وقفات وبشائر
وقفات وبشائر
من علامات توفيق الله للمسلم ان ييسر له امرالتوبه
من تدبر في صفات الله وأسمائه وآلائه ونعمائه يحصل له في قلبه معرفة حقيقية بالرب الرحيم الرؤوف الغفور سبحانه ،وإن مما تكاد النفوس أن تطيربه فرحاً ،وتمتلى به القلوب أنساً ، هو معرفة حال الرب سبحانه الخلق الرازق مع عبده الضعيف المذنب ، ربنا يدعوه ليتوب ويستغفر وينيب والعبد معرض ،فسبحان من وسعت رحمتك الوجود ياغفور ياودود ،
اسمع يا من عصى الله
يامن ترك فرائض الله
يا من غرق في الشهوات
يامن عاقر الخمر والمخدرات
يامن وقع في الفواحش والزنا واللواط والموبقات
يا من أكل الحرام وتعامل بالربا ولم يخف جبار السموات
اسمع لنداء مولاك :
( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )
إعلم أن التوبة هي ان تعود إلى ربك الرؤوف الرحيم الرحمن الذي يطلبك ويدعوك أن ترجع فلا تتردد و لا تسوف، ربك يفتح لك بابه وأنت معرض ربك يدعوك وأنت لا تجيب ياحسرة عليك يا ندامة عليك إذا لم تجب داعي الله
،وأعلم أن ربك يقول لك يا عبدي أهل ذكري أهل مجالستي ، وأهل شكري أهل زيادتي ، وأهل طاعتي أهل كرامتي ، وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، وإن تابوا فأنا حبيبهم فإني أحب التوابين وأحب المتطهرين وإن لم يتوبوا إلي فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم منها ، الحسنة عندي بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، والسيئة عندي بواحدة فإن ندم عليها واستغفرني غفرتها له ، اشكر اليسير من العمل وأغفر الكثير من الزلل ، رحمتي سبقت غضبي وعفوي سبقت عقوبتي أنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها .
هذا ما يريده منك مولاك وهذه حقيقة بره وكرمه وإحسانه خطاب من ربنا يهز الوجدان والضمير إليك يامن آمنت ورضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا يا من آمنت بكتاب ربك وسنة نبيك منهجا ومرجعا ربنا الرحيم الغفور يقول( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)
ولنا مع هذه الدعوة من ربنا إلى التوبة وقفات وبشارات وقفات لنتعرف على حقيقة التوبة وبشارات إلى كل مؤمن مقبل يريد التوبة فأسرع وحث الخطا ولا تتردد فإن الباب مفتوح
وابشر برب يفرح بتوبتك وإقبالك عليه فإنك إن تقربت شبراً تقرب منك باعاً وأن أتيته تمشي أتاك هرولة سبحان من لاحدود لكرمه ولا لحلمه
لنا مع هذه الآية وقفات :
فأما الوقفة الأولى : إن أعظم ما يتقرب العبد إلى ربه ومولاه هو التوبة إلى الله التوبة إلى الله في كل وقت لا تفارقنا في طاعتنا ومعاصينا في إقبالنا وإدبارنا في غفلتنا وصحوتنا في برنا وبحرنا في كل وقت وكل مكان ، فالله سبحانه هو التواب الرحيم ويقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات
( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ِ)
،واعلم أن هذه العبادة من أعظم وأفضل العبادات التي يحبها ربك ومولاك كما سوف نذكره فلا تتردد في التوبة والإقبال عليه .
الوقفة الثانية : اعلم أيها الموفق والمسدد إذا أردت أن تكون توبتك صادقة وخالصة ومقبوله
فعليك بثلاثة أمور إذا تحققت فإن التوبة بإذن الله مقبوله:
أولاً : الإقلاع على الذنب وتركه
والثاني : الندم على الفعل فمن فعل المعصية ثم تاب بقوله وهو في قرارة نفسه فرح مسرور لم يندم على فعله المشين وتعرضه لسخط ربه فإنها توبة غير كاملة
ثالثا :العزم الصادق على أن لايعود إليها مطلقاً ، فإن ربك يعلم ماتوسوس به نفس وهو أقرب إليك من حبل الوريد لا تخفى عنه خافية فإن من صدق التوبة أن لاتتركها وفي قرارة نفسك العود إليها بعد تحسن حالك أو عند التمكن من المعصية مرة أخرى
. الوقفة الثالثة : إليك أيها التائب يامن أقبلت على ربك يا من أسرفت على نفس بالمعاصي أزف إليك هذه البشائر التي بشرك بها مولاك وسيدك وحبيبك وقدوتك :
البشارة الأولى : أن الله عز وجل يقبل التوبة من العبد ويغفر ذنبه وزللَه وإجرامه مهما بلغ عظم ذلك الذنب حتى لو كان كفراً وشركاً بالله يا من أسرفت على نفسك بالمعاصي إسمع إلى الكريم سبحانه الحليم ماذا يقول لك :
(قل ياعبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً)
هنيئاً لك يامذنب ياعاصي بتوبة الله عليك إذا أقبلت عليه .
البشارة الثانية : -أبشر ياصاحب التوبة بأن التوبة طريق الفلاح والرشاد كما قال ربك ومولاك
(فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين)
فلاح عام في دنياك وأخراك في كل مأمورك تفلح وترشد وتسدد فهذا كله من بركات التوبة (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)
، التوبة مجلبة للخيرات ورضارب الأرض والسموات يقول سبحانه
(وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله )
ويقول ربنا جل وعلا عن هود عليه السلام :
(وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوةً إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين )
. البشارة الثالثة: ابشر ياصاحب التوبة ان باب التوبة مفتوح لايغلق في وجهك أبداً فأنت تتعامل مع الكريم الغني الذي لا يرد يدي عبده صفراً ليلا ونهارا سرا وجهارا لا تحتاج إلى وسائط بل ارفع يديك إلى مولاك وأعلنها مدوية في الملاء الأعلى أستغفر الله وأتوب إليه فقد جاء في صحيح مسلم عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وربنا ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة ويقول
( هل من مستغفر فأغفر له )،واعلم ان الأمم السبابقة قبلنا كبني أسرائيل كانت أذا ارادت ان تتوب كانت تقتل نفسها حتى تتوب إلى الله فاللهم لك الحمد ما أكرمك وما أحلمك عن عبادك .
البشارة الرابعة : أبشر ياصاحب التوبة أن من بركات التوبة أن الله يبدل كل عظائمك وجرائمك ومعاصيك وفواحشك ولياليك التي بارزت الله فيها بالحرام يبدلك الله عنها حسنات يا الله ما اكرمك ما اكرمك ياكريم ياحليم ما أعظمك وما اشد تقصيرنا في حقك
(والذين لايدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً).
لبشارة الخامسة :- التوبة تجب ما قبلها وتهدم ماقبلها و لا عيب عليك بعدها وقد تكفل الإسلام بحفظ حقك وتمارس حياتك بكل شموخ وإباء ولا خجل ولا حياء بل تعيش مرفوع الرأس عزيزاً كريماً لأن حياة المعصية حياة الذلة والمسكنة وحياة الطاعة حياة الرفعة والعزة فقد جاء في البخاري :ِ
(أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا وَتَزَوَّجَتْ وَكَانَتْ تَأْتِي بَعْدَ ذَلِك .
|