الحصة : الثانية
اليوم : الأحد
المادة : قراءة للصف الأول ..
بدأ الطلاب يعملون في حل تدريب كتابي ، انتهى البعض وبدأت أتجول بينهم لأصوب لمن انتهى منهم .
كنت ومازلت أحمل مسبحة لا تفارق جيبي .
وبينما كنت منحنيا للتصويب لأحد الطلاب ، وإذا بالمسبحة قد ظهر جزء منها .
أحسست بمن يعبث بها ،
لم ألتفت ولكن نظرت نظرة تحت يدي فمن شاهدت ؟
أحد الطلاب يداعب المسبحة ويبتسم ابتسامة حنونة ..
أخرجت السبحة ووضعتها في حجره دون أن ألتفت .
اتجهت للسبورة وعدت للشرح ثم طلبت من الصغار التجهز للفسحة .
لمحت الصغير وإذا به قد وضع المسبحة فوق الطاولة بين يديه يدعكها بقوة ثم يشمّها .
قرع الجرس وخرج الأطفال والطفل باق في مكانه تشاغلت عنه ، فتقدم الطفل وقال : " يبه "..
توقف ثم قال :
"أستاذ سبحتك"..
مددت يدي لأخذها
وحينها أمسك الطفل بيدي وقبّلها .
وقال :
" أنا أحبك يا أستاذ "
فانحنيت وقبّلت رأسه .
خرج من الصف ، وبذهني استفهامات كثيرة .
خرجت , وفي أحد أروقة المدرسة قابلت الوكيل وسألته عن ملفات الطلاب .
وصلت لملف الطفل فتبين لي أن والده توفي في حادث قبل بداية المدرسة بشهر .
كان الطفل يتمنى أن يشاركه والده يومه الأول ..
وبلا نظريات علم النفس أرادني الطفل أبا بديلا ..
بدأت أعزز طفلي بالملامسة والسلام , وفي الطابور أقف بجانب الطفل وأتابعه طوال اليوم .
نجح للصف الثاني .
وأذكر أنه كان يلعب كرة القدم فضربه أحد زملائه ،
فانطلق باكيا إلى غرفة المعلمين , ثم اتجه إلي ودموعه تسيل وقال :
فلان ضربني
قلت له : ما له حق
قال : قم احسب لي بلنتي
قلت : أبشر
خرجت معه وأعلنت احتجاجي للحكم ( معلم التربية البدنية )
فامتثل وأخذت الصافرة وأعلنت بلنتي وسدد صغيري الكرة .
صغيري الآن اجتاز المستوى الثالث في كلية اللغة العربية .
لن أنساك يا ماجد فأنت بعد الله من كنت سببا في لين قلبي وعلمتني كيف تكون التربية والتعليم ..
كل مرة أسرد القصة تغالبني دموعي وهذه المرة أرهقتني بحق !
صورة مع التحية لكل معلم..