12-16-2012, 05:34 PM
|
#1
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 1949
|
تاريخ التسجيل : Oct 2012
|
أخر زيارة : 01-31-2014 (08:05 PM)
|
المشاركات :
6,701 [
+
] |
التقييم : 71584925
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
كُـلُّـك عــورات
بِسم الله الرحمن الرحيم
سلآم من الله العلي القدير لـِ أنفـآسِكُم النقية ,
الأحبة جميعهم هنــا , وفي أماكن أخرى .,
صبـآحُكم حتى مسـآئُكم ينّبِضٌ بـِ الضوء , وَ يرفُل بـِ الجمـآل ,
وَ مـآبينهُما زُمراٌ مِن الطُهر ,.
موضوع بعنوان .~
كُـلُّـك عــورات.. !
ما أكثر ما نشتغل بعيوب الناس ، ناسين أو متناسين أموراً مهمة :
الأولى :
أنهم بشر مثلنا ، وأنهم يقعون في الخطأ ويقع منهم الخطأ .
الثاني :
أننا مُـلئنا عيوباً لو اشتغلنا بها وبإصلاحها لأشغلتنا عن عيوب الناس .
الثالث :
أن من تتبّع عورات الناس تتبّع الله عورته ، فالجزاء من جنس العمل .
الرابع :
أننا أغرنا على الإنصاف فقتلناه غيلة ! فنظرنا في سيئات أقوام وأكبرناها وأعظمناها ، وكتمنا حسناتهم .
وقديماً قيل :
أرى كل إنسان يرى عيب غيره
ويعمى عن العيب الذي هو فيه
وما خير من تخفى عليه عيوبه
ويبدو لـه العيب الذي لأخيـه
روى ابن جرير في تفسيره عن قتادة في قوله تعالى :
( بل الإنسان على نفسه بصيرة )
قال : إذا شئت والله رأيته بصيراً بعيوب الناس وذنوبهم ، غافلا عن ذنوبه .
ومن كان كذلك فقد تمّت خسارته ، كما قال بكر بن عبدالله :
إذا رأيتم الرجل موكلا بعيوب الناس ، ناسيا لعيبه ، فاعلموا أنه قد مُكِـرَ بِهِ .
وكم هو قبيح أن ينسى الإنسان عيوب نفسه ، وينظر في عيوب إخوانه بمنظار مُكبِّر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يبصر أحدكم القـذاة في عين أخيه وينسى الجذل أو الجذع في عين نفسه .
قال أبو عبيد : الجـذل الخشبـة العالية الكبيرة .
رواه البخاري في الأدب المفرد مرفوعاً وموقوفاً ، وصحح الشيخ الألباني وقفـه على أبي هريرة ،
ورواه ابن حبان مرفوعاً - أي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم - .
ولنتذكّر في هذه العجالة أن الجزاء من جنس العمل .
روى الديلمي في مسند الفردوس عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال :
كان بالمدينة أقوام لهم عيوب ، فسكتوا عن عيوب الناس ، فأسكت الله الناس عنهم عيوبهم ، فماتوا ولا عيوب لهم ،
وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم ، فتكلموا في عيوب الناس ، فأظهر الله عيوباَ لهم ، فلم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا .
وروى الجرجاني في تاريخ جرجان عن أحمد بن الحسن بن هارون أنه قال :
أدركت بهذه البلدة أقواما كانت لهم عيوب ، فسكتوا عن عيوب الناس ، فـنُـسيَت عيوبهم .
قال ابن رجب – رحمه الله – :
وقد روى عن بعض السلف أنه قال :
أدركت قوما لم يكن لهم عيوب ، فذكروا عيوب الناس فذكر الناس لهم عيوبا ، وأدركت قوما كانت لهم عيوب ،
فكفوا عن عيوب الناس فـنُـسيت عيوبهم ، أو كما قال .
وشاهد هذا حديث أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :
يا معشر من آمن بلسانه ، ولم يدخل الإيمان في قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوارتهم ، فإنه من اتبع عوراتهم ،
تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود ، وخرج الترمذي معناه من حديث ابن عمر .
واعلم أن الناس على ضربين :
أحدهما :
من كان مستورا لا يعرف بشيء من المعاصي ، فإذا وقعت منه هفوة أو زلة ، فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها ؛
لأن ذلك وهذا هو الذي وردت فيه النصوص وفي ذلك قال الله تعالى :
( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) .
والمراد إشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه ، واتّهم به مما بريء منه كما في قضية الإفك .
قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف :
اجتهد أن تستر العصاة ، فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام ، وأولى الأمور ستر العيوب . ومثل هذا لو جاء تائبا نادما
وأقر بحده لم يفسره ولم يستفسر بل يؤمر بأن يرجع ويستر نفسه ، كما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماعزا والغامدية ، وكما لم يستفسر الذي قال :
أصبت حدا فأقمه عليّ ، ومثل هذا لو أخذ بجريمته ولم يبلغ الإمام ، فإنه يشفع له لا يبلغ الإمام ،
وفي مثله جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم .
خرجه أبو داود والنسائى من حديث عائشة .
والثاني :
من كان مشتهرا بالمعاصي معلنا بها ولا يبالي بما ارتكب منها ولا بما قيل له ؛ هذا هو الفاجر المعلن ،
وليس له غيبة كما نصّ على ذلك الحسن البصري وغيره ، ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره لتقام عليه الحدود ،
وصرح بذلك بعض أصحابنا واستدل بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
واغد يا أنيس على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها .
انتهى كلامه – رحمه الله – .
قال القرطبي في التفسير :
قال بكـر بن عبد الله المزني :
إذا أردت أن تنظـر العيوب جملة فتأمل عيّـاباً ، فإنه إنما يعيب الناس بفضل ما فيه من العيب … وقيل :
من سعادة المرء أن يشتغل بعيوب نفسه عن عيوب غيره …
لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا
فيهتك الله سترا عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذُكـروا
ولا تعـب أحـداً منهم بما فيكا
فيا أخي ويا أختي :
كيف إذا كان من يُوقع في عرضه من أهل العلم والصلاح ؟
ثم نرميه بالبدعة أو المروق من الدّين دون بيّنة ولا تثبّت .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال .
رواه أبو داود ، وغيره ، وصححه الألباني – رحم الله الجميع –
فليحذر الذين يخوضون في أعراض عباد الله ، خاصة الصالحين والمُصلحين
فيا أخوتاه :
نحن – بَـعْـدُ - ما فرغنا من عيوب أنفسنا حتى نشتغل بعيوب غيرنا !
ولعل من اشتغل بعيوب الخلق ، يُبتلى بالانشغال عن عيب نفسه حتى تعطب .
ويا أخي الحبيب ويا أختي الكريمة :
لسانك لا تذكر به عورة امرئ
وعينك إن أبدت إليك معايباً
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى
ودينك موفور وعرضك صيّن
فكلّـك عورات وللناس ألسـن
فدعها وقل : يا عين للناس أعينُ
وفارق ولكن بالتي هي أحسنُ
وصية مُحب :
أن نُقبل على أنفسنا فنزكّيها بالعلم النافع ، والعمل الصالح ، ونترك الاشتغال بعيوب الناس ،
فإننا لن نُسأل في قبورنا إلا عن رجل واحد :
( ما هذا الرجل الذي بُعِثَ فيكم ؟ )
وإني لأحسب أنه سلِم منّـا اليهود والنصارى ، ولم يسلم مِنّـا إخواننا ،
كما قال عمر بن عبد العزيز – رحمه الله –
وكنت أودّ الاختصار والاقتصار على بعض ذلك ، ولكن
ولا زال في الجعبة الكثير والكثير عن الإنصاف ، ولعلي أُفـرِد له مقالاً خاصاً .
لـ د . عبدالرحمن السحيم
|
|
|