بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلإ ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها , وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) . رواه البخاري ومسلم .
قال فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين - رحمه الله تعالى - في شرح هذا الحديث:
أي حتى يقرب أجله تماماً , وليس المعنى حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع في مرتبة العمل لأن عمله الذي عمله ليس عملاً صالحاً كما جاء في الحديث : ( إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للنار وهو من أهل النار ) لأنه أشكل على بعض الناس كيف يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها .
فنقول : عمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس ولم يتقدم ولم يسبق , ولكن حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع أي يدنو أجله أي أنه قريب من الموت ( فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار ) فيدع العمل الأول الذي كان يعمله وذلك لوجود دسيسه في قلبه - والعياذ بالله - هوت به إلى الهاوية .
أقول هذا لئلا يظن بالله ظن السوء : فوالله ما من أحد يقبل على الله بصدق وإخلاص ويعمل عمل أهل الجنة إلا لم يخذله الله أبداً .
فالله عز وجل أكرم من عبده لكن لابد من بلاء في القلب .
وأذكروا قصة الرجل الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة من غزواته عليه الصلاة والسلام وكان هذا الرجل لايدع شاذة ولا فاذة للعدو إلا قضى عليها , فتعجب الناس منه وقالوا : هذا الذي كسب المعركة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هو من أهل النار ) فعظم ذلك على الصحابة رضي الله عنهم كيف يكون هذا الرجل من أهل النار ؟ فقال رجل : لألزمنه أي أتابعه فتابعة فأصيب هذا الرجل الشجاع المقدام بسهم من العدو فجزع وسل سيفة - والعياذ بالله - ثم وضع ذبابة سيفة على صدره ومقبضه على الأرض ثم اتكأ عليه حتى خرج من ظهره , فقتل نفسه , فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره وقال : أشهد أنك رسول الله, قال : ( بم ) قال : إن الرجل الذي قلت فيه إنه من أهل النار حصل منه كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك : (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ) .
واذكروا قصة الأصيرم من بني عبد الأشهل من الأنصار كان منابذاً للدعوة الإسلامية عدواً لها , ولما خرج الناس إلى غزوة أحد ألقى الله تعالى في قلبة الإيمان فآمن وخرج للجهاد وقتل شهيداً , فجاء الناس بعد المعركة يتفقدون قتلاهم وإذا الرجل , فقالوا : ما الذي جاء بك يا فلان أجئت حدباً على قومك أم رغبة في الإسلام قال : بل رغبة في الإسلام , ثم طلب منهم أن يقرؤوا على النبي صلى الله عليم وسلم السلام , فصار هذا ختامة أن قتل شهيداً مع أنه كان منابذاً للدعوة .
المرجع كتاب شرح الأربعين النووية لفضليلة الشيخ محمد الصالح العثيمين - رحمه الله تعالى - الصفحة 104
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد