رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
أيها المسلم، إن الإصلاح بين الناس عمل شريف، عمل فاضل، وثوابه عند الله عظيم فمن فضائله: أن الإصلاح بين الناس خيرَ ما يتناجى فيه المتناجون قال تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء:114]، فأنظر أخي إلى قوله: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) [النساء:114]، فهذا خير ما يتناجى فيه المتناجون ولذا قال الله تعالى: (يأيها الذين آمنوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [المجادلة:9]، ومن فضائل الإصلاح بين الناس أنه نفع متعدي أفضل من الاشتغال بنوافل الصيام والصلاة والصدقة، لتعدي نفعه، وأن نفعه متعدي يقول صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بما هو أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة"، قالوا بلى يا رسول الله، قال: "إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة"، ومن فضائله أنه عمل يرضي الله ورسوله، يقول صلى الله عليه وسلم لأبي أيوب: "ألا أخبرك بعمل يرضي الله ورسوله"، قال نعم، قال: "أصلح بين الناس إذا فسدوا وقارب بينهم إذا تباعدوا"، ومن فضائله أن المصلح بين الناس قد تصدق على نفسه وقابل نعم الله بشكرها، يقول صلى الله عليه وسلم: " يُصبح على كل سُلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة"، ومن فضائل الإصلاح بين الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للمصلح الكذب مع أن الكذب من كبائر الذنوب لكن أباح للمصلح الذي يقصد الخير أن يكذب توسلاً إلى جمع الكلمة وقطع دابر الفساد، تقول أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينوي خيراً أو يقول خير"، ومن فضائله أن المصلح لو احتاج إلى بذل مال في سبيل إطفاء فتنة وتقارب القلوب لأُعطي من الزكاة مقدار ما دفع ولو كان غنياً فإن الله يقول في الصدقة: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ) [التوبة:60]، قال العلماء رحمهم الله: إن الغارم على قسمين: غارم لمصلحة نفسه كمن تحمل حقوق الناس لمصلحة نفسه الخاصة فعجز وتعب عن ذلك من غير سرف ومن غير مغامرة فيعطى من الزكاة ما يقضي به دينه، وكذلك من غرم لمصلحة الآخرين وهو الذي يصلح بين الناس فبذل مالاً في سبيل ذلك فإنه يُعطى من الزكاة مقدار ما بذل ولو كان غنياً.
|