عرض مشاركة واحدة
[/TABLE1]

قديم 04-11-2012, 03:20 PM   #1


الصورة الرمزية عاشقة المستحيل
عاشقة المستحيل غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1539
 تاريخ التسجيل :  Aug 2011
 أخر زيارة : 01-03-2020 (02:26 AM)
 المشاركات : 24,430 [ + ]
 التقييم :  978
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي تكريم الإسلام للنفس الإنسانية –



[TABLE1="width:70%;background-color:white;"]
تكريم الإسلام للنفس الإنسانية –




د. راغب السرجاني



التعامل النبوي مع غير المسلمين‏‏


لعل من المهم أن ندرك طبيعة النظرة الإسلامية إلى النفس الإنسانية بصفة عامة‏;‏ لندرك كيف تناول المنهج الإسلامي قضية غيرالمسلمين وكيفية التعامل معهم‏,.



وقد فصلت هذا الموضوع في كتابي‏(‏ فن التعامل النبوي مع غيرالمسلمين‏).‏إن النفس الإنسانية بصفة عامة مكرمة ومعظمة‏..‏ وهذا الأمرعلي إطلاقه‏,‏ وليس فيه استثناء بسبب لون أو جنس أو دين‏,‏ قال تعالى فيكتابه‏:


[‏ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا]
[‏ الإسراء‏:70].‏




وهذا التكريم عام وشامل للمسلمين وغير المسلمين‏;‏ فالجميع مفضل على كثيرمن خلق الله عز وجل‏,‏ وقد انعكس هذا التكريم العام علي كل بند من بنودالشريعة الإسلامية‏,‏ وهذا واضح في آيات القرآن الكريم‏,‏ وفي حياة الرسول صلى الله عليه وسلم‏,‏ وما أروع الموقف الذي علمنا إياه رسول الله‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ عندما مرت به جنازة يهودي‏!!‏



فقد روي الإمام مسلم أن قيس بن سعد وسهل بن حنيف كانا بالقادسية‏,‏ فمرتب هما جنازة‏,‏ فقاما‏,‏ فقيل لهما‏:‏ إنها من أهل الأرض‏(‏ أي‏:‏ من مجوس فارس‏).‏ فقالا‏:‏ إن رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ مرت به جنازة فقام‏,‏ فقيل‏:‏ إنه يهودي‏,‏ فقال‏:'‏ أليست نفسا‏'.‏


ألا ما أروع هذا الموقف حقا‏!!‏



فقد زرع رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ بهذا الموقف في نفوس المسلمين التقدير والاحترام لكل نفس إنسانية على الإطلاق‏;‏ لأنه فعل ذلك وأمربه‏,‏ حتى بعد علمه أنه يهودي‏,‏ رغم أن اليهود رأوا الآيات ثم لم يؤمنوا‏,‏ بل إنهم اعتدوا عليه‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ بشتى أنواع الاعتداءات المعنوية والمادية‏,‏ ومع هذا فإن رسول الله‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ يقف لجنازة رجل منهم ليس له فضيلة معينة‏.‏


إنه الاحترام الحقيقي للنفس البشرية‏..‏


ثم إن المسلم يعتقد أن الاختلاف بين الناس أمر حتمي‏!‏ يقول تعالى‏:


[‏ ولوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين‏]
[‏ هود‏:118].‏




وإذا علمت أن المسلم يعتقد أن الحساب يوم القيامة بيد الله‏-‏ عز وجل‏-‏وحده‏,‏ أدركت أن المسلم لا يفكر مطلقا في إجبار الآخرين علي اعتناق الإسلام‏,‏


قال تعالي‏:[‏ ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين‏]
[‏ يونس‏:99].‏




فمهمة المسلم ببساطة أن يصل بدعوته نقية إلي غير المسلمين‏,‏ أما ردودأفعالهم تجاه هذه الدعوة فلا يسأل عنها المسلم ولا يحاسب عليها‏..‏


قالتعالي‏:[‏ وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون‏*‏ الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون‏]
[‏ الحج‏:69,68].‏




من هذا المنطلق‏,‏ جاءت أوامر الشريعة الإسلامية الخاصة بالعدل والرحمةوالألفة والتعارف‏,‏ وفضائل الأخلاق‏..‏ جاءت عامة تشمل المسلمين وغيرالمسلمين‏.‏



ففي شريعتنا الإسلامية تجد قول الله عز وجل‏:
[‏ ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق‏]
[‏ الأنعام‏:151],‏



والنهي هنا عام‏,‏ يشمل نفوس المسلمي نوغير المسلمين‏;‏ فالعدل في الشريعة مطلق لا يتجزأ‏.‏



وفي مسألة العفو قال الله‏-‏ عز وجل‏:
[‏ وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنةعرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراءوالكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين‏]
[‏ آلعمران‏:134,133].‏



فالعفو من صفات المؤمن‏,‏ وهو عفو واسع يشمل‏'‏الناس‏'‏ كما ذكر ربنا سبحانه وتعالى.‏



بل أكثر من كل ذلك‏;‏ أنه عندما ذكر سبحانه وتعالى أمر العدل المأمور به في الإسلام حض وأمر أن يكون العدل حتى مع من نكره من الناس‏!!‏



قال تعالى :
[‏ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون‏]
[‏ المائدة‏:8].‏




هذه النظرة غير المتناهية في الأخلاق تفسر لنا الأخلاق النبيلة التي كان عليها رسولنا‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-..‏ فقد كان متبعا للشرع في كل خطوةمن خطوات حياته مع أنه في زمان ندرت فيه أخلاق الفرسان‏,‏ وعزت فيه طبائع النبلاء‏.‏



ومع النظرة الإسلامية المتقبلة للاختلاف فإن الرسول‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ كان يرجو الإسلام حتى لألد أعدائه‏,‏ برغم شرورهم ومكائدهم‏;
فيقول‏:
'‏ اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك‏:‏ بأبي جهل‏,‏ أوبعمر بن الخطاب‏'

,‏ فكان أحبهما إلى الله عمر بن الخطاب‏.‏



إن التاريخ الطويل من الصد عن سبيل الله‏,‏ وفتنة المسلمين عن دينهم‏,‏ لم يورث قلب رسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ شعورا بالانتقام‏,‏ أو الكيدأو التنكيل‏,‏ وإنما شعر بأنهم مرضى يحتاجون إلي طبيب‏;‏ فجاءت هذه الدعوةلهم بالهداية وبالعزة والنجاة‏;;‏ لذا كان يحزن حزنا شديدا إذا رفض إنسان أو قوم الإسلام‏,‏ حتي وصل الأمر إلى أن الله‏-‏ عز وجل‏-‏ نهاه عن هذاالحزن والأسي‏..‏



قال تعالي يخاطبه‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-:
[‏ لعلك باخع نفسك ألا يكونوامؤمنين‏]
[‏ الشعراء‏:3].‏



ويقول أيضا‏:
[‏فلا تذهب نفسك عليهم حسرات‏]
[‏فاطر‏:8].‏




ومع شدة هذا الحزن إلا أن الرسول‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏
لم يجعله مبرراللضغط علي أحد ليقبل الإسلام‏,‏
وإنما جعل الآية الكريمة‏:
[‏ لا إكراه في الدين ]‏
‏[‏ البقرة‏::256]
‏ منهجا له في حياته‏,‏ فتحقق في حياته التوازن الرائع المعجز‏;‏ فيدعو إلىالحق الذي معه بكل قوة‏,‏ ولكنه لا يدفع أحدا إليه مكرها أبدا‏.‏




إنها نظرة الرحمة والرعاية لا القهر أو التسلط‏..‏ وسبحان الذي رزقه‏-‏ صلى الله عليه وسلم‏-‏ هذا الكمال في الأخلاق‏!‏


.........ودي لكم..........


















 
 توقيع : عاشقة المستحيل



رد مع اقتباس