هل اصبح لا مكان للطيبة ولا للنيات الحسنة
الطيبون نوعية من البشر ما أن تراهم أو تجالسهم ..
حتى تشعر نحوهم بتعاطف غريب ..
فقط إن كنت من ذوي المشاعر المرهفة ..
لأن الخبثاء يطلقون عليهم لقب الحمقى ..
فهم طيبو القلب أنقياء السريرة شديدو الإخلاص ..
دائما في المحن تجدهم أول من يمد يد العون ..
ولهم عيون طفولية ولا ينطقون إلا بالخير عن كل الناس ..
ولا نذكرهم إلا في أوقات احتياجنا لهم فقط ..
لكن عند حاجتهم نعتذر لهم بأي عذر عجيب ..
ولا نقيم لمشاعرهم أي اعتبار ..
هؤلاء تجد لهم أصدقاء أينما كانوا تجد لهم محبيهم ..
ومن يفهم معنى أن يكون الإنسان إنسانا حقيقيا ..
كل ما أعرفه أن لهم صفات جميلة وحظهم في الدنيا قليل ..
هذا إن كان لهم حظ ..
ففي العمل مثلا لا يمنحون أي اهتمام ..
فقط لأنهم لا يهتمون بالصراع الدائر بين الزملاء ..
لأن كل هذه الأشياء يعتبرونها أشياء ثانوية لا تعني أي شئ ..
حتى إذا تزوج إن لم تكن شريكة حياته مثله فستكون حياته تعاسة ..
فسيفجعه جشع زوجته بحيث تستغل طيبته في تحقيق رغباتها ..
دون النظر لأحد رغباته كل همها كيف تصل هي لما تريده ..
تاركة مسؤليتها كزوجة وراء جدران النكران ..
حتى الابتسامة التي يحتاجها منها تحرمه إياها ..
ومع ذلك تعتبره ناقصا وان حقوقها كزوجة مهضومة للغاية ..
المهم اسلوبها في الحياة تأخذ ولا تعطي ..
احبائي الغاليين ..
سأقف هنا بعد الذي ذكرته أعلاه
لكن اسمحولي أن أواصل حديثي بشكل خاص ..
من مدة ليست بالبعيدة جلست مع احد هؤلاء الطيبين ..
إن مثل هذا الشخص الطيب على الرغم من محبة الناس له ..
إلا أنه آخر من يتذكروه بمناسباته الخاصة والعزيزة على قلبه ..
وهو آخر من يسأل عنه إن غاب وآخر من يعاد إذا مرض ..
وآخر من يواسى في حزنه وآخر من يشارك إذا فرح ..
عموما في كل القوائم هو الأخير ..
لأنه دائما يفهم ظروف الآخرين ويقدر انشغالهم ..
لكن لا أحد أبدا يقدر حاجته لإشعاره بأنه ليس وحيدا..
أنا أعترفت له بتقصيري اتجاهه وتأسفت له كثيرا ..
فدمعت عيناه خجلا لأنه لم يتوقع مني هذا الاعتذار ..
فقال لي بصوت اجش مصحوبا بدمعتاته البريئة ..
هل تريدني أن أتغير .. يا طويل العمر .. ؟؟
نظرت له وفمي ممتلئ بإبتسامة حنونه خاصة له ..
وقلت له ..
لا .. لا تحاول أن تتغير عن طيبتك هذه ..
فالذي لا يقدرك ثق بأنه لا يستحقك ..
بل حافظ على بياض روحك ..
حتى وإن حاول الرماد الزحف إليك ..
لأنك إن تحولت إلى ذئب فستفقد حقيقتك ..
ولا تكون أنت ولن تكون سواك ..
إصبر على ما أصابك من طيبة ..
وهذا لا يمنع بأن تبحث عمن هم مثلك ..
لأنه لن يفهمك إلا هم ..
أحبائي الغاليين ..
كل ما قلته ليس مجاملة له لكن هذا هو فعلا ..
ختاما اسمحولي أن أختتم سطوري بهذه الوصية الساخرة ..
لا تعلموا أبنائكم من أين توكل الكتف ..
ولكن علموهم كيف يأكلوا الجمل بما حمل ..
سلحوهم بالمكر والخديعة ..
وإن اللف الدوران هو أقصر الطرق وفق النظريات الحديثة ..
علموهم عدم توسيع المسافة بين الخصم والصديق ..
فكلاهما آخر ..
وإن لا فرق بين الطعن من الأمام أو من الخلف ..
فالبقاء للاخبث ..
علموهم أن الأيدي التي لا يستطيعون أن يدوسوها يبوسوها ..
وأن لا فرق بين الأيدي التي أحسنت أو أساءت فالحياة فرص ..
والمبادئ مصنوعة من المطاط والقيم تاج على رؤوس المهابيل ..
علموهم بهلوانية الانتقال من رأي إلى رأي ..
ومن موقف إلى آخر حسب جاذبية المصالح ..
وأن السباحة ضد التيار عبط ..
وأن رفع الرأس عند هبوب العاصفة ضرب من ضروب البلاهة ..
علموهم أن لا فرق بين القرش الأبيض والأسود هذه الأيام ..
فقيمة القرش ثابتة لا تتغير طالما أنه في جيبك ..
علموهم .. وعلموهم .. وعلموهم فالعلم نور ومن خلف ما مات ..
اختتم موضوعي بـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
في أمان الله واشوفكم على خير بمواضيع أخرى بإذن الله ..
|