رفيع النسب ، النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ...
وهذا جهد المقل ، وجهاد العاجز ، في نصرة نبي الله صلى الله عليه وسلم ، والدفاع عنه من تلك الحملة الشوهاء النتنة التي انطلقت من براثن الشرك ، من صدور الحقد ، وعقول الكراهية ... وهي عبارة عن موضوع شامل سأجمعه من الكثير من الكتب عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، نسبه ، وصفاته ، وأخلاقه ، ومواقفه ، وإنسانيته ، والكثير الكثير من سيرته العطرة .. أسأل الله أن ينفع بما فيه ... وأن ير**نا شرف الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم ... وأن ينفع بما جاء فيه .. ويجعله في موازين الحسنات ...
من كتاب هذا الحبيب .. محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يا محب ] للشيخ أبي بكر الجزائري .
[ طلوع الفجر المحمدي أو الميلاد السعيد ]
من عام الفيل وفي شهر ربيع الأول الذي أصبح يعرف بربيع الأنوار ، ومن ليلة الأثنين الثاني عشر منه : طلع فجر النبوة المحمدية .
هذا الذي عليه أكثر المؤرخين للميلاد النبوي السعيد في بطحاء مكة ، وفي بيت عريق في الشرف - بيت شيبة الحمد عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف بن قصي -
زوّج عبد المطلب ولده عبد الله الذبيح ، سليلة الشرف أشرف فتاة وأعفها وأكملها خَلقا و خُلقا آمنة بنت وهب ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب الزهرية القرشية .
[ الحمل والولادة ]
لقد تزوج عبد الله آمنة ، زوجه بها والده عبد المطلب على أثر نجاته من الذبح وفاء بالنذر ، وبنى بها عبد الله ، وحملت منه بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ، وواكبت حمله ووضعه آيات نبوته التالية :
1. أنه ولد صلى الله عليه وسلم من نكاح شرعي لا من سفاح جاهلي ، وهي عصمة إلهية لا يقدر عليها إلا الله .
2. إن أمه آمنة لم تجد أثناء حملها به صلى الله عليه وسلم ، ما تجده الحوامل عادة من الوهن والضعف ، فكان هذا آية .
3. أن آمنة لما حملت به صلى الله عليه وسلم ولما وضعته ، رأت نورا خرج منها فأضاء لها قصور الشام . فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن نفسه فقال : " أنا دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام "
4. أن آمنة لما حملت به صلى الله عليه وسلم أتاه آت فقال : إنك حملت بسيد هذه الأمة ، فإذا وضع في الأرض فقولي : أعيذه بالواحد ، من شر كل حاسد ، وآية ذلك أنه يخرج معه نور يملأ قصور بُصرى من أرض الشام ، فإذا فسميه محمدا ، فإن اسمه في التوارة أحمد يحمده أهل السماء وأهل الأرض .
5. أنه ولد صلى الله عليه وسلم مختونا .
6. أنه ولد صلى الله عليه وسلم مسرورا ، أي مقطوع السرة على خلاف المواليد .
7. انكسار البرمة التي وضعت عليه بعد ولادته على عادة النساء من قريش ، إذ وجدت من كسرة على شقين ، ولم يبت تحتها ، فكانت آية نبوته صلى الله عليه وسلم .
8. ارتجاج إيوان كسرى فارس وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته [ أوّل هذا اللفظ بسقوط أربعة عشر ملكا من ملوكهم وملكاتهم فسقط عشرة منهم في أربع سنوات ، وأربعة تم سقوطهم على عهد الفتح الإسلامي .
9. خمود نار فارس التي لم تخمد منذ ألف سنة .
10 . امتلأ البيت - الذي ولد به - نورا ، ورؤية النجوم ، وهي تدنو منه حتى لتكاد تقع عليه صلى الله عليه وسلم ، رأت هذا أمه والقابلة التي كانت معها وحدثتا به ، وهو حق لا باطل ، وصدق لا كذب .
ولد صلى الله عليه وسلم بدار محمد بن يوسف أخي الحجاج بن يوسف ، وهي الآن مكتبة عامة ، وكان ذلك عام الفيل ، أي بعد غزو أبرهة الأشرم وهزيمته بقرابة خمسين يوما ، فكانت تلك الهزيمة آية أخرى لمحمد صلى الله عليه وسلم دالة على صدق نبوته وصحة رسالته وعظم شأنه في العالمين .
ولد بعد وفاة والده عبد الله بكذا شهر ، إذ تركه حملا في بطن أمه ، وسافر للتجارة في أرض غزة من فلسطين حيث توفي جده هاشم ، إلا أن عبد الله عاد منها ، فمرض في طريق عودته ، فنزل عند أخواله من بني عدي بن النجار ، فمات عندهم بالمدينة النبوية ، وقبره معروف المكان إلى عهد قريب حين أخفي ، لزيارة الجهال له والاستشفاع به وحتى دعائه - والعياذ بالله - .
[ رضاع الحليب ومراضعه صلى الله عليه وسلم ]
إن أول مرضع تشرفت برضاعه صلى الله عليه وسلم ، والدته الشريفة العفيفة الطيبة الأردان آمنة بنت وهب الزهرية التي رأت من آيات النبوة ما رأت ، ثم ثويبة مولاة أبي لهب التي ارضعت عمه حمزة كذلك ، فكان أخا للنبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، وهو عمه صنو أبيه ، ثم ارضعته حليمة بنت ابي ذؤيب السعدية من بني سعد بن بكر ، رضع مع ابنتها الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى ، وقد رأت في إرضاعه صلى الله عليه وسلم آيات ، فلنتركها - رضي الله عنها - تحدثنا بنفسها عما شاهدت من آيات النبوة :
إنها قالت : " خرجت من بلدي مع زوجي وابن صغير لنا نرضعه في نسوة من بني سعد نلتمس الرضعاء ، وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا شيئا ، خرجنا على أتان لنا قمراء ، ومعنا شارف لنا ، والله ما تبض بقطرة ، وما ننام ليلنا أجمع من بكاء صبينا الذي معنا من الجوع إذ ما في ثديي ما يغنيه وما في شارفنا ما يغذيه ، ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج ، خرجنا نلتمس الرضعاء في مكة فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأبها إذا قيل لها أنه يتيم ، وذلك أنا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي ، فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا - غيري ، فلما أجمعنا العودة إلى بلدنا ، قلت لزوجي :
والله إني لأكره أن أرجع ولم آخذ رضيعا ، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فآخذه ، فقال لي : لا عليك أن تفعلي ، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة ، فذهبت إليه فأخذته ، وما حملني على ذلك إلا أنني لم أجد غيره ، فلما رجعت به إلى رحلي ووضعته في حجري : أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن ، فشرب حتى روي وشرب معه أخوه حتى روي ، ، ثم نام ، وقام زوجي إلى شارفنا تلك ، فإذا هي حافل فحلب منها ما شرب ، وشربت معه حتى انتهينا انتهينا ريا وشبعا ،
فبتنا بخير ليلة ، فلما أصبحنا ، قال لي زوجي : تعلمين - والله - يا حليمة ، لقد أخذت نسمة نسمة مباركة ، قلت : والله إني لأرجو ذلك ، ثم خرجنا وركبت أتاني وحملته عليها معي ، فوالله لقطعت بالركب : ما يقدر عليها شيء من حمرهم حتى إن صواحبي قلن لي : يا ابنة أبي ذؤيب ، ويحك اربعي علينا ، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها ؟ فقلت لهن بلى والله إنها لهي هي ، فقلن : والله أن لها لشأنا ثم قدمنا منازلنا من بني سعد ، وما أعلم أرض من أرض الله أجدب منها ، فكانت غنمي تروح على - حين قدمنا به معنا - شباعا لُبّنا ، فنحلب ونشرب ، وما يحلب إنسان قطرة لبن أو يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب ، فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن ، وتروح غنمي شبعا لُبّنا ، فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه [ أي سنتا الرضاعة ] وفصلته ، وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان ، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما خفرا [ غليظا شديدا ] فقدمنا به على أمه ، ونحن أحرص شيء على مكثه فينا ، لما كنا نرى من بركته ، فكلمت أمه وقلت لها : لو تركت بني عندي حتى يغلظ ، فإني أخشى عليه وباء مكة ، فلم نزل بها حتى ردته معنا فرجعنا به ، وبعد مقدمنا بأشهر وإنه لفي بهم لنا مع أخيه خلف بيوتنا ، إذ أتانا أخوه يشتد ،
فقال لي ولأبيه : ذاك أخي القرشي قد أخذاه رجلان ، عليهما ثياب بيض ، فأضجعاه فشقا بطنه ، قالت : فخرجت أنا وأبوه نحوه فوجدناه قائما منتقعا " متغيرا " وجهه فالتزمته والتزمه أبوه ، فقلنا له ما لك يا بني ؟ فقال جاء لي رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني فالتمسا فيه شيء لا أدري ما هو ، فرجعنا به إلى خبائنا ، وقال لي أبوه : يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب ، فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به ، فاحتملناه فقدمنا به على أمه ، فقالت ما أقدمك به يا ظئر [ العاطفة على ولد غيرها المرضعة له ] وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك ؟ فقلت لها : قد بلغ الند بابني ، وقضيت الذي علي وتخوفت الأحداث عليه ، فأديته إليك كما تحبين ،
فقالت ما هذا شأنك ، فاصدقيني خبرك ، فلم تدعني حتى أخبرتها ، قالت : أفتخوفت عليه الشيطان ؟ قلت نعم ،
قالت كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل ، وإن لبني لشأنا ، أفلا ، أخبرك به ؟ قلت بلى . قالت رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصى من أرض الشام ثم حملت به فوالله ما رأيت من حمل قط كان أخف علي
ولا ايسر منه ، ووقع حين ولدته وإنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء ، دعيه عنك وانطلقي راشدة ...
هكذا كان استرضاعه صلى الله عليه وسلم في بادية بني سعد شأنه شأن أبناء شادات قريش ، يرضعون أبناءهم في البوادي ليصحوا أجساما ، ويفصحوا لسانا ، ويقووا جنانا ، ولقد قال مرة صلى الله عليه وسلم معتزا بشرف أصله واسترضاعه في البادية : " أنا أعربكم ، أنا قرشي واسترضعت في بني سعد بن بكر "
http://www.moon15.com/vb/showthread.php?t=61475