الحزن يتغلغل بداخلي...
واليأس يسيطر على كياني...
أرهقني السهر وأتعبني التفكير...
ولم يعد بوسعي حفظ توازن جسدي..
فسقطت كما لو سقطت شجرة هرمة....
افترش جسدي الأرض كأنه جثة هامدة....
كأن الروح قد فارقته منذ أيام....
وكأن قلبي بين جوانحي قد كف عن الخفقان....
سكونٌ وصمت حزنٌ واسى...
آلامٌ وآهاتٌ و عبرات.....
.......
صوتٌ قادم من البعيد....
نبرته حادة وصوته شجيٌّ أجش...
كان يصرخ بأعلى صوته...
قم ..قم وانهض ودع الأوهام عنك تذهب...
قم ولا تلقي بنفسك للهاوية لمطبات الحزن وظلمات الأسى...
قم مالي أراك ضعيفا خارت قواك...
لست كما عرفتك..!
كنت صلب عند الشدائد...
كنت جبل شامخ ..
لماذا؟ لماذا كل هذا الضعف....؟
كأن مصائب الكون حطت رحالها عندك...
كأن أطنان من الآلام قصمت ظهرك...
كيف سقطت شجرة صامدة ..
لم تستطع رياح الغرب ولا الشرق هز غصن منها.....
كيف سقطت ....؟
كيف خارت قوى رجل جبار لم يحسب للصعاب يوما حساب....
كيف... ؟ وكيف ؟
أما نظرت إلى نفسك..
أما شاهدتها بالمرآة كيف هي...
وجه شاحب يملأه الاصفرار .....
قلب ضعيف يكاد لا يقوى على الخفقان...
يدان وقدمين كأنهما مشلولتين...
جسد مرهق ....
أحسست بالدم يسري في عروقي....
أحسست قلبي يخفق وبشدة....
تحركت يداي وحاولت النهوض...
لكن ثمة جبل من الأحزان جثم فوق صدري...
فلم أستطع الحراك....
..........
وانطلق صوت من داخلي يقول..
كفى.....
كفى.......
لم يعد بوسعي تحمل المزيد من الكلمات...
فكلماتك تخترق جدار سمعي فتثقبه...
إن حالتي يرثى لها....
الشؤم باد على وجهي....
واليأس تملكني...
وحيد أنا مالي من خليل...
في النهار أقاوم بركان أفكاري...
وبالليل تبلل أدمعي الوسادة...
.........
حاولت النهوض مجددا ..
ولكن هذه المرة ....
كان النور قد أشرق في وجهي...
وابتسامة عريضة....
قلبي يطرق بشدة....
وبحركة سريعة ونشاط منقطع النظير....
نهضت .....
نعم فعلتها...
تحررت من قيود الوهم وظلمات الجهل ....
حركت يداي فتحركتا..
صرخت بأعلى صوتي ....
فسمعته يهز أركان الدنيا....
يا الله...!
كيف عادت الروح لجسد ميت....؟
كيف سرى الدم بعروق جافة....
انتصبت قامتي كشجرة قد مدت في الأرض جذورها...
وبسطت على الأرض سلطانها...
اتجهت لنحو طاولتي...
التي تناثرت فوقها الأوراق...
رتبتها نضمتها...
وأخرجت من الدرج دفتر جديد...
وفي أول سطر من أول صفحة ....
بدا قلمي يخط معلنا بداية مرحلة جديدة
مرحلة جديدة من حياتي ...
لا حزن فيها ولا يأس...
الأمل ينتصب أمام عيني...
والسرور يغمر كياني....
وبعد أن عانيت مرار اليأس
وذقت حلاوة الأمل
قررت أن لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس....