السَّـلامُ عليكُـنَّ و رحمـةُ اللهِ و بركاتُـه ،،
~
وَ صُــدِمَـت سُـهَـا !!
***
أمـل و سُها صديقتان .. على الماسنجر تلتقيان .. فتتكلمان وتتناصحان ..
تضحكان وتمزحان .. في الأحزان والأفراح تتشاركان .
و ذاتَ يـومٍ دخلت أمـل على الماسنجر ، فوجدت سُها .
فرحت برؤيتها ، وسلَّمت عليها .
و دار بينهما هــذا الحِــوار :
أمـل : السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .
سُها : وعليكم السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .
أمـل : كيف حالُكِ يا سُها ؟
سُها : بخيرٍ وللهِ الحمـد .
أمـل : منذُ فترةٍ لم تدخلي على الماسنجر . أين كُنتِ ؟ أقلقتيني .
سُها : لا تقلقي يا أمـل ، فأنا بخيـر . وقد كُنتُ لا أنوي دخولَ الماسنجر ، ولا دخول النت ثانيةً .
أمـل : ما السبب ؟!
سُها : كرهتُ الماسنجر ، وكرهتُ حياتي ، وكرهتُ كُلَّ شئ .
أمـل : ما هذا التَّشاؤم ؟! مـاذا حَـدَث ؟
سُها : لا تُجَـدِّدي علَىَّ أحزاني يا أمـل .
أمـل : ولِمَ الحُزنُ يا سُها ؟!
سُها : كيف لا أحزنُ والصَّدماتُ تتوالي علَىَّ ؟! كيف لا أحزنُ وقد زلَّت قدماى ؟! كيف لا أحزنُ وقد ضيَّعتُ نفسي وأوقعتُها في بحرٍ عميقٍ لم تستطع الخروجَ منه ؟! كيف لا أحزنُ وحياتي تتحوَّلُ مِن سئٍ إلى أسوء ؟!
أمـل : مـا كُـلُّ هـذا ؟!
سُها : كما أخبرتُـكِ .
أمـل : لم تُخبريني بشئ . أنتِ تقولين ألغازًا .. لِمَ كُلُّ هذا ؟! أخبريني . ألستُ صديقتكِ وأختكِ التي تُحِبِّينَ الحديثَ معها ، وتفرحينَ برؤيتِها ؟!
سُها : بلَى ، لكنِّي لا أُحِبُّ أن أُشغلَكِ بهمومي .
أمـل : بل هَمُّكِ هَمِّي . أخبريني لَعلِّي أستطيعُ مساعدتَـكِ .
سُها : تذكرينَ الفتاةَ التي حَدَّثتُكِ عنها منذُ فترة ؟
أمـل : أىّ فتاة ؟!
سُها : تلكَ الفتاة التي عرفتُها عبر الماسنجر في إحدى غُرف الشَّات ، ونشأت بيننا علاقةُ صداقة .
أمـل : نعم ، تذكَّرتُها .
سُها : كُنَّا نتحدَّثُ يوميًا عبر الماسنجر . عرفَت عَنِّي كُلَّ شئ ، وعرفتُ عنها كُلَّ شئ . أصبحنا صديقتين تربطُنا علاقةٌ قوية . كانت تُخبرني كثيرًا أنَّها تُحِبُّني ، وتتمنَّى أن تراني ، وكانت تُبدي إعجابَها بي وبكلماتي وبشخصيتي ، وتقولُ دائمًا : أنتِ أجملُ فتاةٍ عرفتُها في حياتي . كُنتُ أسعدُ بكلماتِها ، فلَعلِّي لم أسمعها مِن غيرها ، وكُنتُ أُبادِلُها نفسَ المشاعـر ، وأثِقُ بها ثِقةً تامَّةً ، لا أخفي عنها شيئًا ، وهى تستمِعُ لي برَحابَةِ صدر .
أمـل : وبعـد .............
سُها : عَرفتُ أنَّها تسمعُ الأغاني وتُشاهِدُ المُحَرَّمات ولا تلبسُ الحِجابَ الشَّرعِىَّ ، فبدأتُ أوجِّهُها وأنصحُها ، وأقولُ في نفسي : أنا ما دخلتُ هذه الغُرف إلاّ بغرض الدعوةِ إلى اللهِ تعالى ، وقد آن الأوان ، والفُرصةُ أمامي ، ولعلَّها تهتدي على يدىّ ، ويكونُ لي الأجرُ على ذلك بإذن الله . فكانت تقولُ لي : سآخذُ بنصيحتكِ ، لكنْ ليس الآن .. عيشي حياتكِ الآن ، استمتعي بها وبكُلِّ لحظةٍ تمُرُّ بكِ . لماذا تُخفين جمالَكِ خلف هذه الخيمة ؟! لماذا أنتِ مُنغلِقةٌ على نفسِكِ ولا تُكلِّمين إلاَّ النساء ؟! حادثي الرجال لتكتسبي خبرةً في التعامل معهم ، ولتتعرفي أكثرَ على شخصياتِهم ، ولعلَّكِ تصطادين عريسًا يتزوَّجُكِ .. كانت تُضايقُني كلماتُها ، لكنِّي كنتُ أتحمَّلُها ، لأستطيعَ الوصولَ إلى هدفي ، ولم أتوقَّف يومًا عن توجيه النُّصح لها .
أمـل : غـريب !!
سُها : رأيتُ نفسي أنصحُها وأدعوها للخير ، وهى تدعوني لِكُلِّ رذيلةٍ وشَرّ .. وذاتَ يـوم .....!
أمـل : نعـم ، أكملـي .
سُها : ذاتَ يومٍ فتحتُ الماسنجر كالعادة ، فرأيتُ شخصًا يطلبُ الإضافة . قُلتُ : لَعلَّ أحدًا يعرفُني غيَّر بريدَه فأضاف بريدي عنده ، فلم أتردَّد في إضافتِه . ورأيتُه موجودًا ، فسألتُه : مَن أنت ؟ قال : أنا فُلان ، ألَا تعرفيني ؟ قلتُ : لا ، وهل تعرفُني أنت ؟! قال : تمامَ المعرفة ، ألستِ فُلانة ؟ وأخذ يُحِدِّثُني عن نفسي ، فوجدتُه يعرفُ عنِّي كُلَّ شئٍ .. تعجَّبتُ مِمَّا سمِعت ، ووجدتُ نفسي لا أعرفه . فسألتُه : وكيف عرفتني ؟! ومَن أخبركَ بكُلِّ هذا ؟ قال : أخبرني مَن أخبرني . لا تشغلي نفسكِ بهذا . المهم أنِّي عرفتُكِ واستطعتُ الوصولَ إليكِ والحديثَ معكِ .. فأغلقتُ الماسنجر وخرجت . وأخذتُ أُفكِّـر وأتساءل : مَن هذا ؟! وكيف عرفني ؟! ومِن أين حصل على بريدي ؟! وماذا يُريدُ مِنِّي ؟! لم أَنَم ليلتي ، ولم يُفارقني التفكيرُ لحظةً حتى أصبحت .
أمـل : وكيف تُكلِّمي شخصًا لا تعرفينه ، وتتمادين معه ، وتسمعين له ؟!
سُها : ظننتُه أحـدَ محارمي .
أمـل : المُفترَض أن تتوقَّفي عن الحديث معه وتُغلقي ماسنجركِ بمُجرَّد أن علمتِ أنَّه رجلٌ أجنبىٌّ عنكِ ولا علاقةَ لكِ به .. وكيف تصرَّفتِ بعد ذلك ؟
سُها : في الصباح دخلتُ للماسنجر ، فوجدتُه يُبادرني بالسَّلام ، ويبدأُ معي الكلام . لم أرد عليه ، وتركتُه يتحدَّث ، حتى قال : تُريدين أن تعرفي مَن أخبرني عنكِ وعرفني بكِ ؟ فأجبتُه : نعم ، مَن ؟ ففرِح برَدِّي عليه ، وكأنَّه حَقَّقَ إنجازًا ، وقال : أنتِ . قلتُ له : أنا لا أعرفكَ ، ولم أُكلِّمكَ مِن قبل . قال : بل تعرفيني ، وكلَّمتيني مِرارًا ، وأخبرتيني بكُلِّ تفاصيل حياتِكِ كما أخبرتُكِ أنا بتفاصيل حياتي الغير حقيقية . فتعَجَّبتُ ، وبدأت الأفكارُ تدورُ في ذِهني . قلتُ : كيف ؟! وأين ؟! قال : هناك . قلتُ : لم أفهم . قال : ألا تعرفين فُلانةً التي تُكلِّمينها عبر الماسنجر ؟ قلتُ : بلَى ، إذًا هى مَن أخبرتك . قال : بل هى أنا ، وأنا هى . في البداية لم أفهم ، ولم أستوعب ما قال ، ثُمَّ حاولتُ التركيزَ ، وقُلتُ : إذًا أنتِ فُلانةٌ وجِئتِ تمزحين معي عبر بريدكِ هذا . قال : بل أنا فُلان ، ففُلانة التي كانت تُكلِّمُكِ هناك هى أنا ؛ يعني : أنا رجلٌ سجَّلتُ ببريدين ، بريدِ رجلٍ وبريدِ امرأة . ما رأيكِ بهذه المُفاجأة ؟ قلتُ : مُفاااااااااجأة !! يا لها مِن مُفاااااااااجأة !! وشعرتُ كأنَّ العالَمَ يدورُ حولي ، وأخذتُ أسترجِعُ كُلَّ كلامي معها _ بل معه _ ، يا الله ! مـاذا فعلتُ بنفسي ؟!!!
أمـل : ألم أنصحكِ مِرارًا بعدم الدخول لِغُرف الشَّات ؟! ألم أقل لكِ إنَّ أكثرَ مَن يدخلونها كذَّابون ؟! ألم أُحذِّركِ مِرارًا وتكرارًا من الكشف عن شخصيتكِ لِمَن لا تعرفين ؟! ألم أنصحكِ بعدم إضافةِ أشخاصٍ لا تعرفينهم على بريدكِ أو ماسنجركِ ؟!
سُها : لقد حَدَثَ ما حَدَث ، ولا داعي للتأنيب ، يكفي ما أنا فيه .
أمـل : وهل كلَّمكِ بعد ذلك ؟
سُها : كلَّمني وهدَّدني بنشر بريدي على الانترنت ، بل هدَّدني بنشر كُلِّ ما يعرفه عنِّي إنْ لم أُكلِّمه وأستجِب له .
أمـل : ولماذا لم تحذفي بريدكِ حتى لا يستطيعَ الوصولَ إليكِ ؟!
سُها : هو يعرفُ كُلَّ شئٍ عنِّي ، وسواءٌ حذفتُ بريدي أو لم أحذفه ، فالتهديدُ لا يزالُ قائِمًا . لا أدري ماذا أفغل ؟ ولا كيف أتصرَّف ؟
أمـل : هـذه نتيجةُ تساهلِكِ .
سُها : لا تلوميني يا أمـل . فأنتِ تعرفين أنِّي ما دخلتُ هذه الغُرف إلاَّ لغرض الدعوةِ إلى اللهِ تعالى .
أمـل : ألم أُخبركِ أنَّ المًنتديات النسائية مجالٌ رَحبٌ للدعوة ؟! أم أخبركِ أنَّها أكثرُ أمانًا وبُعدًا عن الاختلاط ومُحادثةِ الرجال ؟!
سُها : لكنِّي أردتُ نشرَ الخير بصورةٍ أكبر ، خاصةً وأنَّ هذه الغُرف يدخلُها كثيرٌ مِن البنات اللاتي بحاجةٍ للنُّصحِ والتوجيه ، فأردتُ أن يكونَ لي مِن دعوتِهم وهِدايتِهم نصيب . ولم أكن أتوقَّع أن يحدثَ شئٌ مِن ذلك .
أمـل : وقد حَدَث . فبريدكِ _ كما تعلمين _ يظهرُ لجميع مَن بالغُرفة ، وبمُجرَّدِ أن يراكِ الرجال _ بل الذِّئاب _ فسيُكلِّمونكِ ويدَّعـون أنَّهم نساء ، وقد لا تكتشفين ذلك إلاَّ بعد فواتِ الأوان ، وبعد أن يكونوا قد عرفوا عنكِ كُلَّ تفاصيل حياتِكِ كما حَدَثَ معكِ .
سُها : آآآآهٍ يا أمـل !!! كُلَّما فتحتُ الماسنجر ، أحسستُ بألمٍ وندمٍ شديديْن . في كُلِّ يومٍ أجِـدُ أشخاصًا يطلبون الإضافة ، أعـدادٌ كبيرةٌ تُشعرني بخوفٍ شديد وحُزنٍ عميق .
أمـل : ولِمَ لَمْ تُخبري أحـدًا مِن أهلِكِ ليتصرَّفَ معه ؟!
سُها : أُخبرهم بماذا ؟!!! بأنِّي أُحادِثُ شابًا ؟! أم بأنِّي ساذِجَةٌ أثِقُ بأىِّ أحد ؟! تتوقَّعين ما قد يحدثُ لو فعلتُ ذلك ؟ لا لا ، الأمـرُ صعبٌ ومُعقَّد .
أمـل : إذًا ، فلتُحاوِلي حَلَّ مُشكلتكِ بنفسك .
سُها : حاولتُ يا أمـل . نصحتُه وما استجاب ، أخبرني بأنَّه يفعلُ ذلك مع كُلِّ مَن يُكلِّمُهُنَّ . هذه شِباكُه التي يصطادُ بها البريئات _ بل السَّاذِجاتِ مثيلاتي _ .. يدَّعي أنَّه امرأة ، يتحدَّثُ بلُطفٍ ورِقَّة ، ويُبدي إعجابًا بمَن تُكلِّمُه ؛ بكلامِها وبشخصيتِها ، ويُظهِرُ أنَّه يُحِبُّها ، وهى تتعاملُ معه على أنَّه امرأةٌ مِثلها . ثُمَّ بعد فترةٍ تقعُ الصدمةُ والمُفاجأةُ التي لا يتوقَّعُها أحـد .
أمـل : يا لَـهُ مِـن ذِئـبٍ خبيـث !!!!
سُها : أصبحتُ لا أدخل على الماسنجر إلاَّ قليلاً ، وإنْ دخلتُ فأدخلُ مُتخَفِّيَةً حتى لا يراني ويُكلِّمني . ومع ذلك أجدُ رسائِلَه التهديديةَ بصورةٍ يومية . يُريدُ أن يُكلِّمني ، بل قال إنَّه يُريدُ مُقابلتي ، وهذا ما أفزعني ، وجعلني أخافُ على نفسي أكثرَ وأكثر .
أمـل : هـذا ما يحدثُ لكثيرٍ مِن البناتِ اللاتي يدخلن لِغُرف الشَّات بنيَّةٍ سليمةٍ ، ظانَّاتٍ أنَّهنَّ بعيداتٌ عن الفِتنة ، ومُعتمداتٍ على استقامتِهِنَّ . ثُمَّ تقعُ الكارِثَةُ . ورُبَّما تعرَّضن لأكثرَ مِمَّا تعرَّضتِ له .
سُها : تبدَّلَت حياتي بعد هذا الأمر ، وأصبحتُ لا أنامُ الليل ، وبدأ أهلي يشعرون بتغيُّري .
أمـل : وهل سَمِع هذا الذِّئبُ صوتَكِ أو أرسلتِ له صورتكِ ؟
سُها : لا لا ، الحمدُ لله ، لم يحدث شئٌ مِن ذلك . حتى مع صديقاتي اللاتي أعرفهُنَّ عن قُربٍ وأثِقُ بِهِنَّ لا أفعلُ معهُنَّ شيئًا مِن ذلك . لا أستعملُ إلاَّ لوحةَ المفاتيح فقط ؛ يعني كلامي مع الجميع مكتوب ، كِتابةٌ لا أكثـر .
أمـل : وهل عَـرفَ بلدكِ أو عُنوانكِ ؟
سُها : سألني ، لكنِّي أخبرتُه ببلدي فقط ، ولم أُخبره بمكاني . فعندما كان يدَّعي أنَّه فتاةٌ ، طلب عُنواني ، ووعدني بأنَّه سيزورني ، لكنِّي وعدتُه بإعطائِهِ عُنواني عندما يُحدِّد موعـدَ زيارتِه ، حتى لا ينساه .
أمـل : الحمدُ لله أنَّكِ لم تفعلي ذلك .. الآن أصبحَ العِلاجُ سهلاً .
سُها : ومِن أين تأتي السهولة ؟! الأمـرُ في غايةِ الصعوبةِ والتعقيد .
أمـل : لا ، ليس صعبًا بإذن الله . ما أمامكِ الآن إلاَّ خُطواتٌ يسيرةٌ عليكِ القِيامُ بها ، وحينها ستنتهي مُشكلتُكِ إن شاء الله .
سُها : أخبريني بها .
أمـل : أولاً : توبي إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا فعلتِ ، ولا تُفكِّري في العودةِ لِغُرفِ الشَّاتِ مرةً أخرى .
ثانيًا : احذفي بريدكِ بصورةٍ نهائية ، ولا عليكِ مِن هذا الذِّئب ، فإنَّ اللهَ تعالى سيكفيكيه بإذنه .
ثالثًا : أكثري مِن الدعاءِ والاستغفارِ وقِيامِ الليل ، واللهُ تعالى يستجيبُ دعـوةَ عبدِه إذا دَعاه ، أليس هو سُبحانه القائِل : ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ غافر/60 ؟!!
رابعًا : اقتصري في مُحادثاتِكِ عبر الشَّات على مَن تعرفين ، ولا تُضيفي بريدَ شخصٍ لا تعرفيه .
خامسًا : لا تضعي ثِقَتكِ التَّامَّةَ في كُلِّ مَن تُكلِّمينه ، وضعي حُدودًا مُعينة في التَّعامُل مع الآخرين ، ولا تتحدَّثي في أموركِ الشَّخصية إلاَّ مع مَن تثقين بهم وفي نِطاقٍ ضيِّق .
وأخيـرًا : إذا أردتِ أن تدعي إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فالمجالُ مُتَّسِعٌ في المُنتدياتِ النسائية وفي مواقع أخرى آمنة ، وفي كُلِّ مكانٍ ستجدين أخواتٍ بحاجةٍ للنُّصحِ والتوجيه والأخذ بأيديهِنَّ إلى بَرِّ الأمان .
سُها : صدقتكِ في كلماتِكِ ، وصدقتكِ في نصيحتِكِ . نِعْمَ الصديقةُ أنتِ يا أمـل . سآخذُ بنصيحتكِ الغالية ، وسأُطبِّقُ هذه الخُطواتِ _ بإذن الله _ خُطوةً خُطوة .. واللهُ المُستعان !
أمـل : جميلٌ يا سُها .. لكنْ : ما رأيُكِ لو تُقدِّمينَ نصيحةً للأخواتِ اللاتي يدخلن غُرفَ الشَّاتِ بدعوى نشرِ الخير والدعوةِ إلى اللهِ تعالى ؟
سُها : حَسنًا .... أقـولُ لِكُلِّ أختٍ تدخلُ غُرفَ الشَّات : إنِّي أُحِبُّكِ في الله ، وأبعثُ إليكِ برسالةٍ مِلؤها الحُبُّ والأخوَّةُ الصَّادِقَة ، وأقـولُ لكِ فيها : أعلمُ أنَّكِ لم تدخلي هذه الغُرف إلاَّ لأجل الدعـوةِ إلى الله تعالى ، ورغبةً في نشر انتشال الفتياتِ مِن المواقع السَّيئةِ ، ودعوتِهِنَّ للمواقع التي تحملُ لَهُنَّ الخيرَ الكثير . لكنْ لو نظرتِ للواقِع _ أختي الحبيبة _ لوجدتِ كثيرًا مِن الفتياتِ بهذه الغُرف يُجادِلن كثيرًا ، ولا يقبلن النُّصحَ ، بل إنَّ الواحدةَ مِنهُنَّ قد تُغضِبُكِ وتُوجِدُ عندكِ بعضَ الشُّبُهاتِ . ثُمَّ ما يُدريكِ أنَّ مَن تُكلِّمُكِ فتاةٌ مِثلكِ ؟!! للأسف ، كثيرٌ مِن الرجال يُسجِّلن بأسماءِ بناتٍ ليُوقِعوا العفيفاتِ أمثالَكِ . ثُمَّ إنَّ بريدكِ يظهرُ لجميع الموجودين بالغُرفةِ مِن رجالٍ ونساء . وبإمكان أىِّ شخصٍ أنْ يعرفَ بريدكِ بسهولةٍ ويُحدِثُ لكِ مُضايقاتٍ ومُشكلات . وما يُدريكِ أنَّ مَن تُحدِّثُكِ مُسلِمة ؟!! فلَعلَّها نصرانيةٌ أو يهوديةٌ أو شيعيةٌ أو مَجوسيَّةٌ أو لا دينَ لها . وما يُدريكِ أنَّها تُخبركِ بعُمرها الحقيقىّ .. تعرفين أنَّ كثيرًا مِن الشَّبابِ والفتياتِ يكتبون أعمارًا أكبرَ مِن أعمارِهم ، ليتمكَّنوا مِن عمل البريدِ الالكترونىِّ والدخول للشَّات . كم مِن طفلٍ لم يتجاوز العاشرةَ مِن عُمره _ ورُبَّما أقلّ مِن ذلك _ دخل غُرفَ الشَّات ، وبدأ يُحدِّثُ غيرَه على أنَّه أكبرُ سِنًا ، ورُبَّما أخبرَه بأنَّه مُتزوِّجٌ وعنده أطفال ، وهـذا يحدثُ كثيرًا ، بل يحدثُ أكثرُ منه . ولا غرابةَ في ذلك مع غِيابِ الوازعِ الدينىِّ والتنشئةِ السَّليمةِ والمُتابعةِ مِن الوالدين . ثُمَّ إنَّه مِن الأفضل أنْ تدعـوا المرأةُ في أوساطِ النساء ، وأن يدعـوا الرجلُ في أوساطِ الرجال . ولا داعي للدخولِ للأماكنِ المُختلطةِ بحُجَّةِ الدعـوة .. قد تحتاجين للدخول أو التسجيل في بعض المواقع المُختلطة التي تُقدِّمُ خِدماتٍ مُعينة ؛ كموقعٍ تضعين به فتواكِ ، ويُجيبُ الشيخُ عليها ، فلَعلَّ الأمرَ في هذا أيسر ؛ تضعين فتواكِ ولا تدخلين إلاَّ لتري رَدَّ الشيخ عليها . أمَّا دخولُكِ لهذه الغُرف ، ففيه مِن المفاسِدِ ما اللهُ به عليم . وتعرفين طبعًا أنَّ ’’ دَرْء المفاسِـد مُقـدَّمٌ على جلب المَصالِـح ‘‘ . والمفاسِـدُ هُنا هى كما ذكرتُ لكِ .. كم مِن فتاةٍ هتكت عِرضَها ، ودَنَّسَت شرفَ أهلِها بسببِ الدخولِ لغُرفِ الشَّات ..! ولَعلَّها لم تدخلها إلاَّ بنيَّةٍ سليمة .. لا تقولي : أنا مُلتزِمَةٌ ومُستقيمةٌ على الدين ، ولا يستطيعُ أحـدٌ أنْ يُؤثِّرَ علّىَّ . لا يا أختاه ، فالنَّفْسُ أَمَّارةٌ بالسُّوء .. لا تقولي : هـذا البريدُ أدخلُ به غُـرفَ الشَّاتِ ، ولا أستعملُه إلاَّ لهذا الغرض . لا تُبرِّري لنفسِكِ الخطأ .. كم مِن فتاةٍ دخلت هذه الغُرف ، فانشغلت بها عَمَّن حولَها . أصبحت تِلكَ الغُرفُ بيتَها الثاني ، تستيقظُ وتنامُ عليها ، وقَلَّ تعامُلُها مع النَّاسِ بسببِ ذلك ، بل أصبحت تتكاسلُ عن صلاتِها ، وتُضيِّعُ أوقاتَها ، برغمِ أنَّها دخلتها لتدعوا إلى اللهِ تعالى .. إنَّها خُطواتُ الشيطان ، يُحاوِلُ أن يستدرجَكِ ويصطادَكِ بها .. وللأسف ، فكثيرٌ مِن الفتياتِ يتكلَّمنَ مع الشَّبابِ ، ويسمعوا أصواتَهُنَّ . ألَا مِن المُمكِن أن يقومَ الشَّابُّ بتسجيلِ حديثِهِ مع الفتاةِ ويُهَدِّدُها به ؟!!! ورُبَّما شغَّلَت الواحدةُ مِنهُنَّ الكاميرا ليراها ذلك الشَّاب ، وقد يُصوِّرُها ، ليُهدِّدَها بهذه الصور فيما بعد .. بل العجيبُ أنَّ مِن النساءِ مَن تُكلِّمُ شابًا ، وحين تُخبَرُ بعـدم جوازِ ذلك ، تقول : أنا أجلسُ بحِجابي ، ولا أُشغِّلُ الكاميرا ، وأتحدَّثُ بلا خُضوعٍ بالقول ، بل أتكلَّمُ في قضايا مُهمَّة .. والأعجبُ أن ترينَ امرأةً تتحدَّثُ عبر الشَّاتِ مع رجلٍ أجنبىٍّ عنها ، وحين تُنصَحُ بعـدمِ فِعلِ ذلك ، تقولُ إنَّ زوجَها يجلسُ بجانبِها ، ويرى ما تكتبُه أو يسمعُ ما تقولُه .. فأين الرِّجال ؟!! وأين الحياء ؟!! وأين الغَيْرة ؟!! وأين الدِّين ؟!! كم مِن فتاةٍ كلَّمَت شابًا عبر الماسنجر ، ثُمَّ تطوَّرت العِلاقةُ بينهما حتى تقابلا ، ووقعت الكارِثَة ، ثُمَّ ندِمَت بعدها أَشدَّ النَّدَم . وبِمَ يُفيدُها النَّدم وقد فقدت أَعَزَّ ما تملِك ؟!!! أختاه ، ألَا تُحِبِّين اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ! فَلِمَ تعصينَه ؟! ولِمَ تفعلين ما يُغضِبُه سُبحانه ؟! ألَا تُريدينَ الجَنَّةَ ؟! فَلِمَ لا تسعينَ في طلبِها ؟!! لِمَ لا تقتربين مِنها بفِعلِ الطَّاعاتِ واجتنابِ المعاصي والمُحَرَّمات ؟! ألم تسمعي قولَ رَبِّكِ سُبحانه : ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ البقرة/281 ..؟!! أمَا تفكَّرتِ في قولِ رَبِّكِ جَلَّ وعَلا : ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ آل عمران/28 ..؟!! ألم تتزوَّدي لآخرتِكِ ولو بزادٍ يسير ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْألْبَابِ ﴾ البقرة/197 ..؟! أسألُ اللهَ جَلَّ وعَلا أن يهديني وإيَّاكِ ، وأن يُوَفِّقَنا لِمَا يُحِبُّ ويَرضَى .
أمـل : نصيحةٌ رائِعـةٌ يا سُها .. تعلمينَ كُلَّ هـذا وتُخفيه عنِّي !
سُها : بل تعلَّمتُه مِن الموقفِ الذي مَرَّ بي . وقد تُبتُ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا فعلتُ ، وسأدعـوا إلى اللهِ سُبحانه في مواقع آمنةٍ بعيدًا عن الاختلاطِ ، ودُونَ مُحادثةِ الرجال .. والشُّكرُ لكِ يا أمـل على مُساعدتِكِ ونصيحتكِ التي أحسستني بشئٍ مِن الراحة .
أمـل : لا داعي للشُّكرِ يا سُها . فهذه هى الصَّداقةُ الحقيقية ؛ تِلكَ التي تقومُ على المُصارحةِ والتَّناصُح .. وفَّقكِ اللهُ في حياتِكِ ، ووقانا وإيَّاكِ شَرَّ الفِتَنِ ما ظهرَ مِنها وما بطَن .
سُها : آمين .. واعـذُري إطالتي عليكِ وكثرةَ كلامي .. وأستأذنُكِ في الخروجِ الآن .
أمـل : بالعكس ، لم تُطيلي ، وقد استمتعتُ بالحديثِ معكِ ، واستفدتُ مِن نصيحتِكِ .. وتفضَّلي بالخروج .. السَّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .
سُها : وعليكم السَّلامُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .
اعــذُرن إطالتي أخواتي ، فما كانت الكلماتُ لتخرجَ إلاَّ بهذه الصورة .
أتمنى أن تكونَ رِسالتي وصلتكُنَّ .
وفَّقني اللهُ وإيَّاكُنَّ لِمَا يُحِبُّ ويَرضى ، ووقانا جميعًا شَرَّ الفِتَنِ ما ظهر مِنها وما بَطَن
تقبلو خالص تحياتي....