عرض مشاركة واحدة
قديم 01-24-2012, 03:59 PM   #1


الصورة الرمزية سعودي ودقولي التحية
سعودي ودقولي التحية غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1636
 تاريخ التسجيل :  Oct 2011
 أخر زيارة : 09-16-2012 (03:25 PM)
 المشاركات : 12,032 [ + ]
 التقييم :  125
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي ذكرى لمن كان له قلب ) ــ الجزء السابع عشر




بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((ذكرى لمن كان له قلب )) ــ الجزء السابع عشر

عملاً بقوله تعالى : ((أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها ))

نواصل تـــابـــع لسورة الـكهـف (( قصة ذي القرنين مع يأجوج
ومأجوج وما تبقى من هذه السورة ))
شرح الله صدورنا ويسر أمورنا وبالله تعالى التوفيق والسداد

قصة ذي القرنين و يأجوج ومأجوج :
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا(83)إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا(84)فَأَتْبَعَ سَبَبًا(85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا(86)قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا(87)وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا(88)ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا(89)حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا(90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا(91)ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا(92)حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا(93)قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا(94)قَالَ مَا مَكَّنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا(95)آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا(96)فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا(97)قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا(98)وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا(99)}

سَبَبُ النّزول:

أ- قال قتادة: إن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين فأنزل الله
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ..}الآية.

ب- قال مجاهد: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: إني أتصدق، وأصلُ الرحم، ولا أصنع ذلك إلا لله تعالى، فيُذكر ذلك مني وأُحمد عليه فيسرني ذلك وأُعجب به، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً فأنزل الله {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.




{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ}أي يسألك اليهود يا محمد عن ذي القرنين ما شأنه؟ وما قصته؟ {قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا}أي قل لهم سأقص عليكم من نبأه وخبره قرآناً ووحياً {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}أي يسرنا له أسباب الملك والسلطان والفتح والعمران، وأعطيناه كل ما يحتاج إليه للوصول إلى غرضه من أسباب العلم والقدرة والتصرف، قال المفسرون: ذو القرنين هو "الاسكندر اليوناني" ملكَ المشرق والمغرب فسمي ذا القرنين، وكان ملكاً مؤمناً مكَّن الله له في الأرض فعدل في حكمه وأصلح، وكان في الفترة بين عيسى ومحمد صلوات الله عليهما، روي أن الذين ملكوا الأرض أربعة: مؤمنان وكافران، أما المؤمنان فسليمان وذو القرنين، وأما الكافران فنمرود وبختنصر {فَأَتْبَعَ سَبَبًا}أي سلك طريقه الذي يسره الله له وسار جهة المغرب{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ} أي وصل المغرب{وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}أي وجد الشمس تغرب في ماء وطين - حسب ما شاهد لا حسب الحقيقة - فإِن الشمس أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض، قال الرازي: إن ذا القرنين لما بلغ أقصى المغرب ولم يبق بعده شيء من العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في عين وهدة مظلمة وإِن لم تكن كذلك في الحقيقة كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغيب في البحر إِذا لم ير الشطَّ وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر {وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا}أي وجد عند تلك العين الحارة ذات الطين قوماً من الأقوام {قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا}أي قلنا له بطريق الإِلهام: إما أن تقتلهم، أو تدعوهم بالحسنى إلى الهداية والإِيمان، قال المفسرون: كانوا كفاراً فخيرَّه الله بين أن يعذبهم بالقتل، أو يدعوهم إلى الإِسلام فيُحسن إليهم {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ}أي من أصرَّ على الكفر فسوف نقتله{ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا}أي ثم يرجع إلى ربه فيعذبه عذاباً منكراً فظيعاً في نار جهنم {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى}أي وأمّا من آمن بالله وأحسن العمل في الدنيا وقدَّم الصالحات فجزاؤه الجنة يتنعَّم فيها {وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا}أي نيسر عليه في الدنيا فلا نكلفه بما هو شاق بل بالسهل الميسِّر. اختار الملك العادل دعوتهم بالحسنى فمن آمن فله الجنة، والمعاملة الطيبة، والمعونة والتيسير، ومن بقي على الكفر فله العذاب والنكال في الدنيا والآخرة{ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا}أي سلك طريقاً بجنده نحو المشرق {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ}أي حتى إِذا وصل أقصى المعمورة من جهة الشرق حيث مطلع الشمس في عين الرائي {وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا}أي وجد الشمس تشرقُ على أقوامٍ ليس لهم من اللباس والبناء ما يسترهم من حر الشمس فإِذا طلعت الشمس دخلوا في أسراب تحت الأرض، وإِذا غربتْ خرجوا لمكاسبهم، قال قتادة: مضى ذو القرنين يفتح المدائن ويجمع الكنوز ويقتل الرجال إلاّ من آمن حتى أتى مطلع الشمس فأصاب قوماً من أسراب عراةً، ليس لهم طعام إلا ما أنضجته الشمس إذا طلعت، حتى إذا زالت عنهم الشمس خرجوا من أسرابهم في طلب معايشهم، وذُكر لنا أنهم كانوا في مكان لا يثبت عليه بنيان، ويقال إنهم الزنج{كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا}أي كذلك فعل بأهل المشرق من آمن تركه ومن كفر قتله كما فعل بأهل المغرب وقد أحطنا علماً بأحواله وأخباره، وعتاده وجنوده، فأمرُه من العظمة وكثرة الرجال بحيث لا يحيط به إلا علم اللطيف الخبير {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا}أي سلك طريقاً ثالثاً بين المشرق والمغرب يوصله جهة الشمال حيث الجبال الشاهقة {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ}أي حتى إذا وصل إلى منطقة بين حاجزين عظيمين، بمنقطع أرض بلاد الترك مما يلي أرمينية وأذربيجان، قال الطبري: والسَّدُ: الحاجز بين الشيئين وهما هنا جبلان سُدَّ ما بينهما، فردَم ذو القرنين حاجزاً بين يأجوج ومأجوج من ورائهم ليقطع مادة غوائلهم وشرهم عنهم{وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً}أي وجد من وراء السدين قوماً متخلفين لا يكادون يعرفون لساناً غير لسانهم إلا بمشقة وعُسر،قال المفسرون: إنما كانوا لا يفقهون القول لغرابة لغتهم، وبطء فهمهم، وبعدهم عن مخالطة غيرهم، وما فهم كلامهم إلا بواسطة ترجمان {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ}أي قال القوم لذي القرنين: إن يأجوج ومأجوج - قبيلتان من بني آدم في خلقهم تشويهٌ، منهم مفرطٌ في الطول، ومنهم مفرطٌ في القِصر - قومٌ مفسدون بالقتل والسلب والنهب وسائر وجوه الشر، قال المفسرون: كانوا من أكلة لحوم البشر، يخرجون في الربيع فلا يتركون أخضر إلا أكلوه، ولا يابساً إلا احتملوه {فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا}أي هل نفرض لك جزءاً من أموالنا كضريبة وخراج {عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا}أي لتجعل سداً يحمينا من شر يأجوج ومأجوج، قال أبو حيّان: هذا استدعاءٌ منهم لقبول ما يبذلونه على جهة حسن الأدب {قَالَ مَا مَكَّني فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ}أي ما بسطه الله عليَّ من القُدرة والمُلك خيرٌ مما تبذلونه لي من المال {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ}أي لا حاجة لي إلى المال فأعينوني بالأيدي والرجال {أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}أي أجعل بينكم وبينهم سداً منيعاً، وحاجزاً حصيناً، وهذه شهامة منه حيث رفض قبول المال وتطوَّع ببناء السد واكتفى بعون الرجال {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ}أي أعطوني قطع الحديد واجعلوها لي في ذلك المكان {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ}أي حتى إذا ساوى البناء بين جانبي الجبلين {قَالَ انفُخُوا}أي انفخوا بالمنافيخ عليه {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ}أي جعل ذلك الحديد المتراكم كالنار بشدة الإِحماء {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}أي أعطوني أصبُّ عليه النحاس المذاب، قال الرازي: لما أتوه بقطع الحديد وضع بعضها على بعض حتى صارت بحيث تسدُّ ما بين الجبلين إلى أعلاهما، ثم وضع المنافخ عليها حتى إذا صارت كالنار صبَّ النحاس المذاب على الحديد المحمي فالتصق بعضه ببعض وصار جبلاً صلداً {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ}أي فما استطاع المفسدون أن يعلوه ويتسوروه لعلوه وملاسته {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا}أي وما استطاعوا نقبه من أسفل لصلابته وثخانته، وبهذا السد المنيع أغلق ذو القرنين الطريق على يأجوج ومأجوج {قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي}أي قال ذو القرنين: هذا السدُّ نعمةٌ من الله ورحمة على عباده {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي}أي فإِذا جاء وعد الله بخروج يأجوج ومأجوج وذلك قرب قيام الساعة {جَعَلَهُ دَكَّاءَ}أي جعله الله مستوياً بالأرض وعاد متهدماً كأن لم يكن بالأمس {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}أي كان وعده تعالى بخراب السدِّ وقيام الساعة كائناً لا محالة .. وهنا تنتهي قصة ذي القرنين ثم يأتي الحديث عن أهوال الساعة وشدائد القيامة قال تعالى {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ}أي تركنا الناس يوم قيام الساعة يضطرب بعضهم ببعض - لكثرتهم - كاضطراب موج البحر {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا}أي ونفخ في الصور النفخة الثانية فجمعناهم للحساب والجزاء في صعيد واحدٍ جمعاً لم يتخلف منهم أحد.




محاسبة الكفار :

{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا(100)الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا(101) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً(102)قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً(103)الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا(104)أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا(105)ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا(106)}

{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا}أي أبرزنا جهنم وأظهرناها للكافرين يوم جمع الخلائق حتى شاهدوها بأهوالها عرضاً مخيفاً مفزعاً {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي}أي هم الذين كانوا في الدنيا عُمياً عن دلائل قدرة الله ووحدانيته فلا ينظرون ولا يتفكرون {وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا}أي لا يطيقون أن يسمعوا كلام الله تعالى لظلمة قلوبهم، قال أبو السعود: وهذا تمثيلٌ لإِعراضهم عن الأدلة السمعية، وتعاميهم عن الآيات المشاهدة بالأبصار فكأنهم عميٌ صم {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ}الهمزة للإِنكار والتوبيخ أي أفظنَّ الكافرون أن يتخذوا بعض عبادي آلهة يعبدونهم دوني كالملائكة وعزير والمسيح ابن مريم، وأن ذلك ينفعهم أو يدفع عنهم عذابي؟ قال القرطبي: جواب الاستفهام محذوف تقديره أفحسبوا أن ذلك ينفعهم، أو لا أعاقبهم ) إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً}أي هيأنا جهنم وجعلناها ضيافةً لهم كالنُزُل المعد للضيف، قال البيضاوي: وفيه تهكمٌ بهم وتنبيهٌ على أن لهم وراءها من العذاب ما تستحقر جهنم دونه {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً}أي قل يا محمد لهؤلاء الكافرين هل نخبركم بأخسر الناس عند الله؟ {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}أي بطل عملهم وضاع في هذه الحياة الدنيا لأن الكفر لا تنفع معه طاعة، قال الضحاك: هم القسيّسون والرهبان يتعبدون ويظنون أن عبادتهم تنفعهم وهي لا تقبل منهم {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}أي يظنون أنهم محسنون بأفعالهم {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ}أي كفروا بالقرآن وبالبعث والنشور فبطلت أعمالهم {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}أي ليس لهم عند الله قيمةٌ ولا وزن، ولا قدرٌ ولا منزلة، وفي الحديث (يُؤتى بالرجل الطويل الأكول الشروب فلا يزن جناح بعوضة) {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا}أي ذلك جزاؤهم وعقوبتهم نارُ
جهنم بسبب كفرهم واستهزائهم بآيات الله ورسله.




جزاء المؤمنين وسعة علم الله وتوحيده :


{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً(107)خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً(108)قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا(109)قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا(110)}

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}أي آمنوا بالله وعملوا بما يرضيه {كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً}أي لهم أعلى درجات الجنة وهي الفردوس منزلاً ومستقراً {خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً}أي ماكثين فيها أبداً لا يطلبون عنها تحولاً قال ابن رواحة: في جنانِ الفِردوس ليسَ يخافون خُروجاً عنها ولا تحويلاً {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي}هذا تمثيلٌ لسعة علم الله والمعنى لو كانت بحار الدنيا حبراً ومداداً وكتبت به كلمات الله وحكمه وعجائبه {لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي}أي لفني ماء البحر على كثرته وانتهى، وكلامُ الله لا ينفد لأنه غير متناهٍ كعلمه جل وعلا {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}أي ولو أتينا بمثل ماء البحر وزدناه به حتى يكثر فإِن كلام الله لا يتناهى {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}أي قل لهم يا محمد إِنما أنا إِنسان مثلكم أكرمني الله بالوحي، وأمرني أن أخبركم أنه واحدٌ أحد لا شريك له {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ}أي فمن كان يرجو ثواب الله ويخاف عقابه {فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا}أي فليخلص له العبادة {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}أي لا يرائي بعمله ولا يبتغي بما يعمل غير وجه الله، فإِن الله لا يقبل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم.




جعلنا الله وإياكم جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنة


تم بحمد لله تعالى تفسير سورة الكهف

المصدر : الكتاب تفسير القرآن الكريم




رابط الدرس السابق : ((ذكرى لمن كان له قلب )) ــ الجزء السادس عشر





 
 توقيع : سعودي ودقولي التحية




التعديل الأخير تم بواسطة سعودي ودقولي التحية ; 01-24-2012 الساعة 04:06 PM

رد مع اقتباس