ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله الذي وعد المتوكلين عليه بالكفاية التامة والمعونة،
وهون عليهم الأثقال وحمل عنهم المشقة والمؤنة . وأشهـــد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهـد أن محمــدا عبده
ورسوله اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه .
أما بعد :
أيها الناس اتقوا الله تعالى الذي خلقكم ورزقكم ورباكم، والذي
أطعمكم وكفاكم وآواكم ، والــــذي أنقذكم مـن الردى وهداكم ،
وتوكلوا حق التوكل عليه في إصلاح دينكم ودنياكم ، واعلموا
أن التوكل على الله من لوازم الإيمان ، وبـــه يتحقق للعبد كل
خيــر وبر وامتنان ، فأنتم تعلمون أنكم فقراء مضطرون إلــى
ربكم في كل الأحوال والشئون ، والرب هو الفعال لما يريد إذا
قضى أمرا قال له كن فيكون ، وهــو الـذي يعلم من مصالحكم
ما لا تعلمون ، ويريد منها ما لا تريدون ويقدر على مــا ليس
عليـــــه تقدرون ، فقوموا بالأسباب متوكلين على الله لا على
ســـواه فـــأدوا أمـــره ، واجتنبوا نهيه طالبين منه أن يعينكم
علــى محبته ورضاه ، وقوموا بالأسباب الدنيوية مـــن تجارة
أو صناعة أو فلاحة أو غيــرهــا مـن الأسباب قائمين بالسبب
متوكلين ومعتمدين علــى مسبب الأسباب ، فإنكــم إذا اتصفتم
بذلك لــم تزالوا في عبادة وأعانكم المولى ، ويسر لكم الطرق
والأبواب ، وثلاث كلمات هن روح التوكل والاستعانة ، فمــن
قالها بلسانه مستحضرا لمعناها فــي قلبه فقـــد حقــق التوكل
واستقـــام بنيـــانه { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } وحسبــي الله
لا إله إلا هو عليـــه توكــــلت ، وهــــو رب العرش العظيم ،
ولا حـــول ولا قــوة إلا بالله ، التي هي كنز من كنوز الجنة ،
توصل العبد إلى كل خير عميم ، فمتى علم العبد أنه لا حــول
لأحد ولا قوة إلا بالله ، فاعتمد كل الاعتماد على ربه في جلب
مصالح دينه ودنياه ، وفــــي استدفاع المضار والمكاره واثقا
بمولاه ، عالما أنه النافع الضار، وأنه الواقي للشرور الجالب
للمحاب والمسار ، وأن الخلق كلهم في غاية الاضطرار إلـــى
ربهم ونهاية الافتقار، فقطع رجاءه وتعلقه بالمخلوقين وانزل
حوائجه وشؤونه كلهــــا بالله رب العالمين ، فليبشر بالكفاية
التامة وتيسير الأمور ، ويا قرة عينه بالحياة الطيبة في كـــل
ما يجري به المقدور ، ومـــن انقطع تعلقه بالله وتعلق بمـــن
سواه خذله ووكله إلــى غيره وولاه ما رضيه لنفسه وتولاه ،
فاتقوا الله عباد الله ، وأجملوا فــي السعي والطلب ، وتوكلوا
على المسبب لا على السبب{ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً،
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ
إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } الطلاق2-3