04-25-2012, 03:03 PM
|
#1
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1837
|
تاريخ التسجيل : Apr 2012
|
أخر زيارة : 09-13-2012 (10:11 PM)
|
المشاركات :
6,134 [
+
] |
التقييم : 106
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
جمال الحياة..في معرفة الله
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
( أي شيء عرف من لم يعرف الله ورسله ، وأي حقيقة أدرك من فاتته هذه الحقيقة ، وأي علم أو عمل حصل لمن فاته العلم بالله والعمل بمرضاته ومعرفة الطريق الموصلة إليه ، وماله بعد الوصول إليه ) ابن القيم رحمه الله .
إنها مقولة نورانية من طبيب القلوب العلامة الحبر شمس الدين ابن القيم رحمه الله ، تذكرتها وتأملتها في ظل عصرنا هذا الذي تنوعت فيه المعارف ، وتعددت فيه المشارب ، وأصبح العالم يقذف إلينا كل يوم معلومة جديدة ، واكتشاف حديث .
شعرت أننا بحاجة ماسة جدا لتدبر هذه الكلمة الموفقة ، خصوصا في ظل ما يلاحظ حاليا من تمرد ظاهر على حدود الله ، وانتهاك صارخ لأعظم مايمكن أن يقدسه مسلم على وجه الأرض – الله تعالى وتقدس _ .
إن القلوب إذا لم يحركها حادي معرفة الله عز وجل وتعظيمه ، فإن العطب سيتمكن منها ، والران سيكسوها ، فأي شيء يريده قلب لم يتعرف على الله عز وجل.
إن الحياة المادية إذا استغرقنا فيها وابتعدنا عن تذكير القلوب بهذا المعنى المهم ( معرفة الله ) فإننا ولا شك سنستجلب الهموم والغموم ، ونبتعد عن التوفيق ، بل وعن لذة الحياة ، فأي لذة في حياة من لم يتعرف على الله ، أو غفل عن سبل معرفته .
إن روح المؤمن إذا لم يحركها حادي الشوق إلى لقاء الله ، والتعرف عليه عز وجل ، بالقراءة في أسمائه وصفاته ، وتدبر كتابه ، فأي حادي سيوصلها إلى غياتها بعد ذلك !
وحتى نذكر أنفسنا ، ونتدارك تقصيرنا وتفريطنا دعونا نتأمل سويا شيء من كلام من عرف الله عز وجل – كما نحسبهم - ، لنعرف مدى تقصيرنا ، وتفريطنا في هذا الباب :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( والعلم بالله يراد به في الأصل نوعان :
أحدهما : العلم به نفسه ، أي بما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام ، ومادلت عليه أسماؤه الحسنى .
وهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لامحالة ، فإنه لابد أن يعلم أن الله يثيب على طاعته ، ويعاقب على معصيته ...
والنوع الثاني : يراد بالعلم بالله : العلم بالأحكام الشرعية من الأوامر والنواهي ، والحلال والحرام ...)
وقال رحمه الله ، في كلام بديع عن معرفة الله عز وجل : ( وهو - بحق – أفضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول ، وليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ...)
وقال رحمه الله وكأنه يحكي عن حاله : ( إن اللذة والفرحة وطيب الوقت والنعيم الذي لايمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله – سبحانه وتعالى – وتوحيده والإيمان به ...وليس للقلوب سرور ولا لذة تامة إلا في محبة الله والتقرب إليه بما يحبه ، ولاتمكن محبته إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه ) .
وقال رحمه الله: ( والعبد كماله في أن يعرف الله فيحبه ، ثم في الآخرة يراه ويلتذ بالنظر إليه )
قال الإمام ابن القيم رحمه الله ( ولا ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكبره هو الله الذي لا إليه إلا هو رب العالمين ، وقيوم السموات والأرضين ، الملك الحق المبين ، الموصوف بالكمال كله ، المنزه عن كل عيب ونقص ...)
وقال رحمه الله في موضع آخر : ( فكما أن عبادته مطلوبة مرادة لذاتها ، فكذلك العلم به ومعرفته أيضا ، فإن العلم من أفضل العبادات )
وقال أيضا في موضوع آخر : ( فالعلم بالله أصل كل علم ، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته ، والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وماتزكو به وتفلح ، فالعلم به سعادة العبد ، والجهل به أصل شقاوته )
وتكلم بكلام نوراني – كعادته - فقال رحمه الله: ( لاسعادة للعباد ولاصلاح لهم ، ولانعيم إلا بأن يعرفوا ربهم ويكون وحده غاية مطلوبهم ، والتعرف إليه قرة عيونهم ، ومتى فقدوا ذلك كانوا أسوأ حالا من الأنعام ، وكانت الأنعام أطيب عيشا منهم في العاجل وأسلم عاقبة في الآجل ) .
بل لله دره عندما قال رحمه الله – وتأمل - : ( والفرح والسرور ، وطيب العيش والنعيم ، إنما هو في معرفة الله وتوحيده ، والأنس به ، والشوق إلى لقائه ، واجتماع القلب والهمة عليه ، فإن أنكد العيش : عيش من قلبه مشتت ، وهمه مفرق عن ذلك ... فالعيش الطيب ، والحياة النافعة ، وقرة العين : في السكون والطمأنينة إلى الحبيب الأول ، ولو تنقل القلب في المحبوبات كلها لم يسكن ، ولم يطمئن ، ولم تقر عينه حتى يطمئن إلى إلهه وربه ووليه ، الذي ليس من دونه ولي ولا شفيع ، ولاغنى له عنه طرفة عين ) .
وقال الإمام ابن رجب رحمه الله : ( أفضل العلم : العلم بالله وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله ، التي توجب لصاحبها مغفرة الله وخشيته ومحبته وهيبته وإجلاله وعظمته والتبتل إليه التوكل عليه والصبر عليه والرضا عنه والانشغال به دون خلقه ) .
قال الإمام السعدي رحمه الله : ( وبحسب معرفته بربه يكون إيمانه ، فكلما ازداد معرفة بربه ازداد إيمانه ، وكلما نقص نقص ، وأقرب طريق إلى ذلك : تدبر صفاته وأسمائه من القرآن ) .
|
|
|