو.
2- ميثاق الفطرة :
حيث بيّن سبحانه أنه خلق الناس على الفطرة وجبلهم عليها، فقال سبحانه: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ [ الروم: 30 ] . وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم: " كل مولود يولد على الفطرة "، وفي رواية: " على هذه الملة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه. كما تولد بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء ". [ متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان، 1702 ]. وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول الله: إني خلقت عبادي حنفاء، كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم ". [ صحيح مسلم، 2865/63 ].
3- الميثاق على النبيين بتبليغ رسالاتهم :
قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [ الأحزاب: 7 ] . قال ابن كثير: يقول تعالى مخبرا أولي العزم الخمسة وبقية الأنبياء أنه أخذ عليهم العهد والميثاق في إقامة دين الله تعالى وإبلاغ رسالته والتعاون والتناصر والاتفاق ... فهذا العهد والميثاق أخذ عليهم بعد إرسالهم ... ونص من بينهم على هؤلاء الخمسة وهم أولوا العزم وهو من باب عطف الخاص على العام ... فهذه هي الوصية التي أخذ عليهم الميثاق بها ... وبدأ في هذه الآية بالخاتم لشرفه صلوات الله عليه ثم رتبهم بحسب وجودهم صلوات الله عليهم ... وقد قيل إن المراد بهذا الميثاق الذي أُخذ منهم حين أخرجوا في صورة الذر من صلب آدم عليه السلام.
4- الميثاق على النبيين بإتباع محمد صلى الله عليه وسلم :
قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ ﴾ [ آل عمران: 81 ] . فهذا العهد والميثاق أُخذ عليهم بعد إرسالهم. قال القرطبي: الرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم ... واللفظ وإن كان نكرة فالإشارة إلى معين ... فأخذ الله ميثاق النبيين أجمعين أن يؤمنوا بمحمد عليه السلام وينصروه إن أدركوه, وأمرهم أن يأخذوا بذلك الميثاق على أممهم. واللام من قوله: ﴿ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ﴾ جواب القسم الذي هو أخذ الميثاق, إذ هو بمنزلة الاستحلاف.
|