أتركتم غزو الدروب وراءكم
وغزوتمونا عند قبر محمد
فلبئس هدى المسلمين هديتم
ولبئس أمر الفاجر المتعمد
إن تُقْدموا نجعل قِرى سرواتكم
حول المدينة كل لين مذود
أو تدبروا فلبئس ما سافرتم
ولَمِثلُ أمر أميركم لم يرشد
وكأن أصحاب النبي عشية
بُدن تُذَبَّحُ عند باب المسجد
أبكي أبا عمرو لحسن بلائه
أمسى مقيما في بقيع الغرقد
وقال حسان أيضا:
ماذا أردتم من أخي الدين باركت
يدُ الله في ذاك الأديم المقدَّدِ
قتلتم ولي الله في جوف داره
وجئتم بأمر جائر غير مهتد
فهلا رعيتم ذمة الله بينكم
وأوفيتم بالعهد عهد محمد
ألم يك فيكم ذا بلاء ومصدق
وأوفاكم عهدا لدى كل مشهد
فلا ظفرت أيمان قوم تبايعوا
على قتل عثمان الرشيد المسدد
وقال حسان أيضا:
من سره الموت صرفا لا مزاج له
فليأت مأسدة في دار عثمانا
مستشعري حلق الماذىِّ قد شُفعت
قبل المغاطم بيض زان أبدانا
صبرا فِدًى لكم أمي وما ولدت
قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا
فقد رضينا بأهل الشام نافرة
وبالأمير وبالإخوان إخوانا
إني لمنهم وإن غابوا وإن شهدوا
ما دمت حيًّا وما سُمِّيت حسانا
لتسمعن وشيكا في ديارهم
الله أكبر يا ثارات عثمانا
وقال أيضا:
إن تُمسِ دار ابن أروى منه خاوية
باب صريع وباب محرق خرب
فقد يصادق باغي الخير حاجته
فيها ويهوى إليها الذكر والحسب
يا أيها الناس أبدوا ذات أنفسكم
لا يستوي الصدق عند الله والكذب
قوموا بحق مليك الناس تعترفوا
بغرة عُصَب من خلفها عُصب
فيهم حبيب شها بالوت يَقْدُمُهم
مستلئما قد بدا في وجهه الغضب
وقال كعب بن مالك :
ويحٌ لأمر قد أتاني رائع
هدَّ الجبال فأنغضت برجوف
قتل الإمام له النجوم خواضع
والشمس بازغة له بكسوف
يا لهف نفسي إذا تولوا غدوة
بالنعش فوق عواتق وكتوف
ولَّوا ودلَّوا في الضريح أخاهم
ماذا أجنَّ ضريحه المسقوف
من نائل أو سؤدد وحمالة
سبقت له في الناس أو معروف
كم من يتيم كان يجبر عظمه
أمسى بمنزلة الضياع يطوف
فرجتها عنه برحمك بعد ما
كادت وأيقن بعدها بحتوف
ما زال يقبلهم ويرأب ظلمهم
حتى سمعت برنة التلهيف
أمسي مقيما بالبقيع وأصبحوا
متفرقين قد أجمعوا بحفوف
النار موعدهم بقتل إمامهم
عثمان صهر في البلاد عفيف
جمع الحمالة بعد حلم راجح
والخير فيه مبين معروف
يا كعب لا تنفك تبكي هالكا
ما دمت حيا في البلاد تطوف
وقال كعب أيضا:
فكفَّ يديه ثم أغلق بابه
وأيقن أن الله ليس بغافل
وقال لأهل الدار لا تقتلوهم
عفا الله عن كل امرئ لم يقاتل
فكيف رأيت الله صبَّ عليهم
العداوة والبغضاء بعد التواصل؟
وكيف رأيت الخير أدبر بعده
عن الناس إدبار النعام الجوافل؟
وقال راعي الإبل النميري في ذلك:
عشية يدخلون بغير إذن
على متوكل أوفى وطابا
خليل محمد وزير صدق
ورابع خير من وطئ الترابا