أيها الحبيب البعيد..
يا من هزنى الشوق إلى رؤياه وإلتزامه , وحدا حادى القلوب إلى تذكر شانه , وترقرقت فى العين دمعةٌ ما أظنها إلا من فقدانه , وخفق القلب خفقة لملا تذكر يوماً من أيامه .
أيها الحبيب البعيد ..
بعيد ومن القلب قريب . لا . بل أنت لسويدائه ساكن , وفى مجرى الدماء أنت سابح ولاهٍ .
أيها الحبيب البعيد ..
بعيداً عن العين والقلب ناظر , وفى ظلام الليل كالبدر مرتفع وظاهر .
أيها الحبيب البعيد ..
رسالة أبعث بها إليك .. إنها رسالة حب .. لا .. بل رسالة عتاب .. كلا .. إنها رسالة خوف عليك وإشفاق .
رسالة أبعث بها إليك وأنا ممتطى ٍصهو جواد الأخوه , وأنت متربع على محراب المحبة , وكأنى أنقش بخنجرى على صخور جدار قلبى .
رسالة أبكى فيها على ساعات , وأيام , وعامان مرا علىَ وكأنهما ومضات برق لامعة فى سماء حياتى , لتسدل الستار على فصول رواية رحل بطلها قبل إكتمالها .
وياليته رحل ولم يترك له أثراً فى قلوب جماهيره ومحبيه !!
بل ترك أريجه يفوح شذاه فى كل مكان .
فى البيوت , والطرقات , والحدائق , والمجالس .
ليلفح وجهى أينما ذهبتُ بأطيب عطر وأجمل ريح .
أبكى على خطوات مشيناها , وليال ٍسهرناها فى أجمل سمر وأعذب حديث .
حتى استل الدهر من كنانته سهم الفراق , ليندسَ
فى قلب وحدتنا , فيُدمَى ذلك القلبَ الرقيق , لتسيل منه دماءُ البعد والإرتحال ..
فماذا فعلت هذه الفواصل التى بيننا , وما حقيقتها ؟؟!!
إنها مدنٌ , وأنهارٌ , وبحورٌ , وأشجار ...
فمع إجتماعها , وعظم خلقها , إلا أنها لم تمنع أشواقى من الوصول إليك , ولا عَبَرَاتى من السقوط تحت قدميك .
فيا أحبَ من عرفتُ ... ويا أكثرَ من فارقتُ ..
أما آن أن ترجع لبلد الإسلام العامرة بتوحيد ربها ؟!
أما آن أن ترجع لأرض ولدت فوق ترابها , وسماء أظلتك طيلة عهدها ؟؟!!
لتجرى الدماءُ فى مجاريها .. وتحيا القلوبُ تحت ظل عرش باريها .
فإن الشوق قد أحرقت جمرته الفؤاد , وأضنى جبينى ذكر الوداد , وأثقل ظهرى حمل البعاد .
أيها الحبيب البعيد ..الرسالة لم تكتمل .. فجُعْبَةُ قلبى ما زالت ملئا .. لكن .. بأى قلم أكتب , وبأى لسان أتحدث ؟؟!!
لكن .. هل ستصلك الرسالة ؟؟!!
لابد وأنها ستصلك يوما ما ..
مهما فرقت بيننا الأيام , وأخذت بنا المآخذ