01-22-2011, 08:42 PM
|
#1
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 382
|
تاريخ التسجيل : Dec 2009
|
أخر زيارة : 04-26-2012 (04:26 AM)
|
المشاركات :
497 [
+
] |
التقييم : 209938680
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
تفسير سورة الكهف "من كتاب التفسير الميسر لعائض القرني"
د:عائض القرني
كتاب التفسيرالميسر
سورة الكهف(ترتيبها١٨آياتها١١٠)
بسم الله الرحمن الرحيم
(١)"الحمدلله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا"الثناءالحسن،والحمدالجزيل،والشكرالتام أوله وآخره لله وحده،الذي أكرم عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بإنزال القرآن عليه ،ولم يجعل فيه ميلا عن الحق،ولا انحرافا عن العدل والصدق.
(٢)"قيما لينذربأساشديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا"والله جعل القرآن كتابا مستقيما لاتعارض فيه ولاتناقض ،بل هو محكم تام كامل ؛ليخوف الكفار عذاب الناروعقاب الواحد القهار،ويبشر من آمن وعمل صالحا بالثواب والأجرالجليل في جنات النعيم.
(٣)"ماكثين فيه أبدا"
ليبقى المؤمنون في نعيم الجنة دائما خالدين مخلدين في دار كريمة ونعم عميمة.
(
٤)"وينذرالذين قالوا أتخذ الله ولدا"ويخوف القرآن الكريم الكفارويحذرهم عذاب الله وغضبه ،وهم القائلون بأن لله ولدا ،تعالى الله وتقدس وتنزه عن ذلك.
(٥)"مالهم به من علم ولا لأبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا"ليس عند هؤلاء الكفار علم بمانسبوه إلى الله من اتخاذ الولد تقدس عن ذلك،مثلما لم يكن عند أسلافهم الذين اتبعوهم علم بذلك،عظمت هذه الكذبة الفظيعة الشنيعة التي قالوها بأفواههم ،ماقالوا إلا كذبا وافتراء وزورا..
(٦)''فلعلك باخع نفسك على ءاثارهم إن لم يؤمنوابهذاالحديث أسفا''فلعلك أيهاالرسول تهلك نفسك بالغم والحزن بسبب إعراض قومك وتكذيبهم بهذاالقرآن.
(٧)''إنا جعلنا ماعلى الأرض زينة لهالنبلوهم أيهم أحسن عملا''إن الله جعل ماعلى وجه الأرض من مخلوقات شتى من جبال ووهاد،وأشجار وأنهار ونحوها جمالا للأرض ومنفعة لأهلها،ليمتحن الله شكرهم بذلك،أيهم أحسن طاعة لله وأصوب عملا صالحابإخلاصه لله ومتابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٨)''وإنالجاعلون ماعليهاصعيدا جرزا''وإن الله سوف يصير ماعلى وجه الأرض بعد انتهاء العالم ترابا لانبات فيه ولازينة ولاجمال.
(٩)''أم حسبت أن أصحب الكهف والرقيم كانوا من ءايتناعجبا''لاتظن أيهاالنبي أن قصة أصحاب الكهف واللوح الذي سطرت فيه أسماء الفتية عجيبة وغريبة على قدرة الله،فقدرة الله أكبروالله لايتعاظمه شيء.
(١٠)''إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا ءاتنا من لدنك رحمة وهيئ لنامن أمرنا رشدا''وتذكريوم دخل الشبان المؤمنون إلى الغارهربا من أذى قومهم لئلا يردوهم عن الإيمان ألى عبادى الأوثان وطاعة الشيطان ،فدعو ربهم وقالوا:ياربنا أعطنا رحمة من عندك تثبتنا على الإيمان وتحفظنا من شرالإنس والجان،ووفقنالطريق الاستقامة والسداد في كل الأمور؛لنعمل لطاعتك ونجتنب معصيتك،فنكون راشدين مهديين غير غاوين ولاضالين.
*(١١)''فضربناعلى آذانهم في الكهف سنين عددا''فألقى الله على الفتية النوم ،فبقو سنين كثيرة في الغار في هيئة الرقود.
*(١٢)''ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لمالبثوا أمدا''ثم أيقظ الله الشبان من النوم ؛ليعلم -سبحانه-أي الجماعتين المختلفتين في عدد بقائهم أيها أعرف بالحساب؟
وهل بقوا في الغار يوما أوبعض يوم ،أو مدة طويلة ؟
*(١٣)''نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية ءامنوا بربهم وزدناهم هدى''الله يخبرك-أيهاالنبي-بقصة أهل الغار بالصدق واليقين ،فهم شبان وحدوا ربهم وأطاعوه فزادهم هدى ويقينا وثباتا على الحق .
*(١٤)''وربطناعلى قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا''وقوى الله قلوب الشبان بالإيمان وثبتهم بالعزيمة حين وقفوا أمام السلطان الجباروهويلومهم على ترك عبادة الأوثان وعبادتهم للرحمن ؛فردوا عليه بقولهم :الله ربنا الذي نوحده هوالذي خلق السموات والأرض ،لن نعبد سواه ولن نوحد غيره،ولوقلنا غير هذا القول لكنا كذبنا فيما قلنا وخالفنا الصواب وضللنا الحق.
*(١٥)''هؤلآء قومنا اتخذوا من دونه ءالهة لولا يأتون عليهم بسلطن بين فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا''وقال بعض الفتيان المؤمنين لبعض:قومناهؤلاء عبدوا غيرالله وأشركوا معه غيره في العبادة فلماذا لم يأتوا بدليل واضح على فعلهم المشين هذا؟فليس عندهم برهان ولاحجة ،فهم كاذبون مفترون،ولايوجد أشد ظلما ممن اختلق الكذب على ربه بالإشراك به ،وعدم توحيده ،والخروج عن طاعته.
*(١٦)''وإذ اعتزلتموهم ومايعبدون إلا الله فأوو إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا''ومادمتم فارقتم قومكم ومعبوديهم جميعا إلا الله ،ففارقوهم بأبدانكم والتجئوا إلى الغار للعزلة بدينكم والفرار من الفتن،يوسع الله عليكم به خير الدنياوالآخرة وييسرلكم كل عسير ويسهل ماتحتاجون إليه من أسباب الحياة.
*(١٧)''وترى الشمس إذاطلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من ءايت الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجدله وليا مرشدا''
فلما امتثلو أمرالله ألقى الله عليهم النوم فنامو،فلو رأيتهم لرأيت الشمس إذا طلعت من المشرق مالت عنهم ناحية اليمين،وإذا غربت مالت عليهم ناحية اليسار،وهم في سعة من الغار فلا يتأذون بحرارة الشمس ولاينقطع عنهم الهواء،وهذا الذي سخره الله لهؤلاء الشبان جليل على تمام قدرته ،
فإن من يرشده الله إلى الحق فهو الراشد حقا،ومن كتب عليه الغواية فلن تجد له معينا يدله على سبيل الهداية ؛لأن التوفيق والخذلان بيد الله وحده..
*(١٨)''وتحسبهم أيقاظاوهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو أطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا''
وتظن يامن يرى أهل الغار أنهم أيقاظ وليسوبنيام -والله سبحانه-يتولاهم بالرعاية فيقلبهم وهم رقود مرة للجنب الأيمن ومرة للجنب الأيسر حتى لا تأكل أجسامهم الأرض،
وترى كلبهم الذي كان معهم في خارج الغار قد مد ذراعيه،لو أبصرتهم حقيقةلأدبرت هاربا من الخوف ولملئت نفسك فزعا من هول ما شاهدت.
*(١٩)''وكذالك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم كم لبثتم قالولبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بمالبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعامافليأتكم برزق منه وليتلطف ولايشعرن بكم أحدا''
ومثلما أنامهم الله وحفظهم هذا الزمن الطويل أيقظهم على حالتهم ولم يتغيرمنهم شيء حتى يسأل بعضهم بعضا كم من الزمن قضينا هناراقدين؟
فردبعضهم :
بقينايوما أو جزءا من يوم،؟
وقال بعضهم:
ردوا العلم إلى الله -عزوجل-وحده ؛فهو
الأعلم بالزمن الذي بقيناه،فأرسلوا واحدا منا بدراهمنا من الفضة إلى مدينتنا فليتحرا الطعام الطيب الحلال فيشتري لنا قوتا منه،
وليحسن التعامل مع البائع بلطف ؛حتى لاينكشف أمرنا ولايخبر من لقي بحالنا.
*(٢٠)''إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أويعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا''إن قومنا إذا علموبحالنا رمونا بالحجارة فيقتلونا أويردوننا غلى دينهم الباطل ، ولن ننال ما أردنا من الفوز بالجنة والنجاة من النار إذا عدنا لدين الكفار.
*(٢١)''وكذالك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لاريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا''
ومثلما ألقى الله عليهم النوم سنين كثيرة ،
وحفظهم على حالهم ولم يتغير منهم شيء وأيقظهم من نومهم،أطلع عليهم قومهم لحكمة أرادها ؛لأن البائع عرف الدراهم التي جاء بها المشتري من أصحاب الكهف،حتى يتيقن قومهم أن الله قدير على بعث الناس بعدالموت ،وأن القيامة واقعة لامحالة ،إذ يختلف قومهم من الكفار في مسألة القيامة بين مصدق ومكذب، فجعل الله إيقاظ أهل الكهف دليلا للمصدق بالبعث على المكذب به، وبعد أن ظهر أمر أصحاب الكهف وأيقظهم الله ، أماتهم الله في مكانهم حينها قالت جماعة من قومهم أغلقوا باب الغار ببناء عليهم ،فالله وحده يعلم حالهم.
وقال أهل السلطة والأمر والنفوذ :
سوف نبني على مكانهم مسجدا للعبادة ،ولقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:'لعن الله من اتخذ القبور مساجد'،ونهى أمته عن ذلك ،كمانهى عن البناء على القبور مطلقا ، وعن تجصيصهاوالكتابه عليها،ولعن اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ؛لمافيه من الغلو المحرم المذموم الموصل بصاحبه إلى الشرك بالله وعبادة غيره.
معنى تجصيص(تلميسهابالجبس والتزين وما إلى ذلك).
*(٢٢)''سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجمابالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم مايعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراءا ظاهرا ولاتستفتي فيهم منهم أحد''
سوف يقول بعض الناس الذين اختلفوا في عدد أهل الكهف : هم ثلاثة رابعهم كلبهم ،ويقول بعضهم :هم خمسة سادسهم كلبهم ،والقولان لادليل عليهما،فهما مبنيان على الظن فحسب،ومنهم من يقول : هم سبعة وثامنهم كلبهم ، قل -أيها النبي - :
الله وحده أعلم بعددهم ،مايعلم عددهم إلا القليل من الناس من أهل العلم،فلا تجادل أهل الكتاب في عددهم إلا جدالا يسيرا ظاهرا لاعمق فيه يورث الخلاف ،و يكفي أن تقص عليهم ماجاءك من أخبارهم عن طريق الوحي ،ولاتسأل أهل الكتاب عن قصة أصحاب الكهف وحالهم وعددهم ،فإنهم جهلاء لاعلم عندهم ،أو عند بعضهم علم لكنه يكتمه.
*(٢٣)''ولاتقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا''وإذا أردت أمرا وعزمت على فعله فلا تقل سوف أفعله غدا حتى تعلقه بمشيئة الله.
اي تقول'سأفعل بالغدكذا ان شاءالله-
*(٢٤)''إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا'فتقول إن شاء الله ،فإنه إذا لم يشأ الله لايكون هذا الأمر ،واذكر ربك عند النسيان بقول: إن شاء الله ،وعليك بذكر الرحمن ، فإنه يذهب النسيان عن الإنسان،وادع ربك عسى أن يهديك إلى أقرب وأيسر السبل الموصلة إلى الحق والهدى والفلاح.
*(٢٥)'' ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا''وبقي الشبان نياما في الغار ثلاث مئة وتسع سنين لم تغيرهم الأرض ' وهي من أعظم الأدلة على قدرة الله ونفوذ مشيئته.
*(٢٦)''قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض أبصر به وأسمع مالهم من دونه من ولي ولايشرك في حكمه أحدا''
وإذا سألك سائل -أيهاالنبي-عن مدة بقاء الشبان في الغار وليس عندك وحي من الله فلا تتقدم بجواب حتى يخبرك الله،بل قل : الله وحده أعلم بمدة بقائهم في الغار،فهو
المطلع على غيب السموات والأرض،واعجب من كمال بصرالله وسمعه وعظيم اطلاعه ،وتمام علمه بكل شيء ،ليس للخلق أحد يتولى أمورهم ويرعى شؤونهم غيرالله وحده لاشريك له في حكمه وشرعه ،كما أنه لاشريك له في ألوهيته وربوبيته سبحانه وتعالى.
*(٢٧)''واتل ماأوحي إليك من كتاب ربك لامبدل لكلماته ولن تجدمن دونه ملتحدا''
واتل-أيهاالنبي-ماأوحاه الله إليك من القرآن ،واتبع ماجاء فيه فإنه الكتاب الذي لاتبدل كلماته ولاتتغير آياته ،ولاتبطل معجزاته .لصدقه في الإخبار،وعدله في الأحكام ،ولن تجد من تلجأ إليه وقت الأزمات والملمات غير الله أحدا،فبه فاعتصم وعليه فتوكل.
*(٢٨)''واصبرنفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه ولاتعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولاتطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا''
واصبرنفسك-أيهاالنبي - مع الفقراء من المسلمين الذين يخلصون لربهم العبادة ويذكرونه ويدعونه في الصباح والمساء،يبتغون ماعنده من الثواب ويحذرون مالديه من العذاب،وألزم مجالسهم وعليك بصحبتهم فالخير والبركه معهم ،ولاتحول نظرك وحفاوتك عنهم إلى غيرهم من أعداء الله الكفار من أجل حطام الدنيا الزائل وزينتها الفانية ولاتطاوع من جعل الله قلبه غافلا عن ذكره وشكره لاهيا عن عبادته مصروفا عن طاعته وآثرالهوى،على الهدى وأصبحت كل شؤون حياته ضياعا وباطلا.
*(٢٩)''وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظلمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا''
وقل-أيهاالرسول-للكفار:إن الذي أتيت به من عند الله من وحي هو الحق الذي لاباطل فيه،فمن أراد التصديق والاتباع فليفعل،فله الثواب العظيم والنعيم المقيم،ومن أراد التكذيب والإعراض فليفعل فماضرإلا نفسه بإيرادها موارد الهلاك،إن الله هيأ للكفار نارا محرقة تحيط أسوارها بالكفار ،وإذا طلب الكفار الماء في النار للشرب من شدة العطش يعطون ماء كالزيت المغلي،يحرق وجوههم من شدة حرارته ،قبح هذاالزيت الحار شرابا للكفار في النار،وقبحت النار منزلا للأشرار ودارا للفجار.
*(٣٠)''إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات إنا لانضيع اجرمن أحسن عملا''
إن المؤمنين الصالحين لهم الثواب الجزيل من الرب الجليل ،لايذهب ثواب ماعملوه ولايضيع أجر ماكسبوه،بل لهم الأجر كاملا بأحسن ماعملوا.
*(٣١)''أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا''
هؤلاء المؤمنيون لهم عندالله جنات خالدون فيها منعمون أبدا،تجري فيها الأنهار من تحتهاالقصور والدوروالأشجار،يتجملون فيهابأساورالذهب في أيديهم ،ولباسهم ثياب خضر جميلة من رقيق الحرير وغليظه،وهم متكئون في الجنة على المجالس الوثيرة والفرش الناعمة ،نعم الأجر أجرهم عندربهم،وحسنت الجنة لهم مقاما في نعيم وأمان وفي جوارالرحمن.
*(٣٢)''واضرب لهم مثلارجلين جعلنا لأحدهماجنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهمازرعا''واضرب -أيهاالنبي -للكفار مثلا برجلين فيما سلف من الأيام،مؤمن وكافر ،وقدجعل الله للكافرحديقتين من أعناب وسورهما بنخل ملتف كثيرا ،وأنبت الله وسط الجنتين زروعا بأنواع الثمار والحبوب.
*(٣٣)''كلتا الجنتين ءاتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرناخلالهمانهرا''كل واحدة من الحديقتين أطلعت بثمرها ولم ينقص من ثمرها شيء ،وجعل الله بين الحديقتين نهرا عذبا للشراب،وسقي الحديقتين.
*(٣٤)''وكان له ثمر فقال لصاحبه وهويحاورة أناأكثرمنك مالاوأعزنفرا'وكان للكافرصاحب الحديقتين ثمروأموال أخرى،فقال لصاحبه المؤمن في أثناء محاورته له بكبر وغرور:مالي أكثر من مالك،وأنصاري وأتباعي أقوى وأشرف من أنصارك وأتباعك.
*(٣٥)''ودخل جنته وهوظالم لنفسه قال ماأظن أن تبيدهذه أبدا''ودخل الكافر حديقته وهوظالم لنفسه بالشرك بالله والتكذيب بيوم القيامة،فأعجب بالحديقة وقال:
ماأعتقد أن تهلك حديقتي مدة الحياة،تكذيبا منه بقدرة الله تعالى.
*(٣٦)''وماأظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منهامنقلبا''
وماأعتقد أن الساعة آتية ،ولوحصل أنها قامت وعدت إلى الله بعدالموت فسوف ألقى عندالله أفضل من حديقتي لشرفي وارتفاع قدري؟؟؟
*(٣٧)''قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا''
فرد عليه عليه الرجل المؤمن ناصحا له قائلا:
كيف تكفربالله وهو الذي خلق أباك آدم من تراب،ثم صورك من ماء مهين ،ثم سواك في أحسن تقويم على صورة إنسان حسن القامة،معتدل الخلق ،والقادر على إنشاء الخلق قادر على إعادتهم بعدالموت.
*(٣٨)''لكناهوالله ربي ولاأشرك بربي أحدا''
وأنا لا أقول بما تقوله من تكذيب بالبعث والنشور،وكفران النعم وإنما أقول الله وحده الخالق الرزاق المتفضل المنعم لاأشرك به شيئا ولا أعبدسواه.
*(٣٩)''ولولا إذ دخلت جنتك قلت ماشاء الله لاقوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا''وهلايوم رأيت حديقتك فأعجبك جمالها وحسنها قلت:ماشاءالله لاقوة إلابالله ،فبمشيئة الله حصلت لك،وبقوته أستطعت تحصيلها والقيام عليها،وإذا كنت أنا أقل منك في المال والأبناء.
*(٤٠)''فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليهاحسبانا من السماء فتصبح صعيدازلقا''
فالله قادر على أن يرزقني أكثرمماأعطاك ،لشكري له ،وقادر أن يسلب ما انعم به عليك لكفرك ،وينزل من السماء على حديقتك نارا،تحرقها وتصبح يابسة جرداء صحراءلاتثبت فيها قدم.
*(٤١)''أويصبح ماؤهاغورا فلن تستطيع له طلبا''
ولاينبع ماء ولاتستطيع إخراجه من باطنها،فقد جف الماء من ظاهرها وغار من باطنها.
*(٤٢)''وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ماأنفق فيهاوهي خاوية على عروشها ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحدا''
ووقع ماحذر منه المؤمن؟
فأهلك الله الحديقة ،وأحرق مافيها ،فقلب الكافر كفيه متحسرا متندما على ماصرف فيها من أموال وقد تهدم بعضها على بعض وقال :ياليتني شكرت ربي بتوحيده وإفراده بالعبادة وعدم الإشراك به،وقدفات وقت الندم بعدمازلت به القدم.
*(٤٣)''ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وماكان منتصرا''
ولم توجدللكافر طائفة تنصره ممن كان يفتخربهم ويعددهم للأزمات ليمنعوه ممانزل به وبحديقته ؛ تخلوا عنه،ولم يستطع هو أن يدافع عن نفسه لضعفه وعجزه.
*(٤٤)''هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا''
وعندوقوع المحن وحلول الكوارث تكون القوة والقدرة والولاية والنصرة لله وحده،
وهو خير من يثيب الطائعين،وعاقبته لأوليائه أفضل عاقبة من النصر والتمكين.
(٤٥)"واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا''
واضرب-أيها النبي-للبشر حال الدنيا التي انخدعوا بزخرفها وأغتروا بلهوها ولعبها،فمثلها في حالها وسرعة زوالهاوجفائها وعدم وفائها وغدرها لأصفيائها،كمثل ماء أنزله الله من السماء فأنبت به نباتا مخضرا نضرا زاهيا بهيجا، وماهو إلازمن قليل حتى تحول إلى عيدان وحطام يابس متكسر تنثره الرياح،وتعبث به في كل جهة،والله على كل شيء قادر،غلب بأمره على ماأراد فلامانع لحكمه ولاراد.
(٤٦)"المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خيرعندربك ثوابا وخيرا أملا''الأموال والأولادحسن وجمال للحياة الزائلة ولكن المال يفنى والأولاديموتون والدنياتنتهي وتبقى الأعمال الصالحة ومن أفضلها:
-التسبيح والتحميدوالتكبير والتهليل -
وهي أفضل أجرا عندالله من الأموال والأولاد وهي أحسن ماينتظره الإنسان ومايرجوه من الثواب عندالله فيحصل له بها النعيم المقيم في الآخرة.
*(٤٧)''ويوم نسيرالجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادرمنهم أحد''واذكرللناس يوم يزيل الله جبال الدنيا عن مواقعها وتشاهد الأرض وهي بادية ليس عليها مايحجبهاعن الأنظار،وجمع الله الخليقه يوم القيامة فلم يترك منهم أحدا بل أحضرهم جميعا.
*(٤٨)''وعرضوا على ربك صفا لقدجئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا''وعرض الخلق كلهم على الله وهم صف لايستر بعضهم بعضا،لقدعادوا إلى الله يوم القيامة كماخرجو من بطون أمهاتهم لامال ولاولد معهم ولاشيئا من متاع الدنيا بل ظنوا أن الله لن يجعل لهم موعدا يبعثهم ويحاسبهم فيه.
*(٤٩)''ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممافيه ويقولون ياويلنامال هذا الكتاب لايغادرصغيرة ولاكبيرة إلا أحصاها ووجدوا ماعملوا حاضرا ولايظلم ربك أحدا''
ووضع الكتاب الذي فيه أعمال كل انسان من حسن وسيء فآخذكتابه بيمينه أوبشماله،وتشاهدالفجاروالعصاة خائفين وجلين،لأجل مافعلوه من شرور وأثام ،ويقولون حين يبصرون الكتاب،ياخيبة لنا وياحسرتنا مالهذاالكتاب لم يترك صغيرة مماعملناه،ولاكبيرة إلاحفظها وسطرها،وأبصروا فيه كل عمل عملوه في الدنيا مكتوبا محفوظا ولايظلم ربك عبدامن عباده مثقال ذرة ،فلا ينقص من حسنات المطيع ولايزيد من سيئات العاصي.
*(٥٠)''وإذقلناللملائكةاسجدوا لآدم فسجدوا إلاإبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظلمين بدلا''
واذكر يوم أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم سجود تحية لاعبادة ،وأمرالله إبليس بذلك أيضا فامتثل الملائكة وأطاعو وسجدوا كلهم ،وعصى إبليس أمر الله ولم يسجد لآدم وكان من الجن فخرج عن طاعة الله وأبى السجود كبراوحسدا أفترضون به أيها الناس هو وذريته أولياء لكم من دون الله تطيعونهم وتتبعونهم وهم أعظم عدو لكم قبحا لطاعة إبليس وأعوانه بدلا من طاعة الله عز وجل.
*(٥١)''ماأشهدتهم خلق السموات والأرض ولاخلق أنفسهم وماكنت متخذ المضلين عضدا''لم يحضر الله إبليس وأعوانه خلق السموات والأرض ،ولم يستعن بهم على إنشائهما،ولاأشهد الله بعضهم على خلق بعض ،بل تفرد الله بالخلق والإنشاء وحده، ولم يستعن بأحد ولم يشاور أحد،وماكان الله ليتخذ أهل الظلال من الشياطين وأعوانهم أعونا ومساعدين له-جل في علاه-فهو المتفرد الغني القوي فكيف تصرفون لهم شيئا من العبادة وتتولونهم من دون الله ،والله هو الخالق وحده دونماسواه.
*(٥٢)''ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا''واذكر يوم يقول الله للكفار يوم الدين نادوا الذين كنتم تشركونهم معي في العبادة ليدفعوا عنكم العذاب ،ولينصروكم هذا اليوم ،فنادوهم فلم يجيبوهم،وجعل الله بين المشركين وبين آلهتهم التي عبدوها من دون الله مهلكا في نار جهنم يهلكون فيه كلهم.
*(٥٣)''وراءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا''وشاهد الفجار النار فعلموا علم اليقين أنهم داخلون فيها لامحالة ،ولم يجدوا عن النار طريقا يصرفهم عنها.
*(٥٤)''ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيئا جدلا''ولقد بين الله في كتابه لعباده أمثلة كثيرة من كل ماينفعهم ليعتبروا بهذه الأمثال ويتعظو بها ،وكان الإنسان أكثر الخليقة مخاصمة ومجادلة.
*(٥٥)''ومامنع الناس أن يؤمنوا إذ جائهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا''وماصرف الناس عن الإيمان بالله واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم -وطلب المغفرة من الله لذنوبهم إلا مكابرة للرسول-صلى الله عليه وسلم -وعناد له وسؤالهم أن يصيبهم الله بما أصاب من كان قبلهم من المكذبين ،أويوقع بهم عقاب الله عيانا وهذه سنة الله في كل من كذب بالرسل.
*(٥٦)''ومانرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا ءاياتي وما أنذروا هزوا''ومايبعث الله الرسل إلى العباد إلا ليبشروا من آمن بالجنة،وينذروا من كفر بالنار،والكفار مع وضوح الأدلة وظهور البراهين،يخاصمون بالباطل عنادا وبغيا ليردوا بباطلهم الحق المنزل على الرسول -صلى الله عليه وسلم -واتخذو الكفار كتاب الواحد القهار وحجج العزيز الغفار وما خوفوا به من عذاب الجبار سخرية واستهزاء.
*(٥٧)''ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ماقدمت يداه إناجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي ءاذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا''
وليس في العالم أحد أشد ظلما ممن نصح ووعظ بآيات الله البينة فأبى الامتثال وأعرض عن الاستجابة ونسي ما فعل وما اقترفه يداه من الأعمال الشنيعة فلم يتب منها،إن الله جعل على قلوب الكفار أغطية فلم ينتفعوا بالقرآن،ولم يفهموه ،وجعل الله في آذانهم صممافلم يسمعوا الهدى،ولم ينتفعوا بالموعظة،وإن تدع الكفار- أيها الرسول إلى الإيمان فلن يستجيبوا لك،ولن يتبعوك أبدا،لأن الله كتب عليهم الظلال.
(٥٨)"وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً "وربك الغفور لذنوب العباد إذا عادوا إليه وتابوا من ذنوبهم , وهو ذو الرحمة الواسعة يمهل العصاة ,ويقبل من عاد إليه ودعاه ,ولو يعذب الله الكفار بما فعلوه من الآثام والسيئات لعجل لهم في الدنيا العذاب , ولكن الله يمهل ولا يهمل , حليم لا يعجل بالعقوبة بل للكفار موعد يوم القيامة يحاسبون فيه على أعمالهم لا راد لذلك اليوم ولا محيد عنه ولا مندوحة منه.
(٥٨)"وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمْ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً "وربك الغفور لذنوب العباد إذا عادوا إليه وتابوا من ذنوبهم , وهو ذو الرحمة الواسعة يمهل العصاة ,ويقبل من عاد إليه ودعاه ,ولو يعذب الله الكفار بما فعلوه من الآثام والسيئات لعجل لهم في الدنيا العذاب , ولكن الله يمهل ولا يهمل , حليم لا يعجل بالعقوبة بل للكفار موعد يوم القيامة يحاسبون فيه على أعمالهم لا راد لذلك اليوم ولا محيد عنه ولا مندوحة منه.
*(٥٩)''وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً'' وهذه القرى المجاورة لكم كقرى قوم هودوصالح ولوط وشعيب دمرهم الله وأبادهم حين كفروا به،وكذبوا رسله،وجعل الله لعذابهم وقتا محددا وأجلا معلوما فلماحان الوقت وحل الأجل أخذهم الله بالعذاب.
*(٦٠)''وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً''واذكرحين قال موسى-عليه السلام-لخادمه يوشع بن نون :لاأزال اسير في الأرض وأواصل السيرحتى أصل إلى ملتقى البحرين أوأسير دهرا طويلا حتى ألتقي بالعبدالصالح،لأطلب العلم عنده،وهوعلم عندالخضر ليس عندموسى مماعلمه الله.
*(٦١)''فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً''وواصل موسى ويوشع السير فلما وصلا ملتقى البحرين قعدا عندصخرة ونسيا الحوت الذي وصى موسى يوشع أن يأخذه معه زاد لهما فجعله يوشع في مكتل فإذا الحوت يصبح حيا بإذن الله ،وينطلق من المكتل إلى البحر ويسبح في البحرفيشق له في الماءطريقا مفتوحا.
*(٦٢)''فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً''فلمامشياوتركاالمنزل الذي نسيا فيه الحوت جاع موسى فطلب الغداء من يوشع؛لأنه تعب من عناء السفر.
*(٦٣)'' قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِي إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً''قال يوشع لموسى:لقدأنساني الشيطان أن أخبرك بأن الحوت لماجلسنا عند الصخرة قددبت فيه الحياة وخرج من المكتل إلى البحروشق له في الماء طريقا،-وهذا ممايثير التعجب-.
*(٦٤)قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصاً''قال موسى :إن هذا ماكنت أطلبه فإن ضياع الحوت علامة لي على منزل الرجل الصالح وقد وقعت العلامة ،فعادا يلتمسان آثار أقدامهماحتى وصلا الصخرة.
*(٦٥) فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ''فوجد موسى ويوشع الرجل الصالح وهو الخضر -صلى الله عليه وسلم-جمع الله له بين الرحمة وبين العلم النافع ،فالرحمة معهاالرفق والحلم واللين والصبر،والعلم معه القوة ونفاذ البصيرة وتمام الحكمة.
*(٦٦)''قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً''فبعدما حياه موسى قال له:أطلب أن تأذن لي بمصاحبتك لأنتفع بعلمك وأسترشد به.
*(٦٧)'' قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً''فقال الخضر لموسى :إنك لاتستطيع أن تصبر على صحبتي والتعلم مني ،لأنه سوف يظهر لك أمورا لها أسرار لن تسكت عنها!
*(٦٨)'' وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً'' وكيف تستطيع الصبر على أمور باطنها غيرظاهرها،وأنت لاتعلم مقاصدها.
*(٦٩)'' قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً''فقال له موسى:بل سوف أصبر إن شاء الله ولاأعصيك فيما أمرتني به،فلك مني الصبر وطاعة الأمر.
*(٧٠)''قَالَ فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً''فقبل الخضرمن موسى الصحبة،وأوصاه بأن لايسأله عماأشكل عليه حتى يبين له الخضرماخفي عليه من أمور دون أن يسأل موسى.
*(٧١)''فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً''فمشى موسى والخضر على الساحل فوجدا سفينة فركبافيها بلاأجرة تفضلا من أهل السفينة عليهما،فأخذالخضر لوحا من السفينة فصار فيها ثقب كادت السفينة أن تغرق بسبب دخول الماء منه،فأنكر عليه موسى وقال:قوم حملونا بلا أجرة ثم خرقت سفينتهم ؛لتغرق من بها هذا فعل منكرا لايصبر عليه!!
*(٧٢)''قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً''فذكره الخضروقال له:أماقلت لك في بدء الأمر:إنك لن تستطيع صحبتي ،ولن تصبرعلى مرافقتي .!
*(٧٣)''قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً''فأعتذرموسى وقال:اعف عني فقدنسيت الشرط الذي بيننا وارفق بي في التعليم ولاتشق علي في الإنكار،وأريد منك الصبر والعذر.
*(٧٤)فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً''فعذرالخضرموسى ثم واصلا السير في السفينة،ولماوقفا على الساحل شاهدا غلامايلعب مع أقرانه ،فقتله الخضر ،فقال موسى منكرا على الخضر فعله:كيف تقتل نفسا بريئة طاهرة لم ترتكب مايوجب القتل؟!لقد فعلت منكرا عظيما،وإثماشنيعا.
*(٧٥)''قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْراً''قال الخضر لموسى يذكره بمااشترط عليه:
ألم أقل لك من قبل إنك لن تستطيع أن تصبر على ماترى من أفعالي التي لاتعلم أسرارها؟
*(٧٦)''قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً''فقال موسى للخضر:إن سألت عن أمر من الأمور بعد هذا لاتصاحبني فلم تقصر في شأني وأنت معذور؛لأنك أخبرتني من قبل أنني لاأستطيع الصبرمعك.
*(٧٧) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً''فواصل موسى والخضر السير حتى دخلا على أهل قرية فسألا أهل القرية طعاما من طعام الضيافة،فامتنع أهل القرية من إطعام موسى والخضر،ثم وجدموسى والخضر جدارا يوشك أن يسقط،فبناه الخضر فسوى ميله،فتعجب موسى من هذا الصنيع ،وقال للخضر :ليتك أخذت أجرة على عملك في الجدار لنشتري بها طعاما وقد منعوناالضيافة.
*(٧٨)'' قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً''قال الخضر لموسى:حان وقت الفراق وانتهت الصحبة،وقبل أن تذهب سوف أخبرك بماأنكرته علي من أفعال لم تدرك مقاصدها،ولم تعلم أسرارها،فلم تصبرعلى السكوت !!وترك السؤال عنها والإنكارعلي فيها.
*(٧٩)أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً''أما خبرالسفينة التي نزعت منها لوحافإنها كانت ملكا لقوم من المساكين يبحثون عن الرزق عليها في البحر،فأردت أن أظهرفيهاعيبا؛لأن أمامهم ملكا ظالما يستولي على كل سفينة سليمة من العيوب غصبا فإذا رأى هذه السفينة معيبة تركها.
*(٨٠) وَأَمَّا الْغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً''وأماالغلام الذي قتلته فقدنشأكافرا،وأبوه وأمه مؤمنان،فلوتركت الغلام حيالتسبب في كفروالديه؛لمحبتهماإياه أوإنهمامحتاجين إلى منفعته.
*(٨١)''فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً''فأردنا أن يعوض الله والديه خيرامنه في الصلاح والاستقامة وبرهما.
*(٨٢) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً ''
وأماالجدارالذي بنيته وقومته حتى استقام فإنه كان ملكالغلامين يتيمين من أهل هذه القرية،وكان تحت الجدارذهب وفضه لليتيمين،وأبوهماكان من الأتقياء الصالحين،فأرادالله أن يكبرالغلامان ويبلغاسن الرشد ثم يستخرجاالذهب والفضة من تحت الجدار،لطفامن الله بهما،وأنالم أفعل مافعلته من عندنفسي ،ولكن بإذن الله وأمر،وهذاالذي ذكرته هوبيان ماخفي عليك من أسرار تلك الأفعال،ومقاصدالأمورالتي لم يظهرعلمهالك،فلم تصبرعلى ترك السؤال ولم تترك الإنكارعلي.
*(٨٣) ''وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً''ويسألك الكفار-أيهاالنبي-عن قصةالملك الصالح ذي القرنين ،فأجبتهم بأنك ستخبرهم عنه بخبرصحيح يكون عبرة وعظة لهم.
*(٨٤)''إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً''إن الله مكن لذي القرنين في الأرض،وأعطاه ممايحتاج إليه في مملكته من الأسباب والأساليب التي يدبربهاشؤون بلاده ويفتح بهاالمدن وينتصرعلى الأعداء.
*(٨٥)''فَأَتْبَعَ سَبَباً''فأخذبتلك الوسائل واستعمل تلك الطرق بجدوقوة وهمة واجتهاد.
*(٨٦)'' حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً''فلماوصل ذوالقرنين إلى مغرب الشمس وجدهابالنسبة إلى رؤية العين كأنها تغرب في عين حارة ذات طين أسود،ووجدعندمغرب الشمس بشرا،فأمره ربه أن يعذبه بالقتل أوبالأسروالسبي إذا لم يؤمنوا بالله،وإماأن يأخذهم بالتي هي أحسن من الدعوة إلى الهدى بالرفق والحلم.
*(٨٧)'' قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً''قال ذو القرنين :أمامن كفربالله فسوف أعاقبه في الدنيا ثم إذاعاد إلى الله يوم القيامة عذبه في نارجهنم خالدامخلدافيها.
*(٨٨)'' وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً'' وأمامن آمن بالله واتبع رسله وأطاع أمره واجتنب نهيه فله عندالله جنات النعيم ،وسوف نكرمه في الدنيا ونرفق به ونسدي إليه خيرا.
*(٨٩)'' ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً ''
ثم عادذوالقرنين إلى المشرق آخذا لما أعطاه الله من وسائل وأسباب بجدواجتهاد.
*(٩٠)'' حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً''
فلماوصل ذو القرنين إلى مطلع الشمس وجدهناك قوما ليس لديهم ساتريحجب عنهم حرارة الشمس ولاشجريظلهم منها.
*(٩١)'' كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً''
وكذلك قدأطلع الله على ماعندذي القرنين من الوسائل والأسباب-وعلم سبحانه بكل ماعنده،لاتخفى عليه خافيةسبحانه.
*(٩٢)'' ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً''
ثم واصل ذوالقرنين المسيرمستعملاماوهبه الله من قوى وعدة وعتاد،بهمةوصبر.
*(٩٣)''حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً''فلماوصل ذوالقرنين إلى مابين الجبلين الحاجزين لماخلفهما وجد من دون الجبلين أناسا لهم لغة خاصة بهم،لايكادون يفهمون كلام سواهم.
*(٩٤)'' قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً''
فقالواله:ياذالقرنين ،إن قبيلتي يأجوج ومأجوج يفسدون في الأرض بالقتل والأسروالظلم والإستيلاءعلى أموال الناس غصبا،ويقطعون السبيل،فهل نجمع لك من عندنامالاأجرة لك مقابل بناء حاجز عظيم يحول بينناوبين يأجوج ومأجوج.
*(٩٥)'' قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً''قال ذوالقرنين:الذي رزقنيه الله من الملك والمال أفضل مماعندكم ،لكن ساعدوني بقوة أيديكم لأبني بينكم وبينهم سدا منيعايمنع أذاهم عنكم.
*(٩٦)''آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً ''
هاتولي قطع الحديدواجمعوهالي،فلماأحضرواالحديدووضعوابعضه على بعض وحاذوابه جانب الجبلين،قال لأعوانه :أشعلوا نارا عظيمة فلما ذاب الحديدقال لأعوانه أعطوني نحاسا أفرغه عليه ليكون أصلب وأقوى.
*(٩٧)'' فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً''
فماقدرت يأجوج ومأجوج أن تعلو فوق السد؛لارتفاعه وماقدرت أن تخرق السدمن أسفله،لقوته ورسوخه في الأرض.
*(٩٨)''قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً''
قال ذو القرنين :هذا الحاجز الذي جعلته مانعامن أذى يأجوج ومأجوج من رحمة الله بي وبالناس الذين طلبوامني ذلك،لمافيه من الخيرودفع الشر،فإذاحان وقت القيامة فسوف يهدمه الله ويسويه بالأرض،ووعدالله واقع لامحالة والله لايخلف الميعاد.
*(٩٩)'' وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً''وترك الله يأجوج ومأجوج يختلط بعضهم ببعض،لكثرتهم فإذانفخ في القرن للبعث والنشور ،جمع الله الخليقة بأسرها للحساب والجزاء.
*(١٠٠)'' وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضاً''وأبرزالله نارجهنم للكفارفي العرصات،وأظهرهاليشاهدوا ليشاهدوا مصيرهم وعاقبة كفرهم.
*(١٠١)''الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً''
هؤلاء الكفاركانت أعينهم في الدنيا في غطاء عن ذكرالله،فلاتنظرإلى آياته نظرتدبرواعتبار،ولاتطيق أن تسمع آيات الله الدالة على الإيمان به وبرسله.
*(١٠٢)'' أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً''أفيظن الإنسان أنهم سوف يتخذون عبادالله آلهة يعبدونهامن دون الله،ليكونواأولياء لهم يجلبون لهم النفع ويدفعون عنهم الضر،إن الله هيأنارجهنم للكفار منزلالايبرحون منه.
*(١٠٣)'' قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً''قل-أيهاالنبي-مبينا:هل أخبركم بأخسر الناس أعمالايوم القيامة،وأشهدهم غبنا وندامه؟
*(١٠٤)'' الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً''أخسرالناس أعمالا يوم القيامة هم من كفر بالله في الدنيا فانحرف عن الصراط المستقيم،وسلك سبيل أهل الجحيم،وهويظن أنه محسن فيماعمل ،مصيب فيمافعل ،في حين أنه في غي وضلال حيث حرم الرشد والهدى،
*(١٠٥)'' أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً''
هؤلاء الخاسرين هم الذين كذبوا بآيات الله،
وجحدوا بالبعث بعدالموت ،فأبطل الله أعمالهم بسبب كفرهم ،فليس لهم عندالله يوم القيامة قدر ولا قيمة.
*(١٠٦)''ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً ''
وبسبب كفرهم وضلالهم أحبط الله أعمالهم وجعل جزاءهم نارجهنم خالدين فيهافقدكذبوا بالأيات وأنكروا المعجزات واستهزؤوا بالبينات.
*(١٠٧)''إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً''إن الذين آمنوا بالله وصدقوا رسله وعملوا الأعمال الصالحة المشروعة بإخلاص ومتابعة لهم أرفع المنازل في الجنة وأعلى المراتب في الفردوس.
*(١٠٨)''خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً''
هؤلاء الأبرار باقون في تلك الدار في جوار العزيز الغفار،ومن حسن الإقامة وطيب المحل،لايريدون تحويلا عنها ولاخروجامنها:لعظيم ماوجدوه من النعيم المقيم ،والثواب العميم.
*(١٠٩)''قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً''قل - أيهاالنبي - لو أن ماء البحر كان حبرا ،وجعل الشجر أقلاما ليكتب بهاالله كلامه لانتهى ماءالبحر قبل أن تنتهي كلمات الله؛لكثرتها وبركتها،ولوجعل الله مع البحربحارا أخرى تمدالبحرالأول لانتهت أيضا قبل انتهاء كلمات الله.
*(١١٠)'' قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ''قل - أيهاالنبي - للكفار إنما أناانسان مثلكم في البشرية ولست ملكا،وإنماأناعبدالله ورسوله ،أوحى الله إلي وحيا أنه لاإله إلاهولاشريك له ولارب سواه،فمن كان يخاف عقاب الله ويرجواثوابه ويؤمن بلقائه فعليه أن يعمل عملا صالحا خالصا لربه على سنة الرسول-صلى الله عليه وسلم-ولايشرك في العبادة مع الله غيره فيتركه الله وشركه.
|
|
|