فمن ثمرات التدبر...
1- رسوخ اليقين في القلب, قال تعالى
{ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ }الجاثية
فكلما زاد تمعنك وعرض قلبك على آيات ربك...ازددت يقيناً, وثباتاً وعلواً.
2- زيادة الإيمان، قال تعالى
{ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ
إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}
ففهمك لما تقرأ واستشعار عظمة الخطاب الموجه إليك, يزيد من إيمانك بربك,ويجعلك
مستبشراً بعظيم فضله ومنته, بعكس المنافق المعرض صاحب القلب المريض إذلا تزيدهم
إلا شكاً ومرضاً وإعراضاً.
3- وفي التدبر الامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى فلقد أمرنا بذلك فقال
{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} النساء.
4- بالتدبر تنشرح الصدور ، وتستنير القلوب, قال تعالى
{ يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة
للمؤمنين*قل بفضل اله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} يونس
5- به تنالين العلم الصحيح النافع المثمر, ففيه هدايتك وبصيرتك, قال تعالى:
{ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا
هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ }
سورة فصلت .
6- يزيد من زهدك في الدنيا لأنك عرفت حقيقتها, ويتعلق قلبك بالحياة السرمدية المقبلة
قال الحسن :" يا ابن آدم: والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به ليطولن في الدنيا حُزْنُك،وليشتدَّنَّ
في الدنيا خوفُك، وليكثُرَنَّ في الدنيا بكاؤك".
7- يزيد من همتك ونشاطك في التزود من الطاعات والبعد عن السيئات,
وهذا نتيجة طبيعية لزيادة الإيمان الحاصلة بسبب التدبر.
كيف السبيل إلى تدبر القرآن الكريم؟
كلنا يطمع في أن يصيب الهدف, ويجني الثمار اليانعة للتدبر...
وسنعرض هنا بعض الوسائل التي تعيننا بإذن الله على تحقيق ذلك:
1- الإخلاص لله في طلب التدبر, فلا تقصد بذلك رغبة في الشهرة أو التعالي والارتفاع
على أصحابك وإخوتك فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال
(من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل ، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا
لم يجد عرف الجنة يوم القيامة [ يعني ريحها]) سنن أبي داوود.
2- استشعار أن الله سبحانه وتعالى يخاطبك وأنت بهذه الآيات, وقد قال محمد بن كعب:
" من بلغه القرآن فكأنما كلمه الله ".
3- الاستجابة الفورية لما يمر بك من أوامر ونواهي
قال ابن مسعود في قوله تعالى { يتلونه حق تلاوته} قال:
" والذي نفسي بيده إن حق التلاوة أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرؤه كما أنزله الله ".
4- الإقبال على القرآن بحب وتهيئ من حسن التطهر واختيار المكان المناسب
فإن هذا مما يزيد من نشاط النفس والإقبال على الطاعة.
5- الاستعانة بالله واللجوء إليه والاستعاذة من وساوس الشيطان عند الشروع في التلاوة .
قال ابن القيم رحمه الله في إغاثة اللهفان :
"الشيطان يجلب على القارئ بخيله ورجله حتى يشغله عن المقصود بالقرآن ، وهو تدبره
وتفهمه ، ومعرفة ما أراد به المتكلم به سبحانه ، فيحرص بجهده على أن يحول بين قلبه
وبين مقصود القرآن فلا يكمل انتفاع القارئ به فأُمر عند الشروع أن يستعيذ بالله تعالى منه "
أ.هـ
6- العناية بترتيل القرآن امتثالاً لقول الله عز وجل{ ورتل القرآن ترتيلا} المزمل..
والترتيل يُقصد به القراءة المتأنية المتمهلة, فلا يكن الهم وشغلك الشاغل أن أنهي هذه
السورة أو هذا الجزء, قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
" اقرؤوا القرآن ، ولا تنثروه نثر الدقل، ولا تهذوه هذ الشعر، قفوا عند عجائبه،
حركوا به القلوب،ولا يكن هم أحدكم آخر السورة"