(الشيخ يحيى بن شريف)
أخواني الكرام
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
نعود معكم لنبدأ الحلقة الأولى عن شخصية كان لها دور كبير في فيفاء سواء من ناحية الإصلاح أو أحتياج فيفاء له و لقيادته الحكيمه في ذلك الوقت
(الشيخ يحيى بن شريف)
إنه الشيخ يحيى بن شريف السنحاني الفيفي الذي ولد في فيفاء في العقد الخامس من القرن الثالث عشر الهجري كما يستدل على ذلك بالحوادث والوقائع التي يؤرخ بها الناس ونشاء بها وهوالتاريخ الذي وجدت فيه الجماعة الموحدة في فيفاء والتي سبق الكلام عنها ويظهر من الإصلاحات التي قام بها والتي سوف نشير إلى بعضها لاحقاً أنه تأثر بهذه الجماعة فلما هيأ الله له قيادة رعيته بعدما احتاجوا إليه بدأ يصحح الأوضاع ويصلح ما فسد من أحوال الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقدر الذي تيسر له وأخذ يعلم الناس ما يجب عليهم في العقيدة والعبادة بما سوف نشير إليه لاحقاً وللحديث عن الإصلاحات التي قام بها يتطلب التمهيد لذلك بالتعرف على الظروف والأحوال التي هيئة له القيام بما قام به .
كيف تهيأ للشيخ الإصلاح
إذا أراد الله شيئاً هيأ أسبابه ونستطيع أن نرد الأسباب التي هيئة للشيخ يحيى بن شريف السنحاني الفيفي في الإصلاحات التي قام بها في فيفاء إلى الأتي :
أولاً : وصول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ إلى فيفاء في أوائل القرن الثالث عشر الهجري بالطريقة التي سبق الكلام عنها وقد تأثر بها الشيخ وكانت من أسباب ما قام به من إنكار المنكرات التي كانت موجودة والقيام بالإصلاحات التي قام بها في بلاده .
ثانياً: من الأسباب التي هيئة له القيام بم قام به الانفلات الأمني في بلاده وشعور العاقل من الناس بالحاجة إلى شيخ شمل يتولى قيادتهم وأصلاح ما بالبلاد من فساد وانفلات وقد وقع اختيارهم عليه لمعرفته بقدرته على ذلك.
ثالثاً : من الأسباب التي أهلته إلى الوصول لما قام به من إصلاحات عدم موافقة القوم على الشروط التي أشترطها عليهم لما عرضوا عليه تولي الشيخة عليهم أول مرة مما أغضبه وكره الوضع والمقام معهم وحمله على ذلك الهجرة إلى قطابر باليمن حيث أقام في جوار الشيخ فرحان بن زابية الجماعي والشيخ علي بن يحيى حجار الجماعي وجماعتهم فاستفاد من الجوالديني والعلمي في البلد الذي أنتقل إليه ولابد وانه قارن حال بلاده وحال البلد الذي أتى إليه .
رابعاً : تفاقمت الأوضاع في بلاده وأصبحت الحاجة ملحة لوجوده في بلده وبين قومه ليكون شيخ شمل لأهل فيفاء يدير شؤونهم ويتولى أمورهم ولما اشتدت الحاجة إليه عقد العقال من القوم العزم على إعادة المحاولة معه لإقناعه بذلك فسافر إليه وفد من عقالهم إلى مكان إقامته وأعادوا الكره إليه بطلب الموافقة على تولي الشيخة وأخبروه برغبة الرعية في عودته فوافق على ذلك بعد التزامهم بما أشترط عليهم من الشروط .
ماذا استفاد من هجرته ؟
جعل الله في هجرته إلى اليمن الخير الكثير فقد استفاد من ذلك فوائد جمة كان لها أثر في الإصلاحات التي قام بها ونلخص تلك الفوائد في الأتي :
أولاً : استفاد من مجالسة العلماء والمتعلمين في ذلك البلاد الذي هاجر إليه ( قطابر ) حيث كان يوجد به هجرة علمية , وفيه من يتمسك بالدين ويقيم شعائر الإسلام كالصلاة ونحوها فتأثر بالجوالديني الذي شاهده مما زاد ذلك أيماناً واستمساكا وتصميماً على ما بقومه على علم وبصيرة .
ثانياً : لقد هاجر معه أولاده الشيخ علي بن يحيى الذي تولى الشيخة بعده , والشيخ أحمد بن يحيى , وابن عمه الشيخ حسن بن جبران والذي بلغ درجه من العلم فأصبح يقضي بين الناس في نزاعهم حتى عرف بالقاضي حسن بن جبران , وكان هؤلاء ومن تعلم معهم هم الباكورة الأولى من المتعلمين من أبناء فيفاء حيث بدأت بعد ذلك هجرت بعض الأفراد إلى الهجر العلمية المشهورة باليمن لطلب العلم .
ثالثاً : يظهر أن الشيخ يحيى بن شريف السنحاني الفيفي تعرف فترة أقامته باليمن على بعض طلبة العلم وتعرفوا عليه وعرفوا قدره ومكانته وفضله , فلما عاد إلى فيفاء كانوا يأتون إليه وإلى غيره من أبناء فيفاء , وكانوا يقومون بالدعوة إلى الله وتعليم الناس أمور دينهم , وكان الناس يقدرونهم ويقلدونهم فساهم ذلك في تعلم الناس واقتدائهم بهؤلاء والتزامهم بالدين .
رابعاً : كان من أثر ذلك تأثر بعض الأفراد بالذين هاجروا مع الشيخ حينما رأوا آثار الصلاح والاستقامة عليهم واحترام الناس لهم , فتوجه بعض الأفراد إلى الهجر العلمية المشهورة في اليمن كهجرة : ضحيان , وقطابر , وليلى , وصعده وصنعاء وغيرها من البلاد اليمنية المعروفة بالعلم , فتعلم فيها بعض الأفراد من أبناء فيفاء حتى أشتهر بعضهم بالعلم والفقه في الدين وأصبح يطلق على بعضهم لقب (الفقيه) ولما رجعوا إلى بلدهم أصبحوا دعاة ومعلمين للناس , ومن فضل الله أنهم كانوا موزعين في أنحاء من جبال فيفاء فأصبحت بيوتهم ومساجدهم كتاتيب لتعليم القرآن ومبادئ الدين .
احتياج البلاد لقيادته
إن الله إذا أراد شيئاً هيأ أسبابه , فقد كانت فيفاء والمنطقة بصفة عامة في انفلات أمني لعدم وجود حكومة تضبط الأمور وتأخذ أيدي السفهاء والمفسدين فاستشرى بين الناس القتل والنهب والسرقة والفساد بجميع أنواعه , واختل الأمن العام وعم الخوف بين الناس وكان الناس يديرون أمورهم ويحلون مشاكلهم بالأعراف القبلية التي يتفق عليها مشايخ القبائل , وأصبحت البلاد في حاجة إلى شيخ يستطيع قيادة الرعية وإبرام القواعد والاتفاقات مع القبائل المجاورة , فوقع اختيار العقال منهم على الشيخ / يحيى بن شريف السنحاني الفيفي ليكون شيخ الشمل لقبائل فيفاء , فطلبوا منه ذلك فوافق بشروط أهمها ما يلي :
أولاً : إقامة الصلاة والمحافظة عليها .
ثانياً: ترك الاحتكام إلى البشعة والكهان والاحتكام إلى شرع الله العظيم.
ثالثاً: ترك حرب العدية, وهي مبارزة الشخص لمن يتهمه بمسبة ليكون انتصاره في المبارزة هوالذي يرفع عنه ما رمي به, أوعكس ذلك.
رابعاً : ترك لبس السواد , وكان شائعاً بين الناس .
خامساً : مع التجليد في الختان .
إلى غير ذلك من الشروط الإصلاحية التي أراد بها إصلاح ما كان عليه الناس من الفساد وردهم إلى جادة الحق والصواب...
وعاد الأسد إلى عرينه
لما زاد الوضع الأمني والإطراب القبلي في فيفاء سوءا لعدم وجود قيادة تقودهم إلى الخير عزم عقال القوم على الذهاب إلى الشيخ يحيى بن شريف في مهاجرة , وإعادة المحاولة معه على الرجوع إلى فيفاء وتولي الشيخة فعرضوا عليه ذلك فوافق بشروطه التي أشترطها عليهم في السابق , فوافقوا على ذلك وأعطوه العهد والمواثيق والضمناء على ذلك .
ورجع إلى فيفاء وقاد مسيرة الإصلاح بالوسائل المتوفرة لديه , فنشر التعليم المتيسر في ذلك الوقت وهوحفظ القرآن وتعلم مبادئ الدين , واستفاد من الذين كانوا يأتون إلى فيفاء من طلبة العلم كآل الغالبي وآل مشكاع .
وبدأت هجرة الأفراد من أبناء فيفاء إلى اليمن لطلب العلم في البلاد المشهورة بالعلم كضحيان وقطابر وصعده وصنعاء , فتعلم بعض الأفراد حتى اشتهروا بالعلم والفقه في الدين وأصبح بعضهم يطلق عليه لقب الفقيه , ورجعوا إلى فيفاء وأصبحت بيوتهم كتاتيب لتعليم القرآن ومبادئ الدين , وما هي إلا فتره وجيزة حتى عم هذا القدر من العلم بين الناس وقل أن تجد بيتاً في فيفاء لا يوجد فيه من القرآن ويعرف المهم من مبادئ الدين , وقد تم هذا بفضل الله ـ سبحانه وتعالى ـ ثم بفضل ما قام به الشيخ / يحيى بن شريف السنحاني الفيفي
وكان من ضمن الإصلاحات التي قام بها هوسن القواعد والاتفاقات بين القبائل من أجل حفظ الأمن والنظام , وملاحقة المجرمين والمفسدين في الأرض والأخذ على أيديهم .
وتنفيذ القواعد السابقة والالتزام بها فهذه هي الوسيلة الممكنة لحفظ الأمن والنظام في ظل عدم وجود حكومة تحكم بين الناس.
وإذا كان لا بد لأي مجتمع بشري من نظام يلجأ إليه في حل ما شجر بين الناس من خصومات ومنازعات حتى لا تسود الفوضى بينهم فقد كان أبناء فيفاء يديرون شئونهم بالأحكام القبلية التي يتفق عليها مشايخ القبائل ويتضامنون على تنفيذها والالتزام بها وتنفيذها .
يعتمدون عليها في الحكم فيما بينهم , جمع تلك القواعد في كتابه المسمى ( الحكم القبلي في فيفاء قبل العهد السعودي ) وهوكتاب مازال مخطوطا , ويعتبر أول كتاب سجل تلك القواعد وأثبت ما وجد منها , ومن أهم تلك القواعد ما يلي :
1. قاعدة الحلف بين آل المثيب وآل المودحي , وهذه القاعدة مؤرخة في عام 1144هـ .
2. قاعدة حلف آل أمغامر وأهل قطابر وهي مؤرخة في ذي القعدة سنة 1121هـ وتتضمن أمان كل طرف في بلاد الطرف الأخر .
3. قاعدة أمان سوق النفيعة وهي تشمل على عدة مواضيع منها :
أ ـ حكم من قتل وهرب .
ب ـ منع التهديد بالسلاح .
ج ـ ماذا يلزم عند حدوث جناية .
د ـ منع القمار في السوق وما حوله .
هـ ـ من قتل يوم السوق من القاعدة .
3. قاعدة آل ظلمة.
وغير هذه القواعد وقد أثبت صور لبعض ووثائق من تلك القواعد, وقام بشرح مضامينها.
هذا و سيكون حديثنا في الحلقة القادمة من سيرة رجال سطروا تاريخ فيفاء عن
الشيخ / علي بن يحيى السنحاني الفيفي
سنتناول في هذا الحديث حوانب كثيره من حياته و أثره على فيفاء و تقدمها
أنتظرونا
و السلام عليكم ورحمة الله و بركات
|