الذين يجمعون أثقالاً مع أثقالهم
قد يعارض بعض أهل العلم هذا الذي ذكرناه من أن الإنسان لا يحمل شيئاً من أوزار الآخرين بمثل
قوله تعالى :
( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ) [ العنكبوت : 13] ،
وقوله :
( وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ) [ النحل : 25 ] .
وهذا الذي ذكروه موافق لما ذكرناه من النصوص ، وليس بمعارض لها ، فإن هذه النصوص تدل
على أن الإنسان يتحمل إثم ما ارتكب من ذنوب ، وإثم الذين أضلهم بقوله وفعله ، كما أن دعاة
الهدى ينالون أجر ما عملوه ، ومثل أجر من اهتدى بهديهم ، واستفاد بعلمهم ، فإضلال هؤلاء
لغيرهم هو فعل لهم يعاقبون عليه.
3- إطلاع العباد على ما قدموه من أعمال :
من إعذار الله لخلقه ، وعدله في عباده أن يطلعهم على ما قدموه من صالح أعمالهم وطالحها ،
حتى يحكموا على أنفسهم ،فلا يكون لهم بعد ذلك عذر.وإطلاع العباد على ما قدموه يكون
بإعطائهم صحائف أعمالهم ، وقراءتهم لها ،فقد أخبرنا ربنا – تبارك وتعالى –
أنه وكل بكل واحد منا ملكين يسجلان عليه صالح أعماله وطالحها ، فإذا مات ختم على كتابه ،
فإذا كان يوم القيامة أعطى العبد كتابه ، وقيل له : اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً.
قال تعالى :
( وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا -
اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) [ الإسراء : 13-14] .
وهو كتاب شامل لجميع الأعمال كبيرها وصغيرها
4- مضاعفة الحسنات دون السيئات :
ومن رحمته أن يضاعف أجر الأعمال الصالحة
( إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) [ التغابن : 17 ] .
وأقل ما تضاعف به الحسنة عشرة أضعاف
( مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) [الأنعام : 160] .
أما السيئة فلا تجزى إلا مثلها
( وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا ) [ الأنعام : 160 ] .
وهذا مقتضى عدله تبارك وتعالى.
تبديل السيئات حسنات
وتبلغ رحمة الله بعباده وفضله عليهم أن يبدِّل سيئاتهم حسنات ، ففي الحديث الذي يرويه مسلم في
صحيحه
عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولاً الجنة ، وآخر أهل النار خروجاً منها . رجل يؤتى به يوم القيامة .
فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، فيقال : عملت يوم كذا وكذا ، وعملت يوم كذا وكذا ، كذا
وكذا .فيقول نعم : لا يستطيع أن ينكر .
وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه . فيقال له : فإن لك مكانا كل سيئة حسنة . فيقول : رب ،
عملت أشياء لا أراها ها هنا " .فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه.
5- إقامة الشهود على الكفرة والمنافقين :
أعظم الشهداء في يوم المعاد على العباد هو ربهم وخالقهم وفاطرهم ، الذي لا تخفى عليه خافية من
أحوالهم،ولكن الله يحب الإعذار على خلقه ، فيبعث من مخلوقاته شهداء على المكذبين الجاحدين
حتى لا يكون لهم عذر.وأول من يشهد على الأمم رسلها ، فيشهد كل رسول على أمته بالبلاغ،ويشهدون
عليهم بالتكذيب.ومن الأشهاد الأرض والأيام والليالي ، تشهد بما عمل فيها وعليها ، ويشهد المال على
صاحبه.ويشهد على العبد أيضاً ملائكة الرحمن الذين كانوا يسجلون عليه صالح أعماله وطالحها