04-07-2012, 09:20 AM
|
#1
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1636
|
تاريخ التسجيل : Oct 2011
|
أخر زيارة : 09-16-2012 (03:25 PM)
|
المشاركات :
12,032 [
+
] |
التقييم : 125
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
يا أيّها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور"
[table1="width:85%;background-color:silver;border:4px groove green;"]
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيّها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور"
قال الشَّيخ العثيمين -رحمه الله-:
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا، أنزله قيِّمًا يهدي إلى التي هي أقوَم، ويبشِّر المؤمنين الذين يعملون الصَّالحات أنَّ لهم أجرًا حسنًا، ماكثين فيه أبدًا، وينذر به قومًا لُدًّا خصمين حججًا، وأشهد ألاَّ اله الا الله وحده لا شريك له شهادة يَنال بها مخلصها من كلِّ همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق ٍمخرجًا، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أقوَم النَّاس في عبادة الله، وأسدهم منهجًا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلّم تسليمًا كثيرًا ...
أما بعــد :
~~~~
فقد قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ - قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) أيها الناس إن هذه الموعظة التي جاءتكم من ربكم هو كتاب الله وما تضمنه من أخبار صادقة نافعة وأحكام عادلة مصلحة للخلق في دينهم ودنياهم إن هذا القرآن موعظة يتعظ بها العبد فيستقيم على أمر الله ويسير على نهجه وشريعته فهو شفاء لما في الصدور وهي القلوب شفاء لها من مرض الشك والجحود والاستكبار عن الحق وعلى الخلق إنه شفاء لما في الصدور من الرياء والنفاق والحسد والغل والحقد والبغضاء والعداوة للمؤمنين إنه شفاء لما في الصدور من الهم والغم والقلق فلا عيش أطيب من عيش المتعظين بهذا القرآن المهتدين به ولا نعيم أتم من نعيمهم ولهذا قال بعض السلف : ( لو يعلم الملوك أبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ) يعنون بذلك ما أعطاهم الله تعالى من شرح الصدور بالإيمان بالله ورسله والسرور بطاعته واتباع رسوله صلي الله عليه وسلم إن هذا القرآن الكريم هدى ومنار للسالكين يخرجون به من الظلمات إلى النور ويهتدون به إلى خالقهم ودار كرامته فهو هدى علم وتوفيق ورحمة ولكن للمؤمنين به أما المكذبون به المستكبرون عليه فلا يزيدهم إلا عمى وخسارة قال الله تعالى : ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ) وقال الله تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا ) .
أيها الناس قد تتساءلون كيف يكون الكلام الواحد لقوم هدى وشفاء ورحمة ولقوم آخرين ضلالا وعمى وخسارا ؟؟
والجواب على ذلك أن هذا هو ما نطق به القرآن وهو حق وها نحن نرى في الأمور الحسية نرى ما يشهد لذلك نرى بعض الطعام يكون لشخص غذاء يكسبه صحة ونموا ويكون لشخص آخر داء يزداد به جسمه مرضا وضعفا وهكذا الأمور المعنوية فالقرآن إذا قرأه المؤمن ازداد به إيمان لتصديقه بأخباره واعتباره بقصصه وتطبيقه لأحكامه امتثالا لأمر الله واجتنابا لنهيه فيزداد بذلك علما وهدى وصلاحا أما إذا قرأه ضعيف الإيمان ومن في قلبه مرض فإنه يزداد رجسا إلى رجسه لأنه شاك في صحة أخباره وغافل عن الاعتبار قصصه فيمر به كأنها قصص عابرة وأساطير وأساطير أمم غابرة لا توقظ له ضميرا ولا تحرك له إرادة وكذلك أيضا تجده مستكبرا عن تطبيق أحكامه وتهاونه بها فلا يمتثل أمر الله ولا يجتنب نواهي الله تقديما لهواه على طاعة مولاه وحينئذ يكون القرآن خسارة عليه لأن الحق بان له فخالفه فكان بذلك خاسرا.
أيها الناس إن الله يقول في الآية الأولى مما سقناه : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) وصدق الله عز وجل فإن ما يحصل للعبد من فضل الله ورحمته بهذا القرآن العظيم من الهدى والرحمة والموعظة وشفاء ما في الصدور لهو الجدير بأن يفرح به العبد لأنه سعادة دنياه وآخرته ليس من الجدير العبد أن يفرح بحطام الدنيا ليحصله على حساب عمل الآخرة لأن المال لا يخلد أصحابه و أصحابه لا يخلدون له أما يحصل من فضل الله ورحمته بهذا القرآن الكريم فهو خالد لأصحابه باقٍ لهم وهو خير من ما يجمعون من الدنيا كلها لأن غايته الوصول إلى الجنة جعلنا الله وإياكم ممَّن يصلون إليها وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ) وصدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن موضع السوط في الجنة وهو مقدار متر فأقل خير من الدنيا كلها وما فيها وليست الدنيا التي عشتها لكنها الدنيا من أولها إلى آخرها.
أيها الناس إن كثيرًا منكم يسمعون ما يتلى من كتاب الله وما يؤثر من سنة رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم من الأخبار الصادقة والأحكام العادلة يسمعون ذلك من الخطباء والوعاظ في المساجد وغيرهم ولكن للأسف الشديد لا يزدادون بذلك إيمانًا ولا قبولاً للحقّ ولا انقيادًا لطاعة الله وربما يصرحون بالإثم فلا يفعلون ما يأمرون به ولا يتركون ما ينهون عنه فسبحان الله سبحان الله أهذا حال من يزعم أنّه مؤمن بالله واليوم الأخر ؟ أهذا حال من يزعم أنه موقن بالثواب والعقاب ؟ أهذه حال مسلم ؟ والإسلام هو الاستسلام لله ظاهرًا وباطنًا أفيريد هؤلاء أن تكون أحكام الله وشرائع الله تابعة لأغراضهم ؟ أم يريدون أن يكونوا من ممن قالوا : (سمعنا وهم لا يسمعون) فـ (إنّ شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون).
أيّها الناس إن كثيرًا منكم يسمعون أوامر الله في الصلاة وما يتعلق بها من الطهارة وغيرها ويسمعون ما يقول الله عز وجل في الزكاة والصيام والحج وبر الوالدين وصلة الأرحام يعني الأقارب وحسن الجوار والعدل في معاملة الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يسمعون أوامر الله في هذا كله ويسمعون التوجيهات الشرعية في البيع والإجارة والنكاح والطلاق والخصومات وغيرها ويتجاهلون كل ما يسمعون من تلك الأوامر وهذه التوجيهات ويسيرون على ما تمليه عليهم أهواؤهم!! فيكونون بذلك ممن اتخذ إلهه هواه كثير منكم يسمعون نهي الله ورسوله عن التهاون عن الصلاة والزكاة والصيام والحج ويسمعون نهي الله ورسوله عن عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام وإساءة الجوار وعن الجور في معاملة الناس بالكذب والغش وغيرهما وعن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعن الربا والتحيل عليه وعن الميسر والمكاسب المحرمة بجميع وسائلها يسمعون النهي عن ذلك كله ولكنهم يتجاهلون ما يسمعون ويتجاسرون على فعل ما عنه يزجرون متناسين بذلك عظمة الخالق عظمة من عصوه وشدة عقابه كأنهم لم يقرؤوا قول الله عز وجل : ( ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ) مغترين بإمهال الله لهم واستدراجه إليهم بنعمه كأنهم لم يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) وتلا قول الله تعالى : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ) أيها المسلمون إنه يجب علينا أن نستمع استماع منتفعٍ إلى قول الله تعالى: ( فمن اتّبع هدايَ فلا يضل ولا يشقى* ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا * ونحشره يوم القيامة أعمى * قال ربِّ لِمَ حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنْسَى ).
اللَّهم اجعلنا ممن اختاروا الهدى على الهوى اللَّهم اجعلنا ممن اختاروا الهدى على الهوى ورضوا بالشريعة واطمأنّوا بها وانشرحت لها صدورهم فلم يبغوا عنها حولاً ولم يرضوا بها بديلاً اللَّهم أرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه وأرِنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه اللَّهم حبّب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الرّاشدين اللَّهم لا تجعلنا مِمَّن زُيِّن له سوءُ عمله فرآه حسنًا فأصبح من الخاسرين أعمالاً الضّالّين طريقًا اللَّهم اهدنا صراطك المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين إنك جواد كريم .
الحمد لله حمدًا كثيرًا كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد ألاَّ إله الاّ الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيّد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه خير صحب ومعشر وسلّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعــد :
فيا عباد الله اتلوا كتاب الله حق تلاوته احفظوه إن استطعتم وتفهموا معانيه واعملوا بأحكامه وصدقوا أخباره وإياكم أن تحيدوا عنه فإنه من ضل عن سبيل الله فإن الله تعالى يقول: ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ) ...
| [/table1]
|
|
|