أنواع الصبر
أشد أنواع الصبر وكيف يكون
***************
لقد جمع الله تعالى انواع المعاصي في قوله تعالى :
(..وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي..(90)النحل،
وقال صلى الله عليه وسلم:
"المهاجر من هجر السوء والمجاهد من جاهد هواه "الراوي فضالة بن عبيد الأنصاري .
والعبد يحتاج إلى الصبر في كل أحواله : وأشد انواع الصبر:
الصبر عن المعاصي التي صارت مألوفة بالعادة ،
فإن العاده طبيعة خامسة فاذا انضافت العادة الى الشهوة تظاهر
جندان من جنود الشيطان على جند الله تعالى فلا يقوى باعث الدين
على قمعها،ثم ان كان ذلك الفعل مما تيسر فعله كان الصبر عنه اثقل على النفس
كالصبر عن معاصي اللسان؛ من الغيبة والكذب والمراء والثناء
على النفس تعريضا وتصريحا وأنواع المزح المؤذي للقلوب
وضروب الكلمات التي يقصد بها الإزدراء والاستحقار وذكرالموتى
والقدح فيهم وفي علومهم وسيرهم ومناصبهم ،فإن ذلك في ظاهره
غيبة وفي باطنه ثناء على النفس؛
فللنفس فيه شهوتان :احداهما نفي الغير والأخرى اثبات نفسه وبها
تتم له الربوبية التي هي في طبعه وهي ضد ما أمر به من العبودية
ولاجتماع الشهوتين وتيسر تحريك اللسان ومصير ذلك معتادا في
المحاورات يعسر الصبر عنها وهي أكبر الموبقات حتى بطل
استنكارها واستقباحها من القلوب لكثرة تكريرها وعموم الانس بها
،فترى الانسان يطلق لسانه طول النهار في أعراض الناس ولا
يستنكر ذلك مع ما ورد في الخبر من ان الغيبة أشد من الزنا ومن لم
يملك لسانه في المحاورات ولم يقدر على الصبر عن ذلك فيجب
عليه العزلة والانفراد فلا ينجيه غيره فالصبر على الانفراد اهون من
الصبر على السكوت مع المخالطة
وتختلف شدة الصبر في آحاد المعاصي باختلاف داعية تلك المعصية
في قوتها وضعفها ، وأيسر من حركة اللسان حركة الخواطر
باختلاف الوساوس فلا جرم يبقى حديث النفس في العزلة ،ولا يمكن
الصبر عنه أصلا إلا بأن يغلب على القلب هم آخر في الدين يستغرقه
كمن أصبح وهمومه هم واحدوالا فإن لم يستعمل الفكر في شيء
معين لم يتصور فتور الوسواس عنه.
|