المرأة بين العذاب خلف الأسوار.. وأمام الأسوار!




عبد الله باجبير
كأن أسوار السجن العالية.. وظلمة لياليه الكئيبة الطويلة لا تكفي عقابا للمرأة السجينة.. حتى يصب عليها المجتمع جام غضبه وازدرائه بعد تنفيذها فترة الحكم والإفراج عنها، فتلقى من أفراده ما يجعلها تشعر بأن للمجتمع أسوارا أكثر لسعا من برودة ليالي السجن الحزينة إنها تواجه وحيدة نظراتهم المشوبة بالشك والقهر والظلم.. ومع الأسف أن أول الرافضين لها أسرتها وأهلها لأن ثقافة المجتمع تدينها، فقد جلبت لهم العار ولا يقبلون وجودها بينهم بعد انقضاء مدة محكوميتها.. ويرفضون تسلمها لتبقى حبيسة جدران السجن حتى يتم إيجاد حل لها.
وأنا أرى أن المجتمع هو المتهم الأول ويتحمل الجزء الأكبر من الظاهرة لأن سهامه لا تتوجه للسجينة فقط بل تطول أسرتها معها وتلازمهم بثقافة الفضيحة.. وتحاول الأسرة التبرؤ منها وعدم قبول عودتها ودفاعا عن سمعتهم التي بالغ المجتمع في الإساءة إليها.. وينسى الجميع أن كل إنسان معرض للخطأ فهو محتمل ووارد وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.. فلماذا لا تتم رعاية هؤلاء السجينات والالتفاف حولهن لإعادة تأهيلهن نفسيا ومعنويا وماديا؟ لم لا يحتوي المجتمع أبناءه وبناته بدلا من تركهم لمزيد من الضياع والشتات؟
مشكلة السجينات في المجتمع السعودي باتت ظاهرة تؤرق الخبراء الحقوقيين والاجتماعيين حتى صناع القرار.. فمتى يتحرك المجتمع؟.. لسنا في زمن الجاهلية.. نحتاج إلى مزيد من التكاتف مع المؤسسات والجمعيات الخيرية والاجتماعية التي تحاول جاهدة الوقوف إلى جانب السجينة ومنحها الفرصة في حياة أفضل، لا بد من إعطاء هذه المؤسسات والجمعيات الصلاحيات الكافية لتنظيم أنشطتها وفعالياتها على الصعيد الاجتماعي لأنها تواجه الكثير من الروتين والإجراءات المعقدة، إضافة إلى قضية التمويل والدعم المادي. كذلك نناشد وسائل الإعلام والصحافة.. تشجيع البرامج الإرشادية الورقية والمسموعة والمرئية.. وإقامة الدورات التثقيفية والمشاريع الاجتماعية وحملات التوعية في المدارس والجامعات وفي المحافل العامة للتخفيف من هذه الظاهرة.
وأخيرا.. مسح العار يا سادة لا يكون بأن ندفن رؤوسنا في الرمال.. مسح العار يكون بالتربية والتنشئة السليمة.. وليس بالتعذيب والازدراء والإبعاد.. حرام والله حرام.