خاطره (بعض الاحزان لا نتوقع ان نسطرها يوما..لكننا احيانا نفعل)
أخبرني يا سيدي
ماذا هذا المساء شديد الظلمة
شديد الكآبة
شديد الحزن
شديد الرعب
ثقيل كجبل
بطيء كسلحفاة
بارد كميّت؟
************************************************
ولماذا يا سيدي
حكايتي يتيمة تتجول في خاطري كالغرباء
والورد يئن في الشرفات كالمطعون
والسيّاف نكّس سيفه وأجهش في البكاء؟
أخبرني يا سيدي
أين ذهب الأمان
ما الذي حدث في المدينة هذا المساء؟
************************************************
وأخبرني
أين أرسم علامات استفهامي
والكل في حالة ذهول
الكل في حالة صمت وسكون
لكنه سكون وليد الصدمة يشبه صمت الموت
تماما؟
أيكون الموت؟
من؟
أخشى ان اطلق رصاصة السؤال
فتقتلني رصاصة الاجابة
************************************************
إذن هو الموت
هو الموت يا سيدي ثانية
وثالثة...ورابعة..وليست أخيرة
هو الموت يا سيدي
أحفظ ملامحه جيدا
وأعرف مرارته
كتبت عنه الكثير وكتبني
ورثيت الكثير من الراحلين
أحياءهم وأمواتهم
************************************************
لكن الموت هذه المرة
ليست قصيدة حزينة تنزفها في اذني
ولا حكاية مرعبة اسردها عليك
ولا نبأ يصلني فأستقبله بالدموع
الموت هذه المرة يا سيدي يختلف
فالموت هذه المرة هو ...أنت
************************************************
فتصور ..حين يكون الموت هو..أنت
تصور..حين يكون النبأ الحزين هو..أنت
تصور..حين يكون ذلك النائم بلا روح هو..أنت
فأي الحروف تسعفني عندها؟
واي الكلمات تغيثني؟
واي بقعة من الارض تستوعب حزني؟
واي فضاء يحتمل صرختي!؟
************************************************
أواه يا سيدي
بأي عنوان أعنون هذا الاحساس؟
وبماذا أُلقب هذا الجرح؟
وهذا الحزن الذي ما توقعت ان اكتبه يوما
وهذا هو الحدث العظيم الذي ما تمنيت
ان اسجله بتاريخ عمري يوما
لكنه حدث
ووجدتني أسجل فوق جدار قلبي بأنكسار
وبيد مرتعشة
في مثل هذا اليوم رحل رجل
كان يمثل العالم..لهذا القلب
************************************************
رحلت إذن
رحلت كأجمل ما يكون الرحيل
كنت رائعا في كل شيء
مختلفا في كل شيء
صادقا في كل شيء
حتى في الموت
اخترت أروع انواع الموت
فمثلك لا تودعه الحياة إلاّ رافعا رأسه بفخر
ومثلك لا يودع الحياة
إلاّ لحياة أجمل وأبقى
************************************************
هل تذكر؟
حين سردت عليك حكاية حزني ذات مساء
وملأت كفيك بالدموع
وعدتني ان تحفر ينابيع الفرح
في اراضي عمري
وان تمنحني السعادة بلا حدود
وان تدربني على الضحك الذي نسيته
منذ سنين
وأن..وأن..وأن
وان لا يخرجك من عالمي سوى الموت
وصدقت الوعد يا سيدي
فلم يأخذك ولم يبعدك..إلاّ الموت
************************************************
هل تعلم؟
بنفس خائفة وقلب مرعوب
أحاول التكيّف مع فكرة غيابك
وأحاول ان ادرب لساني على ربط اسمك
بالموت
واحاول ان اقنع قلبي
ان الطرقان فوق بابي لن تكون طرقاتك
وان رنين الهاتف لن يكون رنينك
وان الرسائل في بريدي لن تكون رسائلك
وان ذلك الطيف في الظلام لن يكون أنت
ترى؟
ان كان حنيني الى الاحياء يقتلني
فماذا عساه يفعل بي حنيني
الى الاموات؟
************************************************
سيدي
انتهت الحكاية
فنم بسلام..على قلبك السلام
انتهت الحكاية سيدي
والخوف كان فيها بطلا
والموت كان فيها الختام
...منقوووووله...
|