رد: هل يمكن أن نميل لشخص بسب قلمة؟
( نون والقلم وما يسطرون )
لعل في هذا القسم من الله تعالى بالقلم ، دليل كبير وواضح على مكانة القلم وعظمته ، والله سبحانه وتعالى حين يقسم
لا يقسم إلا بعظيم ، وقد أعطى القلم تلك العظمة الكبيرة ، وهو أول ما خلق وأول من تلقى الأمر الإلهي بأن يكتب ما سيكون من بداية الخلق إلى أن يطوي الله سبحانه وتعالى السماء كطي السجل للكتب ، وينصرف الخلق إلى أماكنهم في الجنة والنار .
والقلم وإن كان أداة صغيرة تحتويه أصبعان من أصابع اليد ، إلا أن بداخله مداد يتألف ويتكون كيفما أراد الكاتب ، وهو أداة نبوح من خلالها بما يكمن في داخلنا من مشاعر ، وأحاسيس ، وبما يدور في عقولنا من أفكار وأخطار ، وبما ينتابنا من تغيرات الحياة ويمس حياتنا من ظروف الحياة ومشقتها ، وأفراحها وأتراحها ، فتتجسد تلك المشاعر بقعاً ، وآثار تطفو على أيامنا وحياتنا فلا نملك إلا أن نجأر إلى القلم فنجسدها على الورق ، وندع القلم ينوب عنا في الحديث ، ونحن نتحدث بصمت وهو يتحدث عنا ويسمع ما نقول .
ولعل في إقسام الله تعالى بما بعد القلم أمر عظيم أيضاً ، فقد أقسم بما نسطر ونكتب ، فهو أمر عظيم أيضاً وخطير كذلك ، ففي ذلك الكلمة بكل معانيها ، فالكلمة الطيبة ، التي هي جزء من أجزاء الصدقة ، والسبيل إلى تعانق الأرواح ، وتآلف الناس ، وتوادهم وتراحمهم ، وجزء آخر من الكلمة وهي الكلمة الخبيثة ، التي تسبب المفسدة والتفرقة بين الناس ، ومثلها في القرآن الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض مالها من قرارا ، على عكس الكلمة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء .
والأقلام أنواع كثيرة ، فقلم مأمور ، وقلم مأجور ، وقلم داعية ، وقلم مبدع ، وقلم مأثوم ، وإلى آخره ، ولك ـن تمنحه أي أسم أو تستنبطه له من خلال ما تقرأه ، ونحن نصم القلم بذلك الاسم مجازاً بينما الدلالة والمعنى هي لصاحب القلم ، والكاتب به ، أي اشخص الذي يكتب ، ويسخر القلم فيما يريد ، أما القلم فما هو إلا أداة طيعة لا تعصينا مهما أمرنا ، ولا تتردد مهما كتبنا .
القلم فن وعظمة ، وروح تتحدث بما في الأرواح ، وعقل يفصح عن العقول ، وكلمة تتجلى في أسمى معاني الكلمة ووقار ، يعتم بعمامة الكبرياء والأنفة والعزة والفخر .
مهما قرأنا ومهما كتبنا من قصص ، وروايات وخواطر ، ونثر وشعر ، وقول ، فتلك أمور نستفيد منها بأي شكل من الأشكال ، سواء كانت ضارة فنتجنبها ، ونعلمها ، أو كانت نافعة فنعلمها ونستفيد منها ..
( أكتب بنا بعد الكتاب به فإنما نحن للأقلام كالخدم ) .
أنا ممن يقدسون القلم ، ويحترمونه ، ويعظمونه ، ومن أجله انجذبت لهذا الموضوع فكتبت عنه باختصار ما بعثه القلم في داخلي ، فسأبقى خادماً للقم وفياً له على مر العمر .
تحياتي
|