رد: أكتب نصيحه لمن بعدك وللجميع
النبي حمل أمانة التبليغ والعلماء حملوا أمانة التبيين والولاة حملوا أمانة الرعاية :
النقطة الدقيقة أيضاً أن النبي عليه الصلاة والسلام حمل أيضاً أمانة التبليغ، والعلماء حملوا أمانة التبيين، والولاة حملوا أمانة الرعاية، سيدنا عمر كان يتجول في المدينة مع عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، رأيا قافلة قد اتخذت طرف المدينة طرفاً لها، قال له: تعال نحرس هذه القافلة، فبكى طفل في خيمة من الخيام فقام عمر وذهب إلى أم الغلام وقال: أرضعيه، فأرضعته فسكت ثم بكى ثانية فقال: أرضعيه فأرضعته فسكت، ثم بكى ثانية فغضب عمر وقال: يا أمة السوء أرضعيه، عندئذ غضبت وقالت: ما شأنك بنا إنني أفطمه، قال: ولمَ؟ قالت: لأن عمر - ولا تعرف أن من تكلمه هو عمر - لا يعطينا العطاء إلا بعد الفطام، أي التعويض، يستحق هذا الابن التعويض بعد الفطام، فأنا أفطمه كي أخذ التعويض، فما كان من هذا الخليفة العملاق إلا أن ضرب جبهته وقال: ويحك يا بن الخطاب كم فقتلت من أطفال المسلمين، رأى نفسه أساء للأطفال، الصغار يفطمون قبل أوانهم كي تأخذ أمهم العطاء، ولما ذهب كي يصلي بأصحابه ما سمعوا قراءته من شدة بكائه، كان يقول: يا ربي هل قبلت توبتي فأهنئ نفسي أما رددتها فأعزيها؟
ولما سأل أحد الولاة: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو قاتل؟ قال: أقطع يده، قال: إذاً إن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك، قال له: إن الله قد استخلفنا على خلقه لنسد جوعتهم، ونستر عورتهم، ونوفر حرفتهم، إذا وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية.
سيدنا عمر بن عبد العزيز دخلت عليه زوجته رأته يبكي في مصلاه، قالت له: مالك تبكي؟ قال: دعيني وشأني، ألحت عليه، قال: نظرت في الفقير والعاجز والأرملة والمسكين وذو العيال الكثير وابن السبيل وغيرهم فعلمت أن الله سيسألني عنهم جميعاً، وأن خصمي دونهم هو رسول الله فلذلك أبكي
|