شكراً يا عظيمة
كلما عصرت فكري ، وبريتُ قلمي ، واختليتُ بنفسي حتى استلهم حديثاً يجول في أعماقي ، أو أبحث عن فكرة جالت في النفس أو حادثة انطوت عليها الأيام ووارتها الأعوام ، حتى أصبحت من بقايا الأمس الذاهب ، وانضمت تحت لواء الماضي السحيق والذكريات المنحوتة في العقل ، والأحداث المتمكنة من النفس ، والكامنة في طيات الروح تلهب الحنين ، وتبعث الألم ، وتنكأ الجراح ، فتغادر معها النفس وتذهب المخيلة ويسافر الفكر في عالمها ، ويرتسم في أزمنتها المنصرمة ، الشوق والأنين .
كلما رتبتُ أفكاري ودونت ونمقت أحرفي ونظمت كلماتي حتى غدت كالزرابي المبثوثة ، أو عقوداً منظومة فأبوح بها وأدونها على أوراقي ، ثم أرسلها بعد ذلك في مكان ما لأعبر بها عن تلك الخلجات التي تتحرك في أعماقي ، علِّي أجد من يواسيني ويقرأها ثم يفهمني من خلال الحرف والكلمة ، ويتبوأ في أعماقي مكانة من خلال المعنى الذي أريده ، عندما يفهمني ويجاريني ويخاطبني منطلقاً من حرفي ومتكئاً على كلمتي ، معتمداً على أفكاري ومعانيَّ التي اتطرق لها في نص ما ، وعند ذلك أعلم أنه قد فهم مقاصدي وعلم عم أتحدث وماذا أقول ، وكأنه قد غار في أعماقي وسبح في بحري وتفحص الدر والؤلؤ القابع تحت طيات الأمواج وظلمات بحري .
كلما تركتُ آثاري في ذلك المكان ثم أذهب وأودعها أمانة لدى القارئ كي يقرأها ويفهمها ثم يعطيها حقها من العرفان والتقدير ، فأعود إليها بعد حين لأطل عليها لأرى من كان على قدر الكلمة وعلى مستوى المعنى فلا أجد أحداً إلا أناساً مروا وتركو آثاراً دامرة وكتبوا كلمات عقيمة لا تسمن ولا تغني جوع بل دلت على الإفلاس والإعياء وبرهنوا أنهم لم يمروا حتى مرور الكرام ، لأن الكرام يمرون بالكرم والجود ولا يذهبون إلا وقد بقيت آثار كرمهم أما هؤلاء فقد مروا مروراً بائساً ينبئ عن البؤس والفقر والإفلاس ..
إلاكِ فقد كنتِ اليد الحانية والكلمة الضافية ، والأنثى التي انطلقتُ من أمامكِ عندما دفعتي بي إلى الأمام فقفزت نحو القمة ، واستلهمتُ حرفي وكلمتي وإبداعي من أثر دعمكِ وتشجيعكِ ومساندتكِ لي حتى انطلقتُ ووجدتُ الطريق فسرت فيه على أضواء كلماتكِ الجميلة ، وعباراتكِ المضيئة التي شعت في دروبي ، وأزاحت ظلمة الأدغال ، ومهدت صعاب العقبة الكؤود ، فعلوت وعلوت حتى بلغتُ مبلغاً عالياً بسببكِ أنتِ ..
نعم لم أجد إلاكِ تغوصين في أغوار كلماتي ، وتتنقلين بين طرقاتها وممراتها ، وفهمتيها ثم دفعتِ بي دفعة أخرى اقوى من التي قبلها ، وهكذا استمر منكِ كرم التشجيع والدعم والمساندة بعظمتكِ فشعرتُ أنني عظيم وقفت من خلفي امرأة .
فشكراً لكِ وألف شكر وإن كانت كلمات الشكر قليلة في حقكِ ولا تفي بنزر يسير مما أعطيتيني ومنحتيني إلهامكِ ولطيف عبارتكِ وسعة صدركِ ، ونبل أخلاقكِ ..
شكراً لكِ سيدتي .. ومعلمتي .. وارجو أن تعذريني عندما تقصر كلماتي وتعجز عن الوفاء بحقك من الشكر والعرفان .فجميلكِ أكبر وأعظم من أن تحيط به كلمات الشكر مهما اجتمعت وكان جمالها وروعتها .. ولكنني عندما أردتُ أن أترككِ بخير وفي رعاية الله وجب علي أن أترك مع ذلك هذه العبارات البسيطة شكراً وعرفاناً لكِ سيدتي ومن أجل هذا عدتُ .. فشكراً .. وشكراً .. وشكراً .. حتى تعجز الكلمات وتطوى الصحف ، وتجف الأقلام .. وفي رعاية الله تعالى ، وأتمنى لكِ الصحة والسعادة والعافية في عقلكِ وبدنكِ ونفسكِ على مر العصور . شكراً يا عظيمة .
|