عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2012, 02:52 AM   #1


الصورة الرمزية احساس
احساس غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1412
 تاريخ التسجيل :  Jun 2011
 أخر زيارة : 02-11-2018 (03:05 AM)
 المشاركات : 21,842 [ + ]
 التقييم :  2147483647
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تِسْعَةُ فُصول بلا مَخاض



عِنْدَ مُنْتَصَفِ القَدَر أَقِفُ بروحٍ شِبْهُ مُنكَسرة تأبى السُّقوط مُنكَسرة،أمْسِكُ بيَدي مِظَلة شَفافَة كيْ أرْقَب مِن السَّماءِ مَخاضَ غَيْمة، وأقبِضُ بيدي الأخْرى تّذكرِه لمسرَحية وُعدتِ مُشاهدتِها على أرْضِ الواقِع، ليس وقتَ العَرْض مَكتوباً عليها ولكنَ كَلمة "قَريباً" بالأحمرِ الغَليظ تَتَوسَّطُها. لا أعرف، ولكِن الأمْرَ باتَ غَريباً حَيثُ لا أَثرَ للغيومُ في هذه السَّماء الدَّهماء، ولا أسْمعُ وقعاً ولا أرَى أثَراً لأي أقْدامْ.


حالتي يرثي لها الموتى، فالبَرْدُ قارِصْ، ومِعْطَفي الرَّث يَرتَجِف، مُتونيِ كَلَّت حَملَ رأسي المُثْقَلْ بآلاف علاماتِ الاسْتفهام والتَّعَجُب. أمَّا حُقول البُنِّ المَزروعة بِفَمي، فهي تستطيل بوقتٍ زمني ملحوظ، وكُلَّما حدَثَ ذلك، لسَعت مرارتَها ريقي فيتكاثَرُ بِوَجْدي الظَّمأ الشديد.



بِحقيبتي مِرآه صَغيرة، لَكَم أتَمنَّى نُزوحَ بعضاً مِن الظَّلام ليَتَسنَّى لي رؤيةَ وَجْهي.
لا بأس, سأُسَلِّي وحدتي بِلعْبة التَّخمين.أعْتِقدُ بأن خُطوط وجهي تَخطُ على جَبْهتي حروفَ كَلِمَة "حَمقاء"،وأنْ أنْفي صَغُر حجمه حتى صار أفْطَسًا مِن شدِّة الصدْق الذَي ينْتَهِجهُ قلبي. رُبَما سَقَطَت رُموشي، فَكَثْرة السِّقايَة تُميتُ الزَّرع.
يا إلهي، بِتُ أَخاف نُزوحَ الظلام، فربما قَد أَصْبحتُ قَبيحَة بما يكْفي بتِلكَ الملامِح التي خَمَّنتْ. تباً لكَ أيُها التَّخمين التِّعِس أينَ ذهَبتَ بتفاصيل جَمالي، قَد سَلخْتَ كُلَّ شيءٍ عدَا البياض الشَّديد الالتصاق بي.


فَكَّرْ فَكِّر يا عَقلي بَطريقةٍ تواسيْ هذهِ المَجنونة الشّبهُ مُنكَسرة الحَمقاء القبيحَة.
نَعم نَعم وجَدْتُها، مازِلتُ شَديدةَ البياضِ في بُقعةٍ من الأرْضِ طِينُها شَديدُ السُّمْرَة، والمُجْتَمعُ شرْقي يَعْشُقُ الهالاتِ البيْضاء.


ولَكن هَل مازال الشرقُ شرقاً، أم سُحِبَ بساطُ الشَّرقَ مِن تَحتِ أَرْجُل الشَّرقيون واستدارتْ الأرضُ ليندسَ الغُربُ خلْسَةً تَحتهم. أَعْتَقدُ ذلك، فالسمراوات تَبطحنَ على الطينِ ينْشُدنَ من الشَّمس السواد، وموسيقى الروك تصدحُ بالجوار، والعُري أصبحَ صنعةَ التجار.
هه، قدْ أصْبحتُ كعجوزِ كهله تتحسرُ وتُتمتمِ بــ:"هلكَ الناس، هلكَ الناس".

كَفى خيالاً أني شائِخة، لنَعُد حيثُ أنا شابَة واقفة شامِخة ، عندَ مُنتَصفِ العشرينَ انتظَر. مُنذُ تسعةِ فصول وأَنا أسيرُ حَبلى بِحلمٍ طاهِرْ، ولم يَمْسسْني بشَر. أَخْطو بِعقلٍ مُتَزن عَلى نٌقاطٍ مُتتاليَة لا حصرَ لها، لأكوِّن بآثاري خَلفي خَطاً مُسْتَقيماً. مُنذَ الفَصلَ الأول والسيارات الموازية دَربي والأخرى المُتَرنْحة تَصطَفُ بَجانَبي وتَصْفرُ أبواقَها لي.
ولَكِني آثرتُ مُتابَعة المَسير باحِثَةً عَن قَلبي ممُتَطياً صَهْوَ الأماني. سِرتُ أضْغطُ بِقوة على جَمر الحياة، سرْتُ رغْمَ سُخريةِ أخْمَصِ أَقدامي لما جُنَّ بهِ رأسي. سَرتُ حتى جَنَّ اللَّيلُ وألتَهمَ فَطورَ الصَّباح وترَكَ جَسَدي نَحيلاً يشكوُ فاقةَ القَدرِ.
أَقِفُ الآن فوقَ عُقْدةٍ أُوقَفت المَسير، بمطْلعِ الشَّتاءِ أيْلول، تذِكرة المسْرحية أطْراهَا عَرقُ كفِّيَ المُنهَكَة وهُبوبَ الشِّتاءِ يُنْذرِ بتحنيطِ حباتِ العَرقْ على التذْكِرة المُزَّيفَة، لتَبقى ذِكرى شاهِدة على شِدَّةِ غَبائي واسْتشهادِ شَبابي في سبيلِ البَّحثِ عَنْ مَدينة فاضلِة يِحْكُمُها أَمير يْطْرِق الأبواب بيدٍ، وبيدهِ الأُخرى فَردَة حِذائي.


راقت لي فنقلتها




 
 توقيع : احساس




رد مع اقتباس