المواضيع بين النقل والأصل
بسم الله الرحمن الرحيم
نقرأ مواضيع كثيرة في أماكن متعددة ، في الكتب ، أو مواقع الإنترنت ، أو تعرض لنا مصادفة ، فنقرأها فمنها ما يشدنا ويلفت أنظارنا بقوة تتارجح بين طريقة الكاتب وتفاوت الكتاب في طريقة عرضه لموضوعه ، وقوة حجته فيه ومصداقيته في الطرح واختيار المجال وميدان موضوعه الذي كتبه ، وفي كل الأحوال فإن الموضوع لابد له من كاتب أصلي ، مهما كان ولا يمكن أن ينزل من السماء إلى الأرض دون أن يكون له مصدر ، أو محدث ومفكر ، فهناك عقل فكر ، وفكر اعتصره صاحبه وأضنى نفسه حتى أخرج مادته بطريقته ومجهوده ، ولعمري أن التفكير في موضوع ما ليس بالأمر السهل ، واعتصار الفكر ليس لأي فن ليس لأي إنسان أن يمارسه أو يجيده ، رغم أن الإنسان يفكر ويعمل عقله في التفكير الجاد سواء بينه وبين نفسه أو مع الآخرين ، والعقل يعيش في حركة مستمرة لا يفتر عن التفكير والحراك ، ولكن يختلف من إنسان إلى آخر ، فهناك من يستطيع أن يخرج أفكاره ويظرها ويركبها تركيباً على حسب تفكيره ومادته وما يتطلبه الحال ، ومنهم من لا يستطيع أن يصوغ خلاصة فكره أو يركبها في شكل نصوص أو مادة مقروءة يتبادلها الآخرون ويستفيدون منها بأي شكل ، من الأشكال ، ولكن ربما استطاع أن يظهر مادته وخلاصة فكره كلاماً دون الكتابة لطلاقة لسانه وإجادته الحديث والسرد السمعي ..
وفي كل الأحوال طالما أن الشخص هو صاحب الفكرة ، ورب المادة المقروءة أو المسموعة فإن ذلك ملك فكري له وخاص به صدر عنه وهو يعبر عن شخصه هو فقط ، ويعبر عن وجهة نظره هو فقط ، ويعكس صورته أمام الناس أجمع ، وليس لأحد أن ينتحل ما كتبه أو قاله ، وينسبه لنفسه مهما كان ذلك الشخص المنتحل ومهما كانت مكانة الكاتب أو المفكر ومركزه .
وانتحال آراء الآخرين وانتسابها دون إذن من أصحابها ، أو علمهم أو الإشارة لذلك يعد اعتداء على ملكيتهم وعلى عقولهم ، وممتلكاتهم ، وصعود على أكتافهم دون مقابل أو حتى اعتراف بابسط حقوقهم ، ومن ينقل موضوعاً أو يتبنى ماليس له ، فهو ظالم ومعتد ، ويحب أن يمدح بما لم يفعل ، وقد توعد الله هؤلاء بعذاب أليم
( لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [أل عمران 188]
لأنهم ينهجون الباطل ، ويأخذون ما ليس لهم ، ويسطون على ممتلكات الآخرين ، ويستبدون بجهدهم وينتحلون بذلهم وعطاءهم ، ويغيبون مآثرهم ويغمطوهم حقوقهم المعتبرة لهم ..
فبالله كيف يعيش هؤلاء ، وكيف يجدون أنفسهم وقرارتهم وهم يعلمون أنهم يكذبون ، ثم يتمادون في كذبهم ويصدقونه ، ويدلسوا على الناس ويتقربوا إليهم بحقوق غيرهم .
كتبت هذا الموضوع لعل فيه مساحة للنقاش والحوار لمن أراد أن يدلو بدلوه ، ويضيف ما لديه من ملاحظة حول قضية الانتحال والسرقة الأدبية ، لأنني ألاحظها كثيراً في عالم الإنترنت ( عالم السرقات والانتحال ) فالكل ينقل عن غيره ولا يوضح ذلك ولا يشير فاصبح الموضوع كأنه حق فكري له دون غيره بينما هو عصارة فكر وجهد غيره ، وهذا لعمري ظلم وغمط للحق وتماد في الباطل .
أتمنى أن يكون هنا مساحة ساخنة للحوار والنقاش الجاد والنقد البناء .
تحياتي لكل قارئ
موضوع لي في مكان آخر
|