أسرار الثقة .... للثقة . أسرار و حدود
الثقة هي سر النجاح و هي التي تعطيك إحساسا دائما بالأمان و
الاستقرار و تخلع عنك لباس
الخوف و القلق ، لتبدأ حياتك و تمضي مع الأيام و تجتاز الصعوبات و المحن نحو مستقبل ملئ
بالإنجازات و عالم ملئ بالراحة و الأمان .
الثقة بالله منبع الثقات
منبع الثقات كلها هوالله سبحانه و تعالى ، فالثقة بالله هي الأساس الحقيقي الذي ينبني عليه ثقتك
في نفسك و ثقتك في من حولك من الناس .
و الثقة بالله هي مفتاح كل خير ذلك لأن الخير كله بيد الله ، فالثقة بالله تستتبع ثقة في النفس التي
خلقها الله و ثقة في المستقبل وثقة فيمن حولك من الناس ، و الثقة بالله لا يعرف معناها الحقيقي و
لا يشعر بها إلا من عرف الله حق معرفته و آمن به و توكل عليه ، فالإيمان بالله هو السبيل الأمثل
للثقة الحقيقة و ليست تلك الثقة الموهومة التي قد تجدها عند بعض الناس الذين يغفلون عن هذه
الحقيقة الهامة و هي أن الله هو خالقهم و أنه هو الذي منّ عليهم بما هم فيه ، فالاعتقاد بالذات
دون الاعتقاد بخالقها ، هو اعتقاد سطحي ساذج و هو سبيل للغرور و التكبر ، و الثقة التي تنبني
على مثل ذلك الاعتقاد هي ثقة موهومة سرعان ما تنهار أمام الصعاب ، و إن مد الله لهذا الشخص
في طغيانه ، فأعلم أن العاقبة بالتأكيد سوف تكون في غير صالحه .
حدود الثقة بالله
الثقة بالله ليس لها حدود ، فالله سبحانه و تعالى مالك الملكوت و بديع السموات و الارض و مسخر
السحاب و مسير الجبال ، و هو سبحانه و تعالى قادر علي كل شئ ، و هو الرحمن الرحيم ، لا
نحصي ثناء ٌعليه أبدا ً، ثقة
منبعها الإيمان به و معرفة كل أسم من أسمائه و كل صفة من صفاته ، و الثقة بالله هي الاعتقاد
بقدرته و صفاته ، و لا تحاول أن تضع حدا لاعتقادك لأن مقدرة الله حتما سوف تتجاوز هذا الحد ،
و للثقة بالله أمثلة كثيرة ،
تجدها في سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما أُلقي في النار،.. فقال بعزة الواثق بالله حسبنا الله ونعم
الوكيل.. فجاء الأمر الإلهي" يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ "
و تجدها في أم موسى عليه السلام عندما أمرها الله أن تضع
ابنها الرضيع في صندوق و تتركه
ليرحل أمام عينها في النهر إلي ما لا تعلم ثقة في الله الذي أوحى لها
"إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِين"
و تجدها في سيدنا يعقوب عليه السلام عندما أشتد ألمه لفراق
أبنه و قال لأخوته
" إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " .
و من الأمور التي تتجلى فيها أهمية هذه الثقة ،
أمور الرزق ،
فلابد لك أن تعلم أن رزقك دائما
على الله و أن تتيقن من ذلك فرزقك آتيك مهما كانت الأسباب ،
و لعل من الأخطاء التي تقع فيها
النفس هي أن تتخيل أن الفضل
يرجع للأسباب في تحصيل الرزق ، و الحقيقة بخلاف ذلك
فبالرغم إننا مأمورين بالأخذ بالأسباب إلا
أن هذا لا يعني أن مجرد الأخذ بهذه الأسباب هو الذي يمنحك
الرزق ، فالأخذ بالأسباب شرط لازم و
ضروري لأننا مأمورين به ، و لكن الله هو الرازق الحقيقي و
هو السبب الأصلي و الوحيد للرزق و
لديه ما لا نعلم من الأسباب .
و قد تتعجب عندما تجد أن العامل الذي يقضي الكثير من الوقت
في عمله يتكبد الجهد و العناء و
تجده يتقاضي أجرا ً ضئيلا ً بينما شخصا آخر في ذات المنظمة
يجلس في مكتبه المريح و المكيف
الهواء و يتحدث في الهاتف و قد تكون مدة عمله اقل من نصف
مدة عمل ذلك الأول و يتقاضى
أضعاف مرتبه ،فهذا يعني انه ليست هناك علاقة ما طردية أو
عكسية بين الرزق و السعي ، إنما
السعي شرط أولي ، و نحن لا نعلم كل الأسباب و إنما دورنا أن
نأخذ بما نعرف من الأسباب ،و عليك أن تعلم إنها حكمة الله
يعطي لحكمة و يمنع لحكمة و في عطائه منع و في منعه
عطاء .
و لعل في قصص الأنبياء أجل العبر ، فأم موسى عليه السلام إذا
أرادت أن تحمى ابنها فإن من
المنطقي أخذا ً بأسباب البشر أن تحفظه في مكان آمن بعيدا عن
أعين الناس و لكنها عملت بوحي
ربها الذي يعلم من الأسباب ما لا تعلم و تركته في النهر ،
معرضا ً لكل أنواع الهلاك من سرقة و
غرق و جوع و عطش .
إنها ثقة بالله ليس لها حدود ، ثقة لن تجدها إلا في قلوب
المؤمنين به إيمانا ً حقيقيا ً، و المعتقدين
فيه اعتقادا ًيقينيا ً، فالثقة بالله هي اعتقادا بإلوهيته و حكمته و
عظمته اعتقادا يجعلك تأتمر بأوامره
و أنت تثق أن فيها الخير و البركة ،
و تنتهي بنواهيه و أنت على يقين بأنها شرٌ لك ، و الثقة بالله
هي النور الذي يضئ لك حياتك و
يجعلك تشعر بالراحة و الاطمئنان ، ولعل هذه الثقة تنير قلبك و
أنت شاب في مقتبل عمرك تبحث
عن الزوجة و قد خاب لك الرجاء ، أو يئست من البحث عن
عمل مناسب لك و شعرت بالفشل و
الإخفاق ،أما و قد علمت بأن الله يعلم عنك ما لا تعلم أنت ، و
علمت بأنه قدّر لك رزقك و أختار لك
زوجتك من قبل أن تولد أنت ، فهل يحزنك شيئا بعد الآن .
، و لعل من أجمل الاقوال التي سمعت بها عن الثقة بالله
قول الحسن البصري " علمت أن رزقي لن يأخذه غيري فأستراح قلبي "
فراحة القلب هي نتاج الثقة
بالله تعالى و المؤمن الحقيقي يعرف
ذلك جيدا