قبض الأرض وطي السماء
يقبض الحق تبارك وتعالى الأرض بيده في يوم القيامة ، ويطوي السماوات بيمينه ، كما قال تبارك وتعالى :
( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ )
[ الزمر : 67 ] .
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة دالة على مثل ما دلت عليه النصوص القرآنية ، وهي ما يقوله الحق تبارك وتعالى بعد
قبضه الأرض ، وطيه السماء ، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"يقبض الله الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ، ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض".
دك الأرض ونسف الجبال
يخبرنا ربنا تبارك وتعالى أن أرضنا الثابتة ، وما عليها من جبال صم راسية تحمل في يوم القيامة عندما
ينفخ في الصور فتدك دكة واحدة :
( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ - وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً - فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ )
[الحاقة : 13-15] ،
وعند ذلك تتحول هذه الجبال الصلبة القاسية إلى رمل ناعم ، كما قال تعالى :
( يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَّهِيلًا )[ المزمل : 14 ] ،
أي تصبح ككثبان الرمل بعد أن كانت حجارة صماء.وأخبر في موضع آخر أن الجبال تصبح كالعهن ،
والعهن هو الصوف ، كما قال تعالى :
( وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ )[ المعارج : 9 ].
ثم إن الحق تبارك وتعالى يزيل هذه الجبال عن مواضعها ، ويسوّي الأرض حتى لا يكون فيها موضع
مرتفع ،ولا منخفض كما قال تعالى :
( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا - فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا - لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا )
[ طه : 105-107 ].
تفجير البحار وتسجيرها
أما هذه البحار التي تغطي الجزء الأعظم من أرضنا ، وتعيش في باطنها عوالم هائلة من الأحياء ، وتتهادى فوقها
السفن ذاهبة آيبة ، فإنها تفجر في ذلك اليوم، عند ذلك تسجر البحار ، وتشتعل ناراً ، ولك أن تتصور هذه البحار
العظيمة الهائلة وقد أصبحت مادة قابلة للاشتعال ، كيف يكون منظرها ، واللهب يرتفع منها إلى أجواز الفضاء ،
قال تعالى : ( وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ) [الإنفطار : 3] ، وقالوَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ) [التكوير: 6]