قبل شروق شمس كل يوم جديد وستائر الليل لازالت منسدلة على تلك الجبال الخضراء والشمس في استعدادها لنشر نورها في أرجاء الكون تستيقظ تلك المرأة وهي تمسح آثار النوم من عينيها الناعستين لتحمل أداوتها أو ماهو أكبر منها وهو الغَرْب وتستعد لمشوارها الطويل والمعتاد متجاوزه مئات الأمتار وتسلك جميع الطرق والشعاب والقفار على قدميها الحافيتين غالبا
وتنطلق بجد ونشاط برفقة جاراتها أو قريباتها وأحيانا وحيده إلى أن تجد صحبة من النساء يرافقنها في ذلك الطريق الطويل والصعب لتجلب الماء من موارد متعددة ومنها:
فَـقْــوَة:وهي حفرة في الأرض تكون في منحدرات الأودية بعمق يصل إلى الصخر الصلب الذي تجري من عليه المياه الجوفية فيستخرج عن طرق هذه الفقوه ويسمى ماؤها (عَايْنَه)
مِعْيَنِن: حفرة في الأرض تكون في منحدرات الأودية بشكل أفقي حيث تكون دائما تحت حاجز للمياه يستخرج الماء المحجوز من تلك الحفرة شديد الصفاء،أو من الوادي أو البير أو من أي مكان كان فهو عمل شاق جدا وبعيد ولا بد أن تفعله كل يوم وأحيانا تذهب مرتين لتأمن لأسرتها ما يحتاجونه من الماء والذي يستعمل في الشرب والطبخ وسقي المواشي مع العلم أن الكمية التي تجلبها تعتبر قليلة جدا جدا بالنسبة لما نستخدمه نحن اليوم إلا أنها تكفيهم لاستمرار حياتهم .
ولكن ما يكسر ذلك التعب والمشقة وذلك الطريق الطويل هو ما تجده من متعه في مرافقة أولئك النساء من جارات وقريبات وتبادلهن أطراف الحديث والأخبار والأشعار والغناء بأصوات وألحان جميلة يتردد صداها في تلك الجبال الشامخة سواء مما كن يحفظنه أو يؤلفنه في وصف للطبيعة أو وصف ما يفعلنه يوميا أو المدح أو الفخر وأحيانا الرثاء أو الهجاء ويكون غالبا لقلة من الرجال الذين يضايقونهن في طريقهن لورود الماء .
فأريد في موضوعي هذا أن نرجع للوراء قليلا ونتذكر ما كن يرددنه ويصدحن به أمهاتنا وجداتنا من أشعار عندما يردن لجلب الماء وهذه كانت فكرتي وزاد عليها الأخ محب المتقين عندما طرحت الفكرة في موضوعه (هزامل وأهازيج العمل )في أن يكون كل ما كانت تردده كل عامله في عملها من جمع الحطب وإحضار الماء والعشب وأعمال المنزل وتربية الأبناء وأناشيد المهاد..
وأريد منكم مساعدتي ومشاركتي في هذا الموضوع لنستفيد ونستمتع جميعا فمعلوماتي ضعيفة جدا في هذا الشأن ورغم بحثي لم أجد إلا القليل ولم يروي عطشي.
فمن أراد أن يدلو بدلوه ويفيدنا بأشعار أو أخبار أو قصص وكل ما يخص هذا الموضوع فأنا ممتن وشاكر له وأيضا لمن يمر من هنا ويعطّر المكان
شكرا لكم ...
وهنا سيرة الشاعرة :
الشاعرة الراحلة (فاطمة ساري جبران العمري) من آل برقان ولدت حوالي (1330هـ) تزوجت وأنجبت فتاة واحدة ماتت في الصغر وتوفي زوجها ولم تتزوج بعده كانت تحفظ الشعر وترويه وهي شقيقة الشاعر الراحل (يحيى ساري جبران العمري) وهو صاحب الحكم الشهيرة ومنها اللغز وجوابه القائل :
كنت شاعر وافتني ما ثلاثة...........يقلبون ابن ادمي غير لــونو
المرض ، والدين ، والثالثة............من يفتقر بين اخوتو يكرهونو
ونعود لشقيقته الشاعرة فمن نظمها :ـ
وانحمد الله كل شي زانه.......ماعذلوا امسبحان
سوى علاهو إن اتى ماحانه....أوغيّب ماحــــــان
ولها مرثيات وأشعار في مناسبات مختلفة تحفظ لها والدتي النزر اليسير وكانت تذهب الى منزلها (العتماة) لتطحن على (رايدها) العتيقة في الثمانينات من القرن الماضي وتلقنها من أشعارها ما تتغنى به أثناء عملية الطحن ولكنها نسيت الكثير من تلك التلقينات..
عاشت الشاعرة فاطمة ساري ما يناهز التسعين عاما فرحمها الله رحمة واسعة ..
ملاحظة :الرجاء عدم تخريب الموضوع والجدية في المشاركة .