بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف تجعل ولدك (قرة عين) لك ؟
د.جاسم المطوع
قالت أنا سميت ولدي على اسم صحابي وبدأت أفقد الأمل في أن يكون مثل ما توقعت ثم تحدثت عن بعض أخلاقه وصفاته التي لا تعجبها ، فقلت لها : كم عمر ولدك ؟ قالت عمره (14) سنة ، قلت : لا تستعجلي بالحكم عليه فهو الآن في مرحلة الإنطلاقة وفك القيود والارتباط بالأصدقاء ، ولكن المهم أن تكوني قد بذلت معه جهدا تربويا طيبا في صغره ، فما ترينه اليوم ليس بالضرورة يعبر عن شخصيته فكوني متفائلة وادعي الله أن يكون مثل ما تتمنين وانتهى الحوار معها .
إن أمانينا في أولادنا لا تتحقق ما لم نعمل ونبذل الجهد لتحقيقها ، ونستطيع أن نحول أمانينا إلى واقع إذا وضعنا خطة تربوية تساعدنا ليكون أولادنا (قرة عين) لنا ، كما وصف الله تعالى أمنية الوالدين بالدعاء الشهير (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ) فما معنى قرة العين ؟ وكيف يكون أولادنا قرة عين لنا ؟
إن أمانينا في أولادنا لا تتحقق ما لم نعمل ونبذل الجهد لتحقيقها ، ونستطيع أن نحول أمانينا إلى واقع إذا وضعنا خطة تربوية تساعدنا ليكون أولادنا (قرة عين) لنا ، كما وصف الله تعالى أمنية الوالدين بالدعاء الشهير (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ) فما معنى قرة العين ؟ وكيف يكون أولادنا قرة عين لنا؟
هذه أسئلة مهمة وجوهرية ، والجواب على السؤال الأول هو أن معنى (قرة العين) أي أن يكون الولد صالحا ومطيعا ومحبا لوالديه ويرفع اسمهما وشأنهما وتكون سمعته طيبة ، يعني أن يكون الولد سببا في سعادة والديه بسبب حسن أخلاقه وسمعته وتصرفه وعلاقته بربه ، فيجد الوالدان معه سرورا فلا تطمح العين لسواه ، أما مجرد محبة الوالدين للولد فلا تعتبر ذلك (قرة عين) ، لأن طلب الأبناء وحبهم أمر فطري وقد بشر ابراهيم عليه السلام بولده اسحاق ، وكان موسى عليه السلام قرة عين لأمه ، وورث يحيى زكريا ، وسالت دموع سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم لوفاة ابنه ، كما أقسم الله بالولد فقال (ووالد وما ولد) ، ولهذا فإن الأولاد وجودهم إما زينة أو فتنة ، وعدم وجودهم كذلك فتنة وابتلاء ، فهم زينة لأن وجودهم يكسب الوالدين قوة ورفعة ، وفتنة لأن في تربيتهم معاناة ومشقة ، والأبناء نقطة ضعف الوالدين وكما قيل هم (مجبنة ومبخلة) أي يدفعون الوالدين للجبن والخوف والتقليل من الإنفاق ، أما الإبن العاق فهو كالأصبع الزائد باليد إن ترك شان شكلها وإن قطع آذى قطعه ، ولكن الموفق منا من كان أبناؤه زينة له لا فتنة عليه .
أما كيف يكون أولادنا قرة عين لنا ؟ فالجواب على هذا السؤال موجود بمقدمة (سورة مريم) ، فقد عرض الله تعالى قيما تربوية جميلة ورائعة تصلح لأن تكون خطة تربوية متكاملة بضرب الأمثال في قصة يحيى وعيسي وابراهيم وموسى واسماعيل وادريس عليهم السلام ، لو عملنا بهذه القيم المذكورة لصار أولادنا متميزين ولأصبحوا (قرة عين) لنا ، فالمال والبنون زينة وليسا قيمة ، فلا ينفع أن نقدر الناس بهم ، وقد ذكر الله تعالى المال والبنون في القرآن 24 مرة وفي كل مرة يقدم المال على البنين إلا في آيتين قدم الله البنين على المال ، وكأن في ذلك إشارة على أن الناس في الغالب تشتغل بجمع المال عن التربية ، بل حتى الأمهات في زماننا هذا صرن يقدمن المال على التربية ، ويفوضن الخادمة في تربية أبنائهن أو وضعهم في الحضانة ثم يطلبن أن يكون أولادهن (قرة عين) لهن ! فهذا ضرب من المستحيل .
وقد أعجبتني تجربة دكتور مقيم في أمريكا ثلاثين عاما ولما زرته في بيته رأيت أبناءه الستة يتحدثون اللغة العربية بطلاقة فقلت له كيف نجحت في ذلك وهي تعتبر مشكلة رئيسية لدى المغتربين في الغرب ؟ فأجابني جوابا بسيطا ولكنه عميق ، فقال وضعت أنا وأمهم هدفا في حياتنا أن نعلم أبناءنا في البيت اللغة العربية ونتحدث معهم كذلك وما تراه هو ثمار تحقيق هذا الهدف ، فأول خطوة نعملها إذا أردنا أن يكون أولادنا (قرة عين) لنا ، أن نضع ذلك هدفا ويتم الإتفاق عليه من قبل الوالدين والتعاون على تطبيقه ، أما لو كانت الخطة تطبق من طرف واحد كالأب أو الأم فإن الهدف سيتحقق ولكن الفترة الزمنية ستطول ، وفي كل الأحوال نقول المهم وجود النية والعزيمة والعمل ونردد الدعاء اللهم اجعل أولادنا قرة عين لنا .