قال تعالى
فأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّار لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُـعِدُوا فَفِي الْجَنَّـةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْـرَ مَجْـذُوذٍ
هذه الآية الكريمة أثارت حيرت الكثيرين من عدة أوجه
أولا.. عندما تحدث سبحانه وتعالى عن الخلود في الجنة ثم جاءت الآية الكريمة ( الا ما شاء ربك )
( والمعلوم ان الخلود في الجنة يكون أبديا بإذن الله تعالى)
ثانيا.. كذلك عندما تحدث سبحانه وتعالى عن الخلود في النار ثم جاءت الآية الكريمة ( إلا ما شاء ربك )
وثالثا.. قوله تعالى ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ )
قال تعالى
( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار}
وقد قرأت العديد من التفاسير التي وردت في تفسير الآية الكريمة ووجدت ان التفسير الذي يجيب عن الثلاثة استفسارات معا هو
قال بعض أهل العلم: معناه المقصود هو مدة مقامهم في القبورأي ليسوا في الجنة وإن كان المؤمن في روضة من رياض الجنة لكنها ليست هي الجنة ولكنه شيء منها، فإنه يفتح للمؤمن وهو في قبره باب إلى الجنة يأتيه من ريحها وطيبها ونعيمها وينقل بعد ذلك إلى الجنة فوق السماوات في أعلى شيء.
أيضا الكافر يكون له عذاب القبر
حيث قال تعالى
{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}
والدليل على صحة هذا التفسير هو قوله تعالى ( ما دامت السماوات والأرض ) مما يعني ان هذا يكون في القبر
أي مازال تحت الأرض والسماوات … ذلك لأنه في الآخرة ويوم القيامة يكون قوله تعالى
( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب
كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين )
وكذلك العديد من الآيات الكريمة التي تدل على انه لن يكون هناك دوام للسماوات أو الأرض يوم القيامة …
ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث عديدة
في التعوذ من عذاب القبر أعاذنا الله جميعا منه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ، والجبن والهرم ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، وأعوذ بك من عذاب القبر
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 282
أما عن قوله تعالى ( إلا ماشاء ربك ) فهذا تفسير جميل للشيخ محمد حسان جزاه الله خيرا حيث يقول
… وقفت عند قول الله عزوجل "وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والارض الا ما شاء ربك…) استثناء عجيب ،وقرات عددا ضخما ضخما جدا من كتب التفسير /فما وجدت ما يشفي صدري وغليلي ، لأن أهل الجنة إن دخلوا الجنة فهم في خلود، فما موضع الاستثناء هنا في الآية وشرح الله صدري و اسأل الله ان أكون موفقا ومسددا في ذلك أن الاستثناء هنا حتى لاهل الجنة ليعلم اهل الجنة حتى وهم في النعيم الدائم المقيم أنهم ما تلذذوا بهذا النعيم إلا بفضل المنعم لا بالنعيم ذاته فتبقى قلوبهم معلقة بالمنعم لا بالنعيم مع انهم قد بشروا بالنعيم الابدي … الاستثناء منقطع لابد ان تكون قلوبكم معلقة بالمنعم لا بالنعيم …)
وهكذا هو القرآن الكريم الذي لا تنقضي روائعه