بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الحمد ﷲ الذي أنزل فينا خﯿر كﻼم ، ورزقنا أقوم دﯾن وأحسنھ، و الصلاة والسﻼم على خﯿر البرﯾة معلم الناس بطﯿب الكلام وحسن القول محمد بن عبد ﷲ وعلى آلھ وأصحابھ ومن اھتدى بھداه.
الطيب من القول و الطيب من الفعل و الطيب من الخلق ,لكننا نخص اليوم الطيب من الكلام .
الطيب كلمة تستعمل بمعنى : الحلال ، وبمعنى الطاهر ، وبمعنى النظﯿف، وھو ضد النجس والخبﯿث .
وطﯿب القول والكﻼم فضﯿلة قرآنﯿة جاء بھا القرآن مثنﯿاً على أھلھا ، بل آمراً لھم بفعلھا .
ﯾقول الشاعر :
إن الكﻼم لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دلﯿﻼ .
فالقول الطّﯿب ﯾدل على المعدن الطﯿب، والقول الحسن ﯾدل على الخلق الحسن ؛ ولذلك حث القرآن المجﯿد على طﯿب الكﻼم في كثﯿر من آﯾاتھ أمرنا بھ بأسالﯿب رائعة جداً جاء منھا المباشر وجاء منھا ضرب المثل وجاء منھا الحث والحض والتحرﯾض علﯿھ ، وﷲ جل وعﻼ قال لعباده آمراً لھم قال : [وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ].(العمران :104)
1. فجعل الدعوة إلى الخﯿر ھذا أطﯿب الكﻼم وأحسن الكﻼم كما قال تعالى :[وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ]َ.(فصلت :33)
2. قال اﷲ جل وعﻼ : [وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ]. (العمران :104)
3. فجعل طﯿب الكﻼم في الدعوة إلى اﷲ جل وعﻼ ، في الدعوة إلى الخﯿر، وجعل اﻷمر بالمعروف والنھي عن المنكر من طﯿب الكﻼم ، ثم بﯿن اﷲ جل وعﻼ التبعة على ذلك والمردود لھذا القول الحسن والنتﯿجة البالغة وھي الفﻼح [وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ].(العمران :104)
ﯾقول اﷲ سبحانھ وتعالى مبﯿناً صورة الدعوة التي أُمرنا بھا ﯾقول سبحانھ:[ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ] .(النحل :125 )
4. لو نظرت إلى ھذه الثﻼث أوامر وجدتھا ﻻ تخلوا من طﯿب الكﻼم الحكمة طﯿب الكﻼم، والموعظة الحسنة فھذا أﯾضاً من القول الحسن ،والمجادلة باَلتي ھي أحسن أﯾضاً ھو قول .
فالقول في الدعوة ، القول في الموعظة ، القول في الحوار ، كلھا أدواتھا القول ؛ ولذلك أمرنا بإحسانھا ، سواء ھنا أو ھنا أو ھنا فنحن مأمورون بطﯿب القول وانتقائھ وحسنھ ﻷنھ حﯿنما ﯾحسن فﻼ أحسن منھ ؛ ﻷن ﷲ جل وعﻼ ﯾقول:[وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ]َ .(فصلت :33)
5. ولما كان ھذا القول في الدعوة إلى اﷲ جل وعﻼ ھو أول الركائز التي أُمرنا بإحسان القول فﯿھا ، ﻻنھ لو أُسﯿئ الكﻼم نفر الناس من الدﯾن ، ولو نفر الناس من الدﯾن لكّنا عقبة في سبﯿل أو في طرﯾق وصولھم إلى اﷲ جل وعﻼ ، وھذا خطر عظﯿم ؛ ولذلك ﯾجب أن ﯾتمثل الدعاة إلى ﷲ من أراد أن ﯾكون داعﯿة إلى اﷲ فعلﯿھ أن ﯾقول للناس حُسنا .
وﻻ شك أنھ ﻻ ﯾمكن أن ﯾكون الداعﯿة إلى اﷲ صاحب قول حسن مع المدعوﯾن وﻻ ﯾكون كذلك مع إخوانھ وأقرانھ و أوﻻده وأزواجھ ومن ﯾعاشرھم من أھلھ ولذلك ﯾقول ﷲ جل وعﻼ : [وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ] .(الإسراء 53)
1. ثم بﯿن اﷲ سبحانھ وتعالى مردود القول السﯿئ ، ولم مردوده ھكذا سﯿئاً، ولماذا نھى ﷲ جل وعﻼ عنھ ؟ قال ﷲ جل وعﻼ : [إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا] .(الإسراء 53)
2. فﯿأتي الشﯿطان وﯾنزغ بالكلمة السﯿئة ؛ فﯿبدأ ﯾوسوس للمقُول لھ ، ماذا أراد بھذه الكلمة ؟
ھو ﯾستصغرك ،ھوﯾقصدك ، فﯿأتي الشﯿطان من ھذا الباب وھذا المدخل على عبد اﷲ ، فﯿنفره وﯾقصﯿھ عن طاعة اﷲ جل وعﻼ .
وعلى ذلك فإن ھذه الكلمة الحسنة التي أمرنا بقولھا ، وأمرنا باتباعھا ،وأمرنا أن نتمثلھا ، ھذه نحن مأمورون بھا كمﯿثاق ، ولم ﯾؤخذ ھذا المﯿثاقعلﯿنا وحدنا بل أخذ على من قبلنا ، بل أخذ على بني إسرائﯿل حﯿث قال اﷲ جل وعﻼ: [وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ] .(البقرة:83)
ماھو ھذا المﯿثاق ؟
(أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)الإسراء:23[/COLOR])
[COLOR="Blue"]ھل فقط ھذا ؟ ﻻ ،(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)(البقرة:83)
إذا القول الحسن للناس ھذا من وسائل الدعوة إلى اﷲ جل وعﻼ نعم ،ولكن اﷲ أخذه كمﯿثاق على العباد ﯾجب علﯿھم أن ﯾكونوا علﯿھ .
وإن مما أخذه ﷲ سبحانھ وتعالى على الناس الوفاء باﻷمانات ، ومن الوفاء باﻷمانات الوفاء بمجالس القوم ؛ إذا كان اﻹنسان ﯾجالس أناساً فإن علﯿھ أن ﯾفي بحقوق المجالس .
حقوق المجالس:
1. حفظ الكلمة "كفى بالمرء كذباً أن ﯾحدث بكل ما سمع "
2. حفظ الكلمة ، ﻻ ﯾحدث اﻹنسان بكل ما سمع .
3. ﯾحملھا على المحمل الحسن ولﯿس المحمل السﯿئ أن ﯾكون حافظاً لھا أمﯿناً علﯿھا؛ فإذا ﻻبد أن ﯾجلس اﻹنسان المجلس وھو حافظ لسانھ عن قول السﯿئ ،حافظاً لما وعتھ أذنھ من القول المسموع ، فﻼ ﯾبدده .
ولذلك أمرﷲ جل وعﻼ الناس أن ﯾقولوا للناس حُسناً ، وجعلھ مﯿثاقاً أُخذ علﯿھم كما أخذ علﯿھم مﯿثاق إقامة الصﻼة وإﯾتاء الزكاة ، وھذا قد أخذ على بني إسرائﯿل من قبل .
ولما كان القول الحسن ھو المأمور بھ في الدنﯿا كان ھو المتمثل في اﻵخرة أﯾضاً .
فحدﯾث أھل الجنة القول الحسن ، وكﻼمھم الكﻼم الطﯿب ، والقول الذي ﯾقال لھم ھو القول الطﯿب ، ولذلك ﯾقول اﷲ جل وعﻼ : [إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ] .(الحج :23 )
1. ھل اكتمل النعﯿم ؟ ﻻ ، لم ﯾكتمل النعﯿم ، حتى اﻵن لم ﯾكتمل النعﯿم بعد كما قال تعالى:[وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ] .(الحج:24)
2. ثم جُعل القول الطﯿب ھدى من الرحمن ، ما قال اﷲ جل وعﻼ وقالو االطﯿب ، قال : وھدوا إلى القول الطﯿب ؛ لﯿدل على أن الھداﯾة إلى القول الطﯿب نوع من أنواع النعﯿم، ونوع من أنواع التوفﯿق ، ونوع من أنواع المنن التي ﯾمتن ﷲ تعالى بھا على عباده؛ فلذلك من أراد أن ﯾرى نعمة اﷲ علﯿھ فلﯿحسن قولھ ولﯿطّﯿب كﻼمھ ، ولذلك جعل اﷲ القول الطﯿب في الدنﯿا ﻷنھ ھو الذي ﯾصل إلى اﻵخرة جعلھ ھو الذي ﯾصعد ﻷنھ أصﻼً من عمل اﻵخرة ، من عمل الجنة القول الطﯿب من عمل الجنة ؛ ولذلك لﯿس مقامھ اﻷرض وإنما مقامھ السماء ، ﯾصل إلى اﷲ جل وعﻼ وﯾنتشر عبقھ في أھل اﻻرض وعبقھ في أھل السماء وﯾبقى ھذا القول الطﯿب في جنات النعﯿم ؛ ولذلك ﯾقول اﷲ جل وعﻼ :[مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا]. (فاطر:10)
من أين تأتي العزة لبني آدم ؟قال تعالى :[ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ](فاطر:10),الكلم الطﯿب ﯾصعد أوﻻً قبل العمل الصالح ، بل قال بعض المفسرﯾن : إن الكلم الطﯿب ھو الذي ﯾرفع العمل الصالح ,ﯾعني: إنسان ﯾعمل صالح وما ﯾتكلم طﯿب ما ﯾرتفع عملھ,قالوا : إن الكلم الطﯿب ھو الذي ﯾرفع العمل الصالح ، ولذلك الذﯾن ﯾمكرون السﯿئات وﯾقولون السﯿئات ﻻ ﯾصعد عملھم بل ﯾبقى عملھ في دنﯿاھم وﯾحﯿق بھم ، ﯾدور علﯿھم و ﯾحﯿق بھم وﻻ ﯾنتفعون بھ ولذلك ﯾقول اﷲ جل وعﻼ :[ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ]. (فاطر:10)
1.[COLOR="Blue"] ﯾقول عبد اﷲ بن مسعود رضي ﷲ عنھ: إذا حدثتكم بحدﯾث أتﯿتكم بتصدﯾق ذلك من كتاب ﷲ عز وجل إن العبد المسلم إذا قال سبحان ﷲ والحمد ﷲ وﻻ إلھ إﻻ ﷲ وﷲ أكبر وتبارك ﷲ قبض علﯿھن ملك فجعلھن تحت جناحھ ثم ﯾصعد بھن فﻼ ﯾمر على جمع من المﻼئكة إﻻ استغفروا لقائلھن حتى ﯾجيء بھن وجھ الرحمن تبارك ثم قرأ عبد ﷲ :[ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ]. (فاطر:10)"
ثم ﯾضرب ﷲ مثﻼً عظﯿما جمﯿﻼ ، حقﯿقة أنا عجبت وأنا أتخﯿل ھذا المثل فما برحت ولعلنا نقف علﯿھ ، ﯾقول ﷲ جل وعﻼ واسمعي لھذا المثال الرائع الذي لم ﯾأت البشر بمثلھ ولو حاولوا أن ﯾأتوا،ﯾقول ﷲ جل وعﻼ: [أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا] (إبراهيم:24),ما ھذا المثل ؟ [كَلِمَةً طَيِّبَةً](إبراهيم:24), ﯾا ترى ھذه الكلمة الطﯿبة مثلھا مثل ؟ كما قال تعالى: [كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ] (إبراهيم:24), أصلھا ثابت : ھي نافعة لصاحبھا ، مقﯿمة معھ .
[وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ] (إبراهيم:24), فرعھا في السماء ﯾعني : تنفع الناس ، وترتفع، وتسمو، وتعلو، وﯾذكربھا صاحبھا ذكراً حسناً ، فھي مع صاحبھا كأصل ، وھي ترتفع في السماء كنفع ، ﯾقول ﷲ جل وعﻼ فوق ذلك : [تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا].( إبراهيم:25)
ﯾعني حﯿنما تعلمﯿن أي إنسان كلم طﯿب ، تعلمﯿنھ ذكر ﷲ ، تعلمﯿنھ كلمة حسنة ، تعلمﯿنھ القرآن، فأنت عندك اﻷصل ، ما فرطت باﻷصل ، اﻷصل باقي معك ، وحﯿنما تخرجﯿن الكلمة الطﯿبة تخرج وأصلھا عندك ، بﯿنما افترضي مثﻼ أني أعطﯿت إنسان مال ، أنا أخرجتھ من عندي لكن، ھل بقي عندي !المال ذھب من عندي ، لكن الكلمة الطﯿبة تذھب مني وتبقى عندي ، وﻻ أحسن من ھذا المثل من ضرب ﷲ جل وعﻼ لھ مثﻼً بالشجرة الطﯿبة التي أصلھا ثابت وفرعھا في السماء ، ثم قال ﷲ سبحانھ وتعالى : [تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا] ( إبراهيم:25), ما تتوقف بعد موت اﻹنسان ، بل تستمر كل حﯿن بإذن ربھا ، فﻼ أجد نفسي إﻻ وﯾوم القﯿامة قد تكاثرت علي الحسنات ، من أﯾن ھذا ﯾارب ؟من أخذ ولدك القرآن ، من تعلﯿم أولئك النفر القرآن ، من كلمة حسنة ، من ھذا الذي اھتدى على ﯾدك ، من ھذا الكتاب الذي انتفع بھ بعد موتك بمائة سنة ، بعشرة آﻻف سنة ، فﷲ جل وعﻼ ھو الذي ﯾحصي الناس وھوالذي ﯾحصي العمل فﻼ تدعي أن تقولي كلمة حسنة بﯿن الناس ، وكلما زاد امتداد الكلمة الطﯿبة كنشرھا في طﻼبك أو في صحف أو في إعﻼم كلما زاد قدر الذكر الحسن وآتت أكلھا أكثر وأكثر .
وفي المقابل ﯾقول اﷲ جل وعﻼ : [وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ].( إبراهيم:25)
الكلمة الخبﯿثة مثل الشجرة الخبﯿثة ﻻ أحد ﯾأكل منھا ، وتؤذي العﯿن ، مع ذلك الذي ﯾمر بھا تخدشھ ، أو ﯾطأ منھا شوك ، أو ﯾأتي منھا رﯾح قبﯿح ﯾقززه ، فھذه الكلمة الخبﯿثة [كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ] ( إبراهيم:25) ,الكلمة الخبﯿثة لما تخرج من إنسان؛ فتجدﯾن الكلمة ھذه تطرق سمعك بطرﯾقة ناشزة ، وتشعرﯾن كأنھا اجتثت ،واﻻجتثاث معناه : اﻷخذ بقوة ، واﻷخذ بقوة ﯾؤذي ، ﯾعني النفس اجتثت حتى قال اﷲ سبحانھ وتعالى : [اجْتُثَّتْ ] (إبراهيم:25), ما قال خرجت ، وﻻ ظھرت، وﻻ نبتت وإنا قال اجتثت ؛ ﻻنقطاعھا عن صاحبھا ، وأنھا ﻻ تنفعھ وإنما تؤذﯾھ؛ﻷنھ ھو الذي سﯿتأذى بھا وسﯿسقط فﯿھا وسترمى في وجھھ مرة
أخرى .
اجتثت من فوق اﻻرض: أﯾضاً ﻻ نفع لھا [مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ] ( إبراهيم:26), ﻻ لھا قرار عند صاحبھا وﻻ عند اﻵخرﯾن ، بل تكون مضرة علﯿھ ؛لذلك ﯾقول اﷲ جل وعﻼ : [يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ] ( إبراهيم:27),متى ؟ھذا القول الذﯾن قالوه في دنﯿاھم وحافظوا علﯿھ ، وأمسكوا أنفسھم عن التلفظ بما ﻻ ﯾرضي اﷲ جل وعﻼ ھؤﻻء ﯾأتون ﯾوم القﯿامة بمردود قولھم ، ﻻ لﯿس ذلك في القﯿامة وحدھا بل قبل القﯿامة ﯾكون ذلك الثبات في الدنﯿا ، ﯾقول اﷲ جل وعﻼ : [يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ]. ( إبراهيم:27)
وھناك ارتباط عظﯿم جداً بﯿن من ﯾقول الكﻼم الحسن وبﯿن من ﯾثبت علﯿھ ، الذي ﯾقول الكﻼم الحسن عند اﻷزمات تجدﯾنھ ﯾَُلقى الكﻼم الحسن ،كما قال تعالى: [وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ](فصلت :35), ما ھي ؟ الكلمة الطﯿبة ، الدفع باللي ھي أحسن ، إذا أُسﯿئ علﯿھ أُخطي علﯿھ دفع باَلتي ھي أحسن .
أسأل اﷲ العظﯿم رب العرش العظﯿم أن ﯾھدﯾنا إلى صراط مستقﯿم وأن ﯾھدﯾنا إلى القول الحسن .